الأستاذ الدكتور باسل يونس ذنون الخياط
أستاذ مُتمرس/ جامعة الموصل
فاطمة الظّاهر.. أيقونة عراقية متألقة في عالم الفن
فاطمة الظّاهر شخصية نسوية عراقية متعددة الخلفيات ومتنوعة المهارات، وهي باحثة وناقدة وأميرة الغناء التراثي العراقي، كما أنها فنانة مبدعة في الفنون التشكيلية.
تُعد فاطمة الظّاهر حاليا أحد أبرز نُقاد الموسيقى العراقية، وهي مقيمة حاليا مع عائلتها في جمهورية مصر العربية. وهي عضوة نقابة الفنانين العراقيين منذ العام 1997 وعضوة جمعية المترجمين العراقيين منذ العام 2000، كما أنها حالياً مديرة موقع الوتر السابع المتخصص بالموسيقى العراقية.
ولدت (فاطمة ظاهر الربيعي) في بغداد عام 1956، ودرست في كلية العلوم، جامعة بغداد وحصلت على شهادة بكالوريوس علوم رياضيات في العام ١٩٨١. كما حصلت على شهادة البكالوريوس لغة فرنسية في العام ٢٠٠٠. بعدها مباشرة التحقت في كلية الفنون الجميلة/ الدراسة المسائية / جامعة بغداد وحصلت على بكالوريوس في الفنون الموسيقية في العام ٢٠٠٤. كما حصلت أيضا على الدبلوم العالي في الدراسات التربوية من معهد البحوث والدراسات العربية في القاهرة.
لقد عملت فاطمة الظّاهر مُقدمة للبرامج التلفزيونية في أواسط الثمانينيات ولغاية مطلع التسعينيات في دار الإذاعة والتلفزيون العراقية، فقدمت برنامج (سيد وسيدة) عام 1986؛ وهو من إعداد (فالح الصوفي) وإخراج (حمادي محسن). كما قدمت برنامج ( هي ) عام 1990 من إعداد وإخراج (سعاد السامر)، فضلا عن تقديمها مجموعة من اللقاءات التلفزيونية للفنانين بمناسبات واحتفالات دينية ووطنية.
كما عملت فاطمة الظّاهر ناقدة وباحثة موسيقية ومديرة لدار بغداد للأطفال للفترة من 1987 ولغاية 2003.
فاطمة الظّاهر وعالم الموسيقي:
لقد كانت بداية فاطمة الظّاهر الحقيقية في عالم الموسيقى عندما تدربت على آلة العود مع الأستاذ (علي الإمام) للفترة من ١٩٩٢ ولغاية ٢٠٠٢، وبعدها تعلمت غناء الموشحات تحت إشراف الموسيقار (رَوحي الخمّاش) للفترة من ١٩٩٤ ولغاية ١٩٩٨.
ومنذ العام ١٩٩٨ دخلت فاطمة الظّاهر عالم الغناء عبر المهرجانات المحلية والعربية وبإشراف الدكتور خالد إبراهيم، وشاركت بمهرجان جامعة بغداد لثلاثة سنوات متتالية من ١٩٩٩ ولغاية ٢٠٠٢ بالغناء الانفرادي والموشحات.
لقد عززت فاطمة الظّاهر هوايتها وجهودها الفردية في عالم الموسيقى بالدراسة الأكاديمية: فقدَّمت أوراقها عام ٢٠٠٠ لكلية الفنون الجميلة/ قسم الموسيقى وحصلت على شهادة البكالوريوس بالموسيقى بتفوق عام ٢٠٠٤، حيث كانت الأولى على مستوى جامعة بغداد.
وشاركت فاطمة الظّاهر في مهرجان طرابلس في لبنان عام ٢٠٠٢ بغناء ثلاثة موشحات عراقية. فضلا عن ذلك فقد أقامت أمسية فنية في المعهد الثقافي الفرنسي في بغداد عام ٢٠٠٣ للغناء الانفرادي للموشحات.
فاطمة الظّاهر عاشقة التراث الموسيقي:
لقد عشقت فاطمة الظّاهر التراث الموسيقي منذ وقت مبكر في حياتها، وقد تعرفتْ بالحاج عبد المُعين الحاج أحمد الموصلي مالك مقهى أم كلثوم في مدخل شارع الرشيد سنة 1992. وكانت تزوره بشكل يومي تقريباً ولأربع سنوات متتاليه ليسجل لها ما كانت ترغب باقتنائه من تسجيلات، حتى أصبح لديها من تسجيلات مكتبة الحاج عبد المعين 300 بكرة ما بين 4 و 6 ساعات لكل بكرة، أي قرابة 1,500 ساعة تسجيل.
رَوحي الخمّاش وفاطمة الظّاهر ومركز الوتر السابع:
رَوحي الخمّاش (1923-1998) هو موسيقار وعازف وملحن من أصل فلسطيني، أرسله إلى العراق الحاكم العسكري العراقي لمدينة نابلس أثناء حرب فلسطين (طاهر الزبيدي) عام 1948 في سيارة عسكرية عراقية مع شقيقتيه دنيا وفردوس وأشاد بدروه الوطني ومشاركته في إحياء عدد من الحفلات الموسيقية للجيش العراقي آنذاك، وقد منحه تصريحاً عسكرياً من أجل تسهيل مهمة وصوله إلى العراق.
لقد كان لرَوحي الخمّاش (1923-1998) دورا كبيرا في تطوير الموسيقى العراقية والحفاظ عليها، وهو من أنشط الموسيقيين العرب وأكثرهم تفهماً للفن العراقي بألوانه المقامية والريفية. كما أنه أول من أضاف وتراً سابعاً الى ألة العود؛ حيث سبقة الشريف محي الدين حيدر في إضافة الوتر السادس. وبإضافة رَوحي الخمّاش الوتر السابع تكتمل اصوات العود وبمراحلها الثلاثة ( القرار، الجواب، جواب الجواب).
ومن إنجازات رَوحي الخمّاش تأسيس فرقة الإنشاد العراقية، كما ساهم في تخرج مجاميع كبيرة من المبدعين الموسيقيين في الكليات والمعاهد الموسيقية في العراق.
لقد كانت فاطمة الظّاهر من تلاميذ رَوحي الخمّاش النجباء، وكان الخمّاش يجد فيها مُقومات الأمانة في حفظ الموسيقى العراقية. وبعد مسيرة طويلة وحافلة قاربت 70 عاماً، وبعد أن أثرى فيها الخمّاش المشهد الغنائي والموسيقي العراقي بمنجزه الابداعي وبمشروعاته الموسيقية، أصيب رَوحي الخمّاش بمرض عضال لا يُرجى شفائه.
لقد كتب رَوحي الخمّاش بتاريخ 24/6/1998 وصية عنوانها (ورقة هبة وتخويل) من أجل المحافظة على مكتبته الموسيقية. وقد وهب بموجب تلك الوصية مكتبته المحتوية على النوتات الموسيقية والمذكرات والمخطوطات إلى فاطمة الظّاهر لكي تقوم هي بحفظها ونشرها من بعده خدمةً للحركة الموسيقية في العراق والبلاد العربية.
لقد كانت فاطمة الظّاهر وفيَّة لأستاذها فقامت بتأسيس موقع إلكتروني عنوانه (مركز الوتر السابع للفنون والتنمية المستدامة) في العام 2012 وتقوم هي حاليا بإدارته من القاهرة. كما قامت بإنشاء (مركز الوتر السابع للموسيقار روحي الخماش)، وهو مجموعة خاصة تتم إدارتها بواسطة الوتر السابع - موقع الموسيقار روحي الخماش وتضم حاليا قرابة 13000 عضو.
لقد كان الاهتمام الأول لفاطمة الظّاهر أرشفة الموسيقى العراقية والحفاظ على تراثها الأصيل من الضياع لاسيما ما دونته في موقع الوتر السابع، وكذلك هنالك برامج النقد والبحث المستمر في هذا الجانب ومهتمة الأخذ بأصول الاغنية والموشحات العراقية.
الفنانة التشكيلية فاطمة الظّاهر:
كما عشقت فاطمة الظّاهر التراث الموسيقي فقد عشقت أيضا الفن التشكيلي، وهي هاوية للفن التشكيلي، وهي تعشق الطبيعة. لقد قامت فاطمة الظّاهر برسم مجموعة من اللوحات الفنية والمختصة بالطبيعة كالبحار والسماء والنباتات الخضراء ولا زالت ترسم بلا انقطاع.
نتمنى للفنانة القديرة فاطمة الظّاهر التوفيق في جهودها ودوام التألق والإبداع في عوالم الفن.
https://www.youtube.com/watch?v=xm2TlbDWJtY
520 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع