إنقاذ العراق ..نعم, ولكن كيف ؟

                                              

                              صبري الربيعي

*خلود العراق خلود الله

*هل نصدق حكاية (السعلوّة التي بلعت فيلا)

* نصم آذاننا بعد اليوم عن كل سياسي مرتكب

خارج جميع المقدمات التي يتوجب المرورعليها في مثل هذا الموضوع ..نقول ..نعم لحكومة انقاذ ؟ ولكن كيف يمكن لهذه الحكومة ان تشكل ؟ رغم مرارة وصول الشعب العراقي الى التفكير بمثل هذه الحكومة , بعد عشر سنوات من حكومات متعاقبة اذاقت الشعب العراقي , مسلسلا تراجيديا دمويا مضمخا بفساد الطبقة السياسية ,وفشلها وتجاوزها على الكثير من القيم المفترض سيادتها , وبعد وصول الإرتكابات الجرمية الى مداها المتمثل بفساد الجهاز الإداري والأمني , الذي أتاح هروب سجناء محكومون بالإعدام لقتلهم الأبرياء  ,وبعد إباحة اعتداءات على المراكز الحكومية والمستشفيات والأسواق واستشراء ظاهرة الميليشيات من كل صنف ولون , وبعد التدخل السافر لدول الجوار في الشئون الأمنية الداخلية , ومظاهر الإذعان للوءم  شيوخ الكويت الحاقدين , وذلك التشظي في الأحزاب والتكتلات , وفقدان المنهج السياسي والإقتصادي وفشل مجلس النواب في أداء واجباته التشريعية والرقابية , وتحوله الى غرفة يتصارع فيها المتصارعون على النفوذ والسلطة والمال , وبعد أن رأينا أنفسنا كشعب عريق , انتج (انتجليسيا)  تشردت في بقاع الأرض ,جيث استبعدت عن مهامها الوطنية , وفسح المجال  لتبوء المناصب لبعض حاملي الشهادات الكارتونية , في اختصاصات ليست لها علاقة بشئون مسئولياتها  .. وبعد ثقة العارفين , من أن إصلاحا ترقيعيا لايمكن له تحقيق أهداف بناء العراق , وصون وحدة شعبه , ووقف التداعي والإنهيارات في بناه السياسية والإقتصادية والإجتماعية .

بعد كل هذا نسأل  ايضا ..كيف يمكن أن  تبدأ خطوات تشكيل حكومة انقاذ في مثل هذه التصارعات والتناقضات وعوامل الفشل وجدب وعقم الأفكار للخروج من هذا الواقع المرير ل(32) مليونا من العراقيين ؟

عندما ندعو الى قيام حكم عسكري يبدأ بخروج جنرال (لم يدهن زردومه جيدا) ليحتل مجلس الوزراء  ,ويحتجز المالكي وحاشيته , ويحل مجلس النواب , ويعلّق اعمال السلطة القضائية , ويحيل المرتكبين الى قضاء عرفي, ويحدد فترة انتقالية أمدها سنة واحدة , لإجراء انتخابات عامة ينتخب  من خلالها مجلس الشعب ورئيس الجمهورية في وقت واحد , ومن ثم يعين مجلس الشعب رئيس الوزراء , شريطة ان يرشح للإنتخابات القادمة فرديا من دون احزاب , او كتل سياسية او دينية ..فأننا بذلك نتحدث عن فكرة بصوت عال ..غير متجاهلين حلم (الديموقراطية) الذي شكل هاجسا دائميا للشعب العراقي , منذ يوم الإحتلال الأمريكي الغاشم  وماقبله بكثير ,حيث صدّقت اوساط عريضة , ان حلم الديموقراطية قادم , لينهي معاناتها الشاملة في اكثر المتطلبات أهمية في حياة انسان معاصر ..ولكن الأمر بات واضحا الآن اكثر من اي وقت مضى ان تلك الأمال محض اضغاث احلام ..فقد تكلمت الدماء وساد القتل الجماعي , ونكصت الدولة عن بناء مرتكزاتها ,وهدرت ترليونا دولار من لقمة العراقيين, ونسغ آلامهم ,في حين فقد العراق عوامل جوهرية لو استخدمت بمهنية ونهج بنّاء واستثمار حقيقي, لبنيت أكثر من دولة حديثة بحجم الأردن أو لبنان .

كنت , وكثير من المراقبين , نرى في بعض سياسات المالكي والكتل السياسية بعض ألأوجه الحسنة ..الا أنني اقول لكم وبصراحة شديدة قد ذهلت وصدمّت لكلام قاله وهو يتحدث الى (نخبة ) ! ولاأدري كيف اصبح خمسة من كتاب كتبوا ما يكن ان يكتبه اي قاص, تحفل بهم سجلات اتحاد الأدباء او نقابة الصحفيين (مع احترامي لحملة القلم ), من عينة (النخبة) , ليباحثهم في شأن أزمات العراق المتناسلة . متجاهلا تلك العقول العراقية المبرزة .

حديث المالكي , تمنيت لو قطعنا وقت الإنصات له , بالإستماع الى (حكاية عن سعلوة  بلعت فيلا ) ..اذ استمعنا الى مجانبة حقيقية للواقع , وكأن هذا الرجل يضحك على الشعب ويسخر منه ..من عقله ..وذاكرته ..وحسن تشخيصه ..وتطوره الفكري المؤدي الى انجاب ثقاة عظام في شتى شئون المعرفة والفكر ..فقد ظهر كأنه رجل بسيط مخدوع ( لاعشتو على قول الموصليين) يدير متجرا, أحجم عماله عن ذكر دزينة مفقودة من اية مادة ..لا رئيس لوزراء دولة بحجم وأهمية العراق , حيث يغفل او يتغافل نائبه (العالم في شئون الطاقة وقبل ذلك الذرّة) ,عن اطلاعه على معلومات تخص واحد من أكثر الهواجس التي يعاني منها الشعب العراقي, المتمثل بالطافة الكهربية ..هنا الطامة الكبرى اذا صح كلام رئيس الوزراء , موظف يكذب على مدير ,ومدير يكذب على عامّه , وعامّ يكذب على وزيره , ووزير يكذب على رئيسه..اين الحقيقة ؟ لاشيء؟

لقد أصبح واضحا ان العراق أصبح اليوم على شفيرهاوية ,وعملية انقاذه لايمكن ان تكون عراقية ..فالجميع يشحذ سكاكينه , ولكل دوافعه المرجعية ,ومنهم من يصيح الصوت الذي يطنّ برأسه وكأنه يعيش في غابة ..ولااصغاء لصوت عاقل , ولافكرة تنجي, وولاء القوات الأمنية اليوم مشترى بمال الشعب المهدور, فيما تلعب مخابرات الدول الإقليمية والجوار, في تحريك العواطف لتأزيم المواقف خدمة لأهدافها البعيدة تماما عن الخير في العراق !

حكومة انقاذ .. ينبغي ان تمر بنتاج تجمع يدعو اليه الثقاة المستقلون , من النخب الفكرية والتخصصية في القانون الدولي والتشريع , لعقد مؤتمر مستقل يرأسه أكبر الأعضاء سنا , ثم التوجه الى مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة بطلب ارغام الحكومة العراقية القائمة على تنفيذ خطوات لإنقاذالعراق مما هو فيه , اعتمادا على  تجارب في دول أخرى على ان يجر تنفيذ هذاالبرنامج باساليب سياسية صرف , من دون المساس بالأموال العراقية ..ومثل هذه الفكرة كنّا قد طرحناها في الواقع في عام 2011 ,حيث تجاوبت معها شخصيات مرموقة من العراقيين , ومن بينهم الدكتور عمر الكبيسي  واخوانه, وقد جرت الكثير من الإتصالات بين مختلف الشخصيات السياسية بصفتهم الشخصية , للوصول الى عقد مؤتمر في اية مدينة عربية ,من اجل الخروج بمذكرة سياسية , يحملها وفد ينتخبه المؤتمر الى الأمم المتحدة ومجلس الأمن, و من أجل استصدار قرار بشأن انقاذ العراق , من دون وصاية او ولاية لأية دولة منفردة ..ونحن إذ نشير الى ذلك  ,لانغفل  خطورة مثل أمر تدويل الأزمة العراقية  ,ولكنها أهون الشرور التي تلوح بوادرها في الأفق منذ وقت طويل , وقد وصلت النيران الى أقدامنا نتلظى بلهيبها .. والّا فان العراق بوضعه الحالي , لايمكن له الخروج من أزماته المستعصية , التي فاقت كل تصور ممكن ..واذا كان للبعض من قادة الرأي العام أن يقول غير ذلك  ,فليتفضل لنستمع اليه  ,ونوسّع دائرة الحوار , من اجل مستقبل العراق ..العراق فقط  كدولة مدنية وشعب يستحق الحياة برفاهية وكرامة ..!

ورود الكلام..

ورودي  تمرغت بدماء شهداء أبرياء , طلبوا الحياة فداهمهم الموت من دون جريرة سوى محبتهم للعراق ..ورودي.. لم تعد جذلى وقد صبغت ألوانها بلون الدم ..نعم يروق لنا , ولكن ..على الورد وشفاه الجميلات عطر حياتنا , لا على شوارع مدن العراق ..عناوين مقرفة كثيرة صارت للعراق , مسحت عناوينه المتألقة في الذاكرة  , وان غسلت  معالمه , لن تمسح العراق , فهو مثل الله في الخلود !

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

4873 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع