د.عبد يونس لافي
رسالةٌ عراقية، من رسائلِ الحياةِ اليوميَّةِ البابِلِيَّة – ١٣ –
من اخْتيْن الى ثالثتِهما
في هذه الرسالة
نتحسَّسُ كم من المعاناة،
تجعل من سيِّدتين،
لا تجدان بدًّا إلّا ان تسْتصْرِخا مشاعرَ اختِهِما الثالثة،
حين انتقلت الى بابلَ،
دون أن تتركَ لهما،
ما تستطيعان به مقاومة الجوع،
اذ يبدو انهما دون مصدر عيش،
فتلتمسانِ النجدةَ من شخصٍ آخرَ،
كي يوصلَ صوتَهما،
عبرَ الرسالةِ التالية:
"أبلغِ السيدةَ أليتُم (Alītum) ،
أنَّ أپلُم (Aplum) يُرسل الرسالة التالية:
عسى الآلهةُ شَمَش (Šamaš) يبقيكِ في صحةٍ جيدة.
السيدتان لَماسُم (Lamassûm) ونِش - إنِيشو (Nīš-īnīšu)
جاءتا إلَيَّ مطاطأتي الرأسِ، ذارفتي الدموع.
قالتا: " تريدين أن تتخلَّيْ عنا،
بالذهاب إلى بابل،
دون أن تتركي لنا طعامًا ولو ليومٍ واحد! "
عندما تصلك رسالتي هذه،
أرسلي إليهما ثلاثينَ كورًا (kor*) من الشعير،
بالإضافة إلى التجهيزات التي وعدتُكِ للفتاة.
لقد أهْرَقَتا الدموعَ أمامي، وألَحَّتا بالطَّلب،
وخاطَبَتْني احداهما بالقول:
" ساعدني، هذا العام أنا على شفا المجاعة "!
ولقد جَعَلاني أعطي موافقتي،
فيما يتعلق بدفع قيمةِ ثلاثين كورًا من الشعير،
بالإضافة الى تجهيزات البنت.
لذلك حمِّلي لأُخْتَيْكِ،
ثلاثينَ كورًا من الشعير على قارب،
وخلاف ذلك،
سوف لن يتوقَّفا عن الشكوى لنا
طوال العام."
انتهت الرسالة.
كلمةٌ لي أخيرة:
إنَّ رسالةَ الاسْتعطافِ هذه،
تعكسُ صورةً من صورِ الحياة اليومية،
التي عاشها بعض الناس في تلك الحقبة من الزمن،
ولا شك ان مثيلاتها،
قد تحدث في كل مجتمع،
على مر العصور.
* كور (kor) وحدة قياس السعة لتحديد الكمية المطلوبة من الشعير.
3683 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع