اسماعيل مصطفى
الظلم
لا يكاد أحد منّا لم يشعر بالظلم ولو لمرة واحدة في حياته ويمكن القول أن لكل منّا وجهة نظر خاصة به حيال مفهوم الظلم، لكننا جميعا نشترك ونتفق على أن الظلم شيء قبيح وآثاره مدمرة على الفرد والمجتمع على حدّ سواء.. ما نريد التأكيد عليه في هذا المقال هو ضرورة أن لا يكون الانسان نفسه ظالماً لغيره أو شريكاً ومعيناً لظالم على ظلمه ضد أحد من الناس..
ربّما يقول البعض بأننا لا نمتلك القدرة على مواجهة الظالم وهذا شيء منطقي وصحيح إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار الأمور الواقعية والموضوعية التي تحول دون التمكن من مواجهة الظالم في كثير من الأحيان ولدى عدد كبير من الناس ٫ لكن هذا الأمر-عدم القدرة على مواجهة الظلم والظالم- لا ينبغي أن يكون مبرراً ومسوّغاً كي نصطف إلى جانب الظالم ضد المظلوم؛ بل لابدّ من نصرة المظلوم ولو بأقل حدّ من النصرة حتى وإن اقتصر ذلك على صعيد الفكر والقلب واللسان وهو ما يعبر عنه بأضعف الايمان كما ورد في الحديث النبوي الشريف..
بقي أن نقول أن الكثير من الظلم والجرائم الكبيرة حصلت على مرّ التاريخ وشارك فيها جمع كبير من الناس نتيجة اصطفافهم إلى جانب الظالم ضد المظلوم بدعوى -عدم القدرة على مواجهة الظالم- لكن لو اكتفى من أعان الظالم بأضعف الايمان ولم يشارك في توسيع رقعة الظلم لما تمكن الظالم لوحده من استضعاف الناس وتجريعهم شتى أنواع العذاب على الصعيدين النفسي والبدني..
لا يفوتنا أن نشير هنا إلى أن اتساع نطاق الظلم في شتى أرجاء العالم خصوصاً في الكثير من بلداننا العربية والاسلامية إنّما حصل ويحصل بسبب سكوت الأغلبية الساحقة من الناس وعدم إبداء أيّة ردّة فعل تجاه الظالم والشواهد على ذلك كثيرة عبر التاريخ..
نستنتج مما أوردناه أن محاربة الظلم والظالمين تبدأ أولاً حينما ينأى الناس بأنفسهم عن نصرة الظالم ويبتعدوا عن الاصطفاف إلى جانبه في ارتكاب الظلم لأن هذا الإبتعاد سيساعد ويساهم كثيراً في انحسار رقعة الظلم وينتج عن ذلك أن يبقى الظالم لوحده دون أنصار وهذا بحدّ ذاته يشكل انتصاراً كبيراً للمظلوم وتمكينه في نهاية المطاف للحصول على حقّه والانتصاف من الظالم ولو بعد حين.
970 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع