عبد القادر أبو عيسى
قال القائد البريطاني الذي احتل العراق – جئنا محررين لا فاتحين !
وقال الاميركان الذين احتلوا العراق _ جئنا لنحرركم من الدكتاتورية ونمنحكم الحرية والديمقراطية وحقوق الأنسان !
الأمور غير المسموح بتداولها في الوطن العربي . من قِبَل المستعمرين
. الوحدة . الديمقراطية . حقوق الانسان . البناء والتطور في كافة المجالات وخصوصاً العلمية والصناعية والاقتصادية والعسكرية ( معنى ذلك الاستقلال الكامل والناجز) أمور غير مقبول تداولها في العرف الاستعماري حالها كحال اسلحة الدمار الشامل . المستعمر يحاججك ويغريك بها ويمنعها عنك .
تعمل الدول الاستعمارية بدون كلل ولا ملل على تعزيز الانظمة الدكتاتورية الاستبدادية ومن خلال هذه الانظمة التي تدور في فلكها تسعى جاهدة على مصادرة النهج الديمقراطي والحريات وحقوق الانسان التي طالما تشدقت بها مثل ما حدث في الجزائر عند فوز الاسلامين في الانتخابات والعراق عند فوز العلمانيين ( القائمة العراقية ) ومصر عند فوز الاخوان . وهنا ملاحضة جديرة بالاشارة والانتباه ’ هي استبدال دكتاتورية الفرد بالدكتاتورية المذهبية أو الدينية أو العائلية , على ان تكون متطابقة مع الرؤيا والمنهج الاستعماري , ويكون مستوراً من قبلهم حتى لو تجاوزت هذه الانظمة على كل حقوق الشعب ومخترقةٌ لها . لأن الدول المستَعمِرة بالمحصلة النهائية تبتغي سلب ثروات الشعوب والمجتمعات والاستحواذ على خيراتها والهيمنة عليها , هذا من جانب ومن جانب آخر خشيتهم من تطور هذه المجتمعات واستقرارها يضر بمصالحهم الآنية والمستقبلية . لذلك تعمل الدول الاستعمارية بمنهجها التخريبي المعروف على خلق التناقضات في هذه المجتمعات وتطويرها وادامتها على أمل ولادة تداعيات سلبية متكررة وتضخيمها بغية انشاء صراعات محلية وانتاج ضواهر سلبية لا حصر لها . أحياناً تسعى الدول الاستعمارية الى تقسيم الدول والمجتمعات بغية سهولة السيطرة عليها ’ على شرط بقاء عوامل الصراع المحلي كامنة او قائمة وأن أستقرأت الدول الاستعمارية أن التقسيم ليس في مصلحتها عند ذاك تمنع التقسيم بقوة وبشتى الوسائل . من زمن بعيد كان الوطن العربي عرضة للغزوات الاستعمارية ومثار لطمعها . لعوامل عدة معروفة مثل موقعه الجغرافي وممراته المائية وثرواته النفطية وسوقه الاستهلاكية ، كان الوطن العربي ولايزال ( هدف أستعماري رئيسي ) عندما كانت اوربا تتصارع فيما بينها وتكبدت من جرّاء ذلك خسائر بشرية ومادية كبيرة , لفت نظرهم احد حكمائهم الى الوطن العربي مخاطباً الدول الاوربية الاستعمارية قائلآ ( لماذا تتصارعون فيما بينكم وهناك اللبن والعسل ) ويقصد بكلامه خيرات الوطن العربي . علماً بأن اسباب الحرب العالمية الثانية كانت أقتصادية بحته , وكانت فلسفة الالمان في ذلك ( أن المانيا قوية ويجب ان تأخذ موقعها تحت الشمس ) لأن المناطق التي تحت النفوذ الانكليزي والفرنسي وبقية الدول الاستعمارية , غير مسموح للدول الأخرى التعامل معها اقتصاديا فكانت الحربً وهذا الحال ينطبق على اليابان ايظاً . بعد غياب شمس بريطنيا عن مستعمراتها وأنحسار قوتها بعد الحرب العالمية الثانية وكذلك فرنسا وبلجيكا وهولندا وايطاليا واليابان وغيرهم من الدول الاستعمارية ’ ورثتهم اميركا فأصبحت زعيمة الاستعمار العالمي بدون منازع ولا ننسى الاستعمار الصهيوني العنصري أسرائيل وايران مخلبي اميركا في المنطقة العربية والاسلامية . السلوك الاستعماري وما ذكرناه ليس جديداً لكن الجديد النهج الاستعماري العالمي الحالي ( اتفاق الذئاب على تقسيم الفريسة وليس الاستحواذ عليها من طرف واحد ) لأن ذلك يعيدهم الى دائرة الصراع فيما بينهم , ويكون هذا الاتفاق تحت منطوق ( التجارة العالمية الحرة ) و ( السوق المفتوحة ) ذريعة من الذرائع الاستعمارية المتجددة ’ مثل ما كانت ( البيروترويسكا ) احدى الذرائع التي قوّضت الاتحاد السوفيتي وبالتالي تم تفتيته واخراجهُ من دائرة الصراع العالمي مع الاستعمار الامبريالي – نعرّج على العراق العراق المظلوم بكل الموازين والمقايس المظلوم من امته ومن العالم أجمع . من قوة العراق وعنفوان شعبه وعظمته كانت ولا تزال المواجهة الرهيبة بينهُ وبين أقوى وأعتى قوة استعمارية في عالم اليوم ( الامبريالية الاميركية ) نزلت تقاتل شعب العراق ومعها 33 دولة من دول العالم الخانعة لها والدائرة في فلكها . واحتلت العراق بعد حصار دام 13 عام ’
بعد الحرب الايرانية العراقية – تيقنت اميركا زعيمة الاستعمار العالمي تحت بيرغ الصهيونية . ان العراق ليس سهلا . أذاً لابد من المنازلة بشكل مباشر ضاربة عرض الحائط الأمم المتحدة ومجلس الامن والراي الشعبي والجماهيري العالمي وبأستهتار مهين لكل العالم والقيم الانسانية ’ فكان احتلال العراق ومن سمات هذا الاحتلال الايغال في التدمير والقتل والحقد الاسود كونه يتناسب عكسياً مع عظمة العراق وعراقة تأريخه وصمود شعبه . والذي جرى ويجري حالياً على العراق وشعبه برنامج استعماري منظم وممنهج الغاية منهُ ’ أولاً - الخوف من تنامي قوة العراق لأن قوته ليست مرهونة به بل ستنسحب حتماً على كل الوطن العربي . ثانياً - نهب ثروته النفطية وموارده الاخرى – ثالثاً نزوح الكفآة العلمية واستقطابها من قبل هذه الدول الاستعمارية , عندما نقوم بأحصائية بسيطة للكفآة العلمية والفنية والاختصاصات المختلفة واصحاب المهن والحرف تكون الخسارة كبيرة وكارثية . رابعاً – هروب وانتقال رأس المال المتراكم للقطاع الخاص الى خارج العراق مما يؤثر سلباً على الاقتصاد العراقي . قبل الاحتلال الاميركي للعراق كانت الولايات المتحدة الاميركية تعزف على سنفونيتها الكاذبة والمزيفة ’ الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان ’ وبعد الاحتلال عملت هي واتباعها من عملائها الصغار والمنتفعين والانتهازين عملت بالارهاب والطائفية وداست على حقوق الانسان والحرية والديمقراطية ’ وأنشأة مفهوم دكتاتورية المذهب الواحد وما نشاهده ونعيشه اليوم في العراق هو هذا . المالكي رئيس وزراء العراق الحالي يقول بصريح العبارة ( ليش احنه ننطيها حتى يأخذوها ) ويقصد القائمة العراقية التي فازت في الانتخابات وسلب حقها القانوني والشرعي وفعلا لم يعطيها لذا فهو والاحزاب المأتلفة معه من الاحزاب الشيعية لا يأمنون بالتداول السلمي للسلطة . واميركا لم تعترض بل فرحة بما يجري , وساكتة على جرائم مليشياتهم وجرائم الحكومة في انتهاك حقوق الانسان وسلب الحريات . بغداد ومراكز المحافظات ولأول مرة في التاريخ العالمي تحولت الى معتقلات سكانية ضخمة محاطة بالصبّات الكونكريتية بدل القضبان الحديدية . لم تعترض اميركا ولا الأمم المتحدة وأن اعترضوا فبكلمات خجولة معناها نحن موافقون على مايعمل به الحاكمين في العراق وما نقوله مجاملة لمن لا يرضى بواقع العراق الحالي ليس الا – والمصيبة عندما تعترض على الحال الذي اوصلوك اليه ’ يقولون انتم السبب في ذلك وشعارهم هو ( تريد ارنب هذا ارنب تريد غزال هذا أرنب ) المشكلة الحالية في العالم انه يعيش قوة القطب الواحد ( اميركا ومن يدور في فلكها ) ولا توجد حالياً قوة مناهضة لها , فالقوى العالمية الاخرى مكتفية بمعالجة شؤنها الذاتية ولا تريد الخوض في صراعات تضر بها وبمصالحها طالما هناك من يرمي لها قطعة لحم من الفريسة حتى ولو كانت قليلة فهي افضل من خسارتها وخسارة ما قد يحدث من مشاكل مستقبلية مع سيدة الاستعمار العالمي . نحن بأنتضار ما تتمخض عنه المراحل القادمة وما تخبئه الايام في جعبة القدر . على الدول المبتلية بالاستعمار الاميركي وغيره مثل العراق عليها ان تديم زخم المقاومة بكافة انواعها واساليبها وان تطورها معتمدة على الذات لأن الاستعمار ذكي أدخل المنطقة العربية في اتون من المشاكل حتى لاتقوى بلدانها على مساعدة بعضها البعض . ففي مصر وسوريا وليبيا وتونس وخشية بقية الدول العربية الاخرى مما يجري . مكّن اميركا تحت البيرغ الصهيوني من اللعب على هواها في الوطن العربي والعراق خصوصاً وكما قال الشاعر ( لقد صفى لك الجو فبيضي وأصفري * ونقري ما شأت من الحب ان تنقري ) بعد ضرب اميركا للتيار العلماني القومي فتحت الباب على الغارب للتيارات الدينية المختلفة الشيعية والسنية لأن في كوامنها بذور صراع مرير على محيطها المحلي العاملة فيه وهذا ما كان ويكون , فتم بذلك ادخا ل العراق جبراً في ( مثلث برمودا ) ولا ندري اين سيستقر محطماً في قاع المحيط او سينتقل الى عالم آخر غير عالمنا لا احد يدري ، لا تعولوا على احد فقط على الله وعلى انفسكم . العراق في عنق زجاجة والزجاجة في نفق مظلم . لا يستقر العراق الا بتغير الدستور او تعديله على اساس أقرار الدولة العلمانية والعمل بها ومنع تكتل الاحزاب الدينية والمذهبية وسيادة القانون واستقلال السلطة القضائية والتشريعية وبناء مؤسسات الدولة على اساس المواطنة لا على الأسس المذهبية او الدينية او العرقية ووضع برامج واضحة للعمل والبناء والاعتماد على الشعب بأعتباره ( الغاية والوسيلة ) عندها ستستقر الامور لصالح الشعب والوطن .
كتب بتاريخ / 10 / 8 / 2013 بواسطة . عبد القادر ابو عيسى
857 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع