الآن نحن امام مرض لا يقل خطورة عن الانفصام يدعى مرض "الفيدرالية" وهو مرض سياسي عصري ينتشر بين "رجال البرلمان والمسؤولين في الدولة " ممن يدعون بالوحدة الوطنية دجلاً . وانتقل هذا المرض الى البعض من رجال الدين التي تحرم على المسلمين للإدلاء بإصواتهم لصالح الفيدرالية بحجة خوفا على تمزيق العراق ، لان الفدرالية سوف يشكل خطرا على مستقبل العراق السياسي ، هكذا الفتاوي ليزيد الامور سوءاً وليزيد الشعب العراقي بؤساً على بؤسه،لذلك احدثت زوبعة من التوتر والمخاوف في عموم انحاء العراق .
أليس كان من الأولى برجال الدين تحريم القتل ، وهدر دم المسلم بيد المسلم ، وتحريم نهب المال العام ، وتطالب محاسبة المسؤولين الفاسدين الذين يحكمون العراق ، الذين هم وراء كل المصائب والكوارث التي انهكت العراقيين . أليس من مقتضيات الدين اعادة الحرية والعدالة وحقوق الانسان الى الانسان العراقي الذي حرم وعلى مدى عقود من هذه الاستحقاقات الطبيعية . ولو، لا استغراب في هكذا المرض . ففي كل ميادين السياسة يوجد تجار ومنافقون ومخادعون يعرضون بضاعتهم الفاسدة ساحة سياسة أرضاً لاولياء امرهم . ولذلك يغضون النظر عما يقوم به المسؤولين من التعسف والنهب والترف ، ويصبون جل غضبهم على الشعب او المعارضين لتصرفات السلطة .
للاسف ما زال شعبنا يتعامل مع الظروف بعاطفة طائفية ، حيث يستغل من قبل هؤلاء بشكل خطير . لذلك أود التركيز على هذا الخطر الداهم الذي يساهم في تشويش وبلبلة عقول وضمائر شريحة واسعة من العراقيين ، وتجني عليهم من أجل تحقيق الرغبات والمصالح الآنية التي تحقق لهم البقاء على الساحة السياسية .
الفتاوي والتصريحات النارية ومحملاً بغبار المحاصصة ضد الفيدرالية ، والتي تصوغ خيوط الازمات التي يعيشها العراق ، وتحرم أعداداً كثيرة من أبناء الشعب من حرية التعبير والاختيار وإعطاء أصواتها إلى المادة التي تخدمها ، ومن الطبيعي هكذا الفتاوي والتصريحات تكون الجدار العازل امام الوصول لأفاق حلول يتنفس فيها العراقيون ، وتلقي بظلالها الثقيلة على واقع مشهد مازوم وكارثي في ظل تطورات سياسية . هذه الأزمات المفتعلة التي ترافقها من سلبيات وممارسات غير ديمقراطية فهي مغاير على فسحة الديمقراطية في التعبير عن الحرية . فمع تتابع الأحداث في الدول المتطورة اكتسبت هذه الدول جملة من المميزات قد تكون الفيدرالية واحدةً من أهم تلك الأسباب . يدفعنا الى طرح السؤال ما ذنب الشعب العراقي جعله يدفع فواتير باهضة الثمن على حساب فلسفة المصالح تجعلها تحكم وتتحكم بمقدرات هذا الشعب المترامي الأوجاع كانت تقتضي أن تبقى الشعوب على تخلفها والسماح لقبضة الدكتاتورية على الحكم وأن تضربه بلا رحمة .
فمنذ الوهلة الاولى كانت المحاصصة سببا رئيسا في دب الخلاف بين تيارات متنفذة في الحكم وسببا في عرقلة المشروع الوطني ، وتفاقم ظاهرة الفساد المالي والاداري ونقص الخدمات المقدمة للمواطن ، والى انجرار الكتل المتنفذة في صراعها على المغانم والسلطة والجاه والمال ، لذلك عمت الفوضى فوتفشي الفقر والبطالة والأمية والجوع والأمراض في البلد ، بحيث تركت حفنة من المسؤولين الاداريين والحزبيين يعيثون فسادا بواردات الدولة ويتنعمون بخيراتها .
هذه المحاصصة تخدم المسؤولين بالسلطة وتفتح لهم آفاق العبث بمقدراته بعيدا عن طائلة القانون والدستور . فمثل هؤلاء الاشخاص تضع مصالحها الضيقة ومطامحها الأنانية فوق أسس الإنسانية ، لذلك بدأت تعم الفساد الاداري والمالي جميع مرافق الدولة باستغلال الصراع بين الجهات المتنفذة ، واصبحت المحسوبية والمنسوبية هي القاعدة في دوائر الدولة ومؤسساتها في التعامل مع الأفراد والجماعات . وبعيدا عن النظام الديمقراطي وضوابط الدستور الذي يتمتع به الشعب .
نحن نعلم بأن الفيدرالية ماهي إلا حراك اجتماعي واقتصادي من أجل تحقيق المصلحة العامة وصيانتها والدفاع عنها في مواجهة المصالح الذّاتية الضيقة لمن يريد إستغلال السلطة من أجل المنفعة الشخصية ؛ وتحقيق الرفاهية والارتقاء بالخدمات والتعليم والمستوى المعاشي للانسان العراقي ، من خلال توفير الخدمات للمجتمع ، والتطور العمراني ومنها ملاعب للاطفال يجدون ضالتهم فيها ، الى جانب الرعاية الصحية الكاملة في مستشفيات منتظمة ، وبناء المدارس والمؤسسات التعليمية المحترمة التي تحترم عقل البشر ، واحداث مدارس نموذجية ذات وسائل للتعليم حديثة بكل معداتها حتى يمكن الطالب من الابداع وتقديم ما هو الافضل للبلد ... أن إقليم كوردستان وبجهود واضحة تمكن خلال مدة قصيرة من القضاء على أزمة الكهرباء وتنمية واستخدام الثروات والنهوض بأعمار البنى التحتية التي جعلت الإقليم منطقة جاذبة للاستثمار . قياسا بالمحافظات الأخرى والعاصمة بغداد .
فنشاهد حكومة اقليم كوردستان أثبتت بأنها تراعي قواعد الديمقراطية السليمة من خلال الحكم الفيدرالي وكيفية جعلت مدن كوردستان تلحق بالمدن الناهضة والحديثة في العالم ، الى جانب ظهور الجهات المعارضة الحقيقية في برلمانها لمراقبة الحكومة " تشبه المعارضة الاوربية في برلماناتها " ، ولا يمكن ان يتصرف حكومة اقليم كوردستان أي مشروع خارج السياقات القانونية والدستورية التي يتم التصويت عليها في البرلمان ، وهي دلالة لفلسفة دمقرطة الفكر الاجتماعي ودؤوب في تحديث مؤسساتها ودفع العملية الاقتصادية نحو الأفضل . ومن المفيد للبرلمان والحكومة العراقية ان تدعما الفيدرالية في مناطق اخرى من العراق وتتبع خطواتها والإفادة من تلك التجربة الكوردستانية المتميزة ودعمها بقوة لأنها تمثل انجازا عراقيا فريدا" بدلا ان تعتمدما على المحاصصة التي عطلت وتعطل ألاف المشاريع وعدم انجازها على الرغم من إنفاق أموال كبيرة لها .
513 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع