قاسم محمد داود
كيف تحولت الأرض الفلسطينية إلى أرض دولة إسرائيل
أن فهم جوهر الصراعات يكمنُ في التاريخ، لأنه يوفر الفهم الحقيقي غير المتحيز للماضي، كما أن فهم التاريخ بشكل سليم كفيل بتحقيق السلام، في المقابل، فإن تشويه التاريخ أو التلاعب به يؤزم المشهد ويجعله أكثر تعقيدا وبعيدا عن الحل، وهو أمر متجسدٌ بشكل كبير في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي اليوم، فانتشار المغالطات التاريخية المرتبطة بالقضية الفلسطينية يجعل المنطقة بعيدة عن السلام، في حين أن تشويه التاريخ يشجع على انتشار الاضطهاد، ويحمي نظام إسرائيل الاستعماري والاستيطاني، لذلك تحافظ إسرائيل على تشويه التاريخ بُغية التضليل، وهو ما يؤدي دورا مهما في إدامة الصراع، ويترك القليل من الأمل لإقامة السلام.
هناك أكاذيب أو أساطير محورية حول القضية الفلسطينية تسعى إسرائيل للترويج لها، هذه المغالطات المبنية على تشويه حقائق الماضي والحاضر تمنع العالم وخاصة الغربيين من فهم أصول الصراع الدائر، وهو ما يتيح استمرار إراقة الدماء من طرف الجانب الإسرائيلي الذي ينتهكُ حرمة كل المواثيق الدولية الرامية للدفاع عن السكان المدنيين.
أن السردية التاريخية الصهيونية حول كيفية تحويل الأرض الفلسطينية إلى أراض لدولة إسرائيل قائمة على هذه الأساطير، ومنها بث الشك حول حق الفلسطينيين الأخلاقي في أرضهم، وهو ما تقبله كثير من الأحيان وسائل الإعلام الغربية وتسهم في ترويجه بين النخب السياسية، فضلا عن سعي دولة الاحتلال من خلال هذه الأساطير لتبرير إجراءاتها ضد المدنيين الفلسطينيين على مدار أكثر من 60 عاما. أن القبول الضمني لهذه الأساطير يعكس عدم رغبة الحكومات الغربية في التدخل بأي طريقة ذات مغزى في الصراع المستمر وهذه الأكاذيب هي:
أولاً: أن فلسطين كانت أرضا فارغة وقاحلة تنتظر الحركة الصهيونية لإعادة إعمارها. لطالما كانت أسطورة "الأرض الفارغة" مهمة للحركة الصهيونية منذ ظهورها، لأنه حتى في بريطانيا، المكان الذي حظيت فيه الحركة الصهيونية بأكبر دعم لها، كان هناك دوما أناس يسألون عن السكان الأصليين لتلك الأرض. أصبحت هذه الأكذوبة أكثر أهمية عندما بدأ المجتمع الدولي يزن حجج كلا الجانبين، في حقبة الانتداب البريطاني على فلسطين، فإذا لم تكن البلاد فارغة فإن هذا يعني أن ادعاء الفلسطينيين بأن الصهيونية كانت استعمارا هو ادعاء صحيح، ولذلك كانت هناك محاولة لتقديم هذه الأسطورة وتسويقها ورغم انقضاء عقود على سيطرة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية، ولا تزال الدولة العبرية تجد من الضروري تحويل هذه الكذبة إلى سلعة والاستمرار في تسويقها، نظرا إلى أن العديد من المتعلمين وذوي الضمير الواعي يرون أن الوضع في فلسطين هو مجرد حركة استعمارية استيطانية جاءت لتهجير السكان الأصليين في فلسطين واستبدالهم. وهناك الكثير من الأدلة الواضحة الآن على أن فلسطين قبل وصول الصهيونية كان تشهدُ وجود مجتمع نابض بالحياة، كان يعرفُ وجود مستويات مهمة من التحديث، ويجد نفسه جزءا من العالم العربي الذي تحرر للتو من الحكم العثماني والذي تحدى الجشع الإمبريالي الأوروبي.
أن الحركة الصهيونية وداعميها الغربيين عندما أنشأت كيانها الصهيوني إسرائيل على أرض فلسطين جعلت منها الدولة الوحيدة في المنطقة، وربما في العالم، التي لا يمكن وصفها بأنها نشأت بشكل طبيعي كبقية الدول، واكتسبت صفة الدولة الطبيعية. هي دولة ليست طبيعية، وإنما شاذة وبالتالي ليست شرعية. فُرضت بقوة السلاح على أرض شعب آخر تعمل على تهجيره أو تصفيته بغطاء غربي مزيف ومكشوف. كتب القيادي الصهيوني يوسف فايتس في يومياته:
"لا بد أن يكون واضحا لنا عدم وجود متَّسَع لشعبين يعيشان معا في هذه البلاد، ولا وسيلة لذلك سوى نقل العرب من هنا إلى البلدان المجاورة، نَقْلِهم جميعاً، ويجب ألا تبقى قرية واحدة أو قبيلة واحدة".
ثانياً: ترتبط أسطورة اعتبار فلسطين أرضا بلا شعب بأسطورة أخرى وهي أن اليهود شعب بلا أرض، فهل اليهود حقا هم سكان فلسطين الأصلين؟
البحث الذي قام به علماء مثل (شلومو ساند Shlomo Sand)) والذي يُظهر أن اليهود الذين كانوا في فلسطين خلال العصر الروماني بقوا هناك، واعتنقوا المسيحية، وبقي عدد قليل جدا منهم يهودا، ثم اعتنق الكثيرون منهم الإسلام. لذلك لا يوجد شيء يسمحُ بالمطالبة بـ "حق الأرض" على أساس قصة امتلاكك لأرض قبل ألفي عام، لا يمكنُ استعمارُ الأرض وتملكُها على هذا الأساس. وفي الوقت نفسه، جرى اختلاق شرعية "أرض الميعاد" ونزع الشرعية عن الوجود العربي في فلسطين، واعتبار الفلسطينيين غزاة محتلين يجب إجلاؤهم عن أرض إسرائيل المقدسة، ما يستلزم استيطان الأرض وسلب أكبر قدر ممكن منها، أي إن الاستعمار الصهيوني كان استعمارا واستيطانا في الوقت نفسه، وهو استيطان مستمر وليس حدثا منفصلا، فكل ما يبتلعه من أراضٍ حِل له، دون النظر إلى أي حدود جغرافية أو قوانين دولية.
في توصيف هذا الاستعمار الاستيطاني المُدمج يقول المفكر الفرنسي "جيل دولوز" إن "إسرائيل لم تُخفِ يوما -منذ نشأتها- هدفها الأساسي لتفريغ الأرض الفلسطينية، ومحاولة إظهارها أرضا فارغة مخصصة للصهاينة"، واصفا تلك الممارسة الاستعمارية بأنها ممارسة إفراغيه (تفرغ الأرض) مختلفة عن نظيرتها الأوروبية المتمثلة في استغلال السكان مع تحويل ما تبقى لديها من هؤلاء السكان إلى مادة استعمالية تسخرها وتستغلها بوصفها يدا عاملة رخيصة، ولا تمحوها بالضرورة. يعني ذلك أن النظام الصهيوني بات حالة استثنائية تجمع بين النمطين الاستعماري والاستيطاني، فهو استيطان يستخدم أدوات الاستعمار، لكنه لم يفلح في محو السكان الأصليين كما حدث في الولايات المتحدة، نظرا لما يمتلكونه من مقومات ثقافية استعصت على عملية الاستعمار. بعبارة أخرى، فإن العمق الثقافي والحضاري لفلسطين، والامتداد العربي الإسلامي لشعبها، كانا مفاجأة لم يتوقعها المستعمر الصهيوني الذي ظن أن تجارب أوروبا في أميركا وأستراليا ستتكرر معه، ولهذا فإن الاحتلال يجد نفسه دائما في حالة تعطش دائمة للإبادة العِرقية والمكانية والهوياتية للشعب الفلسطيني حتى يتمكن من إعلان كيانه دولة طبيعية يفرضها على العالم بصورة نهائية ولا تخشى على نفسها من أي مقاومة بعدها. ولهذا فإن الإبادة لم -ولن- تتوقف وما يحدث في غزة يثبت ذلك. يقول زَئيف جابوتينسكي، أحد قادة الحركة الصهيونية التوسُّعية: (Revisionist Zionism)
"إن الأرض ليست لأولئك الذين يملكون مساحات شاسعة زائدة، بل لأولئك الذين لا يملكون شيئا. إنها العدالة البسيطة: أن تأخذ جزءا من أرضهم من أجل توفير مكان للجوء شعب مُشرَّد ومتجول. وإذا قاومت هذه الأمة التي تملك أراضي واسعة -وهو أمر طبيعي جدا- فيجب إرغامها على ذلك بالقوة".
ثالثاً: هل معاداة الصهيونية تعادلُ معاداة السامية؟ ألا يقومُ اليهودُ بانتقاد الحركة الصهيونية؟ في الأدبيّات الأوروبية الأكاديميّة يستحيل أن نقرأ كتاباً يحتوي على أيّ من أشكال كلمة” ساميّين “قبل سنة 1870، إذ كانت هذه هي السنة التي وُلد فيها هذا المصطلح أكاديميّاً وانتقل باستخدامه من حيّز الخرافة إلى حيّز علم التاريخ. وفي اللّغة الإنگليزية بقي استخدام مصطلح” ساميّة “ضحلاً حتى سنة 1920 حين بدأ تزايد وروده في المنشورات الإنگليزية ليصل ذروته سنة 1979، ثمّ يعود للاضمحلال التدريجي حتى يصل نحو الاختفاء سنة 2018.
إن إرجاع البشر في جميع أنحاء العالم إلى نفر ثلاثة من أبناء نوح شيء لا يأتلف مع المنطق والعقل والعلم، ومن الصعب بتكاثرهم على الوجه الذي يريد اليهود أن نتصوره، وهو شيء مخالف لطبائع الكائنات كما أشار إلى ذلك ابن خلدون، في مقدمته الشهيرة بالقول: "ولما رأي النسابون اختلاف هذه الأمم بسماتها وشعارها حسبوا ذلك لأجل الأنساب فجعلوا أهل الجنوب كلهم السودان من ولد "حام"، وارتابوا في ألوانهم فتكلفوا نقل تلك الحكاية الواهية وجعلوا أهل الشمال كلهم أو أكثرهم من ولد "يافث" وأكثر الأمم المعتدلة وأهل الوسط… من ولد "سام"، وهذا الزعم… ليس بمقياس مطرد.. فتعميم القول في أهل جهة معينٍة من جنوبٍ أو شمالٍ بأنهم من ولد فلان المعروف لما شملهم من نحلة أو لونٍ أو سمةٍ وُجدت لذلك الأب إنما هو من الأغاليط التي أوقع فيها الغفلة عن طبائع الأكوان والجهات" …
وفي العودة إلى سؤال: هل معاداة الصهيونية تعادلُ معاداة السامية؟ الأمران ليسا سواء، اليهودية دين والصهيونية أيديولوجية. سيكون الأمر أشبه بالقول إنك إذا كنت ضد المتعصبين البيض فأنت ضد المسيحية، أو إذا كنت ضد التنظيمات المتطرفة الإسلامية فأنت تعادي المسلمين، عندما تهاجم أيديولوجية ما فإنك تنظر لترى ما إذا كانت تبرر أفعالا تجدها غير أخلاقية. الاستعمار والتطهير العرقي والعنصرية وجرائم الحرب كل هذه الأعمال غير مقبولة أخلاقيا، ومَن يعادي الصهيونية يعتقدُ أنها بوصفها أيديولوجية تعدُّ مصدرَ هذه الأعمال والمُبرر لها. الاعتراض على الناس يكون قائما على ما يقترفونه من أفعال، وليس بسبب هويتهم، وهذا يمكن أن نطلق عليه معاداة الصهيونية. أما إذا كنت تعارضُ الناس على أساس هويتهم اليهودية، هنا فقط يكون حديثنا عن معاداة السامية، ولكن إذا ما قبلنا على سبيل الجدل أسطورة السامية فأن العرب هم ساميين أيضاً وهنا نسأل لماذا لا تشمل "معاداة السامية" الفلسطينيين وهم عرب؟
رابعاً: أفضل طريقة يمكنُ تأطير الصهيونية عبرها هو فهمها بوصفها مشروعا وحركة استيطانية استعمارية. لا تختلف الصهيونية في جوهرها عن السعي الذي قام به الأوروبيون نحو أماكن مثل أميركا الشمالية وأستراليا وجنوب إفريقيا. وقد غادر هؤلاء في نهاية المطاف لأسباب مختلفة، من بينها الاضطهاد الديني، واختاروا أرضا جديدة مسكنا ووطنا لهم، لكن المشكلة الرئيسية هي أن هذه الأماكن كانت مأهولة بالفعل من قبل أشخاص آخرين هم السكان الأصليون. وفي جميع الأحوال، كانت حركات المستوطنين مدفوعة بما أسماه أحد العلماء منطق "إقصاء المواطن الأصلي"، في حالة فلسطين كان المشروع عبارة عن تهجير للفلسطينيين واستبدالهم لصالح اليهود الأوروبيينن، وهو ما قام به مقاتلو الحركة الصهيونية وعصاباتها حين دخلوا القرى الفلسطينية قبل أكثر من 75 عاما وأنشأوا كيانهم على أنقاضها وفوق رفات أهلها، ذلك الكيان الذي يُشكِّل كلٌّ من المحاور وضيفته في ذلك اللقاء جزءا منه وامتدادا لاحتلاله لأرض فلسطينية اغتُصِبَت على مرأى ومسمع من العالم، وتُشكِّل فكرة الإبادة والانتهاكات الإنسانية جزءا لا يتجزَّأ من وجوده، على عكس الدعاية الصهيونية التي تدَّعي بأن العنف الإسرائيلي ليس سوى رد فعل على عمليات المقاومة التي تصفها تل أبيب بالإرهاب، واستطاعت بهذه الدعاية أن "تحوَّل الإرهاب الصهيوني إلى عمليات عسكرية إسرائيلية. والفلسطينيون، الذين كانوا يحاولون العيش في بيوتهم وعلى أراضيهم، تحوَّلوا إلى متسللين. بينما أصبح آلاف اليهود، الذين نُقِلوا على عجل إلى بيوت مسروقة، مواطنين". على رأي توماس سواريز، في كتابه "دولة الإرهاب: كيف قامت إسرائيل الحديثة على الإرهاب".
خامساً: أن الفلسطينيين تركوا أراضيهم طواعية بعد سنة 1948. وهذا ليس صحيحا، لكنهم أصبحوا لاجئين وضحايا لعملية تطهير عرقي أعدتها القيادة الصهيونية في أوائل عام 1948 ونُفّذت لمدة تسعة أشهر حتى نهاية ذلك العام. حينها، طُرد أكثر من نصف سكان فلسطين، ودمرت نصف قراها ومعظم مدنها، وللحديث عن المجازر التي ارتكبتها الميليشيات الصهيونية بحق الفلسطينيين نحتاج لكتابة مئات الصفحات عن هذه المجازر، وسأكتفي بذكر القصة التالية عما حدث في قرية دير ياسين:
"في أحد أيام أبريل/نيسان 1948، دخلت مجموعة من جنود "الهاغاناه" قرية دير ياسين الواقعة بإحدى ضواحي القدس، ووجدوا طرقاتها مزدحمة بعشرات الجثث التي لم تُدفَن، وبينها جثث أطفال ورُضَّع ونساء وشيوخ، وجثث أخرى مقطوعة الرأس أو مبقورة البطن، فضلا عن عشرات النساء اللواتي وجدوهن مقتولات داخل منازلهن. وما إن رأى الجنود المتورطون في مجازر متعددة بحق الفلسطينيين هذا المشهد حتى أُغشي على بعضهم من هول ما رأوه. للمفارقة، نقل تلك الشهادة الصحفي الصهيوني "عاموس بن فيرد" عن جنود صهاينة تعليقا على بشاعة ما ارتكبه إخوانهم في عصابتَيْ "إرغون" و"شتيرن" بحق المدنيين الفلسطينيين في مجزرة دير ياسين الشهيرة، التي استمرت نحو 13 ساعة وراح ضحيتها 254 فلسطينيا وفقا للصليب الأحمر، بينهم 52 طفلا ورضيعا، و25 امرأة حاملا، وشيوخ من الجنسين تجاوزوا الثمانين والتسعين من أعمارهم.
وبحسب روايات الناجين من المذبحة للسلطات البريطانية -التي كانت لا تزال مسيطرة على فلسطين- فإن الصهاينة أوقفوا عائلات بأكملها بجوار الحائط قبل أن يفتحوا عليهم النار بلا تمييز، أما النساء فقد تعرض عدد منهن للاغتصاب المتلو بالذبح، فضلا عن بقر بطون الحوامل منهن، وسرقة حُليهن جميعا بعد التمثيل بجثثهن. ولعل إحدى أشهر الشهادات شهادة "فهيم زيدان"، الذي كان في الثانية عشرة من عمره وقت المذبحة، حيث قال: "أخرجونا واحدا تلو الآخر، قتلوا رجلا عجوزا بالرصاص، وعندما بكت إحدى بناته قتلوها هي أيضا، ثم استدعوا شقيقي محمد وقتلوه أمامنا، وعندما صرخت أمي باكية وهي محنية فوقه -وبين ذراعيها أختي الرضيعة خضرة- قتلوها هي أيضا". في الأخير، أطلق الجنود النار على زيدان نفسه قبل أن يغادروا ويتركوه مع جروح -لحُسن حظه- لم تقتله."
سؤال ملح: لماذا ترفض إسرائيل منذ ٧٥ سنة التقدم بمبادرة سلام؟ ترفض مبادرات السلام العربية ولا تتقدم بمبادرتها. هذه ليست صدفة بل استراتيجية. استراتيجية إسرائيل أخذ فلسطين من البحر إلى النهر. ولن تفصح عن ذلك قبل أوانه. وأوانه استكمال التطبيع وعزل الفلسطينيين لتقترب من لحظة الإفصاح.
سادساً: ترى إسرائيل دائما نفسها على أنها دولة ديمقراطية، بل أنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط. هل هذا الادعاء صحيح؟ وهذه أسطورة أخرى، إسرائيل هي دولة تحتل الملايين من الناس وتحرمهم لأكثر من 50 عاما من حقوق الإنسان والحقوق المدنية الأساسية ولا يتمتعون بحق الاعتراض أو تحديد مصائرهم، هذه ليست ديمقراطية. الدولة التي تعامل مواطنيها الفلسطينيين (عرب 48) على أنهم مواطنون من الدرجة الثانية بحكم القانون والسياسة ليست دولة ديمقراطية. حتى لو وضعنا مسألة احتلال إسرائيل لأراضي 67 جانبا، فإن معظم الأراضي في إسرائيل تقع خارج متناول المواطنين الفلسطينيين، وهناك العديد من المناطق، مثل المستوطنات، هي لليهود حصرا. علاوة على ذلك، نص قانون الجنسية الإسرائيلي لعام 2018 بوضوح على أن الفلسطينيين ليس لديهم حقوق جماعية على الإطلاق، وأن حقوقهم الفردية بموجب القانون ليست مماثلة لحقوق المواطنين اليهود. << الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط» (لقبها الرسمي)، شرَّدت 3 ملايين بشري، ودمّرت بيوتهم، وطمرت 50 ألفاً منهم تحت الركام، وقوضت حياة ذويهم إلى مائة عام، بموجب قرار من حكومة أقلية، رئيسها ملاحق أمام القانون، وأعضاؤها مجموعة من العنصريين المتطرفين المرضى بالتعصب الديني.
وفي الختام يجب أن توضيح النقاط التالية:
1 - اليهود الذين هربوا من الإبادة Gencide في ألمانيا قبل 80 سنة ينفذونها الآن في فلسطين وتحديدا على أطفال وشيوخ غزة هذه الأيام. المنطقة أمام نازيون جدد بدعم عسكري ومالي أميركي وغطاء سياسي في مجلس الأمن أيضا. أين ستتوقف إعادة رسم خرائط المنطقة؟ لا أحد يعرف لأن إسرائيل لم توضح حدودها لحد اليوم.
2 - منذ مبادرة السادات سنة 1977 والعرب يطرحون مبادرات سلام ترفضها إسرائيل ولا تطرح بديلا. اعترف بها الفلسطينيون ولم تعترف بهم ولا بحقهم في دولة مستقلة. طبعت معها 6 دول عربية مجانا ولم يتغير موقفها. بل لم تتقدم بمبادرة سلام منذ تأسيسها سنة 1948. كل ذلك يعكس سياسة دولة لا ترى أن السلام هدف لها. الغريب أن بعض العرب يرى رغم كل ذلك أن إسرائيل مستعدة للسلام، وأن العرب هم المترددون حيال ذلك. لم يدركوا بعد أن إسرائيل ليست في وارد تبني خيار السلام حتى اللحظة. والدليل أنها ترفض مبادرات السلام العربية، ولا تطرح مبادرة واحدة من جانبها. كأنها تقول انتظروا فإننا منتظرون! كانت غولدا مائير، ثاني رئيسة لحكومة إسرائيل، تعترف أنهم يقتلون الأطفال. وكانت من الصفاقة لتبرير ذلك أنهم مجبرين على ذلك. من الذي أجبرهم؟ تجيب بقولها: لن نغفر للعرب أبدا أنهم أجبرونا على قتل أطفالهم. فرض الغرب إسرائيل تعويضا ليهود أوروبا عن الهولوكوست الذي تعرضوا له على يد النازيين. تحمل العرب مسؤولية التعويض عن جريمة لم يرتكبونها. لكن يرفض اليهود تقاسم الأرض مع الفلسطينيين! يريدون كل الأرض وطرد الفلسطينيين منها. أميركا وأوروبا تدعم الخيار اليهودي ضد التاريخ والمنطق والقانون!.
4780 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع