صبري الربيعي
.هل تحولت الهيئة الى رهينة لحزب (الدعوة) ؟
·اخضاع ممارساتها للتحقيقات مهمة عاجلة !
بالرغم من اننا امام الكثير من القضايا الاساسية المتعلقة بالظروف المميزة الشاذة التي يعيشها العراق , فان قضايا جوهرية ينبغي ان لاتبقى خارج منطقة الأهتمام بأثارتها ومعالجتها , كونها على درجة كبيرة من التاثير في الحياة السياسية والإجتماعية , ومن أبرزتلك القضايا(هيئة الاتصالات) , لجهة مهامها . والتناقضات المرافقة لنشاطها وعلاقتها بالممارسة الإعلامية , ومايظهر لنا من دور يستهدف كبح حرية وسائل الإعلام , المنصوص عليها في (الدستور) ! وواقع الفساد المؤشر المحمي من قبل أوساط نافذة في الحكومة ..لقد نص قانون الهيئة على مسئولياتها التالية :
قانونها ينص
تنظيم البث وشبكة الاتصالات والخدمات ويشمل التراخيص والتسعير والربط الداخلي وتحديد الشروط الأساسية لتوفير الخدمات العامة.
تخطيط وتنسيق وتوزيع وتحديد استعمال ذبذبات البث.
تنظيم تصاميم الاعلام وتطوير آليات الصحافة.
وضع وتطوير وتعزيز قواعد الاعلام الخاص بالانتخابات.
دعم وتشجيع التأهيل المهني واعتماد توجيهات السلوك المهني على موضوعات الاعلام.
تطوير ونشر سياسات اتصالاتية واعلامية واقتراح القوانين على الحكومة والجهات المعنية في هذا الشأن.
إذن تبدو الآن مسئوليات هذه الهيئة واضحة, وهي مسئوليات تقنية وفنية تتعلق بعلاقة مصادر الإعلام المبثوثة عبر الأقمار الصناعية , وليست لها اية علاقة بالتوجيه الإعلامي المضموني للمصادر الإعلامية المتمثلة بالفضائيات او الإذاعات !
هذه حقيقة قانونية واضحة لا لبس فيها !
أما الهيئة فتقول من خلال تصريحات رئيسها واعضاء مجلس امنائها المتكررة عبر وسائل الإعلام المختلفة :
في مجال الاعلام، انخرطت الهيئة خلال عمرها الفتي ، بمهام ترسيخ قواعد الاعلام الحر المستقل وتنمية وسائله المختلفة، ان كان فيما يخص فعاليتها الخاصة ام عن طريق المشاركة الفاعلة والدعم لاية نشاطات اعلامية تجري على الساحة العراقية، وبما يقود إلى تنمية حرية التعبير وتطوير الاعلام الحر في المجتمع العراقي.اما في مجال الاتصالات، فأن الهيئة تعمل على تنظيم مفهوم الاتصالات الحديث وتطوير آلياته في مختلف المجالات، لتجاوز النقص الحاد الذي يعاني منه العراق في الامور التقنية والتنظيمية في هذا المجال الحيوي، ولمواكبة عالم جديد أصبح فيه موضوع الاتصالات معياراً لمدى فعالية المجتمعات وتطورها. ان التشريع العراقي النافذ خص هيئة الاعلام والاتصالات بالصلاحيات الحصرية، كجهة ذات سلطات قانونية، لمنح التراخيص وتنظيم الاتصالات والبث وخدمات المعلومات على الأرض العراقية.
هنا قلبت الهيئة المعادلة ! حيث قدمت دورها المفهوم منها (الدور الرقابي) على مضامين المادة المبثوثة على مهامها الأصلية التقنية والفنية ..وهذه إشكالية هامة يجب توضيحها لكي لا تبقى مبهمة كما هي الآن , حيث تيح هذا الإيهام للهيئة التدخل في أمور خارج اختصاصها القانوني , مما يشكل أحد أهم مؤشرات النقد الحاد الموجه اليها من قبل وسائل الإعلام المستقلة !( رغم علمنا بعدم وجود مفهوم الإستقلالية في توجيه جميع وسائل الإعلام ) , حيث لابد من وجود جهة ممولة او داعمة لأية وسيلة اعلامية, وهذه حقيقة تشمل جميع وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة !
الإدانات المتكررة لممارسات هيئة الإعلام والاتصالات , لم تحصر بالفضائيات والإذاعات المتأثرة بتلك الممارسات , بل تعدت ذلك الى الدراسات والبيانات الصادرة عن منظمات عراقية معنية بضمنها نقابة الصحفيين العراقيين ومرصد الحريات الصحفية , ومنظمات دولية متخصصة كلجنة حماية الصحفيين الدولية من خلال تقرير مديرها التنفيذي جويل سيمون حيث ذكر :
منظمة حماية الصحفيين الدولية تقول
:" إن اللوائح تشير إما الى عدم فهم دور وسائل الإعلام في المجتمع الديمقراطي، أو هي محاولة متعمدة لحجب المعلومات وخنق الآراء المعارضة". "وفي كلتا الحالتين، ينبغي إلغاء النظام فورا حتى تتمكن وسائل الإعلام بان تقوم بعملها بدون ترهيب الحكومة".
وقد اظهرت بحوث لجنة حماية الصحفيين , ان صياغة اللوائح الجديدة تمت من قبل لجنة هيئة الاتصالات والإعلام العراقية ، وهي هيئة حكومية ليس لديها السلطة القانونية لصياغة مثل هذه القواعد. تم انشاء اللجنة العسكرية المركزية (CMC) مع تفويض محدود من اجل إدارة الترددات الإذاعية وقضايا تقنية أخرى.
بعد مراجعة لجنة حماية الصحفيين للقواعد وجدت انها مليئة بقيود غامضة واسعة النطاق. في حين تطالب الحكومة جميع وسائل البث المحلية والدولية بان تكون مرخصة وأن يكون جميع الصحفيين معتمدين من قبل اللجنة العسكرية المركزية، توفر القواعد القليل من المعلومات عن المعايير التي سوف تستخدمها الحكومة لإصدار مثل هذه التراخيص. (ويجب أيضا ان تكون جميع المعدات مسجلة لدى الحكومة.) وتنص الخطة أيضا على أن تمتنع وسائل الإعلام عن "التحريض على العنف"، لكنها لا تحدد ما يشكل انتهاكا." (انتهى)!
رباط الفرس
و قد أثارت لديّ ارتكاب هيئة الإعلام والإتصالات العديد من الممارسات , التي بدى واضحا انها بوحي حكومي , وتحديدا يتمثل هذا الوحي بتنفيذ رغبات رئيس الوزراء نوري المالكي ووزارة الداخلية , في الوقت الذي تقصد قوات عسكرية او شرطوية مقرات قنوات فضائية بعينها , لتفتيشها وحيازة ادوات بث فضائي وحجزها , وترويع العاملين ووقف بثها او الغاء وغلق مكاتب تلك الفضائيات ..وعندما يسأل سائل من المسئول عن تنفيذ تلك الإرتكابات غير القانونية حيال هذه الفضائيات ؟ تنفي هيئة الإتصالات اي دور لها , كما تقول مصادر القوات العسكرية او الشرطوية انها تلقت كتبا من هيئة الإتصالات, وفي هذه الدوامة تضيع مسئولية مصدر الإرتكاب ضد حرية المضمون الصحفي والإعلامي , الذي كفله (الدستور) ,ولكن.. عندما تبدو بعض الإجراءات واضحة المصدر , يسقط في يد هيئة الإتصالات ,كما حدث حين قررت غلق 44 فضائية عراقية وفروع او مكاتب لقنوات عربية في العراق !
مفارقة
الأمر اللآفت .. أن هذه الهيئة ربما لاتدرك حقيقة ان اجراءاتها المانعة والكابحة (فالصو) ! بمعنى انها غير مؤثرة على القنوات الفضائية لأسباب واضحة ..أولها ان الفضاء واسع بلا حدود , وقد جعلت ال(ميديا) المعاصرة .من خلال الأقمار الصناعية التجارية , التي جعلت الفضاء فضاءا عالميا , لاسلطة لأية حكومة عليه , كون الهيئة ليست لها علاقة تلزم الأقمار الصناعية بتنفيذ رغباتها, إ ذ أن الفضائيات تؤجر من الأقمار الصناعية حزم البث الفضائي , كونها مؤسسات تجارية او شبه حكومية أحيانا تابعة الى جهات أخرى ليس للهيئة وحتى الحكومة العراقية اية سلطة عليها , بإستثناء مايمكن أن تسفر عنه ضغوطات حكومية يمكن ان تمارسها الحكومة مصحوبة باغراءات ومساومات مدانة !
رهينة حزب (الدعوة) !
وإذن أخرى .. أكثر وضوحا هذه المرة, نؤكد أن هيئة الإتصالات تعتدي في اجراءاتها الرقابية والقمعية على حرية الإعلام الفضائي , وهي في اعتداءاتها الطفيلية هذه, تنتهز علاقتها المريبة بمرجعية مفروضة عليها , تتمثل بحزب (الدعوة) ورئيس الوزراء نوري المالكي ووزارة الداخلية , وبذلك تكون قد غادرت مسئوليتها الحقيقية كمؤسسة فنية تقنية وتحولت الى مؤسسة قامعة للمضامين المبثوثة من خلال الفضائيات !
عندما الغيت وزارة الإعلام ,قالت الدعاية الأمريكية وتصريحات المسئولين الجدد ان حرية الإعلام لاتستقيم مع وجود وزارة للإعلام توجه وتراقب الإعلام .. ولكن الحكومة اليوم تنصّب هيئة الإتصالات كوزارة اعلام رقيبة وكابحة للمضامين الإعلامية والثقافية الموجهة ..فما هو العمل الأصح وماهو العمل الخطأ في ممارسات هيئة الإتصالات ؟
تلك اسئلة رددناها وسمعناها وفكرنا بها طويلا , منذ تأسيس هذه الهيئة ذات الأعمال الملتبسة عام 2004 حتى الساعة , مع ملاحظة ان هذه الهيئة قد تعرضت الى كثير من التناقضات في داخل كيانها , كما انبطحت امام كثير من الإتهامات الموجهة لها دون ان تستطيع دحضها وهي اتهامات ترقى الى ضرورة التحقيق فيها , من قبل هيئة النزاهة البرلمانية, وهيئة النزاهة العامة ورئيس الإدعاء العام !
ولن ينسى أحدا منّا ان رؤساء هذه الهيئة , قد عملوا ويعملون من دون شرعية قانونية , ونعني بها مصادقة مجلس النواب على تسمية رؤساءها ,وهذا هو الإرتكاب الأبرز , باعتبارها مؤسسة غير حكومية يقرها ويراقب فعالياتها البرلمان !
المطلوب من هيئة النزاهة البرلمانية , وهيئة النزاهة العامة, وهيئات الرقابة الشعبية , اخضاع مسيرة هذه الهيئة الى التحقيق , قبل مزيد من الارتكابات المؤدية الى الحد من حرية التعبير المشرعة بموجب (الدستور) واذا كان البعض لايولي التصحيح المفترض القيام به لأوضاع هيئة الاتصالات الأهمية فاننا نذكر بحقيقة مفادها لولا الرعب الذي تعيشه الحكومة ورئيسها والفاسدين والمفسدين من حواشي رئيس الوزراء واركان حزب (الدعوة ) والفاسدين والمفسدين المحميين بقوة الدولة لما اصبحت قضية كبح حرية التعبير على هذه الدرجة من الأهمية لدى هيئة الإتصالات )!
والمتمنى على الأخوة الكتاب وقادة الرأي تصعيد تناول واقع هذه الهيئة للبحث والتقصي الهادف الى اثارة الإهتمام باصلاحها وجعل ممارساتها محددة بمسئوليتها القانونية!
709 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع