«في سلم الطائرة... بكيت»

                                        

                            ثريا الشهري

كيف تتنقل بلا جواز سفر؟ هذا ما يواجه السوري خارج وطنه اليوم، فمن تنتهي صلاحية جواز سفره يلقى الأمرَّين لتجديده في مراجعاته المكوكية لقنصلية بلاده وسفارتها.

وفي كل مرة يؤجل طلبه بحجة عدم وصول الموافقة من سورية، فكيف يستمر المقيم السوري في بلد إقامته إذا انتهت مدة أوراقه الثبوتية؟ وكيف يحوِّل أمواله إلى أهله وأقاربه في الداخل؟ فما بالك إن كان من معارضي النظام ولو على مواقع التواصل الاجتماعي؟ وهنا تلوى الذراع، ويطالب بالعودة إلى سورية لاستخراج جواز سفره منها بعد مراجعة جهاتها الأمنية! وهو شرط تعجيزي بأية حال ليكف عن المطالبة بتجديد جوازه. ولأن منتفعي الحرب في كل مكان وعصر، فقد ظهرت السوق السوداء للجواز السوري بسعر يراوح بين ألفين و4 آلاف دولار. وعليك الحسبة في كلفة جوازات سفر العائلة الواحدة، ومن لا يملك المال فلا جواز سفر ولا تجديد لإقامته وأوراق أبنائه في المدارس، بل إن بعضهم قد يستعد للدفع، ولا يجد جواز سفر ينتظره. الإشكال في أن هذا الوضع لا تعرف له نهاية، فقد يستمر أعواماً وقد ينتهي في عام، فهل يبقى الوضع على حاله إلى أن تفرج؟ وهل رفاهية الانتظار في متناول سوريي الخارج في معاملاتهم اليومية وحاجاتهم الملحة إلى نظامية وثائقهم الرسمية؟

ولقد أعادت السلطات المصرية طائرة ركاب تابعة للخطوط السورية بركابها الـ95 إلى اللاذقية من حيث أتت، وذلك بسبب تطبيق إجراءات الدخول الجديدة على السوري بالحصول على تأشيرة وموافقة أمنية مسبقة من السفارة المصرية قبل الوصول إلى القاهرة في إجراء أمني من حق السلطات المصرية اتخاذه، خصوصاً في ضوء الأحداث الساخنة التي تمر بها مصر، علماً بأن دخول السوري كان يتم من دون أية اشتراطات مسبقة، حاله كحال المواطن المصري. ولكن ما مضى شيء وما نحن فيه شيء آخر لا علاقة له بالأمس. وسؤال المليون دولار: إلى متى؟ والجواب يكون في إعادة السؤال.

وبمناسبة جوازات السفر وصعوبة التنقل، فماذا عن المرأة السعودية؟ فهل وقف حال سفرها على الوثيقة الرسمية المتداولة دولياً؟ كالعادة هناك إضافة محلية ذات نكهة سعودية اسمها التصريح بالسفر، فمهما كنت يا سعودية، وكان عمرك الزمني والعقلي ومكانتك العلمية والاجتماعية فأنت محكومة بإذن السفر من ولي أمرك، ولو كان في سن أصغر «عيالك» طالما أنه ذكر! فماذا عن امرأة بلغت من العمر عتياً وليس لها ولي أمر؟ وهذا حاصل مع زميلة لم يرزقها الله بالذرية، فتطلقت منذ زمن وعاشت مع أبويها كابنة وحيدة لهم. فمات الأب ولم يبق غير البنت وأمها. وقد يسأل القارئ: ماذا عن بقية رجال العائلة؟ ولتكن الإجابة: دعك من الابنة واسأل عن ولي أمر الأم العجوز التي تنتظر إذنه بالسفر! واسمعها وهي تضحك قهراً وتقول: وهل سيأتيني إذنه من القبر؟ والسؤال الأهم: هل وجد النظام لتعقيد حياة الإنسان أم لتيسيرها؟ ثم إذا تعاقبت الأعوام وتغيرت الظروف والمعطيات، فهل من الحكمة أن يستمر أي نظام بلا مراجعة أو تعديل؟ فإن كان جواز السفر هو وسيلة نساء العالمين اليوم في السفر، فهل «هجّجنا» ورحلّن تاركين أهاليهن وأسرهن لأنهن لم يقيدن بتصريح مسبق؟ فإن صار وغادرت امرأة أو عشر، فهل يكون الحل في المنع؟ حسناً... قيدوها بتصريح السفر إلى أن تبلغ سناً معينة، أمّا أن يستمر التقييد حتى بعد سن الـ40 والـ50؟ «يا ناس» هل يعقل هذا؟ ومن ماذا الخوف بالضبط وعلى ماذا؟ من هرب المرأة السعودية؟ فإن كان هذا هو تصورنا عنها، فهل التصريح هو ما سيمنعها إن عزمت؟ فيكفي أن تسافر إلى الخارج وبالتصريح المشهود، و «تفركها» من هناك. ولا نقول إلاّ أن تصريح السفر المسلّط على امرأتنا هو إجراء فاقد لقيمته ومنطقه، وبكل المساومات الرخيصة التي تتعرض لها المرأة بسببه، وممن يفترض أنهم الأوصياء عليها.

ستعود المرأة المبتعثة بأعلى شهادات العلم ودرجاته في أدق التخصصات، وقد يكون أن ولي أمرها لم يحصل على ربع تعليمها ورجاحة عقلها، ومع ذلك فهي مضطرة لأن تسايره لأمرها الذي بيده، فيسود النفاق وتغليب المصلحة، وربما المزايدة في علاقة الابنة بوليها. فهل هذا هو المصير الذي يرتضيه «الرجال» لبناتهم وزوجاتهم؟ ثم أيهما أوقع: الوصول إلى كرسي مجلس الشورى أم مقعد الطائرة إلى دبي؟ فعلاً تناقض عجيب!

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

903 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع