د علوان العبوسي
28 / 1 / 2025
وجهة نظر للواقع الفلسطيني بعد هدنة كانون الثاني / يناير ٢٠٢٥
كتبت عن طوفان الاقصى العديد من المقالات والدراسات لواقع 7 تشرين الاول / اكتوبر 2023 وما تركت من آثار بطولية قل مثيلها ، وكنت مع المقاومة الفلسطينية (حماس) في كل صغيرة وكبيرة مستشهداً باسلوب ادارتها للمعركة مع الكيان الصهيوني باسلحة بسيطة ولكن بخطط وقدرات فلسطينية رائعة في مواجهة اسرائيل وامريكا واوربا باسلحتهم المتطورة براً وجواً وبحراً ، محاولتهم لاستعادة الحق الفلسطيني في الارض على الاقل التي قررتها الامم المتحدة عند التقسيم عام 1947 بعد ان استولت اسرائيل على معظم الاراضي الفلسطينية ببناء المستوطنات ،عليه ضاقت الارض على الفلسطينيين وسكت العالم لصالح العدو الصهيوني متناسياً الاسس القانونية والمبادئ الاخلاق والانسانية .
الاحداث المتوقعة بعد الهدنة الحالية التي تقررت بعد عناء طويل سيعود العدو الصهيوني لاكمال حربة التي اعلنها على غزة بانهاء الوجود الفلسطيني في غزة وتحقيق اهداف هذه الحرب التي اعلنها ( نتن ياهو ) بدعم مطلق من امريكا .
بعد تسلم الرئيس ترامب أصدر بعد تنصيبه بدقائق قراره برفع العقوبات عن 600 مجرم صهيوني تم معاقبتهم من قبل الرئيس الامريكي السابق بايدن بسبب انتهاكهم لحقوق الفلسطينيين في الضفة الغربية بالاعتداء عليهم وعلى ممتلكاتهم وهذا الاطلاق اشارة واضحة لدعمهم بما بدا منهم خلافاً لما ارتكبوه من جرائم ضد الفلسطينيين ،بعد ذلك اصدر قراره برفع الحظر (الذي فرضه الرئيس بايدن)، عن تزويد اسرائيل قنابل زنة 2000 باوند نوع (MK 84 )تقليدية غير الذكية شديدة الانفجار، بعدها اعلنت الخزانة الامريكية رفع جميع العقوبات السابقة التي فرضت على مواطنين ومنظمات اسرائيلية، في هذا المنطلق بدأت الاعتداءات تزداد في معظم المخيمات والمدن الفلسطينية واخرها مخيم جنين التي رافقتهم القوات المسلحة الاسرائيلية بتدمير البنا التحتية وتهجير اهلها وفق الاساليب التي اعتمدتها في غزة خاصة نحن لاننسى مقترح وزير الدفاع الحالي يسرائيل كاتس ،عندما كان وزيرا للخارجية لرئيس الوزراء (نتن ياهو) بان يعامل الضفة الغربية كما يعامل غزة باستخدام كافة الاسلحة لردع الفلسطينيين في الضفة ،واليوم بدء تطبيق مقترحه في العديد من القطاعات بدءً من استلامه وزارة الدفاع في تشرين الثاني 2024، اما الادهى والامر فهو طلب الرئيس الامريكي ترامب من المملكة الاردنية الهاشمية فسح المجال للفلسطينيين بالهجرة الى الاردن ، وطلب من مصر ايضاً فسح المجال للفلسطينيين الهجرة اليها بشكل مؤقت او دائمي ، وتهيئة اماكن ايواء لهم كخطوة للاستيطان في هذين البلدين ، ويبدوا ان ذلك بمثابة امر وليس رجاء او مقترح سبق ان رفضته الاردن ومصر سابقاً .
وفق هذه الاحداث جاءت تصريحات اليميني المتشدد وزير المالية (سيموتريتيش) بعدم انهاء الحرب حتى القضاء على حماس ، وكذلك الوزير (بن غفير) حذى حذوه بان مايجري هو انتصار للمقاومة الفلسطينية وطالب (نتن ياهو) الاستمرار بالحرب وايقاف الهدنة ، ومؤكد تصريح هؤلاء يؤيدها رئيس الوزراء ومحتمل ايضا بدء الحرب بعد اتمام صفقة تبادل الاسرى الحالية او محتمل ايضاً عدم اتمامها بعد انتهاء مرحلتها الاولى الجاري تطبيقها الان ، ناهيك عن استلام ترامب رئاسة الولايات المتحدة الامريكية ودعمه المطلق للكيان الصهيوني كلها تؤدي الى محاولة اخلاء غزة من سكانها الاصليين.
اوضح في ادناه وجهة نظري للمرحلة القادمة في الواقع الفلسطيني .
برايي في ظل الاوضاع السياسية والجيوسياسية الخطيرة في اسرائيل والولايات المتحدة وغزة ، ان لاتبقى الاوضاع كما هي الان وضرورة توحد الفلسطينيين تحت قيادة واحدة ،لتلافي الاعمال القتالية التي تزمع اسرائيل وامريكا القيام بها بعد الهدنة الاولى الحالية .
هذا التوحد يمكن أن يكون له تأثير كبير على مواجهة المخططات الإسرائيلية بعد انتهاء الهدنة الحالية ،واسقاط افترائاتها ، فالانقسام الفلسطيني كان ولا يزال نقطة ضعف تستغلها إسرائيل لتكريس الاحتلال والسيطرة، كما أنه يضعف الموقف الفلسطيني أمام المجتمع الدولي ، في تحقيق دولتهم الموحدة المنشودة ، هذا التوحد ليس فقط ضرورة سياسية، بل أيضًا عامل أساسي لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني وتعزيز صمودهم التي عانى منها طوال سنين طويلة .
المعانات الكبيرة التي اللمت بالشعب الفلسطيني في غزة واحتمال ما سيجري من قبل الحكومة الاسرائيلية بعد انتهاء اخلاء الرهائن ومن ثم قيامها بخرق اي اتفاق سياسي او قانوني قد يحدث بعد ذلك ، فاسرائيل ضليعة بخرق القوانين الانسانية والاخلاقية ، وغالبًا ما يتم ذلك بدعم سياسي وعسكري امريكي يعزز افلاتها من العقاب، المعاناة الكبيرة التي يمر بها الشعب الفلسطيني الان، خاصة في غزة، ليست مجرد نتيجة للحصار أو الحروب، بل هي جزء من سياسة ممنهجة تهدف إلى تفكيك النسيج الفلسطيني وإضعاف ارادتهم الوطنية، والمؤلم والامر وقوف السلطة الفلسطينية مؤخراً ضد المقاومة ومحاولة الحد من فرض ارادتهم ضد الكيان الصهيوني وهذا موقف يجب الوقوف عنده لاصلاح الواقع الفلسطيني.
اما الدعم الأمريكي المتوقع في ظل إدارة ترامب، يُشكل تحديًا إضافيًا، فهذه الإدارة اتسمت بسياسة منحازة بشكل كبير جداً لإسرائيل، ما يعني أن الفلسطينيين بحاجة إلى استراتيجية قوية وموحدة لمواجهة هذا الواقع.
المطلوب الان وفق وجهة نظري الخاصة هل يمكن للقيادة الفلسطينية، بكل تعقيداتها واختلافاتها، أن تستغل هذه اللحظة الحرجة لخلق حالة تضامن داخلي وتفعيل أدوات المقاومة السياسية والدبلوماسية بشكل أكثر تأثيرًا؟ أم أن الظروف الدولية والمحلية ستستمر في تعقيد هذا المسار؟
اجابتي على هذا السؤال اقول ، التضحية مطلوبة ونسيان الماضي للطرفين من اجل المصلحة الفلسطينية فاسرائيل وامريكا اليوم بواقعهما اليميني المتطرف وامكانهم السيطرة على الضفة والقطاع بكل سهولة ، يدعمها تفكك الواقع العربي وميل دوله التطبيع مع اسرائيل ، كل ذلك برايي يتطلب من الفلسطينيين اتخاذ موقف تاريخي مهم وهو الوحدة الوطنية ولو مرحلياً ، لواقع قد يكون افضل مستقبلا بدل محاولة انهاء الوجود الفلسطيني .
من وجهة نظر اخرى فاسرائيل راغبة بعدم استلام المقاومة الفلسطينية لغزة ولكن رغبتها المبدئية استلامها من قبل السلطة الفلسطينية عليه لااعتقد القتال في المرحلة القادمة سيخدم المقاومة الفلسطينية، مما قد يتسبب اضعافها دون اسناد حقيقي من ايران بعد موقفها المتردي مع الولايات المتحدة الامريكية ومع المقاومة ايضاً ، فإسرائيل تسعى إلى استغلال الخلافات الفلسطينية الداخلية كما اشرت آنفاً ، وتفضل أن تكون السلطة الفلسطينية هي الجهة التي تدير غزة، لأنها ترى فيها شريكًا أكثر قبولًا بالنسبة للمجتمع الدولي وأقل تهديدًا لامنها مقارنة مع المقاومة الفلسطينية ، هذا التوجه ينسجم مع السياسة الإسرائيلية التقليدية في تفكيك الوحدة الفلسطينية وإضعاف الأطراف المقاومة.
وبالنسبة للمقاومة، فإن خوض مواجهة عسكرية جديدة دون دعم إقليمي قوي مثل دعم إيران أو غيرها قد يؤدي إلى إنهاكها وإضعاف موقفها السياسي والعسكري، في ظل التصعيد الأخير باستلام ترامب ودعمه المطلق للكيان الصهيوني ، يبدو لي أن إسرائيل قد تستغل ظروفها الايجابية وانهاكها في غزة.
على هذا الأساس، قد يكون من الحكمة للمقاومة أن تنتهج نهجًا سياسيًا مرحليًا يركز على توحيدهم مع السلطة، واكيد ذلك يساعد في تعزيز صمود الشعب الفلسطيني وفتح آفاق جديدة لمواجهة كافة التحديات، وهذا التوجه قد يعطي الفلسطينيين مساحة واسعة لإعادة ترتيب أوضاعهم الداخلية وتخفيف الضغط على غزة، مع الاستمرار في الدفاع عن الحقوق الوطنية المتأزمة .
اضيف في ختام مقالي ان الواقع الجيوسياسي يفرض وجوده هنا اذا طرح هذا الموضوع من السلطة الفلسطينية سيلقى تاييد واسعاً من الدول العربية التي تبحث عن حلول تهدئة للوضع الفلسطيني الاسرائيلي وعلى الساحة الدولية منها الدول الكبرى، والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، سترحب بهذا التحرك، لأنه سيُنظر إليه على أنه خطوة نحو استعادة السلطة المركزية الفلسطينية والتقليل من نفوذ الأطراف التي تُعتبر مهددة للاستقرار في نظر الغرب هذا الدعم الدولي والعربي قد يفرض معادلة جديدة على الأرض ويضع ضغوطًا على كل الأطراف المعنية، بما فيها إسرائيل، كما انه خطوة ناجحة في السير نحو حل الدولتين واستعادة الحقوق الفلسطينية واستعادة الاراضي المحتلة لما بعد الرابع من حزيران 1967.
1370 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع