الكارثة الإعلامية العراقية

                                      

                          د.هاني عاشور

أثارت انتباهي دعوة احدى الفضائيات العراقية للاعلام العراقي بتبني التركيز على ضحايا التفجيرات الارهابية ،

وكأن تلك الفضائية ليست من الاعلام في شيء او كان الامر لا يعنيها ، وهي تطالب الاخرين بفعل ذلك ، او كان تلك الفضائية لا تعلم ان الاعلام العراقي ومنذ عشر سنوات لا مهمة له سوى تصوير الضحايا والجنائز والمآتم وقوات الجيش الشرطة وهي تطارد المسلحين وعرض اجهزة السونار الفاشلة التي كانت احد اسباب مقتل الاف الابرياء .الفضائية المعنية طالبت بعرض مأساة الضحايا من طرف ما ، مثلما تقوم فضائيات اخرى بعرض ماسأة الضحايا من طرف اخر فقط ، وكأن الاعلام تحول الى نصرة نصف الدم المراق ، وكارثة الكوارث ان تتقسم الدماء ولا ننظر للضحايا على انهم ضحايا العراق من شمال الى جنوبه ومن شرقه الى غربه ، ليكون الرد على الارهاب ردا وطنيا جماعيا يمثل العراقيين ، وعن أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم، ويرد عليهم أقصاهم، وهم يد على من سواهم ألا لا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده ".الكارثة الإعلامية العراقية الجديدة ان بعض الفضائيات ووسائل الإعلام تتعامل مع المأساة بانتقائية ، بل ان بعض السياسيين يطلق تصريحاته النارية الوطنية الثأرية العصبية عندما يكون الدم المسال في بقعة ما دون بقعة أخرى ، وكأن الإرهاب الأعمى لا يستهدف الأطفال والنساء والشيوخ وفي كل المناطق والأسواق ويرسل المئات يوميا منهم القبور ، وكأن الأرامل والأيتام من طرف ما يشبهون أرامل وأيتام الطرف الاخر .الإعلام العراقي الذي كان منصفا في احيان مع مأساة كبرى ، ثم انحاز ذات يوم الى الطرفية والجانبية ، ولكنه سرعان ما عاد ، وها هو يعود اليوم الى تلك التطرفية والانزوائية مبشرا بعودة حرب اهلية مرة ، وطائفية في اخرى ، متوعدا عراقيين مرة ، ومتسامحا وغافلا لاخرين ، مبشرا بعذاب اليم مرة ولجهة ما ، وهامسا برفيف الكلمات لجهة اخرى ، دون ان يشعر انه يفقد ضميره الإعلامي ويصبح طبلا أجوفا ، او صورة مشوهة لواقع يراد له ان يكون منقسما متخاصما متحاربا .في العراق الذي شهد انفجارا إعلاميا وانفتاحا كبيرا بعد قيود ومنذ عام 2003 ، أخذت بعض وسائل الإعلام تسيء استخدام الحرية وتتحول إلى وسائل تحريض ، هي في عرف القانون معرضة للمسائلة والحساب ، ولكن في عرف الصراعات السياسية التي تتغذى على العنصرية والطائفية مرشحة للتتويج والاحتفال والدعم .رسالة الى الإعلاميين العراقيين الذي ربما يجهلون مهمتهم الأساسية بسبب حاجتهم للعيش ، ان لا تكون أقلامهم وأصواتهم وكاميراتهم سببا لعيشهم وأداة لموت الاخرين ، فشهادة التاريخ لا تخفى والأسماء المشوهة لا تنسى يوم لا ينفع لا مال ولا بنون
هذا المقال منشور اليوم في جريدة الدستور العراقية اما صوري فاكتب اسمي في فيسبوك ستراها بالعشرات..

الگاردينيا:نرحب بالصديق العزيز الدكتور/ هاني عاشور في حدائقنا..ننتظر جديدكم ..

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

660 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع