القس لوسيان جميل
الطبع والتطبع هو عنوان لحكاية قصيرة، اتذكرها من ايام الابتدائية. هذه الحكاية تقول بأن احد الملوك كان يتناقش مع وزيره، في مسألة عما اذا كان الطبع يغلب التطبع ام العكس.
ومن البديهي في هذه الحالة ان يكون الملك مساندا للفكرة التي تقول بان التطبع يغلب الطبع بينما كان الوزير يؤكد ان الطبع هو الذي يغلب عند الانسان، في نهاية الأمر. وعندما استأذن الوزير بالانصراف قال للملك غدا سآتي في مثل هذا الوقت وأبرهن لك ان الطبع يغلب التطبع. في اليوم الثاني كان الوزير في الوقت المحدد عند الملك، وقد جلب معه قطة وفأرا، وجلب ايضا معه قليلا من الطعام الذي تحبه القطط. ولما جلس الوزير بحضرة الملك قال له الملك ايها الوزير الآن هات برهانك الذي وعدتني به البارحة عندما كنا نتناقش في مسألة الطبع والتطبع، وفي ايهما الأقوى عند الانسان. فقال الوزير حاضر يا جلالة الملك. ثم اخرج الوزير القطة من القفص الذي كان قد وضعها فيه ورمى لها قليلا من الطعام الذي كان قد جلبه لها من البيت، فانهمكت القطة بالأكل بشراهة. حينذاك اخرج الوزير الفارة من علبة كان يحملها ورماها في الغرفة. فما كان من القطة حتى تركت طعامها اللذيذ وركضت خلف الفارة لتمسك بها وتأكلها. فضحك الملك والوزير كلاهما ضحكة عالية وقال الوزير للملك: اترى يا صاحب الجلالة، كيف ان طبع القطة قد تغلب على تطبعها؟ علما بأني تعاملت مع الحكاية من الذاكرة وبتصرف شديد، دون ان تفقد الحكاية شيئا من معناها الأساسي.
التطبيق العملي للحكاية: ومهما كان من الأمر، فاني لن اكتفي بالمغزى النظري للحكاية، كما فعل الكاتب الأول. وإنما سوف اطبق هذه الحكاية على حقيقة السيد اوباما وعن طبعه الذي لم يستطع تطبعه وحياته الجديدة ان تقضي عليه. ولكن سوف اذكر قبل ذلك، حالات اخرى، عربية وعالمية، غلب فيها الطبع على التطبع، لاستكمال الفائدة، لكن سوف اتكلم عن هذه الحالات كلها، وأنا اعبر من حالة الى اخرى على عجل ودون تأخر، حيث لن انهمك في التفاصيل، بخلاف ما سوف اعمله مع حالة السيد اوباما، لأهميتها الراهنة.
1 - حالة العرب وملوكهم: وهكذا يأتي التطبيق الأول عن حالة الشعب العربي وعن رؤسائه وملوكه. فهذا الشعب وهؤلاء الرؤساء كانوا من أيام تأسيس الأمة والدولة العربية الاسلامية قد تركوا جاهليتهم وصاروا أمة حقيقية ودولة قوية ومنظمة، ونسوا شيئا فشيئا روحهم العشائرية
والقبلية القديمة، بعاداتها السيئة، هذه الروح التي تجعل اي قوم قوما متأخرا ومنقسما على نفسه وغير منضبط. هذا في مرحلة عمر العرب الأولى.
اما في المرحلة الثانية من عمرهم، فقد تفككت تلك الأمة بعد ان تدهورت، مثلما حدث لأمم أخرى قبلها، الأمر الذي اوصل الدول الوطنية الجديدة ان تتأقلم، كيفما استطاعت، مع الحياة الجديدة، بنمط حكمها الجديد، وبحياتها الاجتماعية. ففي الحياة الجديدة بعد تفكك الأمة الدينية، كان الشعب قد بدأ يتعلم ويتنور ويستخدم التكنولوجيا الحديثة، مما جعل الحكام يسايرون هذه الحياة ايضا ويدعمونها، وأحيانا كثيرة يتحولون الى رواد لهذه الحياة ومشجعين لها. ولكن ما ان نزلت الفارة الى الشارع العربي حتى عاد الشعب والحكام الى طبعهم الأول الذي هو طبع طائفي وعشائري وقبلي متأخر.
2 - حالة الأحزاب السياسية: وتنطبق حكاية القطة والفارة على احزابنا السياسية، سواء كانت عراقية ام عربية. فقد كانت هذه الأحزاب، ومن ايام الاستقلال الوطني تسعى جاهدة في التحرر الوطني ولا تسعى من وراء رسالتها السياسية تلك، سوى الى استكمال هذا التحرر على اكثر من صعيد، وذلك بناء على أدبيات وتصريحات هذه الأحزاب على الأقل. ولكن ما ان دخلت الفارة الى الميدان حتى انست كثيرا من الأحزاب المنهج الوطني الطيب الذي كانت قد خطته لنفسها، فصارت هذه الأحزاب تخدم اهدافها الخاصة وأهداف احزابها، وهي كلها أهداف قومية شوفينية، وأهداف طائفية، حيث صارت اعتبارات الطائفة والقومية الخاصة فوق الاعتبار الوطني وبالضد من مصلحته، حتى وصل الأمر بكثير من الأحزاب الى حد الخيانة العظمى، لأن هذه الأحزاب اتفقت مع اشرار العالم الأقوياء على تدمير بلدها في العراق وفي كل البلدان العربية الأخرى، والتي حصلت فيها كارثة هذه الخيانة، مقابل كرسي حكم حقير.
3 - حالة سياسيي اقوياء العالم: وتنطبق الحكاية المذكورة على سياسيي اقوياء العالم، هؤلاء الذين قال السيد المسيح لأمثالهم بأنهم ذئاب خاطفة بجلود الحملان. فقد عمل التطبع من هؤلاء السياسيين، وذلك بعد ان دمروا اوربا بحربين عالميتين، اناسا متحضرين، سنوا قوانين كثيرة انسانية، لكي لا تقع حرب عالمية ثالثة. ولكن في هذه المرة ايضا نزلت فأرة الأطماع الى الساحة السياسية، لا بل دخلت عب السياسيين، فغلب الطبع الشرس الميكيافلي المتحلل من اية قيود اخلاقية على التطبع الحضاري، وانقلب السياسيون الى وحوش مفترسة لا يختلفون كثيرا عن وحوش الغاب، بشهادة ما فعلوه بدول ضعيفة: العراق وفلسطين وليبيا وسوريا واليمن، وحتى بمصر وتونس، بنذالة لا يمكن وصف عمقها.
4 – الفارة وحالة الشرف والفضيلة: وفي الواقع لم يغلب الطبع التطبع عند سياسيي اقوياء العالم في الحروب فقط، وفيما ظهر فيها من وحشية منحطة وغريبة، لكن الطبع قد غلب عندهم التطبع حتى في مسائل الفضيلة والشرف. فنحن نعرف ان المجتمع البشري كان قد وضع اسسا
وتقاليد انسانية كان الجميع يحترمها. لكن في حالة العدوان على العراق وعلى الدول العربية الأخرى نرى الأشرار العدوانيين يدمرون دولنا ويقتلون انساننا ومن كانوا يقودون بلداننا، ويخربون بنى اوطاننا التحتية، ويسفكون دماء الأبرياء منا اعتمادا على المخبر السري حسب، ولا يتركون وسيلة تسحق بلداننا الا واستخدموها. لقد ضربوا المدنيين وقتلوا الأسرى ودخلوا البيوت الآمنة عنوة وقتلوا الآباء امام عيون اطفالهم، الأمر الذي لا يعمله الا من لا فضيلة له ولا شرف ولا انسانية. ويقينا ان السيدين بوش وأوباما لم يتركا بندا من البنود الانسانية المتفق عليها بشكل تقليدي، ومن مواثيق الأمم المتحدة الانسانية، الا وداسا عليها بأقدامهما بكل غطرسة وحقد وعنجهية، وبقلة احترام للإنسان ولمواثيق المنظمات الدولية الانسانية، ضانين انهما منتصران، في حين انهما كانا في قمة الفشل الأخلاقي والخسارة. وهنا يكفي ان نؤكد مع المثل الذي يقول: كل شيء من السوق الا الانسانية والفضيلة والشرف من فوق. ولكن يحق لنا ان نتساءل ونقول: ترى هل يوجد شيء اسمه" فوق " في حياة هذه الروبوتات البشرية؟
5 - حالة الأمم المتحدة: اما الأمم المتحدة التي كان من اهدافها التنمية والبناء وحفظ السلام وإنصاف المظلومين وتحقيق الحق والحفاظ على المكتسبات البشرية الانسانية، فقد دخلت اليها عدوى الطبع المتوحش والميكيافلي، وصارت شريكة جبانة لكل الجرائم التي يرتكبها اقوياء العالم، ولاسيما اذا كانوا من الأمريكان او من الصهاينة. وهنا لا ننسى ان السيد بوش الابن كان المثال الأسوأ للتوحش وللعدوانية وللكذب وللنيات الخبيثة وللازدراء بحقوق الضعفاء وللتصرف بعنجهية القت به في اعماق جهنم، اما السيد اوباما فيظهر انه يحاول ان ينافسه في الكذب والعنجهية والتوحش والبطش بالضعفاء، بحجة محاربة الارهاب.
6 - السيد اوباما وحكاية الفأرة والقطة: غير ان حكايتنا اليوم تنطبق بشكل نموذجي على شخص السيد اوباما رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الحالي. فهذا الشخص يفترض فيه انه كان قد تخلص من عقدة النقص التي ورثها عن آبائه وأجداده، ومن لعنة هذه العقدة وقدرها، ايام لم يكن مسموحا للشخص الأسود ان يجلس في حافلات البيض او يجلس على الكراسي او المسطبات المخصصة للبيض في الأمكنة العامة. فالسيد اوباما كان قد نشأ في زمن كانت امريكا فيه قد تخلصت، قانونيا على الأقل، من قانون التمييز العنصري العار الذي كان مستشريا في جسدها، كما ان السيد اوباما كانت له نشأة كان يمكن ان تكون عاملا مساعدا على التخلص من عقدة اللون التي بقيت آثارها في المجتمع كله، سواء كانوا من السود ام من البيض، لكي لا تبقى في نفسه غير الفضائل الايجابية التي كان يجب ان يستخدمها لتحرير المظلومين وليس للظلم والعدوان على الشعوب.
وهكذا نرى ان عقدة اللون لم تمنع السيد اوباما ان ينشأ في عائلة غنية وان يكون هو نفسه شخصية ذكية وأن يأخذ حقه من التعليم العالي وحقه في تبوأ الوظائف العامة، ومنها الوظائف
الادارية والحقوقية وغيرها، لا بل لم تمنعه ان يكون سيناتورا في اعلى مناصب الدولة، هذا المنصب الذي هيأ له الطريق الى ان يصبح رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية لدورتين متتاليتين، الأمر الذي لم يكن يحلم به رجل اسود حتى بعد صدور قانون تحرير السود. وقد يتذكر القارئ معي كيف فرح العالم وابتهج بمجيء اسود الى حكم الولايات المتحدة، ليس على الرغم من لونه الأسود فقط، ولكن بسبب لونه الأسود نفسه، حيث اعتقد الكثيرون ومنهم كاتب هذا المقال، بأن اختيار رجل اسود لحكم الولايات المتحدة الأمريكية يبشر فعلا بالتغيير الذي وعدت به دعاية السيد اوباما الانتخابية. ولكن يبدو ان كل تلك الوعود بالتغيير وكل ذلك الهرج الذي صاحبها، لم تكن غير وعود انتخابية، ولاسيما في كل ما يخص سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية. فماذا حدث يا ترى؟
ان الذي حدث قارئي العزيز! هو ان السيد اوباما من البداية لم يكن مستعدا ان يغامر بتغيير يضيع كل مكاسب الولايات المتحدة العدوانية في مناطقنا. البعض يقول ان اوباما كان يريد ان يفعل ذلك، لكنه لم يستطع، ولكني شخصيا لا اعتقد، لا بل ارى انه لم يكن قد فكر لحظة واحدة في التغيير الذي كنا نتمناه والذي وعد به، نحن المظلومين على يد القوة الغاشمة البشعة الأمريكية. فقد كان اوباما قد جاء من اجل الأمريكان ولم يكن معنيا بالآلام التي سببتها دولته للعراقيين وغيرهم. اما فيما تلا من الأيام فقد رأينا ان اوباما لم يكن معنيا بأي بلد عربي الا من حيث الكيفية التي تجعله يسيطر على هذا البلد، وفي الكيفية التي تجعله يدمر هذا البلد لكي لا يقوم على رجليه ويطالب بالسيادة وحرية التصرف.
وهنا علينا ان لا ننسى ان سياسة الأمريكان والأوربيين ما بعد الحرب العالمية، ولاسيما ما بعد ظهور النظام العالمي الجديد، تتلخص بما اسموه محاربة الارهاب، والقصد من ذلك هو محاربة كل من تسول له نفسه من الدول والأحزاب والأفراد ان يطالب بحقه. كل ذلك لأن الدول الاستعمارية كانت قد اكتوت بنار الثورات العربية وغير العربية التي نال اغلبها حقوقه بتضحيات كثيرة. وبما ان هذه الدول الضعيفة جميعها كانت تسعى للتخلص من آثار الاستعمار البغيضة، وتعمل على تحرير ثرواتها الوطنية، فقد جن جنون الغرب، ولاسيما جنون امريكا، رائدة وراعية العدوان، وشرعت هذه الدول القوية تتكتل فيما بينها ضد الأحزاب والدول التي تسول لها نفسها التحرر من استعباد الدول الكبرى، وتتحين الفرص لتدمير تلك الدول او الأحزاب. لذا نفهم ان نرى الدول الغربية، وعلى رأسها امريكا العدوان، بالقسوة والوحشية التي رأيناها في حروبها على ضعفاء العالم. اما الصاق صفة الارهاب بالشعوب والأحزاب التي تطالب بحقها، فلا يأتي الا لإعطاء نفسها حقا وهميا بمشروعية قتل الشعوب وإبادتها، وفق نظرية السيد بوش الشريرة التي يقول فيها: من ليس معنا فهو ضدنا. اي من ليس تحت سيطرتنا الكاملة فهو عدونا. اليس هذا هو الجنون بعينه؟ ولكن هل عدل السيد اوباما شيئا من هذه النظرية؟ لا اعتقد.
والجدير بالذكر ان السيد اوباما لم تظهر عليه في اي يوم من الأيام اية نية مخالفة لسياسة بوش العدوانية، ولاسيما فيما يخص مكافحة الارهاب، لا بل ان السيد اوباما زاد على هذه المكافحة الأسلوب القذر الذي جعله يستفيد من تناقضات الشعوب لكي يجعلها تتصارع فيما بينها وتحطم نفسها بنفسها Auto destruction وتحطم بلدانها برمتها، وتقضي على قوة هذه البلدان، كما حدث في كل الوطن العربي، ولكن كما يحدث خاصة في سوريا وفي العراق، حيث لا يمر يوم لا تكون فيه هناك عشرات من القتلى والجرحى، وحيث نرى السيد اوباما يتفرج على ما يجري، بسادية كبيرة وبعنجهية، كما كان يتفرج نيرون على حريق روما الذي كان قد امر بإشعاله، لا بل يزيد من أوار النيران كلما خمدت قليلا بمد هذا الطرف او ذاك بالسلاح وبالدعم السياسي.
ماذا جرى اذن؟ نقول بثقة ان الذي جرى هو ان السيد اوباما حدثت عنده الظاهرة الطبيعية التي تقول، كما سمعنا من عنوان الحكاية، بأن الطبع يغلب التطبع. فقد عاد السيد اوباما ذاك الأسود الحامل لعقدة النقص Complexe d'infériorité ويتصرف تصرف المعقدين الذين يقبلون بطيب خاطر ان يخضعوا لسيد اقوى منهم يسمى في حالتنا الراهنة الرأسمالية المتطرفة. كما ان هذه العقدة تقود صاحبها الى استعمال الذكاء والمراوغة والكذب والرياء والمداهنة من اجل الوصول الى المبتغى.
وهكذا وبعد ان دخلت فأرة المصلحة الأمريكية عب الرئيس اوباما عاد هذا الرئيس الى خادم للرأسمالية الأمريكية الحقيرة المتوحشة. علما بأن السيد اوباما سيطرت عليه العقدة نفسها التي تكلمنا عنها، وجعلته كما يبدو في حالة نفسية يحتاج فيها الى ان يبرهن لمن اصعده الى منصبه، بأنه ليس اقل من الرجل الأبيض، من حيث قدرته وكفاءته على خدمة امريكا الرأسمالية، ولو كان ذلك على حساب مبادئه الانسانية التي كان قد تعلمها في صغره عندما لم يكن شيئا يذكر، غير رجل اسود صعد الى مقام الرجل الأبيض، لا بل تفوق عليه. علما بأننا لا نجد ظاهرة منافسة الرجل الأبيض والتفوق عليه عند السيد بوش وحده، ولكننا نجدها عند كل من شارك من السود في الحرب على العراق، من قريب او من بعيد، مثل السيدة رايس وكولن باول وغيرهم.
وبما ان الأمر كان هكذا، فإننا، نحن المعتدى عليهم، لم نشعر في اي يوم من الأيام، وبعد ان استلم السيد اوباما حكم الولايات المتحدة، بأن اوباما كان يفكر، حتى ولا من باب الدعاية ومن باب ذر الرماد في العيون، في ان يتنازل، بالتي هي احسن، عن المكاسب غير المشروعة التي حققتها الامبريالية الأمريكية، بشتى اشكال الوسائل البراغماتية والميكيافلية، ومنها وسائل الردع والتهديد، لكل ما يشتم منه انه يتعارض مع التسيد الأمريكي. اما الوسائل التي استخدمها اوباما لتحقيق انتصار غير مشروع على الخصوم الضعفاء، فأقل ما يمكن ان يقال فيها انها
كانت وسائل متوحشة ومخالفة للتصرف الانساني السليم، من تلك الوسائل التي لا يستطيع ان يستخدمها الا رجل معقد فقد انسانيته. ففي الحقيقة ان اشعال نيران القتل الجماعي والتفرج على هذه النيران من بعيد او من قريب، امر لا يقبله انسان سليم الضمير، لكن اوباما لم يبدو عليه الندم عندما علم ان الوسائل التي استخدمها في الحفاظ على المصلحة الأمريكية غير المشروعة ومصلحة الطبقات الرأسمالية الحاكمة، ادت الى سكب دماء كثيرة والى حدوث دمار كبير بدول الآخرين.
وهنا نؤكد مرة أخرى، ان الطبع غلب التطبع عند اوباما، حيث لم يستطع هذا الرجل ان يتخلص من طبعه القديم، فانقلب الى مسخ: رجل اسود عاد الى طبعه الأول مدججا بالسلاح وبثقافة عالية ومؤازرة غالبية الأمريكان، وأكثر من نصف العالم. فمن يمكن ان يكون هذا الرجل اذا لم يكن نيرون جديدا احرق عالم العرب الضعفاء لكي يتفرج على نيران الحريق ويتباهى ويتلذذ بنجاحه المزعوم. علما بأن نجاح اوباما، وكما اثبتت الأيام، لم يكن اكثر من نجاح بيت بني على الرمل، كذلك البيت الذي تكلم عنه السيد المسيح في احد امثاله، والذي قال عنه بأنه سقط مع هبوب الرياح الشديدة، وكان سقوطه عظيما، الأمر الذي اسقط معه احلام البيض والسود من حكام الولايات المتحدة، حتى صارت انتصاراتهم الوهمية كتلك الفرحة التي ما دامت، والتي تتكلم عنها الأمثال العربية.
وفي الحقيقة كانت الفرصة مواتية لـ اوباما لكي يصبح بطلا انسانيا كبيرا، بل ربما قديسا، لو كان قد قرر تحرير كل من استعبدته امريكا ونهبت امواله، وقرر تحرير امريكا من غطرستها وعنصريتها في الوقت عينه، غير ان اوباما كان قد قرر، من اول يوم انتخابه رئيسا للولايات المتحدة، ان يكون رئيسا في خدمة الأقوياء المتجبرين، كما كان اسلافه يخدمون الرجل الأبيض القاتل الظالم، حيث برهن اوباما بالملموس ان الطبع يغلب التطبع.
تلكيف – محافظة نينوى – العراق
684 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع