علي الكاش
حذف الشعب العراقي من الاعراب لالتقاء الفاسدين
قال سفيان الثّوريّ: نعوذ بالله من فتنة العالِم الفاجر، وفتنة القائد الجاهل". ( الامتاع والمؤانسه1/242).
بلا ادنى شك لا نستغرب سلوك البعض ممن يمارسون الرذيلة السياسية في بيوت الدعارة الأمريكية أو بيوت المتعة الايرانية، الذين ارتضوا لأنفسهم ان يكونوا مطية يركبها ويسيرها الأمريكان والفرس لتحقيق نزواتهم التوسعية والسادية لتدمير العراق ونهب ثرواته، وعرس بذور الفتن الطائفية والقومية بين افراد الشعب الواحد، ومع الأسف فقد اثمر الغرس وقطفت رقاب مئات الألوف من العراقيين على يد قوات الاحتلال الأمريكي الفارسي والميليشيات الولائية المسعورة، الذي لم تدركه الحكومات الشيعية المتعاقبة وذيولها من السنة بعد هي أن تعمير العقول كفيل بتعمير العراق كله والأسبقية للإنسان فهو القيمة العليا في الحياة؟ الم يذكر الرسول صلى الله عليه وسلم" لَزوال الدنيا أهون عند الله مِن قتل رَجل مُسلم ". ( رواه الترمذي والنسائي ، وصححه الألباني)
ان المخاوف التقليدية التي تنتاب الادارة الامريكية الجديدة برئاسة ترامب وربيبتها الحكومة العراقية الولائية من تردي الأوضاع الراهنة تشير بوضوح الى أن مجرى الرياح في العراق بدأ يتخذ اتجاهات معاكسة لرغبة السفان الأمريكي وطاقمه الجديد، كما يقول المثل " تجري الرياح بما لا تشتهيه السفن" وبدأت رياح السموم هذه تقلق هذه الادارة بشكل جدي، رغم قيامها بتوسيع دائرة التآمر وهو تآمر مكشوف ومرهون بظروف متغيرة لا يمكن الاعتداد بها، كما انه يتجاوز طاقة الطاقم وربانه، و يثير ردود فعل متفاوتة على الصعيد الوطني والعربي والدولي، فقد اصبحت ادارة دفة السفينة عبء كبير لا يطيق الطاقم الأمريكي حمله، كما أن ثقة الركاب باتت محدودة بكفاءة الربان وقدرته على أيصال السفينة الى مرفأ السلامة، او على الأقل ضمان عدم تحطمها بالكامل حاملة معها كل حمولتها الى القاع العميق، الإدارة الامريكية بدأ تشعر بأن ما تكبدته من بلايين الدولارات والتضحيات بعشرات الألوف من الجنود والخسارات الجسيمة في المعدات، قدمته بغباء كبير الى ولاية الفقيه التي لم تفقد جنديا واحدا ولا دولارا واحدة في غزو العراق، انه ربح يفوق الخيال، ودافع الضرائب الأمريكي لم يسأل حكومته الغبية عما حصدته من غزو العراق، حتى النفط الذي تحدثت به الإدارة الامريكية السابقة صار من حصة ولاية الفقيه.
حتى ان بعض العراقيين يسخرون من ذلك الوضع بالقول" يتعب أبو كلاش، يأكل أبو جزمة".
ليس من الفجاجة ان يدرك الربان الأمريكي غباء سياسته في العراق بعد أن اشاد بحكمته ومهارته في الأبحار وامكانيته على مواجهة المخاطر وقبوله بالتحديات مهما كان حجمها وقوتها، حتى امسى الطاقم يدعونه بقاهر الصعاب، وكانوا يشيدوا بمآثره وقوته الخارقة وإمكانياته العسكرية المهولة، لكن الركاب كان لهم شكوك حول حقيقية هذا الربان الذي لم يوفق في رحلات كثيرة كان منها رحلته الفاشلة الى فيتنام وكمبوديا وما قبلها في أفغانستان، كما انهم يروا في طاقمه ليس سوى حفنة من المتشدقين المادحين الذي يمتهنون صناعة الكلام والثرثرة، وهم ينعمون بالأجر العالي والحماية والنفوذ، دون ان يكون لهم أي دور حقيقي في قيادة السفينة، فهم يتسابقون على كسب رضاه للحفاظ على مصالحهم ونفوذهم بعقلية متحجرة وتتكرر المأساة في العراق الخاضع الى النفوذين الأمريكي والإيراني علاوة على التدخلات التركية، فقد جاء الاحتلال بمجموعة من الشراذم والمجرمين واللصوص من مختلف ارجاء العالم ونصبوهم حكاما على العراق، ومعظمهم من الطائفيين والراديكاليين الإسلاميين، مع ان الامريكان يزعموا بأنهم يحاربوا الحركات الإسلامية المتطرفة، وهيمن الفاسدون على كل مفاصل الدولة وسيطروا على مقدراتها عبر وسائلهم الدنيئة والميليشيات الإرهابية التابعة لهم التي تضم مافيات إجرامية معظم عناصرها من الفاسدين والارهابيين والرعاع والجهلة، وكانت قوات الاحتلال تدعم أعمالهم الإرهابية، او تغض النظر عنها على أقل تقدير ولا احد ينسى الاعمال الإرهابية التي قام بها جيش المهدي ومنظمة بدر في العراق، سيما ضد أهل السنة، قال الكاتب والصحفي الأمريكي (بن نورتون) في مقال له نشر على موقع صالون في 15 يناير 2016 بأنّ "دعم الولايات المتحدة للحكومة الشيعية الاستبدادية والميليشيات الشيعية العنيفة والمتوحشة أدّى إلى تأجيج حرب أهلية طائفية في البلاد التي عاش السنة والشيعة فيها لقرون متجاورين ومتآلفين".
لو القينا نظرة سريعة على تخبط الادارات الأمريكية الامريكية المتعاقبة في سياستها الخارجية، سنجد هناك تخبطا كبيرا على الرغم من انها القطب الأوحد في العالم، وهي دولة مؤسسات ومراكز بحثية على مستو عال من الكفاءة، ومعلومات مخابراتية كثيفة، يفترض ان تؤهلها لاتخاذ مواقف حكيمة في سياستها الخارجية، وهذا التخبط ليس جديداً في تأريخها الاستعماري فهي لم تحت بلداً في العالم إلا وتركته فيه مشاكلاً وامراضاً سياسية واقتصادية مزمنة، وهكذا حال الدول المستعمرة قديما وحديثا، فلا تزال فيتنام تعاني من وطأة الغزو الأمريكي حتى بعد مرور عقوداً طويلة وكذلك الأمر في كمبوديا والصومال وافغانستان واخيراً في العراق، منذ الادعاءات بامتلاك العراق أسلحة التدمير الشامل والذي ثبت سخافته وبطلانه ورجح كفة الثقة بالحكومة العراقية السابقة التي كانت تصر على أتلاف هذه الأسلحة، الى مزاعم نشر الديمقراطية في العراق رغم علمها بأن الديمقراطية لا تباع ولا تشترى ولا تهدى وانما هي منهج سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي يحتاج الى رؤية وطنية شاملة وخلفية ثقافية إذا لم تكن ثورة ثقافية اضافة الى مستوى مرتفع من الوعي في مختلف الشرائح الاجتماعية وتوفر نخبة وطنية ممتازة قادرة على أدارة البناء الديمقراطي، فالديمقراطية أشبه سلم يرتقى درجة بعد درجة .
العراق اليوم مهدد ككيان ودولة وشعب وأرض وحضارة وتأريخ وهوية وتحاول قوات الاحتلال ووليدتها الحكومة المعوقة البحث عن مخرج لهما من هذه الورطة مع توفير الظروف الملائمة للحفاظ على مكاسبهم حاضراً ومستقبلاً، وقد باتت ازمتهما حقيقة رغم عدم وضوح بعض ملامحها للرأي العام ويرجع ذلك لعدة عوامل منها ماكنتي الأعلام الأمريكي والعراقي حيث تحاول أن تموه حقيقية ما يحصل في العراق معتبرة أن العنف الدموي سببه ارهاب القاعدة وداعش وازلام النظام السابق أو الصداميين، دون أن تحمل قوات الأحتلال نفسها مسؤولية جلب الارهاب الى العراق الذي كان خالي الساحة من هذا السرطان الذي تفشى مع قدوم قوات الأحتلال وتسليم العراق الى نظام الملالي فأنتشر في كافة أنحاء البدن العراقي، كما ان الحكومة العراقية بدورها لا تزال تتبجح بالمكاسب التافهة التي حققتها ومنها انها حكومة منتخبة مع ان جميع من ترأس مجلس الوزراء لم يكن من مخرجات الانتخابات، فالمالكي والجعفري والعبادي والكاظمي والسوداني لن يأتوا عبر الانتخابات، ومع حالات التزوير الهائلة لم تبلغ نسبة المشاركة في الانتخابات الأخيرة سوى اقل من 81% من مجمل الأصوات، ولو اخرجنا التيار الصدري من المعادلة وهو الفائز الأول في الانتخابات، لكانت النسبة حوالي 10%، بل ان الفاشلون في الانتخابات هم من شكلوا الحكومة، لقد افرغت الانتخابات جميع القيم الديمقراطية، ولا نعرف ما هو سبب الإصرار على اجرائها طالما ان نتائجها لا تعتمد في تشكيل الحكومة؟
تحاول الحكومة العراقية أن تظهر بمظاهر الدولة ذات السيادة والقانون وانها العامل المحرك للحياة السياسية، في الوقت الذي ليس لها أي وزن على الصعيد الوطني فهي حبيسة المنطقة الخضراء ولا يجرؤ مسؤول عن مبارحتها إلا بعد توفير طاقم كبير من الحمايات والحراسات؟ اما على الصعيد العربي فأن الحكومة العراقية لا تحظى باحترام من قبل الدول العربية والجامعة العربية، وان مظاهر الاحترام الظاهرة هي في حقيقتها زائفة، لأنها جزء من متطلبات البروتوكول، والحقيقية ان المسؤولين العراقيين عاثوا فساداً مع الدول العربية والأجنبية على حد سواء من خلال تصريحاتهم المتضاربة واتهاماتهم للدول العربية ودول الجوار بعدم التعاون وتشجيع الإرهاب، والموقف السلبي من الثورة السورية الكبرى اكبر دليل وهو يمثل تخبطا في السياسة الخارجية، فبدلا من مباركة الثورة، وانتهاء حكم الجزار بشار الأسد الممول الرئيس للإرهاب في العراق (حسب المذكرة التي رفعها رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي لمجلس الأمن)، واغراق العراق بالمخدرات، ناصبت الحكومة والميليشيات الولائية الحاكمة العداء للثورة السورية
وتصبت الحكومة العراقية نفسها وكيلا للشعب السوري زاعمه ان حكومة الشرع إرهابية واجرمت بحق العراقيين، وهنا يرز السؤال التالي: الم تجرم ميليشيات الحشد الشعبي وفاطميون وزينبيون بحق الشعب السوري، ام انها كانت توزع باقات الزهور على اشقائنا في سوريا؟ الم تكن قيادة الشرع حكيمة لأنها لم تفتح ملف الميليشيات العراقية الإرهابية التي عاثت فسادا في سوريا. الم تكن حكومة الشرع حكيمة لأنها لم تفتح ملفات العملاء العراقيين الذي يحكمون اليوم وكانوا تحت قيادة مخابرات الأسد؟ الم تكن حكيمة لأنها لم تفتح ملف المليارات من الدولارات التي هربتها الحكومات الشيعية الى حكومة الأسد وحزب الله؟
أمام حكمة حكومة الشرع يقف على الضفة الأخرة تهور وتفاهة الحكومة العراقية وميليشياتها الإرهابية الولائية، وشتان بين الثرى والثريا.
الخاتمة
لأهمية العقل عند الإنسان، نستذكر قول الخطيب البغدادي، لعل فيه عبرة للعراقيين بصورة عامة" عن جريج عن عطاء أن بن عباس دخل على عائشة فقال: يا أم المؤمنين أرأيت الرجل يقل قيامه ويكثر رقاده وآخر يكثر قيامه ويقل رقاده أيهما أحب إليك قالت: سألت رسول الله (ص) كما سألتني، فقال: أحسنهما عقلا. فقالت يا رسول الله إنما أسألك عن عبادتهما؟ فقال: يا عائشة إنما يسألان عن عقولهما فمن كان أعقل كان أفضل في الدنيا والآخرة". (تأريخ بغداد 8/356).
854 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع