شعب محبط

سيف الدين الدوري

شعب محبط

منذ 14 تموز 1958 وحتى اليوم وشعبنا العراقي يعيش حالة احباط ، شعب يعرف نفسه انه صانع النصر في كل معركة يدخلها وفي كل بناء يشيده وكل جهاز يخترعه وكل علم يكتشفه وكل معركة يخوضها وينتصر فيها يقدم خلالها التضحيات بالانفس والنفيس وبالتالي يرى ان هذا النصر قد سرق منه او ضاع بين يديه ، واذا باقزام حقيرة تخرج من جحورها تدعي بطولات زائفة بينما هي لا في العير ولا في النفير. وهنا تبدأ المأساة فالشعب لا يضحي بالحروب لكي توضع اكاليل الغار او اوسمة والنياشين على رؤوس وصدور الزعماء . وانما يضحي من اجل غد افضل ومستقبل مشرق وحياة ديمقراطية تعددية لا اسياد فيها ولا عبيد.
دخل اليأس بعدما قالوا لنا ان الامس كان سيئا وان المستقبل يحمل في طياته شيئا جميلا ومزدهرا. الا انهم لم يقولوا لنا شيئا عن اليوم الذي نعيشه ما هو وصفه ، حسن ام سيء وكأن هذا اليوم لا يعنينا وكأنه ليس حياتنا التي نحياها الآن.
ومن هنا بدأ الانكسار على مستوى الفرد ثم يتصاعد على مستوى الفرد اولا الذي لا يجد لنفسه متنفسا ، وعندها تبرز العديد من الظواهر:
ظاهرة الارتماء الكلي في احضان الدين وقد شاهدنا الكثير يتوجهون الى الجوامع والمساجد ، ولا احد يعرف هل هذا انقلاب سياسي نحو الدين ام انه تعبير عن حالة حزن؟
2 – ظاهرة العودة الى نوع من الوطنية المبالغ فيها الى حد التعصب ، وطنية تختلط فيها العقائد الدينية بالعقائد السياسية.
3 – ظاهرة الشك في كل شيء والتي عمت الكثيرين الشك بتصريحات كل المسؤولين من الاعلى الى الاسفل والشك بكل مشروع يعلن القيام به وبالتالي تنتشر نظرات الغضب والريبة حين يقف الناس طوابير من اجل الحصول على طبقة بيض او قنينة زيت طبخ او علبة معجون طماطة او علبة حليب للاطفال او للحصول على الاجبان والالبان. وخاصة في فصل الصيف الحار وفي شهر آب " اللهاب" والكل واقف يتصبب عرقا وقد تعبت قدماه من الوقف في الطابور الطويل ويضطر الى ان يردد عبارات السب والشتم مع نفسه حينا وبصوت واضح حينا اخر، وطبعا هو له الحق بل كل الحق في ذلك بينما الجالس في مكتبه المجهز بالايركندشن وفي بيته كل ما لذ وطاب فالتفكير هنا يختلف بين هذا وذاك. وهكذا عمت الشكوى ، الشكوى من نقص السلع وارتفاع اسعارها وربما اختفائها ، والشكوى من قيود السفر ، اما الشياب فشكواهم الاكبر هي من حالة الضياع في مجتمع تهاوت فيه المثل .
وفي هذا الجو المشحون والمتوتر كثرت الندوات والاجتماعات يدخل الشباب الى القاعة وهم يحملون افكارا جديدة ويخرجون وهم يحملون مرغمين افكار مسؤولي الندوة او الاجتماع.
4- انتشار ظاهرة الغيبيات، وهذه الظاهرة انتشرت بشكل خاص عقب الاحتلال الامريكي البغيض للعراق عن طريق بعض المعممين.مع الكفر بكل القيادات السياسية والدينية.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

684 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع