أحمد العبداللّه
العنجهية لدى الفرس المجوس
العنجهية؛ تعني التكبّر والغطرسة والتصرّف بتعالٍ واستعلاء على الآخرين. ويُستخدم هذا المصطلح للإشارة لسلوك شخص يعتقد أنه أفضل من غيره ويعامل الآخرين بازدراء واحتقار. وهي صفة تُهلك صاحبها وتعمي بصيرته. وما ينطبق على الأفراد, ينطبق على الجماعات والأمم. ولا يوجد قوم أو ملّة على وجه الأرض تنطبق عليهم هذه الأوصاف والصفات, عندما يتمكنون وتصبح لديهم الغَلَبة, مثل(الفرس), في الماضي كما في الحاضر. لكنهم يغدون(نِعاجًا)حينما ينكسرون!!.
ويروي المؤرخ(أحمد عادل كمال)في كتابه(الطريق إلى دمشق)؛ إنه عندما احتل الفرس أنطاكية عام 611م, أرسل كسرى أبرويز كتابًا إلى هرقل, يقول له فيه:(من كسرى أعظم الآلهة وملك الأرض كلها إلى عبده الغبي الذليل هرقل.. إنك تقول بأنك تعتمد على إلهك, فلِمَ إذن لم ينقذ أورشليم من يدي؟)!!. فلاحِظوا حجم العنجهية والخُيلاء لديه, واللغة الاستعلائية المتعجرفة التي يتعامل بها, وهو يخاطب ملك دولة عظمى بقياسات ذلك الزمان, وليس شخصا من رعاياه.
وكسرى إبرويز هذا، والذي يصفه المؤرخون, بأنه كان؛(فاسدًا جشعًا شرهًا, يحتقر الناس ويستخفّ بهم), هو نفسه الذي أرسل له النبيّ الكريم مُحمّد(صلى الله عليه وسلم)كتابا يدعوه فيه وقومه للإسلام, فلما قرأ الكتاب استشاط غضبًا ومزّقه، قائلًا, وقد استبدّت به العنجهية والغطرسة:(عبد من رعيّتي يكتب اسمه قبلي؟!), وسبَّ رسول الله(عليه الصلاة والسلام). ولما عَلِم النبيّ الكريم بذلك، دعا عليه, قائلًا:(مزّق الله ملكه, كما مزّق كتابي). وهذا ما تحقّق بعد سنوات قليلة, فقد مزّق الله عز وجل مُلك كسرى، وسقطت الإمبراطورية الفارسية، والتي كانت تسيطر على نصف الأرض تقريبا, وصارت بكل ممتلكاتها أسلابًا للعرب المسلمين.
***
كان ذلك في زمن غابر.. أما في الزمن الحاضر, فلم يتبدّل شيء من تلك العقلية المريضة, والشواهد لا تُعدُّ ولا تُحصى. فهذا الرئيس الإيراني الأسبق خاتمي, يقول؛(في يوم من الايام سينتهي دور العرب السياسي في المنطقة ويتقهقروا إلى عمق صحرائهم القاحلة قبل نهاية هذا القرن)!!. ويصرّح وزير الدفاع الإيراني(حسين دهقان), وقد أخذته النشوة بسيطرة بلاده على أربع عواصم عربية؛(نحن أسياد المنطقة؛العراق وأفغانستان واليمن وسورية والبحرين ولبنان. ليذهب العرب إلى صحرائهم كالجرذان، وليحلموا بخالد بن الوليد، لأننا قتلنا فيهم جميع الخوالد. وشكرًا لأتباعنا في البلاد العربية، الذين بمساعدتهم سنصحّح التاريخ، وشكرًا لهم ألف مرة، وسنعود وتعود المدائن من جديد. وعاش العرش الفارسي الجديد)!!!.
وبكل غطرسة الفرس المعهودة وعنجهيتهم, يقول دهقان؛(العراق كله أصبح بعد عام ٢٠٠٣ جزءًا من الإمبراطورية الفارسية, ولن يرجع إلى محيطه العربي ولن يعود دولة عربية مرة أخرى. وعلى العرب الذين يعيشون فيه أن يغادروه إلى صحرائهم القاحلة التي جاؤوا منها. من الموصل وحتى حدود البصرة هذه أراضينا وعليهم إخلائها)!!!. ويضيف؛(لدينا في العراق قوة الحشد الشعبي الشيعي ستُسكِت أي صوت يميل إلى جعل العراق يدور حول ما يُسمى بمحيطه العربي)!!!.
ويصرّح المدعو علي يونسي مستشار الرئيس روحاني ووزير الاستخبارات في حكومة الرئيس خاتمي, بكل صلافة ووقاحة, قائلا؛(إيران اليوم أصبحت إمبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حاليا، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما في الماضي)!!. وقبله قال يحيى صفوي القائد السابق للحرس الثوري والمستشار العسكري لخامنئي؛(حدودنا الغربية لا تقف عند شلمجة, بل تصل إلى جنوب لبنان، وهذه المرة الثالثة التي يبلغ نفوذنا سواحل البحر الأبيض المتوسط)!!. في إشارة إلى حدود الإمبراطوريتين الإخمينية والساسانية الفارسيتين قبل الإسلام.
وهذا(محمود جهارباغي)؛القيادي في الحرس الثوري، يصرّح بلا(تقية), قائلا؛(العراق أصبح كمحافظة من محافظاتنا. يمكن أن يُلحظ ذلك حين يذهب مواطنونا للزيارة في ذكرى الأربعين. الرموز والمظاهر التي تشير إلى إيران موجودة في العراق أكثر من إيران نفسها. لقد أثاب الله شبابنا الذين قاتلوا ضدّ العراق وعاقب العراق وجعله محافظة من المحافظات الإيرانية. وهذا من بركة دماء الشهداء)!!. ويقول البرلماني الإيراني عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، علاء الدين بروجردي بتاريخ 17-6- 2025:(سنستخدم العراق للدفاع عن أنفسنا)!!.
ورغم الموقف المسالم لدول الخليج العربية تجاه إيران, والذي يصل لدرجة(المداهنة)في كثير من الأحيان, وبعضها؛كـ(سرطنة)عُمان وقطر, استمرأت السمسرة و(القوادة)لنظام ملالي الدجل والنفاق في طهران, فإن الفرس المجوس كثيرًا ما هدّدوا تلك الدول بالدمار والفناء والزوال, ولوّحوا لقادتها بـ(مصير صدّام حسين)!!. فهذا محسن رضائي, يصرّح:(سيتكرّر مصير صدّام في عواصم الخليج). ويقول(حسين دهقان)وزير الدفاع الايراني, في كلمة له باحتفال رسمي سنة 2017:(نقول للحكام العرب؛ إن مصير صدّام هو مثال لهم, فعلى حكام السعودية والخليج تذكّر مصيره)!!.
وهذه التصريحات العدوانية الحقودة لا تحتاج إلى تعليق, بل تتطلب عملًا حثيثًا ومخططًا, ونفيرًا عامًا من كافة أبناء الأمّة الإسلامية المخلصين, كلٌ من موقعه. والوعي الجمعي بالخطر الداهم الذي تشكّله إيران وحثالاتها وأتباعها على وجودنا ومستقبلنا في العراق بشكل خاص, وفي كل ديار المسلمين عامة, والذي يفوق ويتقدّم على كل الأخطار والتحديّات الأخرى.
فهل من مُدّكِر؟!.
669 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع