اعداد/نبيل كوزه جي
كركوك – العراق
لماذا أمسى الهلال شعاراً إسلامياً؟
تعتقد غالبيّة الشعوب أنّ الهلال والنجمة رمز وشعار للإسلام معترف به دوليّاً؛ إذ يظهر الهلال على أعلام العديد من الدول الإسلاميّة كتركيا وتونس وليبيا وماليزيا وموريتانيا والجزائر وغيرها من الدول.
دعمت ذلك الاعتقاد العديد من الحيثيّات في الدين الإسلاميّ؛ فالتقويم الهجريّ الذي يعتمده المسلمون مرتبط بالقمر، والقرآن الكريم والسنّة النبويّة الشريفة ذكا الهلال؛ حيث يقول الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة آية 189: "يسألونك عنر الأهلّة قل هي مواقيت للناس والحج "، ويقول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: " إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا". فالصيام مرتبط برؤية الهلال، وبالهلال أيضاً تتحدّد مواعيد الحجّ، وإذا ما بحثنا في القرآن الكريم فسنجد أنّ هناك 50 آية ذكر فيها الهلال والقمر، وفي السنة النبوية سنجد عدد الأحاديث التي ذُكر فيها الهلال 2027 حديثاً، و836 حديثاً ذُكر فيها القمر.
اما النجمة الخماسية فهي رمز لأركان الإسلام الخمسة (الشهادة , الصلاة , الزكاة ،الصيام، والحج ) .
رغم كلّ الدلالات السالفة التي تؤكّد رمزيّةَ الهلال عند المسلمين، وكذلك تدلّل على قدسيّته ومكانته الدينيّة لديهم، فإنه ورغم كلّ ما سبق لم يرد شيء في السيرة النبويّة الشريفة عن اتخاذ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أو أحد من أصحابه الهلالَ شعاراً للإسلام، إذ لم يكن لدى المجتمع الإسلاميّ المبكّر رمز معترف به خلال فترة النبيّ؛ فقد كانت الجيوش والقوافل الإسلاميّة ترفع أعلاماً بسيطة ذات ألوان (سوداء أو خضراء أو بيضاء) خالية من أيّ رموز، وكانوا يرفعون تلك الرايات بهدف تحديد الهويّة وليس لأيّ سبب آخر، هذا وقد استمرّ المسلمون في العصور اللاحقة في استخدام أعلام بسيطة ذوات ألوان واحدة من دون علامات أو كتابة رمزيّة من أيّ نوع.
الأصل العثماني :
وبحسب كتاب "الإسلام في وجه الخطر الأوروبّيّ" لأحمد حسين النمكيّ، لم يتخذ الرسول ولا أصحابه الهلال شارة لهم، بل إنّ أقدم ما وصلنا عن رايات العرب في الجاهليّة كانت راية امرئ القيس، في حين اتخذت قريش راية العقاب، وكان لون راية النبيّ الكريم أسود، وكانت راية الأمويّين بيضاء، وراية العبّاسيّين سوداء أيضاً، أما راية الفاطميّين فكانت خضراء. ولم يُذكر أنّ أيّاً من الدول السابقة قد رسمت الهلال على رايتها، وإنّما ظهر شعار الهلال مع الدولة العثمانيّة، والدليل أنّ الدول غير التابعة للسلطنة العثمانيّة لم تتخذ من الهلال شارة لها.
دخل الهلال كرمز رسميّ في الدولة العثمانيّة حين قرّر السلطان العثماني سليم الثالث (1761- 1808م) تكوين جيش نظاميّ على غرار الجيوش الأوربّيّة محاكياً أعلامها الرسميّة على شكل هلال ونجمة على أرضيّة حمراء، ومن وقتئذ ارتبط شكل الهلال بالمجتمع الإسلاميّ ارتباطاً وثيقاً، حتى صار دلالة على دين الإسلام وشعاراً له؛ يُرفع على المنائر والقباب، وزينة تزيّن بها الأغطية والأقمشة والثياب، فكان من الجماليّات الرئيسيّة في تزيين كسوة الكعبة أيّام الخلافة العثمانيّة؛ حيث كان غطاء الكعبة يزيّن بالديباج الأحمر المطرّز باثني عشر هلالاً من ال ذهب. فأول من وضع الهلال على المآذن هم العثمانيون في عهد السلطان سليم الثالث وكان الهدف منها في البداية للتمييز بين المسجد والكنيسة، فكان الهلال يوضع في أعلى جزء من المنارة وجرت العادة على هذا الأمر منذ ذلك الوقت، ثم تطورتالفكرة إلى تحديد اتجاه القبلة بحيث تكون فتحة الهلال باتجاهها لتعطي دلالة على اتجاه القبلة.
462 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع