أغنية (ربيتك صغيرون حسن) وحكايتها

التفاصيل

تم إنشاءه بتاريخ الثلاثاء, 14 تشرين1/أكتوير 2025 15:13

كتب بواسطة: د.باسل يونس ذنون الخياط

الأستاذ الدكتور باسل يونس ذنون الخياط
أستاذ مُتمرِّس/ جامعة الموصل

أغنية (ربيتك صغيرون حسن) وحكايتها

أغنية (ربيتك صغيرون حسن) من الأغاني الفلكلورية العراقية الجميلة والتي شاعت في مطلع القرن العشرين في العراق وبلاد الشام، وهي من نغم البيات.

لقد غنى هذه الأغنية العديد من المطربين أمثال صدّيقة الملايا ومحمد القبانچي وناظم الغزالي ويوسف عمر وحمزة السعداوي وفرقة الإنشاد العراقية وطلال نعيم وآخرون في العراق وسوريا.

أصل لحن أغنية (ربيتك صغيرون حسن) هو موشح ديني للمُلا عثمان الموصلِيّ يخاطب به سيد الكائنات محمد (ص) ويقول فيه:

يا صفوة الرحمن سكنْْ ... فيكم غرامي والله والله
منكم كست عثمان مننْ ... بين الانام امان امان
منذ كنت في المهد افتتنْ ... فيكم فؤادي والله والله
في نعتكم قصدي حسنْ ... بين العباد امان امان
عبد لكم طول الزمنْ ... ما رمتُ عتقا والله والله
إن دام لي فيكم شجنْ ... للحشر أرقى امان امان
سامتني الأزمان محنْ ... وازداد كربي والله والله
فأكسو الفتى عثمان سننْ ... من نهج حبي امان امان

ولا تزال هذه الكلمات تُردد في المدائح النبوية، وهناك فيديوهات متوافرة بصوت المدّاح عمّار العبيدي، كما تُردد أيضا بلحنها الأصلي القديم.

https://www.facebook.com/watch/?v=1386411953124598

لقد أثبت الدكتور عادل البكري عائدية هذه التنزيلة إلى المُلا عثمان في كتابه "عثمان الموصليّ الموسيقار الشاعر المتصوّف"؛ 1966. كما وثَّقها الحافظ علي حسن العامري بصوته من جملة ما وثق من تراث المُلا عثمان.

وذكر المرحوم الدكتور عادل البكري أن موشح (يا صفوة الرحمن سكن فيكم غرامي) تحول إلى أغنية (ربيتك صغيرون حسن)، وهي من نغم البيات.

لقد تم اقتباس لحن تنزيلة (يا صفوة الرحمن سكنْْ) ونُسجت حوله قصة شعبية عراقية تم تحويلها على شكل أغنية عنوانها (ربيتك صغيرون حسن).

تحكي أغنية (ربيتك صغيرون حسن) قصة مفادها أنه كان في بغداد مطرب عقيم لم يُرزق بولد، فقرر أن يتبنى طفل ليربيه ويتخذه ولدا بالتبني. وبعد أن بحث كثيرا وجد طفل صغير جميل واسع العيون اسمه (حسن) عند عائلة فقيرة مُعدمة لا تكاد تجد قوت يومها، فأقنعهم أن يأخذ الطفل ويتبناه ويربيه أحسن تربية، فأعطوه الطفل (حسن).

وفعلا قام هذا الرجل بالإيفاء بوعده وربى الطفل أحسن تربية وأدخله المدرسة. وبعدما شبّ (حسن) وكبر وأصبح شابا يافعا له مكانته في المجتمع، أخبره بعض أصدقاءه أن الذي رباه ليس هو والده الحقيقي، بل هو والده بالتبنّي.

تأثر الشاب حسن بما سمع، ثم سأل (والده بالتبني) فكشف له الحقيقة، ثم أبلغه أن شعوره تجاهه هو كشعور أي والد تجاه ولده الذي من صلبه. أما حسن فقد أخذ الحنين يراوده للتعرُّف على أهله الحقيقيين.

ذهب حسن إلى (والده بالتبني) وشكره على تبنيّه إياه وحُسن رعايته وتربيته له، ثم طلب منه السماح له بأن يتركه ليفتش عن أهله الحقيقيين.

حزن (الوالد بالتبني) حزننا شديدا وأعتزل مهنة الغناء وانزوى في بيته يعيش بذكرياته مع حسن الذي رباه منذ نعومة أضفاره.

وصل الخبر إلى الوالي، وألح أصدقاء الوالي أن يتدخل للمصالحة بين حسن و (والده بالتبني). فأقام الوالي حفلة وأحضر فرقة موسيقية ودعا كل من حسن و (والده بالتبني) لحضورها فضلا عن أصدقاء الوالي.

وصل (والد حسن بالتبني) وبدأ الحفل وأخذت الفرقة الموسيقية تعزف ألحانها الشجية، ثم وصل حسن ودخل وتواجه وجها لوجه مع (والده بالتبني) الذي ما أن رآه حتى أخذت الدموع تنهمر من عينيه وأخذ يغني:

ربيتك صغيرون حسن - ليش انكرتني
وعيونك الوسعا حسن- سهاما صابتني
****
مالي قلوب اثنين حسن- لو تدري بيَّ
واحد وأخذتا وياك حسن- وأش ظل بديَّ
****
ياما قعدنا وياك حسن – وياما تحاكينا
حتى القمر بالليل حسن – يشهد علينا
****
واشلون انام الليل حسن – وانت على بالي
حتى السّمك بالمي حسن – يبكي على حالي
****
ريت الوصال يكون حسن – ليلي ونهاري
واللي سعى بفرقاك حسن – يوقع بناري

لأغنية (ربيتك صغيرون حسن) شعبيتها في العراق ودول الجوار لما تتضمنه من كلمات مؤثرة ولحن جميل، ومن المعاصرين الذين يرددونها في حفلات الأعراس في سوريا وتركيا الفنان السوري أحمد أزرق.

يتضمن الفيديو المرفق مقام دشت وبستة (ربيتك صغيرون حسن) بصوت القارئ وخبير المقام العراقي حامد السعدي في تسجيل في مدينة نيويورك عام ٢٠٢٣.

https://www.youtube.com/watch?v=WgyXJqZcl8U&t=566s