الجريمة مازالت مستمرة ولا يمکن أن تمحى

سعاد عزيز

الجريمة مازالت مستمرة ولا يمکن أن تمحى

هناك ملاحظة مهمة تلفت النظر إليها بقوة، وهي إن نظام الايراني خلال الفترات الاخيرة صار يرکز وبشکل غير مسبوق على السعي المفرط للتغطية على جرائمه والتستر على ممارساته القمعية وأحکام الاعدام التي يمارسها، لکن مع مضاعفته للإهتمام بطمس الحقائق وإخفاء أو محو آثار ومعالم جرائمه البشعة التي قام بإرتکابها.

ولئن کانت جرائم النظام وإنتهاکاته المختلفة في مجال حقوق الانسان والمرأة کثيرة ومتنوعة، إلا إنهمنح ويمنح أهمية إستثنائية من أجل التستر والتغطية على مجزرة صيف عام 1988، التي قام خلالها بإبادة أکثر من 30 سجين سياسي وهي الجريمة المروعة التي لفتت أنظار المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان وحتى منظمة الامم المتحدة ذاتها، وتمت إدانتها وإعتبارها جريمة إبادة يجب محاکمة مرتکبيها.
النظام الايراني الذي تصور إن التقادم الزمني کفيل بوضع حد للملاحقة القانونية لمجزرة صيف 1988، لکن ولأن النظام مستمر على نهجه هذه الى جانب إن إفلات قادة النظام والذين إرتکبوا المجزرة من العقاب، مسألة أثارت وتثير إستياء الاوساط الحقوقية والسياسية الدولية، فإن المطالبة الدولية بملاحقته وعدم السماح لقادته ومسٶوليه الذين إرتکبوا هذه المجزرة من الافلات من العقاب، ومن هنا فإنه وضع نصب عينيه العمل من أجل طمس آثار هذه الجريمة وهو الامر الذي أثار سخط وغضب الاوساط الحقوقية الدولية بعد ورود معلومات تٶکد هذه الحقيقة.
وبهذا الصدد، فقد أعرب خمسة مقررين خاصين بالأمم المتحدة عن قلقهم العميق إزاء التقارير التي تفيد بتدمير وانتهاك حرمة مقبرة جماعية في "القطعة 41" بمقبرة بهشت زهرا في طهران. وأوضح الخبراء أن هذا الموقع يضم رفات آلاف السجناء السياسيين الذين أعدموا في ثمانينات القرن الماضي، والعديد منهم مسجلون كضحايا للاختفاء القسري، مما يثير مخاوف جدية حول طمس الأدلة على انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وفي بيانهم الصادر في جنيف، أكد المقررون الأمميون أن "القطعة 41 في مقبرة بهشت زهرا تضم آلاف القبور لأشخاص أعدموا، من بينهم معارضون سياسيون من جماعات مختلفة مثل منظمة مجاهدي خلق".
وشدد الخبراء على أنه "مع تدمير هذا الموقع، فإن السلطات لا تمحو الآثار المادية للإعدامات السياسية فحسب، بل تمنع العائلات أيضا من الحداد وتعيق الجهود الرامية إلى تحقيق الحقيقة والمساءلة، وتقمع الذاكرة العامة".
کما أعرب الخبراء عن قلقهم بشكل خاص من أن "الإجراءات المبلغ عنها هي محاولة متعمدة لمنع الحق في الحقيقة والعدالة والتعويض عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والحق في الوصول إلى التراث الثقافي والتمتع به، والذي يشمل الروايات التاريخية".
وقد وقع هذا البيان کل من:
ـ المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في إيران.
ـ الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري.
ـ المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفا.
ـ المقررة الخاصة في مجال الحقوق الثقافية.
ـ المقرر الخاص المعني بتعزيز الحقيقة والعدالة والجبر.
الملفت للنظر إن هذه المخاوف تأتي في سياق اعترافات رسمية من مسؤولين إيرانيين حول تدمير الموقع. فقد كشفت تقارير سابقة أن تدمير المقابر في القطعة 41 تم بأمر من الولي الفقیة (علي خامنئي) بناء على "قرار أمني".
وقد اعترف علي رضا زاكاني، عمدة طهران، بذلك صراحة في 5 نوفمبر، ردا على سؤال حول تحويل القطعة 41 إلى موقف للسيارات، قائلا: "إنه قرار أمني".
وكان داود كودرزي، مساعد زاكاني، قد اعترف في 19 أغسطس بأنهم حصلوا على "إذن من المسؤولين" لتحويل القطعة إلى موقف للسيارات. وقال: "القطعة 41 التي دفن فيها المنافقون (في إشارة لمجاهدي خلق) في أوائل الثورة كانت متروكة… اقترحنا على الأصدقاء المسؤولين ومجلس تأمين المحافظة أننا بحاجة إلى موقف سيارات… حصلنا على الإذن ونفذنا الأمر".
وتظهر التقارير والصور أن النظام قام بتسوية الأرض بالكامل، ونصب لافتة "موقف مرصاد"، وبدأ في بناء منشآت، مع تسييج المنطقة لمنع التصوير وكشف أبعاد ما يجري.
ومن المفيد هنا الإشارة الى أن أمانة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية کانت قد كشفت عن عملية التدمير في11 أغسطس، مؤكدة أن "طمس آثار الإبادة الجماعية والجريمة ضد الإنسانية هو مشاركة في هذه الجرائم الوحشية". وتؤكد المقاومة الإيرانية أن هذه الاعترافات تظهر تورط أعلى هرم السلطة، وأن كلمة "المسؤولين" تشير بوضوح إلى الولي الفقیة أو المقربين منه، وتدعو الأمم المتحدة إلى اتخاذ إجراء فوري لمنع استمرار تدمير المزارات ومحاسبة المسؤولين.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

865 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع