سلام توفيق
لا اريد هنا ان استذكر معكم متى وكيف تاسس الجيش العراقي الباسل..درع العراق الحصين..
ولا اريد ايضا ان استذكر قادته واركانه من يوم تاسيسه مرورا باعوام انقلاباته.. وقيام الجمهورية العراقية ..واستلام الكثير من قادته مناصب سياسية في الدولة العراقية..ومشاركاته في الحروب..وانتهاءا باحتلال العراق من قبل كفة عسكرية غاشمة عظمى ..ولا يمكن مقارنة امكاناتها العسكرية واللوجستية معه
ولا اريد ايضا في مقالي هذا المقارنة بين وضع الجيش السابق والحالي من حيث الانضباط والكفاءة والمحسوبية وامور اخرى كثيرة يعرفها الجميع..ولكني فقط اريد ان
استذكربعض المواقف البطولية والانسانية والطريفة ..والتي مرت علي اثناء فترة خدمتي العسكرية ..او التي كان يتداولها الجنود والضباط .. ولكل من خدم فيه منكم عشرات القصص ..والذكريات..والمواقف التي حضرها
هذه بعض المواقف التي تمر الان كشريط في خيالي انقلها لكم عسى ان تحرك فيكم شريط الذكريات
الموقف الاول
موقف انساني
في احدى العمليات في شمال العراق ..سمعنا صوتا في احد البيوت المتروكة من قبل اصحابها..وعندما دخلنا وجدنا عجوز في العقد السابع ..لا تقوى على الحركة ..فخفنا ان نتركها تموت جوعا او بردا..او يفترسها حيوان كاسر..فحملناها ووضعناها على الدبابة ننتظر عجلة الارزاق لنرسلها الى الخلفيات ومن هناك للسليمانية..
فجاة وصلت الينا عجلة قيادة وباغتنا نزول الفريق الركن سلطان هاشم عندما شاهدها..فسالنا عنها ..واعلمناه بما حدث فشكرنا كثيرا وامر سائقه الخاص ان يوصلها الى السليمانية ..وطلب ان نوصله الى مقر اللواء على ظهر احد دباباتنا
الموقف الثاني
موقف شجاعة
في اول معركة دبابات حقيقية خضناها مع العدو ..كان الكثيرون منا لم يواجهوا مثل هذا الموقف ..فقط القليل من المواليد المتمرسة ونواب الضباط من ذوي الخبرة الطويلة في الجيش ..وكان امر سريتنا انذاك النقيب ج ح ك وهو حاليا برتبة عميد شرطة ..قد لاحظ ذلك فجمعنا عند خط الشروع في محاولة لاعطاءنا جرعة شجاعة ..فابلغنا بانه سيقود التقدم ويكون اول دبابة تصطدم مع العدو ..وهددنا بانه سيرمي اي دبابة تجتازه ..وكان هذا دافعا قويا لنا ..وفعلا سحقنا العدو سحقا تاما دون ان نخسر دبابة ولا جندي واحد في تلك المعركة
الموقف الثالث
موقف ذكاء
كان الجيش العراقي البطل في اذار 1988 يواجه وضعا معقدا جدا ويواجه بعض الاخفاقات في الجبهة الشمالية المتداخلة المعارك..ولم يخطر في بالنا ان تكون قوات الحرس الجمهوري تتهياء لتحرير مدينة الفاو في تلك الاوضاع..حقيقة امر فاجئنا بتوقيته وليس في نتائجه لان التحرير كان قادما لامحالة..الامر الذي رفع معنوياتنا كثيرا..وتعلمنا منه حكمة بالغة الاهمية وهي
ان الحكمة ان تهاجم عندما يظن الجميع انك يجب ان تدافع..وعليك ان تدافع حين يتصور الاخرين انك يجب ان تهاجم
الموقف الرابع
موقف محرج
كانت العادة ونحن في جبهة هور الحويزة ان نصعد بعض دباباتنا على رمبات رماية عالية باتجاه العدو في الانذار المسائي عند غروب الشمس..ونقوم بانزالها مع الضياء االاول لليوم التالي..وحدث معي يوما ان نضائد الدبابة لم تكون من القوة لتشغيل الدبابة ولم يكن هناك امكانية تشغيلها بالسحب لصعوبة الموقف..فطلبت من الرامي ان يطلق قذيفة باتجاه العدو باية احداثيات ..ليحدث اطلاقها ردة فعل للدبابة الى الخلف تساعدني بتشغيلها او انزالها على الاقل من الرمبة..وفعلا هذا ما حدث ..ولكن يبدوا ان القذيفة قد اصابت العدو في مقتل فاستلمونا بعد دقائق برشقات قصف مدفعي جنوني ..ولكن بدون خسائر والحمدلله
الموقف الخامس
موقف اداري صعب
اثناء حرب الكويت كنا نعاني مثلما يعرف الجميع من نقص كبير في الجانب الاداري ..يتمثل بالدرجة الاساس نقص الارزاق.. حيث كنا متعودين في حرب ايران على نمط معين على قدر كبير من التميز في الحصول على الارزاق ومن ارقى المناشيء متمثلة باللحوم والرز والمعلبات ..ولم نشتك يوما من الامر
لكن بسبب الحصار بعد دخول الكويت تلاشت تدريجيا هذه الميزة..حتى وصل بنا الامر ان نستلم كوبا من الرز غير المطبوخ كتعيين يوم كامل لثلاثة جنود!!!
وفي احد الايام التقى بنا ضابط ركن كبير وسالنا عن حاجتنا فانبرى له احد الجنود قائلا
سيدي ..بس وفرونا صمون وشاي وجكاير ..والله ما احد يفر ..ولا امريكا وكل حلفائها تزحزحنا من مواضعنا
ولكن رغم الوعود الا اننا كنا نقراء في عيونه ولسان حاله يقول..حالكم من حالنا
الموقف السادس
مواقف طريفة متداولة
من المواقف الطريفة المتبادلة ان ضابطا كبيرا برتبة امر لواء احتفظ باسمه ..سقطت من يده سهوا عصا التبختر اثناء حضوره العرضات الجماعية..فنادى على الحلاق وامره ان يحلق راسه على الصفر !!!
من المواقف الطريفة المتداولة ايضا على المرحوم عبدالجبار خليل شنشل جندي العراق الامين..جاءه احد الاقرباء وطلب منه ان ينقل ابنه من اللواء الفلاني في الجبهة الى الوحدات الثابتة باعتباره رئيسا لاركان الجيش..فاخذ الفريق شنشل يحك ذقنه وهو يتمتم
بالله منو عندي عرف باللواء الفلاني ..خليني اتذكر !!!!!! طبعا هذه طرفة وليست حدث حقيقي
الموقف السابع
موقف اخلاقي
لم تكن وحدة من وحدات الجيش تكاد تخلو من كل اطياف الشعب..فكان الشيعي والسني والمسيحي والصابئي واليزيدي ياكلون من نفس القصعة..وينامون في ملجاء واحد..وتمتزج دمائهم في المعارك.
موقف طريف ذو صلة اتذكره عندما منحنا اجازة لمدة 3 ايام بمناسبة عيد القيامة المجيد وتم ادراج اسم احد الجنود الايزيديين خطاءا مع اسماء الجنود المسيحيين..ولدى عودته استدعاه الامر وساله لماذا نزلت وانت لست مسيحيا..فاجابه بسرعة وفطنة سيدي المسيحيين يشربون عرق بالاعياد..واحنا نصنع لهم العرق ..فضحك الامر كثيرا وعفا عنه
الموقف الثامن
موقف مؤلم
ماساة مرت علينا وكانها كابوس انتزع فرحة الانتصار ونهاية الحرب كان ذلك اثناء تنقلنا على ظهور ناقلات الدبابات في ايلول 1988 من السليمانية باتجاه اربيل حيث حدثت ماساة مروعة بطلق ناري في راس سائق الناقلة ادت الى وفاته وانقلاب الدبابة واستشهاد صديقي العزيز جيمس يونادم خوشابا بعد ان هشم مدفع الدبابة راسه اثناء انقلابها واصاب اثنين اخرين من اصدقائي بجروح بليغة ولكن الحمدلله انهما بقيا احياء
هناك بالتاكيد مواقف رائعة وعظيمة مرت بحياة كل من تشرف وخدم في الجيش العراقي البطل ..ومن له مواقف مماثلة لايبخل بها علينا
1056 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع