عدنان حسين
هذا قرار خاطئ تماماً ، شكلاً ومضموناً. والخشية أن مَنْ اتخذوه يدركون انه خاطئ وقد تعمدوا عملية صنعه بهذا الشكل وهذا المضمون. والخشية الأكبر أن تكون وراء القرار دوافع ومصالح حزبية وشخصية.
والقرار هو قرار مجلس محافظة البصرة القاضي بمقاطعة البضائع والشركات السعودية. رئيس مجلس المحافظة (من ائتلاف دولة القانون) أعلن الاربعاء الماضي أن "مجلس المحافظة اتخذ قراراً يقضي بمقاطعة البضائع والشركات السعودية، إضافة إلى منع دخول الشركات ومواد الإنشاء والبناء الداخلة في تنفيذ المشاريع، وذلك لثبوت دعمها (السعودية) الجماعات المسلحة والمنظمات الإرهابية في العراق طيلة الفترة الماضية".
رئيس المجلس لم يعلن كيف ثبت له ولمجلسه دعم الدولة السعودية للجماعات المسلحة والمنظمات الإرهابية. كان من واجبه أن يكشف عن الوثائق التي توافر عليها هو ومجلسه لكي ندعم، نحن العاملين في مجال الإعلام الوطني وسائر المواطنين، قرار مجلس البصرة، ولكي نحضّ بقية مجالس المحافظات على اقتفاء اثر المجلس البصري، فمقاطعة ومعاقبة داعمي الجماعات المسلحة والمنظمات الإرهابية، سواء كانوا أطرافاً محلية أو دولاً وقوى اقليمية، واجب وطني لا ينبغي لمجلس محافظة البصرة أن يحتكر لنفسه شرفه.
اذا كان مجلس البصرة قد بنى قراره على الحدس والظن فانه خاطئ بالتأكيد، ذلك ان السعودية اتخذت للتو اجراءات وقرارات لتجفيف المنابع المالية والبشرية للإرهاب، وحظرت على مواطنيها حتى مجرد الدعم والتأييد اللفظي للمنظمات الإرهابية وفي المقدمة منها تنظيما القاعدة وداعش، أكبر الجماعات المسلحة والمنظمات الإرهابية الناشطة في بلادنا. أكثر من هذا انه بينما كان مجلس البصرة يتخذ قراره بمقاطعة السلع والشركات السعودية كانت احدى المحاكم السعودية تنطق بأحكام السجن لمدد تصل الى 14 سنة على 13 سعودياً وعربياً بتهمة الانضمام الى منظمات إرهابية والتدرب مع تنظيم "القاعدة" و"التغرير" بشباب سعوديين للقتال خارج السعودية.
بمجرد أن اتخذت السعودية قراراتها واجراءاتها لمكافحة الإرهاب على أراضيها وخارجها، كان يتعيّن على حكومتنا أن تتقدم نحو السعودية خطوتين دعماً لاجراءاتها وتشجيعاً على المزيد منها، فنحن في أمسّ الحاجة الى قرارات واجراءات كهذه من كل جيراننا، مثلما نحن في أمسّ الحاجة الى قيام أفضل وأوثق العلاقات مع هؤلاء الجيران جميعاً لتضييق الخناق على المنظمات الإرهابية التي تنشر الموت والخراب في بلادنا، والعلاقات الاقتصادية هي البوابة الأكبر لسائر العلاقات.
كل الخشية أن يكون قرار مجلس البصرة قد أُتخذ بدوافع وأهداف حزبية تتعلق بالانتخابات البرلمانية الوشيكة وما بعدها، وأن تكون له أيضاً دوافع وأهداف ذات علاقة بمصالح شخصية تؤمنها التجارة مع ايران. هذه الخشية لا تقوم على الحدس والتخمين، فقبل يوم واحد من صدور قرار مجلس البصرة كان رئيس المجلس يبحث مع وفد برلماني إيراني زائر "توسيع العلاقات التجارية والسياحية بين الجانبين" و"تسهيل عملية دخول الشركات الإيرانية والمساهمة في إعمارها (البصرة)"، بينما كان أحد أعضاء المجلس في اليوم نفسه يبحث مع القنصل الإيراني في البصرة "تسهيل عمل الشركات الإيرانية العاملة في البصرة"..!
648 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع