أسئلة أخر عاجلة أخرى حول اغتيال الشهيد ؟؟

                                          

                            إبراهيم الزبيدي

نبارك ونؤيد رئاسة إقليم كردستان وكلَّ كاتب وسياسي كوردي كتب أو صرح مستنكرا لغة نوري المالكي الجديدة (الدم بالدم) التي يزاوج فيها، بانتهازية ماكرة، بين متاجرته بالتعصب الديني الطائفي وبين عصبية جديدة (قومجية) هذه المرة، رغم أنهما شيئان متناقضان ومتعاكسان لا يلتقيان؟؟

مؤكد أن المالكي أطلق شعاره الجديد وهو بكامل قواه العقلية ليضيفه إلى أسلحته الأخرى التي يستخدمها في حربه مع الإقليم، وبالتحديد مع قيادته وحكومته. كما نعارض وبشدة محاولة المالكي وحزبه وبطانته تحميلَ طائفة الجاني وقومه ودينه جريرة فعلته التي لا تغتفر.
ولا يخفى على أحد أن المالكي قام بتوظيف جريمة الاغتيال لخدمة حملته الدعائية الانتخابية، مع التأكيد على أنه ما كان ليفعل ما فعل لو لم يكن القاتل كورديا، ومن البيشمركة بالذات، ومن قوة حماية المواقع الرئاسية، وليس من حزب الدعوة أو من حراس السفارة الإيرانية في بغداد.
والأكثر إيلاما أن الوطن المنكوب، وبالأخص في هذه المرحلة الحساسة من تاريخه الصعب، لم يعد يتحمل أن يضيف أجدٌ إلى ما فيه من تمزق وتنافر وضغينة تمزقا جديدا وتنافرا وضغينة، وتسخينا إضافيا لأحقادٍ عنصرية قومية أو طائفية أو عشائرية أو مناطقية توهم العراقيون بأنها نامت أو توشك أن تنام. مع العلم بأن جميع المصائب التي نزلت وما زالت تنزل على هذا الوطن أنبتها وعمق جذورها  متاجراتُ سياسيين منافقين وانتهازيين بالدين والطائفة والقومية، منذ سقوط النظام الديكتاتوري السابق وحى اليوم.
ولكي نضع النقاط على حروفها لابد لنا أن ُنذكرَ العراقيين، والكورد منهم بالأخص، بأن أكثر الدماء العراقية التي سالت في مدن الوطن وقراه، من أوائل الثمانينيات وإلى اليوم، يتحمل وزرها الجار الخبيث الذي عرف جيدا من أين تؤكل الكتف العراقية.
فقد أنفق الكثير من ماله وجهده وخبثه وتقيته لتجهيل الجماهيرالعراقية المؤهلة للتجهيل، وعمل على زيادة تخلفها وتعصبها الطائفي الأعمى، واستمال كثيرين من قادتها، وجندهم في خدمة أغراضه الاستعمارية، وتحقيق أطماعه التوسعية في العراق والمنطقة، وجيش أحزابهم ومليشياتهم في حروبه، لا مع الحكومات التي تسلطت على العراقيين، بل مع الوطن العراقي ذاته، إلى أن أجهز عليه وأخذ أهله رهائن.
إن من حق رئاسة كردستان أن " تأمل في ألا يخرج موضوع الاغتيال عن إطاره القانوني، وأن تؤدي السلطة القضائية دورها المحايد بعيدا عن تدخلات السياسيين". ونشد على يدها حين تذكرنا بصمت رئيس الوزراء المستمر على قتل الكثير من المواطنين الأبرياء في ظل الأوضاع الأمنية الدامية، وعلى اغتيال 400 أستاذ جامعي دون أن يحرك ساكنا لكشف الجناة، طيلة سنوات حكمه الثماني الخانقة .
ولكننا لسنا معها في عودتها إلى نبش صفحات الماضي القبيح، واستعادة ذكرياته المريرة، لما في هذه العودة من نتائج وتداعيات لا تحزن العدو ولا تُفرح الصديق.    
ومرة أخرى نقر ونعترف بأن لجارنا الخبيث دورا كبيرا في إغراق الشعب العراقي بسيول الدم البريء، من أيام حربه الطويلة في الثمانينيات، إلى ما بعد سقوط النظام السابق، وطيلة أيام النظام الجديد. ولكن الأمانة تقتضي أن نقول إن للقادة الكورد أيضا نصيبا كبيرا جدا من المسؤولية عن إراقة تلك الدماء، لا من العرب وحدهم بل من الكورد أيضا، دون ريب.
ألم يتحالفوا مع النظام الإيراني وأحزابه ومليشياته العراقية، حتى قبل سقوط النظام الديكتاتوري السابق بسنين عديدة؟.  
ألم يشاركوا قوات الاحتلال في جريمة تسليم الوطن لأحزاب يعرفون هم أكثر من غيرهم بأنها ظلامية ورجعية ومتخلفة وفاسدة؟. ألم يتعاونوا مع إيران وأحزابها ومليشياتها العراقية لإبعاد الوطنيين الديمقراطيين العراقيين وطردهم من العملية السياسية، وهم بالملايين؟، ألم يكونوا السبب الفاعل في تنصيب المالكي ويغضوا النظرعن جرائمه المنكرة بحق العراقيين في دورته الأولى؟  ألم يسامحوه ويفرضوه علينا في الدورة الثانية؟! ثم ألن تحكم عليهم مصالحهم الضيقة هذه المرة أيضا بالانصياع لإرادة قاسم سليماني فيمكنوا المالكي من الركوب على ظهورنا في الدورة الثالثة المقبلة؟
أما حديث الموظف الذي  كتب بيان رئاسة كردستان عن مسؤولية دم 5000 شهيد في حلبجة و182000 من ضحايا الأنفال و8000 بارزاني 12000 كوردي فيلي، فأمرٌ لم يكن يليق به ولا بالرئاسة.
فالرد على منطق التأجيج ونبش القبور وإيقاظ الفتنة بمنطق التأجيج ونبش القبور وإيقاظ الفتنة ذاته لم يكن مأمولا ولا مقبولا من رئاسة كردستان التي كنا وما زلنا نعتقد بأنها أكثر حكمة واتزانا وعقلانية من شلة السلطة المركزية المشاغبة المشاكسة التي لا يتورع (كبيرُها) عن استخدام الحرام قبل الحلال، وما يهدم قبل ما يبني، وما يفرق قبل ما يوحد، في حروبه الدامية من أجل البقاء في السلطة، ولو كره الكارهون.  خصوصا وأن رئاسة كردستان تعلم علم اليقين بأن عرب العراق، بسنتهم وشيعتهم، لم يقتلوا الـ 5000 شهيد في حلبجة، ولا 182000 من ضحايا الأنفال، ولا 8000 برزاني، ولا 1200 كوردي فيلي. إن الذي قتلهم بالأمس، إن صحت الأخبار وصحت الأرقام، حاكمٌ أصابته لوثة السلطة والديكتاتورية، وإن الذي سيقتل مثلهم غدا حاكمٌ أصابته لوثة السلطة والديكتاتورية في العراق الديمقراطي  الجديد. ومن الظلم والقصور تحميلُ طائفة أو قومية بكاملها جريرة ما فعله السلف الراحل، ولا ما فعله وما سوف يفعله خَلفه الجديد، تماما كما يجري اليوم في مسألة الضابط الذي اغتال الشهيد بديوي من محاولات لئيمة لتحميل قومه أو طائفته أو دينه جريرة فعلته المنكرة.      
أما أبغض ما ورد في البيان فهو تهديده بالانفصال. يقول البيان: " إن شعب كوردستان قرر أن يعيش بالتآخي والتآلف والتعايش في العراق، فإذا كان حكام بغداد لا يريدون هذا التآخي ويختلقون المشاكل بذرائع شتى، فليأتوا لنجلس معا وننهي هذه العلاقة المليئة بالمشاكل"، وكأن نوري المالكي هو دولة العراق، وهو عربُ العراق.
إن هذا المنطق القومي المتعصب هو تماما ما يطرب له المالكي وحزب الدعوة، ويفرح له الولي الفقيه. إن لغة التهديد بالانفصال الذي لا تريدونه ولا تقدرون عليه خطاب خاطيء ودليل ضعف وارتباك وخوف،  ولا يخدم أحزابكم ولا شعبكم ولا شركاءكم الآخرين.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

632 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع