وليد الراوي
قد يكون نشر المقال في وقت غير مناسب واقصد بالقول الجانب التاريخي حيث نحن في شهر نيسان وتاريخ تاسيس الجيش العراقي في كانون الثاني,
ولكن تداعي الاحداث في الانبار والمحافظات الاخرى التي تشهد مواجهة بين ثوار العشائر وبعض القوى المسلحة من جانب والجيش العراقي من جانب اخر وما آلت اليه هذه المواجهات من خسائر ,مع عجز الجيش "العراقي" عن حسم معركة واحدة, قادتني هذه الاوضاع الى العودة بالنظر الى كيفية تأسيس هذا الجيش في مرحلته الجديدة.
تاسيس الجيش العراقي عام 1921.
سوف لايتم التطرق الى كيفية تاسيس الجيش العراق عند تاسيس الدولة العراقية الحديثة وما صاحب ذلك من تداعيات وصراع مع قوات الاحتلال البريطانية وكيف كان هناك الاصرار على تاسيس الجيش وتطويره لكي يكون قوة قادرة على حماية الوطن , ولن اتطرق الى سفره الخالد والذي بات معلوما لابناء الشعب العراقي ولكن سأتطرق للحديث عن محطات هامة غير معلومة عن مسيرة هذا الجيش العظيم على ان تتم مقارنة هذه المحطات مع ما شابهها من سلوك للحكومة العراقية او قوات الاحتلال الاميركي .
المحطة الاولى:-
بعد تأسيس الحكومة العراقية وتعين جعفر العسكري وزيرا للدفاع ,صدرت اوامر تتضمن تسجيل جميع الضباط العراقيين الذين عادوا او الذين سيعودون من سوريا او تركيا او الذين كانوا في بغداد او مدن العراق في وزارة الدفاع,كما نصت الاوامر على منح كل ضابط راتبا تقاعديا قدره خمسون ( روبية) الى ان يتم تعينه على ان تكون له خدمة تقاعدية لاتقل عن خمس سنوات.
تحليل:-
من المعلوم ان ضباط الجيش العراقي المشمولين بهذه الاوامر كانوا ضمن مؤسسات ووحدات الجيش العثماني والذي كان يقاتل قوات الاحتلال البريطاني كما ان هذا الجيش كان يقاتل قوات الثورة العربية والتي كان الملك فيصل الاول " رحمه الله" احد قادتها , ويعني ذلك ان هؤلاء الضباط كانوا اعداء سواء لرجال الثورة العربية او لسلطة الاحتلال البريطاني عدا من انضم لصفوف قوات الثورة العربية.
جاءت هذه الاوامر من رجال انظموا الى قوات الثورة العربية ومنهم وزير الدفاع جعفر العسكري.
اقر قادة الجيش العراقي الجديد بحقوق هؤلاء الضباط وتقرر منحهم معونة مادية لكي يجابهوا بها المصاعب المالية التي واجهتهم بعد انهيار السلطات العثمانية سواء في العراق او تركيا, ان هذه الاوامر صدرت من شخصيات عراقية ذات روح وطنية عالية وخلق رفيع يتناسب مع فعلهم وايمانهم بان هؤلاء العسكر هم ثروة وطنية ستساهم في بناء الجيش الجديد والدولة العراقية.
في المقابل نرى ماهو فعل قوات الاحتلال الاميركي ومن جلبتهم عند تاسيس مجلس الحكم او الدولة العراقية الجديدة ازاء شريحة ضباط الجيش العراقي السابق.
بعد ان صدرت اوامر الحاكم الاميركي بول بريمر, بحل الجيش العراقي, بات اكثر من 23 الف ضابط واكثر من 200,000 ضابط صف وجندي في وضع مجهول مع عوائلهم دون موارد مالية تعينهم عل حياتهم,ولم تصرف لهم دفع الطوارئ الى في وقت متاخر ولم تشمل قطاع واسع منهم لكونهم اعضاء في حزب البعث, بل صدرت الاوامر السرية ومن قوات الاحتلال الاميركي لاعتقال مئات من الضباط سواء كانوا في الخدمة الحالية او من المتقاعدين ومن غريب الامور والتي تنم عن مدى غباء من اصدر هذه الاوامر, صدور امر باعتقال الشهيد البطل (اللواء الركن بارق عبد الله الحاج حنطة ) والذي مضى على اعدامه اكثر من 12 سنة.
كما بات الضباط السابقون عرضة للتهديد والقتل والتهجير, وقامت الميليشيات التي ستكون نواة الجيش الجديد بعمليات اغتيال منظمة لمئات من الطيارين والضباط انتقاما لدورهم في سحق القوات الايرانية.
ولتاسيس الجيش العراقي الجديد وفق فلسفة قوات الاحتلال , أصدر الحاكم بول بريمر امره المعروف بالرقم "91" والذي نص علانية على تاسيس هذا الجيش من" 9" ميليشيات معلومة والغريب في الامر ان غالبيتها ميلشيات دينية طائفية , ولم يسمح لاي ضابط او ضابط صف من الجيش السابق من الانظمام الى بعد ان ينتسب الى احد الاحزاب المؤسسة لمجلس الحكم حيث بات من يريد العودة للخدمة , اللجوء الى هذه الاحزاب والانظمام اليها على اسس طائفية فبعض الضباط السنة لجأ الى الحزب الاسلامي والبعض الاخر لجأ الى ميليشيا بدر او حزب الدعوة او غيرها وليكون معاير الانتماء هو ابراز الهوية الطائفية وتاكيدها
المحطة الثانية:- " تصفية الرتب"
اجرت وزارة الدفاع تصفية في رتب الضباط الذين نالوا اكثر من استحقاقهم حين كانوا في الحجاز عندما التحقوا بقوات الثورة العربية , والتصفية هنا هي تخفيض رتبة من منح رتبة اعلى من استحقاق اقارنه, ومنح رتبا اعلى بحسب الاستحقاق للمغبونين, وكان اول من شملهم هذا الامر وزير الدفاع جعفر العسكري ونوري السعيد, وقد تنازلوا عن رتبهم وهم من اسس ويقود وزارة الدفاع, وقد صدرت الارادة الملكية بتاريخ الاول من حزيران 1922.
التحليل:-
في مرحلة تاسيس الجيش العراقي بعد الاحتلال الاميركي عام 2003 نلاحظ كيف تم منح الرتب العسكرية وفق مبدا الدمج حيث تم تقديم قوائم من قبل الميليشيات الى وزير الدفاع لعناصرها مع ذكر الرتبة الممنوحة حيث تم احتساب الرتبة على اساس العمر او الخدمة" الجهادية" والتي قضاها العنصر في القتال ضد قوات بلده مع القوات الايرانية, حتى بات يرى اكثر من حمل رتبة فريق او فريق اول في تاريخ جيوش الشرق الاوسط.
ان اعادة تاسيس الجيش العراقي وفق هذه المقاييس يدل على ان القائمين على هذا الامرلايعنيهم الجوانب المهنية او العلمية حيث المهم هوكيف يمنح الرتبة وماهي استحقاقاته المالية الجديدة وكيفية تحقيق نفوذ وسيطرت حزبه او الميليشيا التي انتمى اليها, وما سوء الادارة والتنفيذ والقتال في المعارك الاخيرة في محافظة الانبار والمحافظات الست المنتفضة الى دليل على هزالة هذه المؤسسة وعدم قدرتها على الدفاع عن العراق والعراقيين.
فشتان مابين جيش اسس وفق اسس وطنية حقيقية وجيش اسس وفق اسس طائفية مصلحية ضيقة ابعد ما يكون عنها , خدمة العراق .
الدكتور
وليد الراوي
604 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع