اختصارا للطريق.. الدولة الكردية بدل الكونفدرالية!

                                           

                            وفيق السامرائي

في إقليم كردستان، يرتفع الآن شعار الكونفدرالية، مع عدم إخفاء التصميم على إقامة دولة مستقلة، وفي حالة نادرة رد المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي على رئيس الإقليم، بما يشير إلى أن الإقليم هو الذي سيخسر من المفاصلة وليس العراق، نافيا أن تكون الحكومة قد فقدت السيطرة على المنطقة الغربية.

ويبدو أن أطرافا عدة في الحكومة المركزية والكتل السياسية لا تأخذ تهديدات رئيس الإقليم على محمل الجد، بقدر ما تعدها طريقة لوقف تصاعد الخلافات الكردية - الكردية خلال مرحلة الانتخابات.
الكونفدرالية حالة وحدوية متقدمة عندما تتم بين دول وإمارات متفرقة تقرر الالتقاء على طريق التنسيق والوحدة، أما إذا ما بنيت على أساس تفكيك الكيان الواحد، فتعد حالة من حالات المفاصلة، ولا تجوز المقارنة بين الحالتين، فالإمارات العربية - مثلا - كانت في وضع متفرق وتوحدت بالصيغة الحالية، وهو ما لم يقف عنده المطالبون بأقلمة العراق، الذين أخذوا دولة الإمارات العربية المتحدة بصفتها تجربة، ولم يركزوا على حقيقة أنها معادلة تختلف عما يراد في العراق. لذلك، وبحكم المعطيات وظروف الشد المستمر والقتال الداخلي الذي استمر عقودا من المعاناة، فإن خيارات المفاصلة بين إقليم كردستان والعراق تدخل ضمن المفهوم القابل للنقاش الإيجابي والقبول على قواعد منصفة، من دون توتر ولا حسرة.
عام 1999، يوم كان النظام السابق واقفا على قدميه رغم الحصار، قلت في برنامج تلفزيوني على الهواء: «لو ترك الأمر لي لقلت للإخوة الأكراد: تفضلوا واختاروا طريق الدولة». ولا أزال أرى الخيار منطقيا، حتى لو تطلب فترة لتسوية المتعلقات المرتبطة بالأرض، ولا يعني هذا تفريطا في وحدة العراق تحت أي تفسير، بل نتيجة متابعة مستمرة للوضع خلال العقود الأخيرة وخلفياته منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة.
غير أن هذا الموقف يختلف تماما عن أي فكرة لتعميم الفكر الكونفدرالي أو الأقلمة على العراق خارج نطاق الإقليم، وحيث إن المشروع الكردي مبني على اختلاف الهوية القومية، فلا مجال ولا مبرر لنقل المفهوم بين عرب العراق.
وصحيح أن مدينة الفلوجة الآن خارج سيطرة الحكومة المركزية، إلا أن معظم مناطق محافظة الأنبار التي تتبعها الفلوجة تحت سيطرة المركز. ومما يثير القلق أن الحالة الأنبارية تحولت إلى قتال بين عشائر الدليم ذات الهوية الواحدة، وينذر الموقف بتحول هذه المحافظة إلى وضع مطابق للصورة السورية، إن لم يتم التوصل إلى حلول معقولة ومنصفة. ومن الحقائق الثابتة أن بعض رجال الدين ممن لا خبرة سياسية لهم، عملوا باتفاق مع سياسيين مدعومين من خارج العراق يدخل بعضهم تحت مظلة «الإخوان»، على تثوير مشاعر الناس، وسرعان ما هربوا وتواروا عن الأنظار، فدخلت المحافظة في مرحلة عنف جديدة. ومع عدم إغفال معاناة الناس، فقد كان ممكنا اتباع خيارات سياسية من قبل الكتل المعنية للوصول إلى نتائج أفضل.
وخلال الأيام القليلة الماضية وقع أحد النواظم الرئيسة على نهر الفرات تحت سيطرة مجموعات مسلحة تداخلت توصيفاتها، وجرى قطع الماء عن المناطق الوسطى والجنوبية، فتحول نهر الفرات العظيم إلى جدول صغير، ولم يحدث هذا نتيجة أفكار طارئة، بل سبقته دعوات من بعض المطالبين بإقليم سني ممن لا يمتلكون رؤية لردود الفعل، ودقت نواقيس الخطر من مناطق السدود الواقعة في المناطق المطالب بدخولها في الإقليم. غير أن قصيري النظر من السياسيين لم يفكروا في ما يترتب على أقوالهم.
لقد ابتلي العراق بمشكلات كثيرة، يفترض عدم دخول الانتخابات ضمن قوائمها نتيجة الوضع المحبط، الذي أثبت أن الديمقراطية بمفهومها الحضاري لا تزال تجابه بقوى التخلف. وما دامت ثقافة التبعية بالعراق للأفراد (الشيخ والسيد والنائب..) قائمة، والانحياز العشائري والمناطقي مستمرا، تبقى الديمقراطية عرجاء، غير أنه لم تعد هناك فرصة لسبيل آخر غير العمل تحت شرط المحافظة على وحدة العراق «باستثناء رغبة أطراف كردية في الاستقلال».
ومن سخف الأيام احتفاظ المحافظين بمواقعهم رغم فشلهم في حماية أمن مناطقهم، مما يدل على خطل سياستهم وانشغال بعضهم في الفساد. فالمحافظون قادرون على تأمين الصلح المجتمعي، ورعاية المال العام، وضمان التوزيع العادل له، وعلى الناخبين معاقبة الفاشلين الذين أثروا على حسابهم، وليس التصويت لهم بسبب صلة القرابة والعشيرة أو الولاءات المتخلفة. 

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

594 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع