الدكتور علوان العبوسي
كلنا كعراقيين ننشد التغيير في الانتخابات النيابية القادمة نهاية شهر نيسان (ابريل ) 2014 ، ماعدا من استفاد من الاوضاع المأساوية التي عاشها شعبنا بعد احد عشر عاماً من الاحتلال الامريكي الفارسي وهم راضون بما يجري من انتهاكات لابسط حقوق المواطنة للانسان العراقي من قتل وقهر وظلم وتهميش وتفشي الفساد وسرقة المال العام وغياب سلطة القانون بالمطلق وانتشار المليشيات بكافة اشكالها المدعومة وغير المدعومة من سلطات الدولة الحالية دون اجراء حازم منها لما ترتكبه من انتهاكات فاضحة بحق شعبنا .
على المواطن تفهم حقيقة الامور بشكل دقيق وفق مفهومه العام لها ووفق مستوى ثقافته...وعليه اقترح ان يستذكر كلا منا كعراقيين ماجرى خلال اكثر من عقد بعد مناقشة الجوانب ومرتكزات الدولة الاساسية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وعسكرياً وثقافياً واخلاقياً وغير ذلك ثم يسأل نفسه في كل ذلك هل ولماذا / وكيف وما جرى من سلطات الدولة الثلاث لفرض واقع يخدم العراق .
عليه لنناقش هذا الموضوع بحيادية وعلمية وفق ما ياتي:
1 .فمثلا تعتبر السياسة العامة في ادارة الدولة التي تشمل رئيس الدولة والحكومة ومجلس النواب والقضاء امل الشعب في ترتيب اوضاعه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقــــافية والعسكرية او بمعنى آخر هي المفتاح لكل قوى وجانب من جوانب الدولة الحديثة ، وان اي تلكؤ في اي جزء من هذه الاجزاء او المرتكزات ينعكس سلباً على ارادة الشعب وبناء الدولة ، عراق مابعد الاحتلال شاءت الظروف تولي قيادته باربع تشكيلات وزارية ومثلها مجالس النواب ، السؤال الذي يتبادر لنا جميعاً ..هل هناك تحسن او تبدل الى الافضل في الجوانب المذكورة آنفاً منذ الاحتلال حتى الان؟
الجواب ...من المؤكد سيكون جواب الغالبية العظمي كلا ولكن لماذا و كيف ، ساجيب بالمختصر لان ذلك يحتاج الى دراسة شاملة بالالاف الصفحات لامجال لها الان:
• كان اقتراح المحتل واعوانه البدء من الصفر في بناء كيان الدولة واعتبار ما جرى منذ تاسيس الدولة العراقية خارج الحسابات الامريكية الفارسية ، ثم الاعتماد على عناصر لاتملك الكفاءة في ادارتها خاصة في تشكيلة الحكومة الثانية والثالثة والرابعة تحديداً .
•انشاء دستور مليئ بالمغالطات والتعابير القانونية الفضفاضة يفرق ولا يوحد كُتب لشق اللحمة العراقية الموحدة بالاضافة عدم اعترافه بعروبة هذا البلد وتعزيز مبدأ الطائفية .
•عدم وجود مفهوم واسس واضحة المعالم في ادارة الدولة بكل جوانبها وقواها المعروفة.
•اعتماد مبدء المحاصصات السياسية بنسب طائفية وعرقية غير دقيقة في كل جوانب الدولة عملياً ، مما همش العديد من الكفاءات على هذا الاساس .
•اعتماد الامر 91 الذي اصدره بريمر عام 2004 باشراك مليشيات في ادارة الدولة والقوات المسلحة كانت معادية للعراق منذ امد بعيد بالاضافة عدم امتلاكها الكفاءة المطلوبة للمواقع التي شغلتها .
•عدم وجود سياسة خارجية ودبلوماسية متوازنة مع كافة دول العالم واضحة المعالم ميز بين دولة واخرى مما جعل ايران تتدخل بكافة شؤون العراق وفق ارادة الدولة والولايات المتحدة الامريكية واعتبار ذلك نهج مساند لحيثيات الربيع العربي المزعوم .
•عدم وضوح دور مجلس النواب في ادارة الدولة ، بل همش هذا الدور من قبل الحكومة في بادرة خطيرة بادارتها .
•دكتاتورية في ادارة الدولة من قبل الحكومة فرئيس الوزراء هيمن على كل جوانبها الاساسية فهو وزيراً للدفاع والداخلية والامن الوطني والمخابرات وفرض هيمنته على باقي الوزارات والقضاء بشكل عام .
•هناك مشروع للمصالحة الوطنية افرغ من مضمونه الحقيقي ولم يسعى لمفهوم المصالحة الحقيقي وبات حبراً على ورق .
•خلق اعداء مزعومين باصدار قوانين اجتثاث البعث ومطاردة ضباط وقادة الجيش السابق بدل الاستفادة منهم في بناء العراق الجديد .
•الامن مفقود بالمرة والقتل والمفخخات لكل مكونات الشعب العراقي على مدار 24 ساعة دون اتخاذ اي اجراء امني بهذا الخصوص .
•قيادات امنية غير كفوءة بادارات غير كفوءة ، تتعامل مع العراقيين وكانهم اعداء للسلطة ارتكزت على مليشيات وعناصرغريبةعن مجتمعناالعراقي.
•ميزانية قومية تعادل ميزانية الدول الكبرى ولكن دون ناتج منظور يغلب عليها الفساد والسرقة وسوء الادارة والعقود الفاشلة والرواتب العالية جداً للقيادات الثلاث استنزفت اكثر من 70% من هذه الميزانية .
•امور اخرى كثيرة جداًفي هذا المجال لايمكن احصائها في هذا المقال .
2 .يملك العراق كل عوامل القوة الاقتصادية مثل ( االزراعة والصناعة ، التجارة ، القوى العاملة ، الكفاءات العلمية الاقتصادية الممتازة ، الطاقة .. الخ ) لكن سلطات الدولة عاجزة على استغلالها واستخدامها بصورة صحيحة مما جعل الضعف الاقتصادي ينعكس على الجاني السياسي وبالتالي افقده استقلاليته وجعله واهناً ضعيفاً ساعياً الى انهيار الدولة وهذا الذي يحصل الان ولكن الحكومة لاتعترف بذلك صراحتاً ولا تستمع لما يوصي به مجلس النواب والاخير لايقوى على عمل شيئ رغم الصلاحيات التي يتمتع بها .
3 .اما الجانب الاجتماعي المتمثل ببناء الفرد صحياً وتربوياً وعلمياً ونفسياً ووطنياً ليكون طاقة فعالة في المجتمع فقد انعكس تردي الجانبين السياسي والاقتصادي على هذا الجانب المهم وعليه ان نسبة كبيرة من الافراد اصابها اهمال شديد منهم فقراء وجهلة وعاطلين عن العمل ولا تحترم تطبق القوانين بل تسعى الى مخالفتها اضطراراً احياناً وبقصد احياناً اخرى وليس هناك نسبة بين الثواب والعقاب من قبل جهة القرار ومن هو المجرم والبريئ حتى اختلطت الاوراق واصبح الوضع الاجتماعي خطير جداً بعد انتشار المخدرات بكثرة في اوساط الشباب الواعد لمستقبل زاهر لتدميره وجعله فرد غير نافع في المجتمع ثم تفشي ظاهرة الفساد الاخلاقي ، وزيادة نسب الارامل ، امتلاء السجون بآلاف المسجونين دون تهمة ارتكبها فقط لمجرد الشبهه التي اكتنفها الغموض واصبحت تجارة ينتفع بها المخبرين السريين المنتشرين بكثرة وبشكل ملفت للنظر .
4.الانسان هو القيمة العليا في المجتمع فهو الذي يؤسس ويخطط ويبني ويدافع عن الوطن ويحرص على المال العام والمرافق العامة وغير ذلك ولكن حقوقه مغيبة ، الان في ظل الظروف الامنية الصعبة اصبح االانسان العراقي يعيش دون هدف يسعى اليه فهو خائف من المستقبل ومن الاقدار ومن قواته الامنية ومن السلطة ان تعتقله او تداهمه وعائلته بدون سبب او يخطفه احد من ضعاف النفوس لكي يساوم عليه بمبلغ من المال او يقتل لانه عنصر ناجح في المجتمع او او..او.. الخ .
5.البطـــاله التي لم تعالجها الحكومة الحالية وما سبقها من ثلاث حكومات ، اصبحت الشغل الشاغل لاكثر من 50% من الشعب العراقي اسبابها كثيرة منها حل الجيش العراقي ، توقف اعمال الاعمار ، ضعف الجانب الامني ، سرقة المال العام ، وقد تكون للمحاصصة الطائفية دورها في معظم الحالات وغيرها ، ادى ذلك الى هجرة الشباب من اجل العمل خارج العراق ، ان الحلول كثيرة لمعالجة هذه الازمة اهمها ايجاد فرص عمل للعاطلين من خلال مشاريع الدولة المعطلة بعد ضمان الامن واعادة موضوع الخدمة العسكرية الالزامية لتشغيل الالاف من المواطنين في الخدمات العامة وباقي مؤسسات الدولة وكما معمول به في معظم دول العالم .
6.اهمال الخدمات العامة التي تعد من اولويات عمل الحكومة مثل توفير الماء ، الكهرباء ، الصرف الصحي ، النظافة ، تبليط الشوارع ، تنظيم المدن ، تنظيم المرور .... الخ ، اذن على القيادة السياسية ان تعلم ان نجاحها مرهون برضا مواطنيها عليها من خلال ما تقدمه لهم من خدمات تسهم من خلالها تكريس مبدأ الحقوق والواجبات .
اما الجانب العسكري فهو الاخر انعكست عليه العوامل السياسية المذكورة آنفاً في التعامل مع الشعب العراقي وافرغت من مضمونها الانساني تجاه مواطنيها فبدلا ان تكون سوراً للوطن تحمي المواطن باتت تقتله وتدمر داره وتهجره وكأنه عدوها المطلوب مواجهته والذي يجري في المحافظات الغربية والشمالية خير دليل على صحة كلامي ، ثم مستوى هذه القوات ومرتكزاتها الادارية والقيادية غير سليمة وغير كفوءة .
هذا غيض من فيض وان الذي يجري من ازمات في العراق ما بعد الاحتلال هي ازمة قيادة بالدرجة الاولى (اي خلل في الجانب السياسي )التي عجزت عن تقديم حلول ناجحة للمشكلات التي واجهتها المرحلة الانتقالية واسبابها كثيرة كما اسلفت وهي بالاجمال افتقارها للخبرة والرؤية السياسية والنظرة الاستراتيجية وتخندقها وراء العصبيات الطائفية والعرقية والاثنية وخلق مبررات وحجج غير حقيقية لتبرير اخطائها ، المهم الان ماذا نعمل وليس امامنا في هذا الخضم الهائل من المتناقضات سوى الانتخابات البرلمانية القادمة لعلها تضع حجراً او بداية صحيحة تساعدنا ببناء المستقبل لابنائنا ...
اذن كيف وماذا نفعل في ظل كل المتناقضات الموجودة بعد فشل كل سبل المطالبات المشروعة التي كفلها الدستور من تظاهر واعتصامات ومظالم ولا سبيل سوى التغييرعن طريق هذا السبيل بعد الاختيار المناسب والمقبول للعناصر التي نثق بها ونعتمد عليها في هذا السبيل
اولا ينبغي على المواطن العراقي اينما يكون في الداخل او الخارج حضور الانتخابات دون التغيب عنها وان يكون بمستوى المسؤولية الوطنية والاخلاقية ولمن سيدلي بصوته وما ستؤول اليه نتائجها حينذاك بعد وضوح الصورة لديه مستذكراً الاعوام العجاف بعد الاحتلال ، بعيداً عن الضغوط والمجاملات والتحيز لجهة دون اخرى سواء بدواعي طائفية او عرقية وعليه ان يعلم لافائدة من هذا التحيز مع فئات او افراد لايهمهم سوى مصالحهم الخاصة ومصالح احزابهم وليس مصلحة العراق .
يجب ان يكون التغيير اولا وآخراً من اجل عراق موحد يشارك فيه كل مواطن عراقي بكفائته واخلاصه وحبه لهذا البلد لكي نستطيع ان نبني بلدنا وتتحسن الامور العامة بكل جوانبها السياسية والامنية والاقتصادية والاجتماعية خالصة للعراقيين .
على المواطن في هذه الدورة الانتخابية ان يضع نصب عينيه ما جرى بعد الانتخابات في الدورة السابقة وما شكى منه كل يوم من انتهاكات لحقوقه كانسان له دور في هذا البلد ولا يغره الكلام المنمق والكاذب احياناً من بعض المرشحين لما سيقوم به بعد فوزه بالانتخابات وعليه تذكر الدرس جيداً بعد مضي كل هذه السنين العجاف ، ثم يبدأ باستقراء النخب والتحالفات الانتخابية امام ناظريه او يسأل من يفهم في ذلك بحيادية ليساعده في اتخاذ قراره بعد ان ُيحّكم عقله قبل قلبه هل اخذت هذه الكتلة او التنظيم دورها ولو بالحدود الدنيا في البناء والتغيير او هل قام هذا النائب المرشح او الوزير او رئيس الوزراء او كتلهما بالتغيير او هل المرشحين الجدد لديهم الدراية والحكمة والغيرة على بلدهم من خلال معرفته بتاريخهم وسلوكهم في المجتمع ، ثم يدلي بصوته وهو مرتاح الضمير .
نسال الله ان ياخذ بايدينا لبناء عراقنا الذي دمرته القوى العدوانية وتريد منه ان يكون مطيتاً لها لتسلق الاخرين في انهاء الوجود العربي والاسلامي الحقيقي والله من وراء القصد .
652 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع