"القهوة المشروب الساحر احبه وعشقه العراقيين والعالم، قصتها وانتشارها، الهامهم الى اليوم "
ما اجمل الصباح وارتشاف فنجان قهوة بحلاوته ومرارته مع الاصدقاء في مقهى الاونديشي في الشارقة، وبعد التداول للأخبار عن بلدنا العزيز، وحسب قول العراقيين شكو ماكو، نختار موضوعاً، لنتحاور عنه، وكان موضوع محاورتنا "القهوة ذلك المشروب الساحر الذي اصبح الاكثر شعبية بعد الماء".
منذ مئات السنين، هيمنت القهوة على الكثير من عادات العالم وارتبطت بها، فكما ارتبطت بشكل رئيسي بعادات الضيافة والكرم لدى العرب، فهي أيضا مرتبطة بعادات وتقاليد اجتماعية لكثير من شعوب العالم، الأمر الذي عزز من حضور القهوة في شتى أصقاع المعمورة، على الرغم من التباين في طقوس احتسائها.
القهوة شجرة وثمر لها تاريخها الطويل، هناك الأسطورة المتداولة وهي:
إنه في زمنٍ بعيدٍ لاحظ راعي ماعزٍ حبشي من قبيلة اورمو، اسمه <<خالدي>>، أن ماشيته تصبح أكثر نشاطًا وحيويّةً عندما تأكل من نوعٍ معنٍ من الأشجار البرية، فنقَل ملاحظته هذه إلى أقرانه وبنوعٍ خاصٍ الذين كانوا يشكون من عدم قدرتهم على السّهر ليلاً، فكان ذلك الاكتشاف الأوّل لثمار شجرة البُن، الدكتور ميشيل توشيرير، مدير المركز الفرنسي للآثار والعلوم الاجتماعية في صنعاء، يسرد اسطورة أخرى حول نقل القهوة إلى اليمن، حيث يشير إلى شخص كان يدعى<<ببهان>>، ورد ذكره في مخطوط<<عمدة الصفوة في حل القهوة>> لعبد القادري الجزيري الذي كان يتولى شؤون الحج في مصر في القرن السادس عشر، حيث يشير مخطوط الجزيري إلى أن<<ببهان>> ولد في عدن، قبل أن ينتقل إلى الحبشة، ويعود إلى اليمن مرة أخرى محملا بالبن الحبشي، ولم يكن <<ببهان>> الوحيد الذي ذكره الجزيري، لكن على كل حال فالجزيري يؤكد أن القهوة انتقلت عبر المتصوفين خلال النصف الأول من القرن الخامس عشر، وهناك اسطورة اخرى تقول، إن شخص عربي يدعى خالد، كان يقوم برعي الأغنام في منطقة "كافا" الواقعة جنوبي اثيوبيا، وحينها لاحظ أن أغنامه تصبح أكثر حيوية ونشاطاً بعد أكل نوع محدد من الحبوب النباتية، ومن ثم قام بعد ذلك بغلي هذه الحبوب وشرب الماء المغلي لكي يتعرف على طبيعة هذه الحبوب. وكانت النتيجة:أصبح أكثر نشاطاً وحيوية بعد شرب ما اعتبره المؤرخون أول قهوة في العالم، كما ذكرت احدى المصادر التاريخية أن اول من شرب القهوة او من الاوائل باكتشافها هو الشيخ أبو بكر العيدروسى الشاذلي المتوفى سنة 909هـ وانه وجد نبات القهوة أثناء سياحته في الجبال فاقتات من ثمره حين رآه متروكاً مع كثرته، فوجد فيه"تجفيفاً للدماغ واجتلاباً للسهر وتنشيطاً للعبادة" فاتخذها قوتاً وشراباً، وأرشد أتباعه إلى تعاطيها، أمّا الطبيب الرّازي الذي عاش في القرن العاشر للهجرة فكان أوّل مَن ذكر البن والبنشام في كتابه" الحاوي "، وكان المقصود بهاتين الكلمتين ثمرة البن والمشروب، وفي كتابه (القانون في الطب) لابن سينا الذي عاش في القرن الحادي عشر، يذكر البن والبنشام في لائحة أدويةٍ تضم ( 760 ) دواء
من المؤكّد أنّ البن كان ينبت بريّا في الحَبشة واليمن، وبسبب تحركات السكان بين اليمن واثيوبيا انتقلت عملية زراعة القهوة لليمن، وكان اليمنيون أوّل من عمل على تحميص بذور البن وسحقها، وسجل في القرن الرّابع عشر في اليمن أول استعمالٍ غير طبي للبن، وبدأت زراعته على نطاقٍ واسعٍ منذ ذلك الوقت، وظهر أقرب دليل موثوق به سواء على شرب القهوة أو معرفة شجرة البن، في منتصف القرن الخامس عشر.
في منتصف القرن الخامس عشر وصلت إلى ارمينيا وبلاد فارس وتركيا وشمال افرييقيا.
انتشر شراب القهوة في مطلع القرن السّادس عشر في الحجاز ومصر وبلاد الشام والعراق، ومن المُرجّح أنهّ انتقل على أيدي الحجاج، ومن الشام انتقل شراب القهوة إلى اسطنبول ومن اسطنبول انتشرت القهوة في أوروبا الشّرقية ومنها إلى كلّ أنحاء القارة الأوروبية، وحتى يومنا هذا.
في اللغة العربية تخبرنا المعاجم والقواميس بأن لفضة القهوة مشتقة من الفعل قها ويقال أقهى فلان، دام على شرب القهوة اي ارتدت شهوته عنه من غير مرض، وفي العربية ترد في الشعر والادب ثلاثة اشربة باسم القهوة، وهي القهوة شراب البن المغلي واللبن والخمر، اما في الانكليزية ارخت كلمة كاهوة كاول مرجع لكلمة قهوة، واطلق عليها كوفي وهي تنحدر من الايطالية كافي، كلمة مشتقة من كاهفى وهي تركية التي اشتقت من الكلمة العربية قهوة.
في بدء ظهور القهوة لاقت صعوبات شتى وتدابير قاسية، في وجه شاربيها سواء في الشرق أو الغرب ففي مصر، حرمها رجال الدين، وهناك رواية تاريخية تؤكد انتشار فتوى تحريم القهوة في غالبية أنحاء القاهرة، وحدث أن فقيه أخر متشدد أكد على تحريم القهوة ومن يشربونها على المنابر بالمساجد وهو ما دفع المستمعين له لتحطيم المقاهي لتعيش القاهرة حالات شغب من أجل القهوة، وهذا الحال لم يكن في مصر فقط ولكن كانت هذا حال مكة أيضا لأنهم كانوا يعتقدون أنها لها تأثير على العقل سواء بالسلب، وقام الإمام أحمد السنباطي بتحريم شربها، وفي تركيا حاربها بعض السلاطين، حتى أن السلطان مراد الثالث أفزعه
احتساء الناس بالمقاهي والحوانيت والدور لشرب القهوة وقد نقل إليه، جواسيسه أن الناس يتبادلون "أثناء شربهم القهوة" السياسة، وينتقدون أعمال السلطان فأمر بإغلاق المقاهي، ثم اعتقل بعض من أصحابها ووضعهم فى أكياس، القيت في مياه البوسفور، ولما رأى أنه لم ينجح، هذا العقاب أباح بيع الخمر عوضاً عن القهوة، حاصر الامبراطور العثماني سليمان "القانوني" فيينا في عام 1529م، لكن الحصار فشل، فكان الحصار الثاني للمدينة في عام 1683م بقيادة القائد العثماني مصطفى المرزيفي، والذي فشل أيضاً فتراجعت القوات العثمانية، تاركة وراءها 500 كيساً من حبوب البن في مخيمهم المهجور في فيينا، التي لا تعرف شيئاً عن استعمال حبوب البن، ففكرت في رمي الأكياس. فرانز جورج كولشيتزكي، ضابط بحرية بولندية والذي عاش في اسطنبول كجاسوس "الإمبراطورية" النمساوية - المجرية كان على علم بالمشروبات المصنوعة من حبوب البن، فطلب من السلطات الحصول على عدد من أكياس القهوة كأجر لخدمات تجسسه،
وقد تم قبول طلبه وبدأ بخدمة أكواب صغيرة من القهوة إلى بيوت فيينا ثم نصب خيمة كبيرة حيث يقدم خدمة القهوة الساخنة، ولفترة طويلة فأن الكنيسة منعت المسيحسن من شرب القهوة باعتبارها شراب المسلمين، الى ان جاء البابا كليمنت الثامن عام 1600 حيث جلب كيساً من القهوة وقام بتطهيرها روحيا في الكنيسة وقال الان القهوة هي مشروب مسموح للمسيحيين بتناوله، في وقت قصير أصبح شرب القهوة شائعاً شعبياً في المدينة وانتشر إلى أجزاء أخرى من النظام الملكي بهابسبورج افتتح أول مقهى في فيينا عام 1685م.
وإلى جانب المصاعب التي رافقت شرب القهوة فقد كان لها أنصار، من كبار الأدباء والفكر والعلماء في كل بلد ولما سمح بتناولها وافتتحت أماكن عامة لها كان روادها من مشاهير، أدباء كل عصر وفلاسفته وعلمائه، وكان من أبرز المغرمين بالقهوة، الروائي الفرنسي الشهير( بلزاك ) الذي قال فيها أنا لا أعلم شراب الآلهة الذي كان يذكره اليونانيون ولكني، أحب أن أعتقد أنه القهوة، وكبير كتاب فرنسا(فوليتير)كان يشربها بكميات كبيرة،
و الموسيقي الشهير (بيتهوفن ) كان يستهلك ستين حبه من البن في سبيل اعداد فنجان قهوته.
ادى انشار القهوة الى بروز " بيوت القهوة" اي المقاهي التي ستعرف لاحقا، المقهى هو المكان العام المخصص لإعداد وشرب القهوة. والقهوة هي شراب البن المغلي،افتتح اول مقهى في العالم في دمشق، بعدها قامت امرأة شامية تدعى شمس، ورجل حلبي يدعى حكم، بتأسيس أول مقهى للقهوة التركية في القلعة الخشبية في إسطنبول، حيث يُعتقد بأن أول مقهى افتتح فيها كان عام 1556 وسمي ذلك المقهى "مدرسة العلماء" لاستقطابه الأعيان والأدباء لشراب القهوة وتبادل الأحاديث، وما لبثت أن أصبحت عنصرًا أساسيا في الحياة اليومية، والتي تحولت مع الزمن الى مراكز ثقافية واجتماعية بعد ان اصبحت عالم فريد، مُتشابك العناصر، يحوى الملامح الإنسانية العامة، وله أيضًا سماته الخاصة جدًا، فالمقاهي بدأت تشد الافراد وتجذب الفقهاء والشعراء واصحاب القلم والكتاب، كما انها تشد الظرفاء واللطفاء، وتجمع هواة الغناء والموسيقى والمسرح، يجلس الناس حول المناضد متواجهين، يتبادلون النجوى، الأحاديث، الأشواق الإنسانية، المصالح المادية، قضاء الحاجات، عقد الصفقات، وثمة من تلفهُ الوحدة، يجلس محملقًا في الفراغ، وقد يحاول قهر وحدته بحديثه إلى جار لا يعرفه،
ثم سرعان ما أصبح المقهى في المشرق وفي الباب العالي كما في منطقة غرب العالم الإسلامي صرحا من أهم صروح الحياة الحضرية، وبدأتْ بيوت “القهوة” أو المقاهي تنمو كالفطريات في الحواضر كافة، في عام 1645 انتقلت عادة شرب القهوة من تركيا إلى مدينة البندقية الإيطالية، افتتح أول مقهى في البندقية عام 1645، بعدها افتتح أول مقهى في فيينا عام 1685، ومن فيينا انطلقت رحلة القهوة التركية إلى البقاع الأوروبية، وافتتح اول مقهى في باريس عام1686، ولم تتوقف حتى ثبتت أركان وجودها وعشقها ومقاهيها في جميع أصقاع الأرض، وفي عام 1650، وصلت عادة شرب القهوة إلى إنكلترا، وذلك عندما قام شاب تركي يدعى باسكوه روزي بافتتاح أول محل لشرب القهوة في شارع لومباردت الواقع في قلب مدينة لندن، في البدايه كانت المقاهي محرمة على النساء وهي خاصة بالرجال، وبعد ذلك جرت محاولات نسائيه عديده من النساء للدخول لهذا العالم الغريب ففي البدايه كانت الفرنسيات ترتدي زي الرجال، تدخل المقهى، لاحتساء القهوة، وبعد ذلك انتشرت المقاهي لكلا الجنسيين.
تسمية القهوة العربية تعرضت للتحوير والتطوير، فأصبح هناك العديد من التسميات التي تهدف إلى التضليل عن الأصل العربي للقهوة، ومن هذه التسميات: القهوة التركية، القهوة الإيطالية، ثم القهوة الانجليزية.. ولاحقاً ظهرت العديد من المسميات الإضافية كالقهوة البرازيلية.
فالقهوة كالحب قليل منه لا يروي وكثير منه لايشبع، ولم لا فالعرب هم اول من شربوا القهوة، ولهذا فالقهوة عند العرب خصوصا بادية الجزيرة العربية، والشام وبلاد الرافدين عنوان الاصالة والكرم في حله وترحاله، في غناه وفقره، في افراحه واحزانه وشجاعته، لاتزال القهوة العربية سيدة معالم الضيافة في البادية ومضايف الشيوخ والوجهاء. هذا من الناحية الإجمالية، لكن بتفصيل أكثر تتباهى باقتناء عُدة القهوة العربية، شكلت القهوة العربية، وما زالت، عادة وسلوكاً ثقافياً يومياً في حياة الإنسان العربي وخاصة البدوي، وذلك لما لها من تداخل في السلوك والثقافة والأعراف، في العادات والتقاليد الاجتماعية، حيث لتقديمها فن، ولقبولها فن، وفي حضورها تتخذ قرارات ومواقف، وهي التقدير للضيوف، فأول ما يقدم للضيف القهوة، حتى قيل"الحب في قانون العرب القهوة".
افضل ما قيل عن القهوة من شعر:
يقول الأمير راكان بن فلاح الحثلين:
يامحلا الفنجال مع سيحة البال.... في مجلساً مافيه نفساً ثقيلـه
هذا ولدعمً وهذا ولـد خـال.... وهذا رفيقـاً مالقينـا مثيلـه
يقول شيخ الاسلام ابن بابكير المكي:
اهلا بصافي قهوة كالأثمد....جليت فزانت بالخمار الاسود
لما ادبرت في كؤوس لحينها....بيمين ساق كالقضيب الاسود
يحكى بياض انائها وسوادها....طرفا كحيلا لا يكمل المرود
يقول الشيخ محمد عبدالقادر الحباني:
ياشاعرآ فاق في أقواله الشعراء.... أبدى لنا من قوافي نظمه دررا
أطربتني إذ وضعت القاف تتبعه..... هاء وواو وهاء بعده زبرا
حققت في وصفها وصفي كفي ورقي.... بل قد شفي وجلا عن قلبي الكدرا
فأنها قوة إذا حذفت لها هاء.... تبين ذا من في الأنام قرا
بقافها قويت أعضاء كل فتى....وهاؤها للهدى والواو منه جرى
فاشرب هنيئآ فما في ذا منغصة.... كلا ولاحرمة تخشى بها ضررا
ويقول الشيخ محمد البكري الصديقي:
اقول لمن ضاق بالهم صدره....واصبح من كثر التشاغل في فكر
عليك بشرب الصالحين فانه.... شراب طهور سامي الذكر والمقدر
في مطبوخ قشر البن التي قد شاع ذكره....عليك به ينجوا من الهم في الصدر
وقول بن كثير:
قهوة البن مرهم الحزن وشفا الانفس....فهي تكسو شقائق الحسن من لها يحتسي
ويقول الشاعر مظفر النواب:
مرينا بيك وبحمد وحنا بقطار الليل....واسمعنا دك كهوة وشمينا ريحة هيل
كما ان الشاعر محمود درويش الذي عشق القهوة وتغزل وتولع بها، فقد ذكرها بأكثر من فصل في كتابه"ذكرة النسيان نقتبس ماقاله:
القهوة لا تُشرَب على عجل. القهوة أُختُ الوقت. تُحتَسى على مهل .. على مهل .. القهوة صوت المذاق، صوت الرائحة
ان لم يكن من أجل ان تعيشوا أجواء الحرب والمخيم والتشرد والضياع، فمن اجل رائحة القهوة
القهوة تأمّل وتغلغل في النفس وفي الذكريات. والقهوة عادة تلازمها بعد السيجارة عادة أخرى هي
في وسع الغزاة أن يسلطوا البحر والجو والبر عليّ، ولكنهم لا يستطيعون أن يقتلعوا مني رائحة القهوة. سأصنع قهوتي الآن" اثناء حصار بيروت عام 1982
ويزيد التصاق القهوة بعادات أهل بلاد الشام وقد غنت المطربة اللبنانية سميرة توفيق للقهوة وقالت بلهجتها البدوية"صبوا هالقهوة وزيدوها هيل".
اشتهرت القهوة العربية الأصلية لدى العراقيين، وعادة ما تقدم في المجالس سواء الرجالية أو النسائية ويزداد شربها وتناولها في المناسبات الرسمية والأفراح والاحزان والزيارات الاجتماعية.
عرفت بغداد المقاهي في العهد العثماني، اذ كان في كل محلة من محلات بغداد مقهى واحد على الاقل أو اكثر حسب عدد سكانها وان اقدم الاشارات التي وصلتنا ماذكره مرتضى نظمي زادة عن أسم اقدم مقهى في بغداد كان قائماً حتى مطلع القرن الحالي يعود الى عام 1590، اذ شيد جغالة زادة سنان باشا، وهو ايطالي الأصل وعينه السلطان مراد الثالث وحكم بغداد من 1586وحتى 1590 وسمي بـ (كهوة خان جغان). يقع هذا المقهى في خان الكمرك المتصل خلفه بالمدرسة المستنصرية وبابه على الطريق المؤدي الى سوق الخفافين، اما مقهى الخفافين فيقع عند مدخل جامع الخفافين في منطقة المصبغة بالرصافة،
وأستناداً الى ما ذكره الشيخ جلال الحنفي مؤرخ بغداد، فأن خان الخفافين بني مع بناء المدرسة المستنصرية في عهد الخليفة العباسي المستنصر بالله عام 1233 ميلادية كمسافر خانة، وقبل أكثر من 300 سنة تحول الخان الى مقهى، تتوزع أرائكه (تخوته) داخل المقهى، اشار الدكتور علي الوردي الى بداية فن الغناء في المقاهي التي انشأها العثمانيين.
فمقاهي بغداد القديمة كانت ملتقى لرجال الأدب والعلم والسياسة والفن، والمطالعة والراحة والتسلية وقراءة الشعر، أضافة لكونها كانت تستقبل الكتاب والشعراء الشباب من بقية المحافظات ممن يدفعهم الامل في عرض نتاجاتهم الابداعية في الأدب والقصة والشعر والتعرف على مشاهير الكتاب والأدباء في بغداد.
ظلت المقاهي الى فترة قريبة محلا لتداول الحوار، ملتقى لرجال الأدب والعلم والسياسة والتجار، ويمر بها بائعو الطعام والصحف، وكانت مقرا لوجود المختار او كاتب العرائض ومخلصي الأوراق الرسمية وتزايد عدد المقاهي ببغداد، الا ان الغريب انتشار المقاهي المختلطه في كل دول العالم وحتى الوطن العربي ومنها بيروت والقاهرة وسوريا والمغرب العربي الا انها بقيت محتكره على الرجال في العراق حتى التسعينات من القرن الماضي، كما أن القهوة العربية انتشرت في المقاهي الشعبية التي كانت المكان المفضل لكبار السن والعمال حيث يقضون فيها أوقاتا هادئة بعد عناء العمل.
وبسبب ارتباط القهوة بالتصوف فقد أضيفت لها إحدى لوازم الصوفية وهى ادعاء علم الغيب والكشف عن المستقبل بقراءة فنجان القهوة، ولهذا لاازالت تعتقد كثير من الاوساط الاجتماعية الشعبية منها في قارئة الفنجان أو قارئ الفنجان، وفي معرفته للغيب!، ويبدو أن ذلك الاعتقاد قد انحدر الينا من إصدار بعض الأشياخ الصوفية لبعض نبوءتهم وهم يرتشفون فنجان القهوة!!.
اما الشاي فهو دخيل على العراق جاء مع الهنود وانتشر شربه بعد الحرب العالميه الاولى وكانت له مراسيم خاصه ابتداءا من السماور الروسي والذي انتشر في البيوت والمقاهي واستكانات الشاي مع السكر، ولهذا الى الان العراقيون لازالوا يعتبرون الشاي شيء اساسي في الفطور والعصرونية، وبعد العشاء احياناً.
في يومنا هذا القهوة ألوانها مذاقات وأذواق، الشقراء والغامقة والمحروقة والوسط، ومن ملامح من يقدمها لك، وظروف تقديمها، تكتسب معانيها المختلفة، فقهوة التعارف الأول غير قهوة الصلح بعد الخصومة، وغير قهوةٍ يرفض الضيف احتساءها قبل تلبية ما جاء يطلبه، وهي في القراءة غير قهوة الكتابة، وهي في السفر غيرها في الإقامة، وفي الفندق غيرها في البيت، وقهوة الموقد غير قهوة الآلة.
مكانة البن اليمني اليوم رغم جودته العالية لم تعد كذلك؛ حيث أصبح يحتل مرتبة متأخرة (46) ضمن قائمة تضم (64) بلداً منتجاً، وبات يحتل المرتبة السادسة آسيوياً بعدما كان يتصدر سوق البن العالمي حتى العام 1847، وذلك بسبب عدم الاستقرار، والحروب والصراعات التي تشهدها اليمن، وهناك أسباب أخرى تتمثل في الجفاف، وانعدام سياسة تسويقية جيدة لدى الجهات المعنية، واستخدام المُزارع طرقاً زراعية قديمة، وعدم استخدامه التقنيات الجديدة في التسميد، وزراعة القات بدلا عن البن.
اصبح مشروب القهوة هو المشروب الاكثر شعبية في العالم، كما انه اصبح أحد لوازم الحياة اليومية لمئات الملايين من المستهلكين، وبفضل الابتكار السريع في مجال صناعة مشروب القهوة أصبحنا نشرب مشروب القهوة بثوب جديد لمشروبات مثل اللاتيه، والموكا، والاسبرسو، والقهوة المثلجة، والقهوة بالكريمة، والقهوة مع رشة من شراب البرتقال المركز أو أي شراب آخر،
وانتشرت مقاهي في كل بقاع العالم بعلامات تجارية ستار بكس، كوستا، كوفي ريبابلك، كاريبو كوفي، كولومبوس، تم هورتن، كافي دو باري وغيرها من العلامات، حيث أصبح الاستثمار في مجال محال تقديم مشروب القهوة الـ "كوفي شوبس"، إحدى الصناعات المهمة.
عام 1995: أصبحت القهوة من المشروبات المشهورة والمنتشرة على مستوى العالم بأسره، ويتم استهلاك أكثر من 400 مليون فنجانًا في العام، وأصبحت من السلع التي تحتل المركز الثاني بعد الزيت في الأهمية والاستهلاك
وبعد مئات السنوات في حب القهوة، قرر العالم مجتمعًا أخيرًا الاحتفال بها تحت مسمى "اليوم العالمي للقهوة" لأوّل مرة رسميًا.
فالقهوة هي دون شك من إكتشاف العرب و من المؤكد أن العالم لم يعرف القهوة إلا بعد الحروب العثمانية مع أوروبا، وبسببها أنشات دور القهوة المقاهي والمجالس، ومن الله التوفيق
سرور ميرزا محمود
526 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع