قصة البلام دعبول والإتصال بالإذاعة لبث أغنيات صباحية مفرحة
حفل تاريخ العراق السياسي في خلال قرن من الزمن بعديد من الشخصيات والرموز السياسية التي تؤكد بصمتها بشكل او باخر في الحياة السياسية في العراق ومنذ تاسيس العراق الحديث مطلع العقد الثاني من القرن الماضي وحتى الزمن الحاضر، ولكن يقف في مقدمة هولاء الساسة والقادة المرحوم نوري السعيد الذي ترك بصمات مؤثرة في السياسية العراقية، مع التقدير للاخرين الذين لايمكن نكران جهودهم.
لقد تباينت الاراء حول مولد نوري السعيد ولكن التاريخ الارجح هو عام 1888 في (تبة الكاوور) قرب ساحة الميدان في بغداد وكان والده سعيد بن صالح طه يعمل موظفا في دائرة الاوقاف العثمانية اما والدته فهي فاطمة عبد الرزاق من عشيرة البو مفرج، ويقال ان والده وجده طه كانا من خطباء جامع الاحمدية في الميدان.
لكن المصادر تباينت في اصل وجذور نوري السعيد ترجع اصوله الى الارمة الكردية والقسم الاخر يعود به العشيرة القراغول البغدادية واخر ال قبيلة شمر، في الوقت الذي ذهبت به بعض المراجع الى كونه من اصل تركي، وقد اوجز غالمان هذا التباين في كون نوري السعيد “انه كردي المولد، تركي الثقافة، عراقي المحنة”
وقد دخل احد كتاتيب بغداد انذاك لتعلم القراءة والكتابة وحفظ القران الكريم ومن ثم اتم دراسته في المدرسة الرشيدية العسكرية وبعدها الاعدادية العسكرية، وتوجه عام 1903 الى اسطنبول للدراسة في الكلية الحربية وتخرج منها عام 1906 وفي العام 1910 تزوج من نعيمة مصطفى العسكري شقيقة جعفر العسكري الذي تزوج هو الاخر من شقيقة نوري السعيد، وقد انجبت له نعيمة ولدين قحطان الذي مات غرقا وصباح الذي قتل يوم الثلاثاء 15/تموز/ 1958 امام دار الاذاعة .
وعند تخرجه من الكلية الحربية في اسطنبول التحق في كلية الاركان وقبل ان يتم دراسته فيها شارك في حرب البلقان عام 1912، وفي العام ذاته انظم ال جمعية العهد العربية السرية، ومن ثم التحق في مجموعة ثورية ضد الدول العثمانية بزعامة طالب النقيب وعند سقوط البصرة في ايدي البرطانيين تم نقله اسيرا الى بومباي في الهند وظل بها حتى نقل الى القاهرة عام 1915 وعمل هناك مع المجموعات التي كانت تعمل تحت راية الشريف حسين ضد الدول العثمانية، وبعد انهيار الدول العثمانية تسلم منصب رئيس اركان الملك فيصل في سوريا عام 1918 وفي عام 1920 عاد الى العراق وتسلم اول منصب له مدير الشرطة العام، وكان لبرطانيا اثر في تقرب نوري السعيد من السلطة واشغال مناصب مهمة لان القادة البرطانيين تبين لهم الكفاءة التي بها نوري السعيد وفي هذا يقول القائد الانكليزي كلاتيون “ان اشخاصا ثلاثة سيكون لهم شان في العراق، وهم ياسين باشا وجعفر العسكري وزوج اخته نوري باشا السعيد “
هذا في 29/9/1919، وفي الوقت الذي اضافت فيه مس بيل ” قد يكون نوري احسن الثلاثة فهو على جانب غير يسير من الذكاء “
وكانت في اول مقابلة مع نوري السعيد ان قالت مس بيل “اننا امام قوة هائلة اما ان نهادنها، او نصطدم به في صراع غير معروف النتائج “
وهكذا استمر نوري السعيد في تنبوء المناصب في الدولة العراقية حتى عام 1930 حتى شكل اول وزارة له واستمر في ذلك مابين وزير ورئيس وزراء حتى شكل 14 وزارة وتاريخ مقتلة في 15 تموز 1958 ولكن رغم ذلك فان نوري السعيد ظل كما قال انتومي نات في كتابة العرب ” كثيرا ماننكر الافضال في السياسة . وتنعدم الرحمة عند قيام الثورات، ولكن مما لاشك فيه هو انه مهما تبدلت الاوضاع في المستقبل فان العراق كدولة حديثة مزدهرة . بعد ان كانت قد خضعت للحكم العثماني مدة اربعة قرون و ستبقى مدينة بما لا يقدر لجهود نوري السعيد الجبارة كرجل دولة “
وبعد قال ونستون تشرشل رئيس وزراء البريطاني في ان نوري السعيد ” من القادة العظام القلائل في العالم الذي ظلمتهم شعوبهم وسوف ياتي اليوم الذي يرد اليهم الاعتبار “
رغم ان اغلب المصادر تؤكد عراقية نوري السعيد وان منها ترجعه الى اصول تركية فانه كان روحا وقلبا مع هذا الانتماء العراقي وللدولة الحديثة التي ظهرت بعد الحرب العالمية الاولى وكان حريصا على الانتماء لها من خلال ولائه التام لخدمة العراق وشعبه وحكومته وهذا مااكده نوري السعيد في محاظراته التي القاها فيها في 5/5/1947 في كلية الاركان امام الطلاب “ان هذا الحشد من الشباب في قاعات الدرس يذكرني بايام شبابي، فقد نشات جنديا كما نشاتم،وترعرعت جنديا كما تترعرعون، ولبيت نداء الوطن في مختلف الظروف وشتى الجبهات طالبا وضابطا وقـــائدا، وهذا ماامله فيكم وهو ماتنتظره البلاد منكم، فانتم قاده الجيش في المستقبل وعلى مبلغ ما ستبذلون وتضمون يتوقف نحو الجيش و تعزيز كيانه “
وفي جانب اخر يقول مسلوين لويد وزير خارجية برطانيا الاسبق في برقية التعزية التي ارسلها يوم 24/7/1958 المرحومة زوجة نوري السعيد “وقد اظهر طيلة حياته وطنيا عظيما وفي كل اتصالاتي معه وجدت دائما اهتمامه الاول كان منصرفا الى خير بلاده، ان موته لماساة حقا ليس للعراق فقط، بل لكل اصدقاء العراق في بلاد الاخرى “
مكانة عالمية
وفي ذات المناسبة قال هارد ولد ماكيلان رئيس وزراء برطانيا سابقا في 25/7/1958 “وانني اعلم ان التاريخ سيضعه في مكانه عالمية بين رجال الدولة في القرن العشرين ” ومن دلائل ولاء نوري السعيد للعراق انه منذ بداية تاسيس الدولة كان جل همه ضمان حدودها، فلقد ظل متمسكا بالموصل اذ كان يعتبرها بمثابة العنق في الجسد وكان يعلم بانه لايمكن ضمان ذلك الا عن طريق معاهدة رسمية مع بريطانيه فالمعاهدة مع بريطانيه سوف تكون الضمان الاكيد للحفاظ على ولاية الموصل وضمها للعراق في الوقت الذي كانت فيه تركيا تبذل قصاري جهودها لضم الموصل لتركيا وفي هذا الصدد يضيف نوري السعيد
اهل الموصل بسلاء … امناء … على بعضهم رقباء
اهل الموصل كرماء … بخلاء … على بعضهم رقباء
لقد كانت وطنية الصادقة تظهر اثناء المفاوضات .
وخصوصا مع بريطانية فلم يفرط طيلة حياته باي حق من حقوق الدولة حتى احد الوزراء برطانيا مازما بانه “ابرع متسول سياسي “صادفه في حياته
وفي عام 1955 اجرى نوري السعيد عملية جراحية في لندن وقد شهدت البلاد اضطرابات وعدم استقرار في بغداد، فكان ان هاتفه الوصي عبد الاله وقال له ان يعود الى العراق وان رئيس الوزراء ارشد العمري غير قادر على احتواء الازمة ولما عارضت ذلك زوجته فاجابها “كيف اتركهم ؟ اتركهم للدمار ؟ العراق بالنسبة لي اغلى من ولدي صباح ……كيف اتركهم للفوضى “
وكان نوري السعيد يلفظ كلمة عراق بضم احرف العين عُراق ولما سئل عن سبب ذالك قال انني لارايد ان اكسر عين العراق وان تظل دائما مرفوعة.
وكان اصدار عملة عراقية وطنية احد اهم المشاغل في نفس نوري السعيد كونه يعتبرها احد ركائز الاستقلال الاقتصادي والسياسي العراقي، وهذا يؤكد ولائه المطلق للعراق وفي ١٥ - ١١ - ١٩٣٠ اقر مجلس الوزراء قبول لائحة قانون العملة العراقية الذي كان محطة اعتزاز نوري السعيد وحتى تسلم اول طبعة منها كما تقول المصادر نزلت ومعه فرح من عينه لانه ربطها مع استقلال العراق وتشكل احد رموز السيادة الوطنية .
ان رجل الدولة لا يقتصر سلوكه وتصرفه في المجالات السياسية والادارية والاقتصادية، بقدر ماينسحب هذا السلوك والمسار حتى في بقية مجالات الحياة وحتى الخاصة والشخصية، والتي لها علاقة مباشرة ام غير مباشرة في مجال عملة، وقد كان نوري السعيد مثالا رائعا لهذه الصورة والتي انعكست في العديد من المواقف و اذ تشير المصادر على اختلاف موقفها في الرجل انه كان زاهدا بالمال وكان غير ميال لاقتناء المجوهرات والاملاك طيلة حياته، وانه سكن اولا في الوزيرية قرب اكاديمية الفنون الجميلة الان، ومن ثم بدار ولده صباح دور السكك في الصالحية ومن ثم انتقل الى كرادة مريم في النزل الذي بناه احد اصدقائه اللبنانين
ومع هذا الولاء والانتماء العراقي الصميم للعراق فان حفيد نوري السعيد عصام صباح نوري وهو حاصل على شهادة عليا من برطانيا في الهندسة وله فيها مكتب استشاري هندسي قدم طلبا الى سفارة العراقية في الاردن لتجديد جواز سفره عام 1985 وقد جاء الرفض من بغداد لعدم مايشير الى كونه يحمل شهادة الجنسية العراقية، وجده باني دولة وضابط في الجيش العراقي، وكان حالة حال مع كل العراقيين الذين كانو على ارض العراق ابان سقوط الدولة العثمانية بحيازتة شهادة الجنسية العراقية، ويبدو من خلال اطلاعي على المصادر ان الاضبارة الخاصة بنوري السعيد قد ضاعت، اذ تقول عصمت السعيد زوجة صباح انه قد وردهم كتاب من القائم باعمال السفارة العراقية في عمان برقم 8/14/75في 21/1/1985″لقد اعلمتنا مديرية الجنسية والاحوال المدنية العامة انه تعذر عليها العثور على مايشير الى حصول نوري السعيد او والده صباح على شهادة الجنسية العراقية …رغم التحريات الدقيقة والاستفسار من جهات عديدة “وقد قدم عصام اعتراضاً على القرار وبعد عدة اسابيع تم تجديد جواز السفر عصام السعيد
اماعن جذور الاصالة البغدادية في شخصية نوري السعيد فانها متمركزة في كل مفاصل حياته و سلوكه وحبه للنكتة والطرافة وفي الطعام والملابس وغيرها ،والتي اكتسبها من محلتة البغدادية وفي هذا الصدد يقول عنه توفيق السويدي “نشاء نوري في بيئة محدودة لم يستطع التخلص من مؤثراتها رغم الزمن الطويل الذي عاش فيه وهو متصل بكبار الطبقات من الاجانب والشرقيين”
معنى ودلالة
وفي هذا الاتجاه يقول طالب مشتاق في اوراق ايامه عن نوري االسعيد “كان الباشا بغداديا يكل مافي الكلمة من معنى ودلالة، وكان بغداديا في اخلاقه وشمائله و وبغداديا في طعامه وشرابه، وبغداديا في وفائه لاصدقائه وفي عشرته ونكته، وبغداديا في ذوقه الموسيقي وولعه بالمقام العراقي “
ويقول د.فاضل الجمالي رئيس الوزراء الاسبق ان نوري السعيد “يمثل الثقافة والاخلاق البغدادية العريقة، وبنفس كريمة وطيافة قلبية للرفاق …. وروح النكتة، ويميل نحو التطرف في ردود الفعل الشخصية “
وكانت اعز اوقاته عندما يلبس الدشداشة ويجلس على مائدة الطعام وياكل بيده دون شوكه وسكين، لذا كان يضيق ذرعا بالمراسيم الرسمية وتعقيدات البروتوكول، وكانت اطيب الاكلات الى نفسه البغدادية الباجة والبامية والتمن والسمك المسكوف،لذا كان كثيرا مايذهب الى مطاعم بغداد العريقة لتناول الباجة عند الحاتي وابن طوبان .
وكان مولعا في المقام العراقي ويحب دوما سماعه وكثيرا ماذهب الى دار الاذاعة وطلب سماع المقام العراقي بعد اخذ الاذن من القائمين على ادارة الاذاعة،
وفي هذا المجال تقول عصمت السعيد زوجة ولده صباح “من الذكريات التي لا تنسى جلساتنا العائلية مساء في حديقة ابو المسناية على ضفاف دجلة ففي تلك الجلسات كان يطيب لنوري السعيد ” ان يشاهد الطاهي وهو يشوي السمك المسكوف على الطريقة البغدادية في احد اركان الحديقة،اذ كان يستمتع بكل تدخر به بغداد من نعم وتراث، وكثيرا ماكان يدعو بعض الفنانيين والعازفيين ومغني المقامات العراقية الى الدار اذ كان يطرب لسماعها ويشعر بالراحة والاسترخاء ” وهو بادر بتاسيس المعهد الفني للموسيقى في العراق تحت اشراف وادارة الشريف محي الدين حيدر.
وكان محبا لتربية الحيونات الاليفة والطيور في منزله وكانت لديه قطة مدللة يداعبها كثيرا بحيث لا تنام ليلا الا عند قدميه،حتى ان زوجته ام صباح كانت تقول عن هذه القطة “هاي ضرتي”.
وكان لايطيب له الا خبز التنور البغدادي وكـــانت هناك خبازة قريبة من داره تدعى ” عمشـــة” تجلب له الخبز يوميــــا وهي التي اخبرته صباح يوم الاثنين 14تمـــوز 1958بتقدم قوات عسكرية نحو منزله عندما كانت تقوم بمهمة جلب الخبز كعادتها صباح ذلك اليوم .
هكذا ساهم في بناء العراق
ان رجل الدولة لايقتصر سلوكه وتصرفه في المجالات السياسية والادارية والاقتصادية، بقدر ماينسحب هذا السلوك والمسار الخاص حتى في بقية مجالات الحياة التي لها علاقة بصورة مباشرة ام غير مباشرة بمجال عمله،وقد كان نوري السعيد مثالا وانموذجا رائعا لهذه الصورة والتي وجدت تعبيرها في العديد من المواقف التي اشرت الى اصالته وانتمائه للعراق والعمل على بناء الدولة الحديثة وفق اطر حضارية ومن هذه المواقف:
يروي شاكر علي التكريتي انه في احد الايام ذهب الى بيت الباشا ومعه بيان لاطلاعه عليه وابداء ملاحظاته قبل اذاعته من دار الاذاعة العراقية وفيما هو جالس في منزل الباشا اتى السيد احمد مختار ببان عارضا له ان ابن احد قريباته من اخواتنا الكرديات والتي هي تنتظر في خارج الدار تم القاء القبض عليه وسجنه اثناء احدى المظاهرات وقد جاءت تتوسل لاطلاق سراحه لانه على وشك السفر في بعثة دراسية خارج العراق، وهنا طلب الباشا ادخال المرأة وهي تبكي وتتوسل لاطلاق سراح ولدها، وعمل الباشا على تهدئتها وبعد ان استعلم عن مكان اعتقاله اجرى الاتصال الهاتفي وطلب احضار الولد،حيث جاء وادخل على الباشا الذي سؤاله عن اسباب اعتقاله فقال انه شارك في المظاهرة والتي كانت تهتف بهتافات معينة، وطلب منه الباشا ان يرد الهتافات التي كانت يهتف بها وهنا اسقط في يد الشاب في الموقف المحرج الذي هو فيه، فالح عليه الباشا بالصعود على احد الكراسي والهتاف بما كان يقوله في المظاهرة فهتف الشاب “نوري سعيد القندرة صالح جبر قيطانه” وغص الباشا في الضحك وطلب منه النزول من الكرسي وقال له ابني ” اذهب انت حر الى البعثة والعراق يريدك ان تسافر وتعود لنا بشهادة لتخدم البلد، وبعد ذلك اهتف واشتم وسب نوري سعيد كما يحلو لك ” وهنا وقف احمد مختار بابان مصدوما من تصرف الباشا واخذت الام ابنها وهي تدعو للباشا بالعمر والصحة وغير مصدقا لما حدث ان مثل هذا التصرف لنوري السعيد ينم عن حسن تدبير وبعد افق ووضوح رؤيا لرجل دولة يريد ان يبيني وان يعمر وهذا البناء للمستقبل اساسه الشباب، وبان هذا الموقف في حاجة العراق لهذا الشاب بالذهاب للدراسة في الخارج والعودة بالشهادة العليا وخدمة البلد في اختصاصه .
حدثني المرحوم دكتور صالح البدري قد تم القبض على احد اشقائه وسجنه مع مجموعة من الشباب فشكل اباء هؤلاء وفدا لمقابلة الباشا في مكتبه حيث عرض عليه الحال وان هؤلاء شباب صغار مغرر بهم وانهم بمثابة صباح وفي عيونهم ما يوضح اسفهم لهذه الوقفة، والباشا يسمع ويضحك ويبتسم وقال لهم ان كان عندكم جواهر وذهب ونقود اين تضعوها منعا للسرقة والتلاعب بها فقالوا له ياباشا نضعها في القاصة الحديدة، وهنا قال لهم ان هؤلاء الشباب ليسوا اباءكم فقط انهم ابائي وابناء الوطن ويمثلون جواهر الوطن ومستقبله واننا شعرنا ان هنالك خطراً محدقاً بهم فقررنا الاحتفاظ بهم حتى يزول الخطر ونخرجهم، ولاخوف عليهم عندنا وسوف يعودون اليكم باسرع وقت وماهي الا ايام معدودة حتى تم اطلاق سراحهم .
قرر العراق المشاركة في العام 1957بدورة الالعاب العربية في لبنان وكان في لعبة رفع الاثقال الرباع المصري العالمي خضر التوني وهو من المهارة بحيث لايمكن لاحد ان ينافسه ووصل الامر الى الباشا وسال الباشا اهل الرياضة ما العمل ؟ فقالوا له يوجد فقط رياضي واحد يستطيع ان يقف بالند منه وحتى يغلبه ” جعفر ابو العيس فقال لهم خذوهم معكم في الوفد فقالوا انهم مسجون في نقرة السلمان بتهمة الشيوعية فارسل في طلبه وقال له اذهب انت حر وتدرب ولا اريد منك سوى الفوز على خضر التوني، لان في ذلك رفعة لاسم العراق فكان له مااراد واستطاع جعفر ابو العيس الفوز على خضر التوني “
طرائف ونوادر نوري السعيد
ان الاصالة البغدادية التي يتمتع بها نوري السعيد وروح الدعابة وصفة التبغدد قد مشت في عروقه ودمه، وانعكست في مجمل حياته وسلوكه، حيث كان محبا للدعابة وروح النكتة ويعمل على خلق الطرائف في التعامل حتى مع خصومه، وهذه الصفة هي احدى سمات البغادة الاصلاء، وكثيرا هذه الطرائف والنوادر ومنها الاتي على سبيل المثال:
1_ عند غروب الشمس في احد الايام خرج هو والملك فيصل الاول الى دجلة بهدف الذهاب الى منطقة الكاورية، وقادهم الحظ عند البلام دعبول حيث ساربهم بالزورق في دجلة وفي منتصف الطريق اخرج دعبول قنينة العرق وقدمها للملك ليشرب فاعتذر وهو لايعرفه ثم الى نوري السعيد الذي شرب منها وبعد ذلك قال لدعبول اتعرف من هذا قال لا فاجابه انه مولانا الملك فيصل وهنا اجابة دعبول “بعدك مسكرت صيرته الملك خذ مصة اخرى ” وشرب الباشا وقال لدعبول اتدري من انا قال لا قال انا نوري السعيد فقال وعبول ماهذه الليلة التعيسة شربت اول مرة وجعلت صاحبك الملك فيصل وبعد ذلك صرت نفسك نوري السعيد “عمي الفلوس هم ماريد بس خلي اوصلكم “. وفي صباح اليوم الثاني ارسل الباشا بطلب دعبول الى الوزارة وقال له “ها دعبول هاي شنو البارحة ” فقال دعبول ” باشا والله اني ممسوي شي ذوله اثنيني سرس.. صعدوا وياي بالبلم واحد رجل وقور ميشرب والاخر مبين عليه سرس…. بس شرب سوه نفسه الباشا وصاحبه الملك ” وضحك نوري السعيد وامر له بمبلغ 5 دنانيير وبعد ان افضح له عن حقيقتهم .
2_ حدثني عبد الحميد العلوجي انه كان واقفا امام دكان ابن كنو للفواكه في سوق الامانة وجاء الباشا ليشتري العنب وهو في اول طرحه في السوق وثمنه غالي بعض الشي وقال لابن كنو “اوزن لي كيلوين من هذا العنب ” وكان رجل واقف بالقرب منهم فقال “اكلو اول طيحته بس للگواو …” فنظر اليه نوري السعيد وابتسم قائلا ” اوزن كيلو على حسابي لهذا الگوا”
3_ شن النائب جبار الجومرد في مجلس النواب هجوما على نوري السعيد وذكر ماكانت عليه بغداد من زهو وتقدم في زمن هارون الرشيد والباشا يسمع ويضحك وحيث انتهى من طرحه اجابة نوري السعيد اننا استلمنا بغداد ليس هارون الرشيد وانما من الدولة العثمانية .
4_ في احد الايام الشتوية الباردة حيث كان يعبر جسر (الاحرار) وجد المذيعة صبيحة المدرس تسير وهي لاتردي ملابس ثقيلة فتوقف وامرها بالصعود الى السيارة واوصلها لدار الاذاعة وقال لها لماذا لا تلبسي ملابس الشتوية فقالت له من اين لي المبلغ حتى اشتري بالطو فرو، وهي بذلك تعني المعطف الفرو الذي اشترته زوجة ابنة صباح فقال لها الباشا “ملعونه الوالدين شنو قصدك ” و في اليوم التالي ارسل لها مبلغ 25 دينار لتشتري معطف .
5_ حدثني عبد الحميد العلوجي انه راى الباشا في دكان ابن كنو ينتقي المشمش وهنا تقدم له واخذ يزاحم الباشا في انتقاء الجيد منه، ويقول العلوجي التقت لي وقال اي والله مثل ماقال المثل يتعب ابو كلاش وياكل ابو جزمة .
6_ في احد الايام واثناء ماكان الباشا يتناول فطوره فتح الراديو على اذاعة بغداد وكانت تبث اغنية محمد عبد الوهاب جبل التوباذ، فاتصل هاتفيا بالاذاعة وطلب المذيع الذي كان موحان ابن الشيخ طاغي فحضر فزعا الى بيت الباشا القريب من الاذاعة في دور السكك وهنا قال له اننا في وقت صباح و يوم جميل والافضل ان تبث الاذاعة اغاني مفرحه مثل على شواطي دجلة مر وطلب من المذيع مشاركته في الفطور .
7_ وفي احد الايام وعند خروج الباشا من بناية مجلس الوزراء اعترضه احد الرجال الكبار في السن طالبا منه توظيفه في احد دوائر الدولة وعند سؤاله عن مؤهلاته وجده حتى لايقرا ولايكتب، وعنده قال له ساكتب لك رسالة الى مدير السكك عسى ان يجد لك وظيفة ما وهنا اعترض الرجل قائلا الا مدير السكك، وتعجب الباشا من ذلك طالبا منه التوضيح فقال اغشى ان يكون المدير (موخوش ادمي مثل ابوه كما تقول الناس انه ابن كوا ..) فضحك الباشا وقال له اذهب وسوف يساعدك، ويعلم القارئ الفاضل ان مدير السكك كان انذاك صباح نوري السعيد .
8_في احد الايام حصل خصام بين الباشا نوري السعيد والسيد جميل المدفعي استمر عدة ايام، فما كان من الباشا الا ان يتصل بدار الاذاعة طالبا منهم اذاعة اغنية عيني جميل ازاعلك وعده مرات مما لفت الانظار اليها وشعر جميل المدفعي انها موجهه ضده فكان اتصل بالباشا و صالحه .
9_ وبعد جفاء بين الباشا و الشيخ محمد رضا الشبيبي التقيا في احدى المناسبات و عاتب الباشا الشيخ علي على عدم زيارته له و الالتقاء به فاجابه هذا افضل حتى لا ارى القرد ولا القرد يراني، فالتفت الباشا في القاعه و رصد ماره في احدى اركانها و هنا سحب الشيخ قائلا بعد انا وقفا امام المراة باله عليك من الشادي بيننا، فضحك الاثنان و تعانقا.
الزمان / زهير خضر ياسين
611 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع