طريق إلى الحرية ... هاينز كونزاليك / الجزء الرابع

                 

            طريق إلى الحرية الفصل الرابع

                   رواية كتبها الأديب الألماني

                    هاينز كونزاليك

            

ترجمها : د. ضرغام الدباغ
مع تحياتنا لقراء الكاردينيا

           

كان جبهارت جالساً في غرفته يكتب تقريره اليومي، رمق باستغراب عندما فتح الباب، وفي شبه الظلمة لم يتعرف في البدء على القادم، ولكن ضوء الغسق تبين أنعكاس هيئة إنسان نحيل يرتدي سروال ضيق وبلوزة.
" أنت..؟ " قال باستغراب، وابتدأ قلبه يقرع بقوة، وقفز وكاد أن يقلب الطاولة من عجلته " هذا اليوم لا يكف عن تقديم مفاجئاته ".
" لا تحكي حكايات حمقاء يا سيد كارلوس " اقتربت نورينا ساما زينا واتخذت مجلسها على كرسي مزعزع، وأصبحت في دائرة ضوء المصباح الصغير.
" أنا سأكون هادئ تماماً ومستمع فقط "..
وضعت ساقيها الجميلتين واحدة فوق الأخرى، وأخذت بجمال نهديها تحت البلوزة الضيقة التي أظهرت بروزه، وكانت قد ربطت شعرها الأسود برباط أحمر اللون، وقد تساءل جبهارت مرة أخرى في نفسه فيما إذا كان قد قابل في حياته إمرأة بهذا الجمال. كانت الساعات المنصرمة قد حفرت معالمها في الوجوه، تبدو واضحة، ولكن أيضا تحت تلك تنضج معالم سرية.
" الجرحى سوف يعيشون " قالت.
" أهنئك " قال لها بلهفة.
عاد الصمت بينهما، كانا يتطلعان لبعضهما، فعادت النيران السرية تشتعل مجدداً بينهما على الفور، ولكن أي منهما لم تكن لديه الشجاعة لإظهار ذلك.
" لماذا تعمل هنا  ؟ " سألت أخيراً.
" لقد طلبت ذلك مني شركة ألمانية، وربما ستحصل الشركة على مال لقاء التوسط ، لا أعلم ".
" إذن فإنهم قد باعوك ".
" إذا ينظر المرء على ذلك بهذه البساطة فإننا كلنا مباعون ".
" لابد أن نرى الأمر على هذا النحو كارلوس".
وبحديثها هذا فقد تركت عبارة سيد، وشعر بها جبهارت في نفسه شعوراً مفرحاً، وقد فعلت ذلك بعد تفكير، وإذا كانت حقاً لديها مشاعر شخصية، فإنها أدركت أنها ستؤدي ذلك حتى النهاية.
" إنك تفكرين مثل الدكتور سنتالوس " قال جبهارت.
" وهل كنت سأكون هنا معه لو لم أكن كذلك ..؟ ".
" هل أنت صديقته ..؟ ".
" ماذا تفهم تحت هذا العنوان ؟ ".
أمعن جبهارت النظر إليها وإلى تقاطع جسدها، كان يبدو عليها وكأنها ثورية، هكذا فكر، لذلك لا يجوز لها أن تعرف الكوابح والقيود، إن لغة الثوريين هي لغة خالية من الأصباغ والرتوش وغير مزينة، خالية من الزخارف البورجوازية، فأزاحت رأسها الجميل جانباً، ونظرت إليه كما لو أنها تنظر إلى لوحة.
" إنني أقصد " قالها هكذا مباشرة " هل نمت مع سانتالوس ؟ ".
" وهل يهمك ذلك ؟ " قالتها ولم تكن تشعر بالإهانة بتاتاً.
" جداً ".
" لماذا ".
" عندما تأتي فتاة إلى هذا الجحيم طائعة مختارة، فإنها تفعل ذلك بسبب الحب، أو أنها مجنونة ".
" ألا يوجد احتمال ثالث ".
" لا أظن ذلك ".
" طبعاً لا ...فأوربا متخمة ..! كيف يمكن لبطن مكرش ذو شحوم أن تكون له مثاليات ؟ أين توجد المشاكل ..؟ تكون عندما يكون الدماغ كالمؤخرات السمينة " قالت ذلك وانحنت إلى الأمام لتدخل دائرة الضوء، والتمعت عيناها السوداوتان وأردفت " كلا لم أنم مع سانتالوس ".
" من أجل هذه الجملة، أستطيع أن أقبل قدميك ". قالها بفرح ظاهر.

كان صوت الغابة يتناهى من خلال الجدران الخشبية للعشش والأكواخ، صراخ الببغاوات، وزعيق الحيوانات المختلفة، حفيف الأشجار العالية، ومن البعد تتسلل أيضاً أصوات قطع أخشاب الغابة بالمناشير الكهربائية، ثم تساقط الجذوع العملاقة إلى الأرض وتكسر الأشجار الصغيرة أثناء سقوطها، ويحدث ذلك إيقاع منتظم ويتخلل كل ذلك أصوات غناء العمال للتشجيع والتنشيط، ولطرد التعب، وإطلاق الفكر، ونسيان الشقاء، وكانوا على الأغلب من الهنود الذين يغنون هذه الأغاني القديمة، تذكرهم بحياة الحرية التي كانوا يتمتعون بها ويعيشوها في الغابات الأزلية يوم كانت مجهولة.
واصلوا ... واصلو .. حتى ريو أرغوايا، وهناك جائزة لكل من يعمل متراً زيادة، كروتسيروس (عملة البرازيل) .. نضحك، ومعها تضحك النساء التي يضعنها بين أثدائهن الصلبة، وسيكون هناك الخمر، الكثير من الخمر، ثم نسيان من جديد، لماذا التفكير، أيها الرفاق، التفكير يكلف النقود، وما يقوله باولو الجيرا صحيح من أننا نستغل، نعم تحن حيوانات عمل والسيد الكبير بولو في العاصمة برازيليا يحصل من أتعابنا على مؤخرة ذهبية سمينة، ولكن من يستطيع تغير ذلك ..؟ نحن ..؟ نحن لا نستطيع سوى عمل شوارع قذرة،  الثورة هي شيئ ... هي لمن يستطيع فعل ذلك. نحن بحاجة إلى هذه القروش إننا جياع، ولكل منا في هذه البلاد زوجة وأطفال، وهؤلاء يريدون أن يعيشوا أيضاً، إذن فلنواصل، نواصل أيها الرفاق..
افترسوا هذه الغابة اللعينة، كسروا هذه الأشجار العملاقة وأمضوا في شق الطريق بعرض اثنا عشر متراً، ولا تفكروا يشيئ، فقط لا تفكروا بشيئ، لا تفكروا بالذين أنقلب بهم الزورق وسقطوا بين أسنان البيرانا، أما إذا فكرتم، فماذا ستحصلون من ذلك ..؟
استلقوا هنا كأنصاف بشر، إذا استطعتم البقاء على قيد الحياة. أما إذا أصبحتم من ذوي العاهات ولا يعتني بكم أحد، فهنا علي الأقل السيد الكبير بولو، لا باولو الجيرا، لأنه خنزير فقير مثلنا، فقط لديه دماغ أكبر من أدمغتنا، ولكن ماذا ينفع ذلك ..! الأثرياء هم الأقوى، وعلينا أن نعتاد على ذلك ...
استندت نورينا سامازينا بجسدها إلى الخلف، عيناها السوداوتان اختفتا من دائرة الضوء المنبعث من المصباح الصغير المتواضع على طاولة جبهارت، ورفعت ساقيها ولفت ذراعيها حول ركبتيها، كان سروالها الأزرق (الجينز) الضيق قد بهت لونه كما هي التقليعة، كان يظهر فخذيها الطويلين وخصرها الدقيق.
" لماذا جئت إلى هنا ".
" لقد سألت هذا السؤال أليس كذلك ؟ ".
" لا أدري، ربما ولكنك لم تجيبيني على السؤال ".
لا أستطيع النوم، هل هذا جواب ؟ ".
" هذا تبسيط ".
" الحياة كلها بسيطة إذا كنت تريدها هكذا، المرء ليس بإمكانه النوم لأنه يستطيع التفكير، والمرء يذهب إلى أحد ما يؤمن ويثق به، لكي يستطيع التحدث معه. هذا هو كل شيئ ". قالت ذلك ثم نهضت " ليلة طيبة كارلوس ".
" رجاء أبق بعد نورينا " قال جبهارت بتأثر" أنا أيضاً لا أستطيع النوم، فهذا النهار، اليوم ... الحادث المؤسف، وبرأي النقيب بانديرا كان حادثة قتل ".
" نعم إنها حقاً جريمة قتل، والضحايا ينتمون إلى وحدة عمل، كانوا قد احتجوا لدى لويس جيروس اريراس عن شروط العمل اللابشرية ".
" إذن فهم يستهدفون قتلي أيضا "
" بسبب تقاريرك وشكاواك المستمرة ..؟ .. لا " ابتسمت ابتسامة عطف " الورق يمكن أن يجمد، وبالامكان تمزيقه وإتلافه في ماكنة تفتيت الورق. أنت تستطيع أن تكتب بإصبع مدمي. ولكن بالنسبة للسادة هناك فوق، فإنك سوف تبقى الألماني المثالي البيروقراطي المخرف، غير خطر بالمرة، وإذا كنت تحرض العمال بواسطة الخطابات، آنذاك نعم ... ولكنك لست من هذا الطراز، إنك لست ثورياُ، أنت تكتب تقارير على الورق، إنها طريقة ألمانية ".
" وهل تعرفين أنت استخدام قبضتك  ؟ ".
" نعم ".
" هذه القبضة الصغيرة الجميلة ؟ ".
" إنك بهذا الهراء تثير أعصابي كارلوس " ودفعت نورينا خصلات شعرها الأسود على جبينها، فتوترت بلوزتها الضيقة أكثر، مبرزاً جمال وصلابة صدرها، كانت تبدو رائعة يشتهيها المرء بقوة، وإن كانت بعيدة المنال، ثم أردفت نورينا " لابد أن أذهب ".
" لماذا ؟ رجاء أمكثي أكثر ".
" طوال الليلة ؟ ".
" إذا كان لديك وقت لي، نعم طوال الليلة".
هزت كتفيها وجلست على الكرسي ذو المسند " أتريد أن تنام معي كارلوس، أليس كذلك ؟ " قالت ذلك برزانة. وكان صوتها الثابت عظيماً، رائعاً ذو رنة يسمعها المرء في الأحلام، يالها من صفعة على الوجه، غطس برأسه بين كتفيه عندما خانته نظرته وأمانيه.
" لا أعلم ... ". قال ذلك بتردد.
" لماذا تكذب ؟ طبعاً تريد أن تنام معي، فأنت لم ترجو مني البقاء هنا لأنك معجب بنضالي الطبقي ".
" أنا ... أنا معجب بمواقفك، هذا هو كل شيئ " ثم وقف واستدار من حول الطاولة فيما ظلت هي واقفة في مكانها دون حراك تقريباً، كانت تلاحقه فقط بعينيها الواسعتين، رفعت رأسها إليه بقوة، وكان أطول منها قامة بمقدار الرأس.
" والآن ماذا ..؟ " سألت عندما وقف جبهارت صامتاً جامداً أمامها " أفعل شيئاً كارلوس ".
إني أتذكر قبضتك التي بوسعك استخدامها جيداً نورينا ..".
" ولكن لدي أيضاً يدين مفتوحتين، أستطيع أن أمسد بهما ".
" هذه لعبة حظ ".
" الحياة كلها عبارة عن مجازفة كارلوس " ثم ألقت عينيها وتقدمت برأسها أكثر وقالت " وأخيراً.. قبلني الآن..! " قالت ذلك بصوت قد غدا أكثر عتمة ودفئاً " هيا .. هيا .. رجل يريد أن يشق طريق عبر الغابة ويخاف من امرأة .. كارلوس ".
لم تكن قبلة اعتيادية، كانت شفتاها مضموتين تماماً، ومعانقتها ذات شعور جارف، وكأن الجسدين قد التحما في جسد واحد.
" هذا ما فكرت به عندما شاهدتك للمرة الأولى " ثم أضافت " أنا أعلم أن هذا لا معنى له، وأنت تعلم ذلك أيضاً، ولكن في هذه الغابة يجب أن نحيا من ساعة لساعة، وهذه الآن ساعتنا ".
وبدأت تخلع ثيابها، وكأنها لم تفعل ذلك من قبل، فخلعت سروالها الأزرق (الجينز) ثم البلوزة، واستدارت وأعطت ظهرها له ليساعدها في خلع حمالة الثديين، ثم استلقت بعريها الرائع على السرير في الزاوية البعيدة للغرفة. وقف جبهارت أمامها جامداً يتطلع إليها، وكأنها ملاك هبط من السماء، ثم استفاق أخيراً وخلع ثيابه واستلقى إلى جانبها.
كان دفئ جسديهما يعصف به بشعور لا يمكن الحديث عنه، كما لو لم يشعر بذلك أو يتعرف عليه لدى أي امرأة أخرى قبل نورينا، وأدرك أن ذلك سوف لن يكون لدى امرأة بعدها.
" أحبك " قالها بحرارة قبل أن يأخذها " يا إلهي كم أحبك ".
" لا تتكلم هكذا بحماقة ! " قالت له بصوت غليظ تقريباً " إننا نعلم بأننا نحب بعضنا ونمارسه فلماذا نتحدث عن ذلك ".
وأنحني مستديراً لها ولامس نهديها، فألقت برأسها إلى الخلف وأطلقت تنهيدة، وتقلص جسدها الممشوق كالوتر الذي سيطلق سهمه حالاً، وعلى البشرة الناعمة برزن العضلات كما لو أنها مستعدة للانفجار، أو أنها ستفر من جسدها، آنذاك ألتفت ذراعاها حول كتفي جبهارت تضغط به إليها وعضته في صدره، كانت وكأنها في قبضة فارس، قاطع طرق، إنها مسألة حياة أو موت .. وكانت سعيدة.
لم يكن هناك امرأة مثل نورينا سامارينا.
لم يلاحظ أن أحداً ما كان قد دخل الغرفة وظل واقفاً على الباب، إلا عندما أفرزت الظلمة هيئة إنسان في الظل، افترقا عن بعضهما وسقطا جانباً كما لو كانت نهاية جولة مصارعة، ومضيا يتنفسان بقوة، والضوء الخافت للمصباح المنضدي كان يلقي شيئ بسيط من الضوء عليهما، ولم يشعرا بدخول شخص إلى الغرفة.
" أترك الغرفة إلى الخارج ... ! " علا صوت جبهارت بلهجة آمرة " اللعنة، ماذا تبحث هنا في الليل داخل غرفتي .. ؟ ".
" كارلوس ! " وكان ذلك صوت بانديرا .
أزاحت نورينا الشعر المبلل بالعرق عن وجهها، ولكنها لم تغطي نفسها ولم تشعر بالخجل، ولماذا ؟ فالحب أمر طبيعي، ومن يريد أن يراها فليفعل ذلك ! ففي الغابة العملاقة يشعر المرء أن الإنسان ليس سوى قطعة ضئيلة من الطبيعة الكبيرة.
" ألم يكن لديك وقت للانتظار حتى الصباح ؟ " سألت نورينا وكان صوتها قد عاد هادئاً رزيناً.
تقدم ضابط الشرطة النقيب بانديرا حتى أصبح ضمن دائرة الضوء، وكان قد أستبدل ملابسه الرسمية المغطاة بالدم، وهو يرتدي الآن سروال مدنياً نظيفاً وقميصاً عسكرياً. " كارلوس ينبغي أن تعلم شيئاً، قبل أن تتوجه غداً صباحاً إلى وحدات العمل في المقدمة " ثم أعقب قائلاً " وهو مهم لك أيضاً يا نورينا ".
وجلس على الكرسي فيما جلست نورينا على ركبتها، وكانت قد وضعت شيئاً على جسدها وساقيها.
كان عدم حياءها قد شتت أفكار جبهارت، وظن أن الأمر ربما هكذا عند الثوريين، وأنا ليست لي تجارب في هذا المجال، والحب هو جزء من تحررهم الكبير، لربما هكذا هو الأمر الموقف من العالم يصل حتى الضمائر والعواطف.
" ماذا هناك مهم لهذه الدرجة ؟ " سأل وقد خجل من عريه، فوضع منشفة على وسطه وجلس بجانب نورينا.
" لقد استجوبت الفاعلين المفترضين، طبعاً يكذبان، إنهما اثنان من العمال الذين كانا سابقاً في وحدة عمال أريراس عندما كان هذا لما يزل بعد مراقب عمال، والكل يعلم أنهما متخصصان، ولكن لا أحد بوسعه أن يثبت ذلك، ولكني علمت أن إدارة البناء والمشروع قد وعدتهما بقطعة أرض وقرض من أجل بناء كوخ صغير، إن قاما بالسعي والإبلاغ عن كل عامل مشاغب، وإنهما قد فعلا ذلك على الأقل ".
" أفهم ذلك " ثم نهضت نورينا، وأخذت ترتدي ثيابها " هل جراحهما خطرة ؟ ".
" يمكن التعرف عليهما " أجاب بانديرا بسخرية ورمق جبهارت بنظرة هلع.
" يا إلهي، هل قمت بتعذيبهم ؟ " سأل بحرارة، ثم تحول بنظره إلى نورينا التي ارتدت البلوزة دون حمالة الصدر.
" بعض الأشخاص هم كالأبواب المغلقة التي ضاعت مفاتيحها " أجاب بانديرا وأردف " ولابد من كسر هذه الأبواب وغالباً ما يكون خلفها فارغاً .. ولكن هنا في هذه الحالة قطعة أرض وكوخ ".
" سأتي معك " قال جبهارت ونهض واقفاً.
" كلا أبقى هنا كارليتو (أسم كارل تحبباً) هزت نورينا رأسها رافضة، ثم سحبت جبهارت إلى السرير . " أنتظر هنا، سأعود إليك حالاً ".
" إنني مسؤول عن العمال عندي هنا " هتف جبهارت " إنني أحتج أيها النقيب بانديرا ! " .
" حسناً أني استلمت احتجاجك، أكتب تقريراً إلى برازيليا ".
" سوف لن أكتب تقارير بعد الآن " هتف جبهارت وقفز واقفاً " سوف لن أكتب تقارير بعد البتة ! ".
" لقد أفلحت في تربيته وبسرعة يا نورينا " قال بانديرا بلهجة اعتراف " حسناً تعال معي كارلوس، ربما لا يكون في ذلك ضير إذا هبطت من معبدك الإنساني، أتعلم كم يربح هيرمانو سانتوس بولو من كل كيلومتر من طريق الجحيم هذا على ظهور هؤلاء العبيد المستغلين.؟ وحتى على ظهرك، والحكومة تمنحه أكثر مما يستحق في حساباته، ولكنه لا يعطي عماله سوى نصف مستحقاتهم، كل قطرة عرق سفحت هنا هي بالنسبة له ورقة نقدية، ولكن الناس هنا راضون بهذا القدر، فإما أن يفطسوا أو يعيشون من حسنات بولو، ليس هناك خيار آخر " وتطلع إلى نورينا التي كانت تجفف العرق من وجهها بالمنشفة وقال " أنذهب ؟ ".
" نعم " .
في الخارج أستقبلهم ضجيج المعسكر، والحفل الموسيقى لحيوانات الغابة اللامتناهية، كانت شعلة المعسكر قد خبت، والوجبات التي أنهت عملها نائمون نوم الموتى، وغيوم من البعوض تحاصر الخيم الصغيرة، وفي المداخل نصبت الناموسيات، وقرب سيارات المستشفى تضئ مصابيح قوية تعمل على البطاريات. والخيمة الكبيرة ذات الصليب الأحمر كانت قد نصبت ووضع مصباح على الجدار الخلفي للخيمة، وكان الدكتور سانتالوس مهتماً بجلب الذين تم التحقيق معهم، وإلى جانب المدخل، كان هناك شخص يقف بالانتظار: باولو الجيرا .
" أنا لا أدري إذا كنت تفهمنا كارلوس " قال بانديرا عندما كانوا يسيرون بين الأشجار المقطوعة ونورينا معهم.
" هذا غير صحيح ! ".
" أنت تكره العنف ".
" الإرهاب كوسيلة للحرية أمر مخالف للمنطق ".
" هذا ما يقوله شخص أوربي، العالم هنا في أميركا اللاتينية مختلف عن عالمكم، كيف يمكن للمرء أن يعرض ما يدور هنا على طاولة بيرة، فهنا يعيش الصغار بحسب أمزجة الكبار، هنا يرغم الجياع ويقمعون خلف القضبان وينال الكبار أوسمة الجريمة، وهذا ما شاهدته بنفسك الآن ".
" نعم لقد هزني ذلك ".
" جيد أن يكون قد هزك، العالم بأسره قد هزه الأمر، ولكن هل يغير ذلك شيئاً ؟ هل تحيل نظرات المعاناة والحزن للفقراء، هل تجعلهم أغنياء، هل الأغنياء عادلون ؟ ماذا يفيدنا شعور المشاركة العالمي ؟ ينبغي علينا النضال من أجل حريتنا بأنفسنا، المرء لا يهتم لحقل هادئ، ولكنه يتأثر لجبل يلتهب بالنيران ".
ظلوا واقفين أمام المستوصف الكبير " هل هناك شيئ جديد يا باولو ؟ ".
تطلع الجيرا إلى جبهارت، ثم تحول بنظره إلى نورينا " لقد علمت أن أريراس يضايق خطيبتي آليا، إنه يترقبها وينصب الكمائن لها، ويعرض عليها النقود، يمد يده إلى صدرها وعلى مؤخرتها ..".
" وهذا أيضاً ! " أزاح بانديرا الناموسية بحدة، كانت رائحة الدم مختلطة مع بخار الهواء الساخن تصفع وجوههم، كان العاملان اللذان صدما الزورق جالسان على مقعد أمام الدكتور سانتالوس كان وجهيهما منتفخان، ولم يكن بالامكان التعرف عليهما إلا بصعوبة، والجزء الأعلى من جسديهما عار ويبدو وكأنهما قد تعرضا للشوي على النار، وكانت أثار ضرب دموية عريضة على جسديهما.
" بدلاً من الثرثرة، كان ينبغي وضع الفلفل على جراحكما ! " قال بانديرا وأردف " وكيف حالك دكتور ؟ ".
" إنهما في وعيهما أيها النقيب " ألتفت دكتور سانتالوس والتقت نظراته بجبهارت كالسهم، ثم تحول إلى نورينا سامازينا، وقد اعتبرت هذه النظرة فاحصة وكأنه يستطلع ما جرى بينهما، واجهتهما نورينا بفخر. كانت ثقتها بنفسها وقوة شخصيتها تقول: نعم لقد رقدت مع هذا الألماني لا تسأل لماذا ، سوف لن أمنحك إجابة على سؤالك.
تقدم جبهارت صوب العاملين اللذين تعرضا للتعذيب وتفحصهما صامتاً، ثم ألتفت ولاحظ جداراً من العداء الصامت: سنتالوس، نورينا، بانديرا، بابلو الجيرا، كانوا متحدين في تجاهل مشاعر العطف الذي يبديه جبهارت لهما.
" هكذا إذن تبدو الحرية " قال ذلك بمرارة.
" كلا، ما تراه الآن هو حجارة اقتلعناها من جدار سجننا " تقدم بانديرا إلى الأمام وضرب كل من العاملان المشبوهان صفعة، سقط رأسيهما المهتز إلى الخلف، ولكنهما لم يطلقا صوت " من أعطاكم الأمر لكي تصدموا الزورق ؟ " سأل بانديرا.
ألتزم العاملان الصمت، فأستدار بانديرا على عقبيه.
" هل هما قادران على المشي ؟ " سألن بانديرا وسانتالوس.
" لا توجد أي أضرار على قدميهما " أجاب الطبيب.
" هل هما قادران على العمل ؟ ".
" بوسعهما أن يحركا ذراعيهما ".
" هيا أخرجا من هنا ! " أمر بانديرا " إلى مخيم الجسر .. هيا ".
نهض كلا العاملان وسارا بتثاقل يستند أحدهما إلى الآخر وخرجا من الخيمة.
" قف " قال جبهارت بصوت عال " أيها النقيب بانديرا إنك مسؤول عن الأمن في المخيم، وليس لك الحق أن تتدخل في عمليات المشروع والأعمال، من يعمل هنا أو لا يعمل فذلك ما أقرره أنا " تطلع العاملان بعينين منتفختين إلى جبهارت الذي بادر وسأل:" ما أسميكما ".
" فيليب ".
" جوزيه ".
" أنتما مجازان لمدة أسبوع بأجرة كاملة أرقدا في خيمتكما ".
" شكراً سيد " وأحنيا رأسيهما، وكأن الآخرين لم يكونوا موجودين، قبلا يد جبهارت، وأخذا يعرجان وهما خارجان من الخيمة واختفيا في ظلمة الليل.
" والآن فإنك تبدو فخوراً، أليس كذلك " قال بانديرا بهدوء " هاذان مجرمان يا سيد كارلوس ".
" إنهما لم يدانا بعد " قالها ونظر إلى نورينا.
" كلا " كانت عيناها السوداوان تطلقان البرق. أبتسم سانتالوس.
" إنني مع العدالة " أوضح جبهارت " إنني أساعد من أجل تحقيق الكرامة الإنسانية، وأنا لست أعمى، إنني أعلم بأننا نشغل هنا أفقر الرجال في أصعب الأعمال، إنني أستحسن الاشتراكية، لابد أن ننقذ أنفسنا من هذه العبودية الحديثة، ولكني أتقزز من العنف والإرهاب وإسالة الدماء ".
" هذا يبدو رائعاً " قال بادنيرا وغادر الجماعة، ولكنه أستمر يتبعهم حتى النهاية الخلفية للخيمة، وقال لهم " أو أن تحاولوا شيئاً آخر، أذهبوا إلى برازيليا والحسوا أقدام هرماندو بولو أو مؤخرته، وهو سيقول لكم أيهما أحب إليه ".
كان الجمال وسحر الحب في تلك الليلة قد أنحسر ومضى، سار جبهارت إلى غرفته غاضباً، وقذف بنفسه فوق سريره، وأخذ يحملق في السقف، كان صراعه الداخلي على أشده.
لا عنف، هكذا كان جبهارت يفكر في نفسه، وبدا قول ذلك سهلاً: إذا غادر المرء في أي  وقت هذه البلاد فبوسعه أن يعود إليها، حيث يسيل الحليب والعسل. ترى كيف يستطيع هؤلاء الناس الفاقدون لحقوقهم أن يحصلوا على حقوق ..؟ دون أن يستطيع أن يفكر ؟ وأن يتحدث ؟ ينادي ؟ يشكو ؟ إن السادة في الدوائر الحاكمة يضحكون على مثل هذه الأفكار، ترى: أحقاً لا يوجد سوى طريق واحد وهو الثورة ؟ هل يتغير البشر فعلاً بالدماء !
يا إلهي ... ماذا ينبغي أن نفعل ؟ .. ماذا يستطيع أن يفعل مهندس صغير يدعى كارل جبهارت ضد احتكارات المال والسلطة، هل باستخدام العدل والأخلاق ؟ ماذا يستطيع المرء أن يفعل ؟.
في وقت ما من هذه الليلة، فتح الباب مرة أخرى، رفع جبهارت رأسه، وبدا أن ظلاً نحيلاً دلف إلى الغرفة.
" أهذه أنت ؟ ".
" نعم  ؟ ".
" ماذا تريدين ؟ ".
خلعت ثيابها وانزلقت عارية فوقه، ضغطت بجسدها إليه على الجدار.
" لقد ... " قالت ومسدت بيدها على رأسه " لقد تحدثنا من قبل عن العبودية، إنها توجد فعلاً، وأنا أصبحت واحدة منهن ".
بحثت بشفتيها عن فمه، ثم رمت بنفسها فوقه، كحيوان متوحش جائع.في الصباح كان كلا المشتبه بهما، فيليب وجوزيه، قد اختفيا من المعسكر، كانت خيمتهما فارغة ولم يراهما أحد. وبوجه يلوح عليه الغضب، وبصمت قاد الجيرا البلدوزر الثقيل في الطريق يسحب جذوع الأشجار الضخمة الملقاة على جانب الطريق، ودك أرضية الغابة حتى بدت صقيلة، وأبدى عدم اكتراثه بشؤون جبهارت، إذ رفع كتفيه كدلالة على عدم اهتمامه، فيما كان وجهه البني العريض جامد القسمات دون حراك.
طبعاً لم يكن الدكتور سانتالوس يعلم شيئاً، أما الممرضان فلا داع أن يسألهما، وتوجه النقيب بانديرا إلى جبهارت بالسؤال " ها أنت ترى إنني أكتب تقريري، وهذا العمل ينبغي عليك أن تعرفه ".
أما زملاء العاملان، فقد كان لديهم ما يفعلوه عدا الاهتمام بفيليب، فالصراع اليومي ضد الغابة كان أهم، فالأمر يدور عن الكروسيروس (العملة البرازيلية). فيليب وجوزية لن يدفعا لنا يا سيد، بل ساعات العمل هي الأهم، فتلك تسجل عند أريراس في المكتب ويدفع لنا بموجبها.
" لقد هربا " قال بانديرا " هذه البلاد تبلع أوغاداً مثل قطار الفحم، فلننساهم ".
وبعد الظهيرة، وجدوا فيليب وجوزية، كانا مستلقيان على جانب الطريق بين الأعشاب بالكثيفة على وجهيهما، وبرأس كل منهم رصاصة في الخلف.
لم يكن هناك أي اضطراب سوى حملهما إلى المستوصف، حيث سجل الدكتور سنتالوس وثبت حالة الوفاة، ووقف النقيب بانديرا إلى جانبه يدخن سيكارة.
" الآن لدينا برهان على حدوث جريمة قتل في المعسكر " قال جبهارت بصوت عال، وهذه الآن حقاً من واجبات الشرطة ".
" نحن سنهتم بالأمر، أعتمد على ذلك " قال بانديرا وغادر المكان. وأمام المستوصف أمسك جبهارت بكتفه بقوة، وكانت حركة مفاجئة وقوية، التي لا يستطيع المرء التخلص منها بسهولة " كلمة واحدة أخرى يا سيد كارلوس، نورينا مجنونة، هذا بالمعنى المجازي طبعاً، إنها فتاة ذكية، ولكنها بالنسبة لك مجرد مجنونة، أنها تحبك ".
" أستحسن لو أننا لا نتطرق إلى هذا الموضوع أيها النقيب " قال جبهارت بلهجة حازمة.
" أنا أريد ذلك كارلوس، أريد أن أتحدث معك حول نورينا، بشكل مختلف، في الواقع أنا أريد أن أهنئك على هذه المرأة الفريدة، إذا كنت تستلقي معها في السرير في فنندق بالاس في ريو، وليس في غرفة خشبية على حافة الجحيم، ولكنك على أية حال هنا الآن، و الحب هنا ليس حباً كما لو أنك في بلاد الشمس المباركة، وأنا أدرك وبقلق أنها لا تعرف ماذا يعني هذا الحب لها ".
" أنت تريد أن تحدثني عن الجنون وعن الحماقات ".
" بشكل من الأشكال نعم " رد بانديرا " نحن كنا ليلة أمس نتحدث عن البركان الذي نعيش فوقه، بركان يختزن معاناة البشر وآلامهم، وأفكار سياسية، وأمنيات اشتراكية. نورينا سامازينا هي مادة ملتهبة، الذي يمكن أن يؤدي إلى انفجار البركان، أليس هذا واضحاً لك ؟ ".
" نعم بالتأكيد، لقد تناقشنا مطولاً حول ذلك، إنها فخورة أن تكون ثورية ".
" وهل بالنسبة لك واضح ماذا يعني ذلك، أن تحب فتاة ثورية ؟ ".
كانا يقفان وسط فسحة خالية جرداء، وأمامهم النهر الذي ركب عليه الرجال الجسر المتحرك، كانت وحدات الإسقاط قد أتمت واجبها وكانوا قد وضعوا الألواح عبر النهر وكلا الضفتين للنهر قد جرى تنظيفها بواسطة الفؤوس والمكائن والبلدوزرات الصغيرة، وكانت جذوع الأشجار الأولى مائلة إلى الجدار المطاطي لنباتات اليانين ونباتات استوائية أخرى، كانت الغابة ما تزال تواصل الدفاع عن نفسها ضد هذا الجرح الطويل والعريض الذي أصابها به البشر.
" لابد أن تعمل معنا كارلوس ... وهذا يعني " قال بانديرا بجدية " معنا .. أو تقذف نورينا خارج سريرك، إذ لا توجد حلول وسطية توفيقية، بهذا الحب أصبحت أنت أيضاً ثورياً ".
" إنني أرى شيئاً آخر أيها النقيب بانديرا ".
" إذن فإنك ترى خطأ ".
" إنني سآخذ نورينا معي إلى ألمانيا ".
وبدا على بانديرا إنه كانت ينتظر كل شيئ إلا هذه، تطلع إلى جبهارت، فقد شعر وكأن هذا الرجل قد ضربه بسكين في صدره " وهل تعرف هي ذلك ..؟ ".
" كلا ".
" ألم تقل لها ذلك بعد ؟ ".
" لم أفكر بالأمر إلا بالهزيع الأخير من ليلة أمس، بعد أن شاهدت الرجلين المتهمين الذين ضربا في التحقيق، نورينا سوف لن تبقى في هذا البلد ".
" إنني أعتقد، إذا قلت لها ذلك " قال بانديرا ببطء " فإن نورينا سوف تقتلك كارلوس، أنا كنت على حق قبل لحظات، إنها امرأة ليست لك، بالنسبة لك الاستمرارية غير واضحة، إذا أتخذ المرء نورينا كحبيبة، أتريد أن تأخذها إلى ألمانيا ؟ .. هكذا ببساطة تركب في طائرة وتطير بعيداً ..! وتترك البرازيليين ورائها، هكذا بخطوة قدم ! أنظر كيف سيكون ذلك، المشكلة الإنسانية الكبرى لا تكمن في البيرة التي أشربها، فأنا لي حياتي السعيدة في بيتي " ثم سحب بانديرا جبهارت من سترته ليقربه إليه وقال " إنني أحذرك، ليس مني، لا، بل من نورينا. في هذه البلاد يمكن أن تحز المرأة رأس حبيبها بعد ليلة حب، وهي تفعل ذلك كبطلة من أجل شرفها ".
" ولكن ليس نورينا .. هل تسمح أن تتركني رجاء أيها النقيب ؟  ".
" المعذرة كارلوس " ترك بانديرا يده تسقط من كتف جبهارت وأضاف " إنني قلق من أجل حبكما، أليس هذا غير مخالف للمنطق ؟  مشكلتكما هي مشكلتي، ولماذا ..؟ لأنها فتاة شجاعة ومستقلة بنفسها، ولكن القدر قذفها الآن في هذه الغابة، أنت تمتلك أجمل إمرأة رأيتها، وهي في هذا المكان الدموي المتعب شئت أم أبيت، إنك ستسافر، واليوم ! ".
" لدي عقد بالعمل لأربعة سنوات بانديرا ".
" مع الالتزام بالموت " ضحك بانديرا بخشونة " هؤلاء الألمان ! تنفيذ الالتزام حتى مترين تحت الأرض " (*)
" مثلك أيها النقيب ".
" أنا برازيلي، إنها بلادي، وطني، أنت لديك هنا عقد فقط، قطعة ورقة قد تصلح لمسح المؤخرة ".
" والآن أنا مع نورينا في بلادكم ".
" إذن عليك أن تكون ثورياً أيضاً " قال بانديرا بصوت عال " كارلوس لا أستطيع مساعدتك على هذا القرار الحاسم الذي لن يتخذه سواك، ولكن لا تنسى شيئاً واحداً، أن نورينا أولاً وطنية، ومن بعد ذلك حبيبة وليس العكس، ولن يكون بوسعك تغير ذلك أبداً ".
استدار وأخذ يسير بهيئة عسكرية وسريعة، ونظر إليه جبهارت بعمق متأملاً.
حملت الجثتان من المستوصف، وكانا قد غطيا بقماش خيمة، وقد بدت قدميها خارجاً تتأرجحان هنا وهناك، والسود الذين كانوا ينقلون الجثتين مروا بالقرب من جبهارت وساروا بأتجاه الغابة حيث توجد هناك قبور كثيرة. وكان جبهارت يحفظ في ذاكرته الإحصائية التي أرسلها في تقرير إلى برازيليا: أسبوعياً وكمعدل: أربعة حوادث كما يطلقون عليها في لغة المكاتب: موت مجهول في الإحصائيات المجردة. أسباب الموت سعال دموي، تسمم، خوار القوى، نزيف دموي، ضربات سكين فير واضحة، حوادث وثرثرة كثيرة عن موت بسبب سقوط أشجار عملاقة، وكان يجري دفن الموتى بصرف النظر إن كان مسيحياً أو لم يكن. وحتى الآن كان الممرضون يقومون بالصلاة على الموتى، وهم يؤدون ذلك بأفضل من القيام بواجب حمل حقيبة التمريض.
ولكن لاحقاً عندما سيبلط الطريق في المرحلة النهائية سوف لن يرى المرء قبوراً، حيث أنهم سيأتون بالزوار بفخر، ولكن لن يدعوا شاهداً وبرهاناً ودليلاً على وحشية العمل الذي جرى هنا. جبهارت أصبح متأكداً بإن عليه أن يذهب إلى دائرة التخطيط المركزي في كيرس حيث كانوا يقومون بتسوية جوانب الطريق، فالمسافة هذه تدعى طريق الحرية وليس طريق الموت ...!
ـــــــــــــــــــــــــ
(*) يقصد حتى القبر ــ المترجم

للراغبين الأطلاع على الجزء الثالث

http://www.algardenia.com/qosesmenaldakera/17242-2015-06-15-11-37-41.html

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1146 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع