دَوّرْ رِجال الْمِساحَةِ العسكرية في الْحَرْبِ الْعِراقِيَةِ الإيرانية ( 1980 – 1988 )

  

دَوّرْ  رِجال الْمِساحَةِ العسكرية  في الْحَرْبِ الْعِراقِيَةِ  الإيرانية ( 1980 – 1988 )

    

       

1. المقدمة

أ. الكلية العسكرية العراقية في منتصف القرن العشرين كانت قِبْلَةَ الشباب العراقي والعربي المؤمن بأهمية الإنخراط  في هذه المؤسسة العراقية العريقة التي تَرْفُدْ الجيش العراقي الباسل والجيوش العربية برجال مُسَلَحْيّنْ بِالْعِلِمْ والخِبْرة العملية التي تُُؤهِلِهِمْ لقيادة الوحدات العسكرية للدفاع عن حدود العراق والوطن العربي ، في اليوم الأول من الإلتحاق بالكلية العسكرية وعند الدخول إلى قاعة منام الطلاب المنظمة تنظيماً رائعاً تجد أمام كل خزانة حديدية ( دولاب ) من خزائن الطلاب بطانية مفروشة على الأرض ذات وجهين الوجه الأول بِاللون الخاكي مَكْتُوبُ عليها الكلية العسكرية والوجه الثاني بِاللون الأخضر الفاتِحْ ، وضع فيها كامل التجهيزات العسكرية زائداً الكتب العسكرية المقرر تدريسها في السنة الأولى الصف المستجد...

               

من ضمن هذه الكتب كتاب التخطيط لِمُؤلِفهُ المرحوم اللواء الركن حسين مكي خماس ..

             

و لاحقاً تم تنقيح هذا الكتاب وإعادة طَبْعُهُ وبِتَصْمِيمٍ جديد من قبل نجل المؤلف الأول اللواء الركن علاء الدين حسين مكي خماس أطال الله في عمره .

ب. تناوب على تدريس مادة التخطيط لطلاب الدورة 44 حيث كُنْتُ أحد طُلابها في السنة الأولى النقيب مدفعية  ضياء الدين جمال (الفريق الركن قائد الفيلق الثالث لاحقاً ) وفي السنة الثانية والثالثة  الملازم الأول مدفعية  عبد الجواد ذنون (الفريق الأول الركن رئيس أركان الجيش لاحقاً) أطال الله في أعمارهم ، أغلب مواضيع كتاب التخطيط مضمونها يتعلق بقراءة الخريطة في الميدان ( مقياس الرسم للخريطة -  توجيه الخريطة إلى جهتها الأصلية – إيجاد المحل على الخريطة – قياس المسافة على الخريطة  - الإحداثيات –  المُنْحَنَياتِ الأفقية ) إضافَةَ إلى مواضيع أخرى كثيرة منها إتجاه الشمال الحقيقي والإتجاهات المغناطيسية والوسائل المساعدة على قراءة الخريطة منها ( الحك (القنباص) - المنقلة العسكرية - عجلة قياس المسافة ) .

2. مُدِيرِيَة الْمِسْاحَةِ الْعَسْكَريَة
أ. مديرية الْمِساحَةِ العسكرية مقرها في مدخل الشارع الموازي لشارع فلسطين الذي  يؤدي إلى وزارة الداخلية وفي الجهة  المقابلة   للوزارة في هذا الشارع  يوجد مُعَسْكَرْ كلية  القيادة  وإلى جوار سياج الكلية يوجد عدد من الجملونات وفي هذه الجملونات كانت  تُرْكَنْ ورشة مكائن طباعة الخرائط العسكرية العائدة إلى مديرية الْمِساحَةِ العسكرية.

ب. رجال الْمِساحَةِ العسكرية هم الجُنود المَجْهولون بكل معنى الكلمة الذين  لم تطأ  أقدامهم  المناطق الخلفية من أرض المعركة لكن جُهْدَهُمْ وعملهم   وإنتاجهم موجود في كل متر من جبهات القتال براً وبحراً وجواً ولايمكن إنجاز أي عمل عسكري بدون إنتاجهم سواء على صعيد القوات البرية أو القوات الجوية أو طيران الجيش أو القوات البحرية جهدهم مثبت في كافة مراكز القيادة في أعلى المستويات العسكرية والقيادات الميدانية من مستوى الفيلق نزولاً إلى مستوى الفوج / الكتيبة ولدى كل قائد ميداني من مستوى قائد فرقة إلى مستوى آمر فصيل / آمر رعيل / ضابط راصد ولدى كل طيار يقود طائرة مُقاتِلْةَ أو طيار يقود طائرة سمتية مقاتله أو قائد قطعة بحرية في عُرْضِ الخليج العربي .

ج. من هم هؤلاء الرجال ماهي رتبهم العسكرية ، ماهو إرتباطهم بأي دائرة من دوائر وزارة الدفاع ، ماهو تأريخ تشكيل صنفهم إن صح التعبير، إين مكان عملهم ، ما نوع مكائن الطباعة التي لديهم ، من أي مَنْشَاْ مستورد، كم ساعة يعملون في اليوم ، كم نوع من الخرائط يطبعون ، أين ذهبت مكائن الطباعة العائدة لهذه المديرية بعد إحتلال العراق ، ماهو مصير هؤلاء الرجال بعد حل الجيش العراقي الباسل من قبل الشيطان الملعون بريمر؟
 كل هذه الأسئلة مطلوب الإجابة عليها وبالتفاصيل الدقيقة لأهميتها
د. رجاء إلى كل الذي يقرؤون هذا المقال تبليغ من يعنيهم المقال لتوثيق جهدهم وتأريخهم لأنه أمانة تأريخية بأعناقهم ، جهدهم وخدمتهم  للجيش العراقي الباسل لا يعلو شئٍ عليها ، نعرف عنهم القليل ونأمل أن يسلط الضوء على عملهم ليطلع شباب العراق على جهد هؤلاء الرجال الغيارى المخلصين .

          


3. أنواع الخرائط
أ. الخرائط الطبيعية .
ب. الخرائط الجغرافية.
ج. خرائط طرق المواصلات .
د. الخرائط السياحية .
ه. الخرائط التربيعية ( العسكرية )
و. كما توجد خرائط للأغراض الزراعية والأغراض الصناعية .

4. أنواع الخرائط التربيعية ( العسكرية ) حسب مقياس الرسم

المقصود بالخرائط التربيعية هو رسم خطوط التشريق و خطوط التشميل   ( خطوط الطول وخطوط العرض ) على وجه الخرائط وذلك لغرض إستخراج الإحداثيات إلى العوارض الطبيعية والأماكن الصناعية المثبته على الخرائط و المواقع العسكرية المؤشرة على الخرائط وهي :
 
أ. خرائط مقياس 1 / 1000000  - واحد سنتيمتراً على الخريطة يساوي عشرة كيلومترات على الأرض .
ب. خرائط مقياس 1 / 500000  - واحد سنتيمتراً على الخريطة يساوي خمسة كيلومترات على الأرض .
ج. خرائط مقياس 1 / 250000   - واحد سنتيمتراً على الخريطة يساوي إثنان ونصف كيلومتر على الأرض .
د. خرائط مقياس 1 / 100000 - واحد سنتيمتراً على الخريطة يساوي واحد كيلومتر على الأرض .
ه. خرائط مقياس 1 / 50000 - واحد سنتيمتراً على الخريطة يساوي خمسمائة متراً على الأرض .
و. خرائط مقياس 1 / 25000 - واحد سنتيمتراً على الخريطة يساوي مائتين وخمسون متراً على الأرض .
ز. خرائط مقياس 1 / 10000 – واحد سنتيمتراً على الخريطة يساوي
مائة متر على الأرض .

  


5. إسْتِخْدام الخرائط التربيعية ( العسكرية )

أ. تُسْتَخْدَمْ الخرائط التربيعية المبينة آنفاً في الفقرات ( أ- ب ) في المادة 4 أعلاه مقياس ( 1/ 1000000 – 1 / 500000 ) في مراكز حركات القيادات العُلْيا عندما تكون جبهات القتال واسعة ، وكذلك تُسْتَخْدَمْ من قبل قادة طائرات النقل العسكرية وقادة الطائرات السمتية أثناء التنقل من منطقة إلى أخرى .

ب. تُسْتَخْدَمْ الخرائط التربيعية المبينة آنفاً في الفقرات ( أ- ب ) في المادة 4 أعلاه مقياس ( 1/ 1000000 – 1 / 500000 ) من قبل قادة الطائرات المقاتلة  أثناء تنفيذ الْمُهماتِ الْجَوَّيِة في عمق أراضي العدو بشكل خاص لأنها تتناسب مع إرتفاع وسرعة الطائرات المقاتله أثناء تنفيذ المهمات الجوية .

ج. تُسْتَخْدَمْ الخرائط التربيعية المبينة آنفاً في الفقرة ( ج ) في المادة 4 أعلاه مقياس ( 1 / 250000 ) من قبل قادة الطائرات السمتية المقاتلة أثناء تنفيذ الْمُهماتِ الْجَوَّيةِ في جبهات القتال بشكل خاص وكذلك في عمق أراضي العدو إذا تطلب الموقف ذلك لأنها تتناسب مع إرتفاع وسرعة الطائرات السمتية أثناء تنفيذ المهمات الجوية .

د. تُسْتَخْدَمْ الخرائط التربيعية المبينة آنفاً في الفقرات ( د - ه ) في المادة 4 أعلاه مقياس ( 1 / 100000 – 1 / 50000 ) في غرف الحركات الميدانية في جبهات القتال على مستوى (الفيلق / الفرقة) نزولاً إلى مستوى (اللواء / الفوج / الكتيبة) وكذلك تُسْتَخْدَمْ من قبل القادة الميدانيين من مستوى ( قائد فرقة / آمر لواء / آمر فوج / آمر كتيبة / آمر سرية ) وفي بعض الأحيان إلى مستوى آمري الفصائل  آمري الرعائل  أثناء قيادة تشكيلاتهم و وحداتهم في المعارك في كافة صفحات القتال .

هـ. تُسْتَخْدَمْ الخرائط التربيعية المبينة آنفاً في الفقرات ( و- ز) في المادة 4 أعلاه مقياس ( 1 / 25000 – 1 / 10000 ) في غُرَفِ الحركات الميدانية في جبهات القتال على مستوى (اللواء / الفوج / الكتيبة) لغرض بيان مواقع إنفتاح الوحدات الفرعية ( السرايا / الفصائل / الرعائل ) في جبهات القتال.

و. تُسْتَخْدَمْ الخرائط التربيعية المبينة آنفاً في الفقرات ( د - ه ) في المادة 4 أعلاه مقياس ( 1 / 100000 – 1 / 50000 ) على نِطاقٍ واسع في مواقع القيادة لكتائب الصواريخ أرض أرض ومواقع القيادة لكتائب مدفعية الميدان التي بالإسناد أو بالإسناد المباشر وآمري الكتائب وآمري البطريات وضباط الرصد لغرض إعداد وتنفيذ الْخُطَطِ الْناريَةِ الهجومية والدفاعية وتلبية طلبات النيران الفورية في كافة جبهات القتال.

  
 
6. تلاحك الخرائط التربيعية

لغرض إبراز قاطع عَمَلِياتٍ مُعَيّن لِمِنْطَقَةٍ مُعَيٍّنة  أغلب الأحيان نحتاج إلى خارطتين تربيعيتين أو أكثر وهذا يتطلب طي الخريطة الثانية أما لِحافَتِها التشريقية لكي تتطابق مع خُطُوطُ التشريق للخريطة الأولى أو طي الخريطة الثانية لِحافَتِها التشميلية لكي تتطابق مع خُطُوطُ التشميل للخريطة الأولى ، وهذه العملية تُسَمْى تلاحك الخرائط .

7. الْمُحافَظَةٍ على الْخَرائطَ وَ وَسائلُ الْتَأشْير

أ. لغرض المحافظة على الخرائط الْمُثبَتَةِ في لوحات غُرَفْ الحركات في مراكز القيادة الْعُلْيا أو القيادات الميدانية أو الخرائط الْمُسْتَخْدَمَةِ من قبل القادة والآمرين بمختلف المستويات والطيارين يتم تغليفها بنايلون شفاف لاصِقْ يُسَمْى فابلون .

              

ب. يَتُمُ تأشير محاور التقدم أو محاور الهجوم أوالمواضع الدفاعية والحدود الفاصلة و رموز الوحدات المعادية والصديقة بدبابيس وأقلام ماجك خاصة تُسْتَخْدَمْ لهذ الغرض .

8. الإحداثيات ( مَدْلُولات الْتَرْبيع )
يُقْصَدُ بالإحداثيات بيان موقع العوارض الطبيعية مثل الْجِبْالْ والرواقم الجبلية والمضائق الجبلية والبُحَيَّرات الْطَبِيعيةِ والأنهار وعيون الماء والغابات والعوارض الصناعية كخط الحدود والسدود المائية والْبُحَيِّرات الْصِناعِيِّة والقنوات المائية الصناعية والمبازل والطرق والجسور وسكك الحديد والمدن والقرى والمصانع والمطارات والمعسكرات والْقِلاعْ ، الموجودة على الأرض فعلاً والمرسومة على الخرائط التربيعية إضافة إلى مواقع إنفتاح القطعات المعادية والقطعات الصديقة في ساحات العمليات .

  أ. مدلولات تربيع من أربعة أرقام : إن العوارض الطبيعية الكبيرة الحجم مثل الْجِبالْ والمضائق والْبُحَيّرات والمواقع الإنشائية مثل الْمُدُنْ والمطارات لغرض الدلالة عليها على الخريطة يُمْكِنْ حَصْرَها بمدلولات تربيع من أربعة أرقام أي بين خطي التشريق والتشميل المرسومة على وجه الخارطة .

ب. مدلولات تربيع من ستة أرقام : القرى والْمُخَيِّمات والقناطر والجسور الصغيرة والرواقم الجبلية والعلامات الحدودية والمخافر الحدودية والأبراج والمراصد ومواقع إنفتاح القطعات الْمُعادِيِّة والقطعات الصديقة في ساحات العمليات التي تقع ضِمْنَ مربع من مربعات الخريطة الذي يبلغ طول ضلعه على الأرض وفق مقياس الرسم   ولغرض الدلالة عليها يُقَسُّم ضلع المربع على الخريطة إلى عشرة أقسام عندئذ يمكن حصرها بمدلولات تربيع من ستة أرقام .
 ج. مدلولات تربيع من ثمانية أرقام : الأهداف المعادية الصغيرة الحجم في جبهات القتال مثل المراصد الأرضية وأبراج الرصد العمودية ومحطات الإتصال اللاسلكية التي تقع ضمن مربع من مربعات الخريطة الذي يبلغ طول ضِلْعَهُ على الأرض وفق مقياس الرسم وللدلالة عليها لغرض معالجتها بالمدفعية يُقَسُّم ضلع المربع على الخريطة إلى مائة قسم عندئذ يتم حصرها بمدلولات تربيع من ثمانية أرقام .
9. تسقيط المنشأت والمواقع على الخرائط التربيعية
أ. لإطالة أمد الحرب العراقية الإيرانية وللظروف والمتغيرات في طبوغرافية ساحات القتال مثل الطرق والسواترالترابية والقنوات المائية وإنشاء مُعَسْكَراتْ لإيواء وتدريب الوحدات الْمُعادِيِّة في المناطق الخلفية لساحات العمليات ومواقع صواريخ  أرض جو وشقق هبوط الطائرات المعادية والصديقة الأمر الذي يتطلب تسقيط هذه العوارض والمواقع الْمُسْتَجَدَةِ على الخرائط التربيعية.
ب. يوجد عدد من الوسائل التي بواسطتها يتم الحصول على المعلومات التي ذُكِرَتْ في الفقرة ( أ ) أعلاه منها التصوير الجوي الذي كانت تقوم به طائرات الإستطلاع الجوي المتطورة نوع ميك     ( 25 ) إضافَةً إلى تصوير الأقمار الصناعية  لمناطق ساحة العمليات زائداً وكلاء ( إ س ع ) داخل أراضي العدو.
ج. يقوم رجال مديرية الْمِساحَةِ العسكرية على مختلف رُتَبهِمْ بِعَمَل دؤوب يواصلون الليل بالنهار لغرض تسقيط المعلومات الآنِفِةً الْذِكْرِ على الْخَرائِطِ الْتَرْبِيِعيِّة وتحديث الخرائط وطبعها وتوزيعها إلى الجهات العسكرية ذات العلاقة من أجل التعامل معها من قِبَلِ أسلحة القطعات العسكرية حسب الإختصاصات الْمُتَيَسِرِّة في القوات البرية والقوات الجوية والقوات البحرية وطيران الجيش.
 10. الخاتمة
أ. مما تقدم تبرز أهمية الخرائط التربيعية في ميدان المعركة وأهمية دَوُّر الرجال العاملين في مجال تدقيق وتحديث وطبع الخرائط وتزويد القيادات والقطعات العسكرية بها .
ب. ملاحظة جَدِيرةَ بالْذِكرِ ومُهِمةٍ جِداً : القادة والآمرين وضباط الركن وجميع الضباط الذين لا يَجِيدُونَ قِرْاءة الخريطة يشبهون بمِثْلِ الرجل الضرير الذي لايرى ما يَدُورُ حَوُلَهُ من أحداث خاصة في ميدان المعركة .

الْلِواء
 فَوْزِي الْبَرَزَنْجّي
 8 أيار  2015

 

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

4729 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع