سلسلة محطات من تاريخ شرطة العراق: الكولونيل جيمس ستيل رجل أمريكا الغامض في العراق:

 

  

      سلسلة محطات من تاريخ شرطة العراق:
الكولونيل جيمس ستيل رجل أمريكا الغامض في العراق:
فيلم للـBBC يفضح الدور الأمريكي القذر في إنشاء شرطة طائفية وفرق الموت...

      

                                        


                        د. أكرم عبدالرزاق المشهداني

                        

  

 في الصورة الكولونيل جيمس ستيل ومعه صنيعة الأمريكان أحمد كاظم الذي كان يرتبط به ويقود عمليات المطاردة والاعتقال للمقاومة العراقية

عرضت محطة البي بي سي يوم الجمعة 8 آذار/ مارس فيلما وثائقيا مهماً بعنوان " جيمس ستيل رجل أمريكا الغامض في العراق"، يتحدث عن مرحلة ما بين الإحتلال 9/4/2003 و أيلول/سبتمبر 2005 حين غادر العقيد ستيل العراق بعد أداء دوره الخبيث المناط به من الإدارة الأمريكية وتحديداً وزارة الدفاع ومن قبل دونالد رامزفيلد.

فيلم الـ BBC هو فيلم وثائقي عن تحقيق أجرته المحطة بالتعاون مع صحيفة الغارديان يكشف تورط الإدارة الأمريكية (تحديداً وزارة الدفاع) في تأسيس وحدات شرطة خاصة (مثل ألوية الذئب وغيرها) تحت إشراف العقيد جيمس ستيل وبمشاركة من الخونة والعملاء العراقيين، مهمتها مواجهة المقاومة العراقية، أو ما سماه الفيلم بالتمرد السني، وإنشاء مراكز إعتقال وتعذيب سرية.
أنصح بمشاهدة الفيلم الوثائقي يمكن مشاهدته على الرابط التالي:
http://www.youtube.com/watch?v=6-1gEi5wrmg

   

فبعد عشرة أعوام من جريمة العصر التي أقدمت عليها الولايات المتحدة الأمريكية بغزو وتدمير العراق، تحت ذرائع تكشَّفَ للقاصي والداني أنها باطلة، تتكشّف تفاصيل وخيوط المؤامرة والجريمة لتؤكد أن الحقيقة لابد أن تظهر بكل تفاصيل جوانبها حتماً، وأن الإدارة الأمريكية الشريرة وتابعتها الذليلة بريطانيا لا يُمكنهما التستر للأبد على الفضائح والفضائع والأعمال الإجرامية التي ارتكبتها في العراق. يتحدث الفيلم عن شخصية العقيد جيمس ستيل الذي أوفدته وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) خبيراً أمريكياً كان له دور سابق في ما يسمى بـ"الحروب القذرة" في منطقة أمريكا الوسطى، كما أوكلت له مهمة الإشراف على تأسيس الوحدات الخاصة في العراق والتي أسست مراكز اعتقال وتعذيب سرية لانتزاع اعترافات من تسميهم بـ"المتمردين السنة". هذا الخبير هو الكولونيل جيمس ستيل، انتدبه مجرم الحرب وزير الدفاع الامريكي "دونالد رامسفيلد" شخصياً للمساعدة في تشكيل القوات شبه النظامية من أجل القضاء على المجموعات المتمردة.


من هو جيمس ستيل؟
فمن هو الكولونيل جيمس ستيل؟ ولماذا اختاره البنتاغون؟ وما هي مهمته السابقة؟ ولماذا موَّلت الإدارة الأمريكية عسكرياً قوة طائفية بعينها لتصفيات طائفية؟ وقيادة فرق الموت التي ظلت أمريكا لسنوات تتملص من مسؤوليتها عنها، وتدعي أنها لا علاقة لها بها، لكن الفيلم يكشف الحقائق الدامغة وكيف أن أمريكا موَّلت فرق الموت والألوية الطائفية التابعة للشرطة الجديدة (المتشكلة في ظل الإحتلال) وكلفتها بالمهام القذرة، بعد أن تم حل الأجهزة السابقة، وكيف أن الكولونيل ستيل نفسه أشرف على زج ودمج ميليشيات طائفية (خاصة فيلق بدر) ضمن قوات الشرطة الجديدة وبالأخص ألوية الذئب وما شابهها، تحت ستار ملاحقة المتمردين السنة الذين يقاومون القوات الأمريكية.
كيف مولت الادارة الامريكية انشاء قوة شرطة طائفية؟
الفيلم الوثائقي يكشف وجود صلة لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) بمراكز اعتقال وتعذيب أسست في عام 2004 يعتقد أنها كانت من الأسباب التي هيأت لحرب طائفية واسعة النطاق في العراق عامي 2005 و 2006. ويوجه الفيلم الأتهام لمستشارين عسكريين لوزير الدفاع رامزفيلد بالضلوع في تعذيب المعتقلين بالعراق. المستشاران هما الكولونيل جيمس ستيل الذي أوكلت إليه مهمة تأسيس فرقة مغاوير الشرطة العراقية، والكولونيل جيمس كوفمان المستشار في مراكز الاعتقال.
فيلق بدر المَعين الأول للشرطة الجديدة:
يؤكد الفيلم أن ألوية المغاوير التي شُكلت في الشرطة الجديدة، كان مَعينُها الأساس من قوات فيلق بدر التي تدفقت بالآلاف من إيران عبر الحدود تحت سمع وبصر ورضا جيش الإحتلال، الذي سمح بعبورها الحدود وبقاء تسليحها، بل والأكثر من ذلك سمح بإنضمامها إلى تشكيلات الشرطة الجديدة زمن حكومتي الأحتلال الأولى والثانية.
دور بعض الضباط العراقيين العملاء:
يؤشر الفيلم الوثائقي بالتوثيق للدور الخبيث الذي قام به ضباط عراقيون عملاء، وبخاصة المدعو أحمد كاظم الذي كان موضع الثقة والرضا من العقيد جيمس ستيل المشرف على إعادة تشكيل الشرطة الجديدة (شرطة الإحتلال). وكذلك اللواء عدنان ثابت الذي كان يترأس ألوية مغاوير الداخلية  أيام الوزير صولاغ.
تاريخ الكولونيل جيمس ستيل:
يتحدث الفيلم عن إختيار رامزفيلد للعقيد ستيل لكونه برأيه من أفضل القواد الأمريكان في حربي فيتنام، والسلفادور، متخصص في مكافحة التمرد المسلح، والقيام بالمهمات الخاصة، ويحمل العديد من الأوسمة والنياشين، وقد تسبب ستيل في مقتل 75 ألف سلفادوري تمت تصفيتهم بتهمة التمرد، وكان قائد القوات الامريكية في العراق ديفيد باتريوس قد زار السلفادور قبل عدة سنوات لدراسة الحملة الأمريكية على التمرد السلفادوري، وهناك تعرَّف على الدور الذي قام به ستيل فأعجب به وكان مسرورا لإنضمامه معه الى العراق للاشراف على اعادة تدريب الشرطة العراقية الجديدة بعد الاحتلال. حيث أشرف على تدريب 30ألف شرطي جديد، بينهم أعداد كبيرة من المطرودين والمفصولين سابقا اضافة لللآف من فيلق بدر القادمين من إيران.
يتحدث الفيلم عن أن الوضع كان يميل للهدوء، حين وصل ستيل للعراق بعد الاحتلال بصفة ظاهرية هي العمل في مؤسسة الكهرباء للاعمار(!!)، ولكن المهمة الحقيقية له تكشفت فيما بعد، ولكن ما أن مرت بضعة أسابيع حتى توالت هجمات المقاومة العراقية وبدأ نقل النعوش الملفوفة بالعلم الأمريكي وهي تشحن الى الولايات المتحدة وعلى الجانب الآخر، بدأت الحرب الأمريكية على العراق تفقد شعبيتها داخل امريكا - وفقا لفيلم BBC الوثائقي، وهددت بعدم إعادة انتخاب بوش لولاية ثانية!
جيمس ستيل ومساعده جيمس كوفمان:
يتحدث الفيلم الوثائقي عن دور كل من الكولونيل جيمس ستيل ومساعده جيمس كوفمان، اللذين كانا وراء تأسيس ألوية مغاوير الشرطة التي درّبت تدريباً عسكريا وفق قواعد الإشتباك وليس وفق المفهوم الشُرَطي بقصد استخدامها في عمليات مطاردة "المتمردين السنة" كما أسماهم التقرير، وكان معظم عناصرها من فيلق بدر الإيراني، وتحدث عن دور اللواء عدنان ثابت وهو ضابط جيش سابق يدعي أنه مضطهد من قبل صدام لأنه كان معارضاً له وأنه اشترك في محاولة انقلابية ضد النظام، وكيف تم وضع هذا اللواء على رأس قوات المغاوير كواجهة سنية، لكنه في الحقيقة كان موالياً للأمريكان وللحُكام الجدد في بغداد، وكان يؤمن بشعار مكافحة الارهاب بالارهاب، وكان يرتضي بعمليات التعذيب التي تجرى داخل معتقلات المغاوير في بغداد وسامراء، حيث إحدى قواعد المغاوير في سامراء موطن عدنان ثابت، واقيمت منطقة خضراء مصغرة في سامراء بهدف ملاحقة المتمردين السنة، وتعذيب المعتقلين، وفي الفيلم اعترف عدنان ثابت (المقيم حاليا بالأردن) بأعمال التعذيب التي مارستها قواته مدعياً أن بعض المعتقلين من الخطرين، لا يعترفون بسهولة، كما إدعى – حين سألته الصحفية عن سبب صراخ بعض المعتقلين ليلاً (الله!) فإدعى ثابت بأن البعض منهم قد ((يتدروش!)) ليلا فيصرخ هكذا.. وهو إدعاء سقيم يدل على ضحالة هذا الشخص ولتغطية إجرامه وأعماله القبيحة ضد أبناء جلدته.
ستيل لايمتلك أية مشاعر إنسانية:
وفي الفيلم أيضاً كشف اللواء منتظر السامرائي، وهو ضابط جيش سابق، عمل مع قوات الأحتلال بما سُمي إعادة إنشاء الشرطة الجديدة، وعمل مع الكولونيل ستيل ووزير الداخلية باقر صولاغ، كشف أن الكولونيل ستيل لا يمتلك أية مشاعر إنسانية، وأنه قد أخبر الأمريكان بوجود انتهاكات في 15 معتقل سري للداخلية، وتبين له بأن الأمريكان على معرفة وعلم وإطلاع مسبق عليها، وان ستيل ذاته على معرفة بها وبمواقعها وما يجري فيها من تعذيب.
وتحدث في الفيلم موفق الربيعي الذي كان يشغل منصب "مستشار الامن القومي" في حكومتي الاحتلال الاولى والثانية، عن رأيه في الكولونيل ستيل، فقال أنه قابل ستيل شخصياً وتبيّن له أنه (رجل غامض)، حيث حضر احدى اجتماعات هيئة الأمن الوطني وسحب كرسيا وجلس دون تقديم نفسه للحضور.
وتحدث في التقرير طبيب أمريكي يدعى (نيل سميث) كان يرافق القوات الامريكية في اعمالها المشتركة مع مغاوير الداخلية، ووصف رجال المغاوير بأنهم كانوا مخيفين،  ومجهزين بذات تجهيزات الكوماندوز، وقال انه رافق ستيل في أنشطته ببغداد وسامراء، وكان يسمع صراخ المعتقلين ليلا من جراء التعذيب الذي يمارس ضدهم، وان الضباط الأمريكان كانوا يمنعونه من الاقتراب من عمل المغاوير، وتحدث عن كيفية قيام اللواء عدنان ثابت مع الجيش الأمريكي من تحويل المكتبة العامة في سامراء إلى مركز للتحقيق، وقال أننا كنا نسمع صراخ المُعذبين طيلة الليل، وكان اللواء عدنان يبرّر لنا منظر الدماء في أروقة المكتبة العامة بسامراء، وكيف كانت هناك عمليات تعذيب بالصدمات الكهربائية والاغتصاب والإذلال، وأنه شاهد طفلا في الرابعة عشرة من عمره معلقا من رجليه ورأسه للأسفل.
وقال الطبيب سميث ان القانون الدولي الانساني يفرض معاملة محترمة للسجناء والاسرى ومنع تعذيبهم، وانه اخبر ستيل بما شاهده، مؤكداً له انه لا يجوز التغاضي عن هذه الأفعال التي تنتهك حقوق الإنسان، وقد اصدرت القيادة الأمريكية أمراً في حزيران 2004 بمنع عمليات التعذيب، لكن استمر الحال على ما هو عليه حيث استمر الأمريكان في تسليم من يقبضون عليهم للاشتباه بكونهم من المتمردين يسلمونهم الى قوات المغاوير العراقية، رغم علمهم ومعرفتهم المسبقة بوجود عمليات تعذيب.  
ويتحدث الطبيب سميث كيف أن "حراس الأريغون" التابعين للقيادة الأمريكية، كانوا منزعجين من أعمال التعذيب التي تجري على المعتقلين السُنة الذين تقبض عليهم القوات الأمريكية وتسلمهم للداخلية العراقية، وان هذه القوات قامت بالتفتيش ولاحظت وجود 75 معتقلا داخل غرفة صغيرة بلا طعام ولا فراش، وكثير منهم اطرافهم مكسورة وعليهم آثار صدمات كهربائية. وان (ساوث هول) المسؤول في قوات الأريغون الأمريكية أخبر قيادة الجيش الأمريكي بما شاهده في معتقلات ألوية وزارة الداخلية، لكن الأوامر العليا جاءته بالإنسحاب فوراً، وأن ينسى تماماً كل ما شاهده!! .. وأكد بأن الكولونيل ستيل كان يعرف كل شئ بل ومتورطاً في الأحداث."نيويورك تايمس" كشفت عن أن وثائق ويكيليكس أكدت أن ستيل هو المسؤول عن تأسيس فرق الموت ضمن مغاوير الداخلية الطائفية، وأن السفارة الأمريكية كانت لغاية 2005 تخبر المراجع العليا في الأدارة الأمريكية عما يردها من أخبار عن أعمال التعذيب والتجاوزات على حقوق الإنسان، وكان نائب الرئيس تشيني يدافع بعناد عن الكولونيل ستيل ويشيد به، بالرغم من أن ستيل لديه تاريخ سابق في الكذب، إذ كذب أثناء التحقيقات معه في قضية المقدم نورث في بشأن فضيحة إيران كونترا وعن عمله في السلفادور اواسط الثمانينات، ويؤكد التقرير ان الادارة الامريكية كانت تعرف تماما حتى منتصف 2006 ما ترتكبه قوات المغاوير المرتبطة بعدنان ثابت من أعمال تعذيب أثناء التحقيق.
وتحدث التقرير عن معتقل "ساحة النسور" الذي كان يضم أكثر من ألف معتقل سني، على أطراف المنطقة الخضراء، وأكد أن ستيل وكوفمان كانا يذهبان مساء لزيارة المعتقل ويلتقيان بكبار المعتقلين في ساحة النسور. بل أكد الطبيب أن ستيل سمع بنفسه صراخ معتقل معلق من رجليه ورأسه للارض ولكنه اغلق الباب ومضى دون تدخل.
وكشف تقرير البي بي سي أن أفراد القوة الخاصة للمغاوير كذبوا أثناء التحقيقات معهم عن مصير المعتقلين، إذ تبين أن أعداد كبيرة من المعتقلين يتم قتلهم ورميهم في الشوارع ليلا، من أجل إرهاب المقاومين السنة (على حد قول التقرير)، وان عدد الجثث كان وصل شهريا الى 3000 جثة.
ويعرض التقرير مؤتمراً صحفيا لمجرم الحرب دونالد رامزفيلد يُكذّب فيه وجود فرق موت تنتمي لشرطة الأحتلال، وقال: ليست لدي أية بيانات عن ذلك لكي أعلق على الأمر... ويكشف التقرير بأن جيمس ستيل كتب بصراحة الى رامزفيلد مؤكداً له بأن "الشرطة الجديدة هي ميليشيا شيعية تستهدف المتمردين السنة" وقد عرض نص التقرير في فيلم  الـ BBC الوثائقي.
وتحدث في التقرير اللواء منتظر السامرائي كيف انه تقابل مع ستيل في عمان بأحد الفنادق الكبرى بناء على رغبة ستيل، الذي استوضح منه عن سبب إنشقاقه وهروبه خارج العراق مع عائلته، خاصة بعد ان تناقلت وسائل الاعلام تصريحات منتظر السامرائي، وقال ان ستيل سألني عن المُعتقلات وتبين أنه يعرفها جيداً، ويعرف ان تعذيباً يجري فيها، وكان كل غرض ستيل أن يعرف إن كنت أمتلك أية وثائق تثبت دوره في العملية، خشية أن أتقدم بها لمحكمة دولية.
يؤكد تقرير البي بي سي أن القيادة الأمريكية على يقين بأن أعمال تعذيب واختراقات فضيعة لحقوق الإنسان حصلت في العراق، بعلم ورضا القوات الأمريكية، التي هي ضالعة في تلك الانتهاكات.
أما الرئيس الأمريكي اوباما فإنه إكتفى بالقول "لقد مررنا بفصل مظلم، ولن ننحى باللوم على الماضي" .
في أيلول 2005 غادر الكولونيل ستيل العراق عائدا للولايات المتحدة الأمريكية، مخلفا وراءه حربا طائفية أهلية كان عدد ضحاياها شهريا يتجاوز الثلاثة آلاف جثة. وكشف الفيلم ان دونالد رامزفيلد رفض الإجابة عن أسئلة فريق العمل. وتبين أن رامزفيلد كَرّمَ الكولونيل ستيل بعدة أنواط عن دوره في العراق. ويكشف التقرير في نهايته كيف أن ستيل بقي يرفض إجراء أية مقابلة صحفية للحديث عن العراق،  ظنا منه أن الإنكار والتهرب سوف يعفيه عن مسؤوليته وباقي المجرمين عما اقترفوه بحق العراق والعراقيين من جرائم ضد الإنسانية لايمكن أن تسقط بالتقادم ولا يمكن أن يلفها النسيان.
قصتي مع جيمس ستيل:
تطرق تقرير البي بي سي للحديث عن دور أحمد كاظم الذي اسندت له مهمة قيادة الشرطة بعد مجيء بول بريمر والكولونيل ستيل، والأخير هو الذي قام بترقيته من عقيد ثم إلى عميد فلواء وفريق خلال أقل من ثلاثة أشهر (!!) ونصّبوه عميداً لأكاديمية الشرطة ثم وكيلاً لوزارة الداخلية وكان هو المشرف على فعاليات قوات شرطة الاحتلال في مداهمة الدور وملاحقة المقاومة العراقية بذريعة (مطاردة المتمردين). ولعل كثيرون يتذكرون أن أحمد كاظم كان قد فصل من الشرطة برتبة ملازم اول حين كان معلما للفروسية بكلية الشرطة، وهو "بطل فبركة التهمة" الباطلة لعدد من ضباط الشرطة الوطنيين في كلية الشرطة واقناع الأمريكان بأن هناك إجتماعات تعقد في الكلية لإعادة إحياء حزب البعث (تهمة الخلايا النائمة) وقام العقيد جيمس ستيل بنفسه بترؤس قوة مداهمة امريكية داهمت مكتب عميد كلية الشرطة ومن معه في المكتب من كبار ضباط الكلية، وتبين فيما بعد أن أحمد كاظم هو الذي نظم وحرّضَ لعملية المداهمة من خلال اقناع العقيد ستيل وبيرنارد كيريك والأمريكان بأن الأجتماع المنعقد في مكتب العميد هو لإحياء الحزب وللتخطيط لأعمال إرهابية ضد القوات الأمريكية، وتبين أن الغرض من تلفيق هذه التهمة المضحكة أمران في النفس المريضة لهذا الشخص العميل هما:
1.إزاحة ضباط الشرطة الذين يراهم عائقاً يحول دون إتمام تسلقه المناصب والرتب التي وعده بها الأمريكان والقيام بالدور المرسوم له.
2.الأنتقام من ضباط الفروسية الذين يعرفون سبب طرده من مسلك الشرطة عام 1981 لذلك قام هو بتأمين إيصال تبليغات لهم في بيوتهم للحضور إلى إجتماع مهم مع عميد كلية الشرطة، لكي يتخلص منهم وينتقم منهم.
وبعد القبض على عميد كلية الشرطة ومعه 15 من الألوية والعمداء من مدراء ومدرسي الكلية، ونقلهم الى معتقل المطار، صفى الجو لأحمد كاظم هذا فنال حظوته من الأمريكان وكان موضع الرعاية من الكولونيل جيمس ستيل وتابعه النقيب نعمان شبر (نقيب امريكي الجنسية من أصل عراقي جاء مع قوات الإحتلال).
قصتي مع جاي غارنر:
لقد كنت أنا شخصيا قابلت جاي غارنر بُعيد الغزو – بناء على طلب منه – بعد أن ساءت الأحوال ألأمنية في الشوارع، وافتقد المواطنون الأمن وكثرت الجرائم، وسادت الفوضى، وتحدثت معه لثلاث ساعات، في قصر المؤتمرات، بحضور معاونه الأنكليزي، وأحد السياسيين العراقيين الذي تربطه صلة مصاهرة معه، وهو سعد الجنابي، وفعلاً اقتنع غارنر بإعادة الشرطة العراقية السابقة الى مراكزها، لأنهم مدرّبون جيداً ولديهم خبرات متراكمة وهم محترفون لواجباتهم، وقام بأعطاني ورقة كتبت عليها صيغة الأعلان الذي أذيع حرفياً من وسائل الإعلام وقتها، بدعوة رجال الشرطة للألتحاق بمقار عملهم ومراكزهم، وفعلا لبّى حوالي 80% من ضباط ومراتب الشرطة والتحقوا بمراكزهم رغم كونها كانت محترقة ومدمرة وأعادوها وباشروا عملهم بتسيير دوريات مشتركة لحفظ الأمن وتنظيم السير، الاّ أن إصرار سلطة الأحتلال على منع تسليح الشرطة بالكلاشنكوف والأكتفاء بالمسدسات المخفية، أدى إلى إفشالهم في تأدية مهامهم في مقارعة اللصوص والمجرمين الذين كانوا يمتلكون أحدث السيارات والمعدات والأسلحة !!..
وفي الحقيقة فإن غارنر توصل الى قناعة بإعادة ملاكات الدولة كافة، من درجة وكيل وزير نزولا، لتسيير أمور البلاد، وعقد اكثر من اجتماع في قصر المؤتمرات مع وكلاء الوزارات والمدراء العامين في الدولة العراقية، واقتنع بأنه الأقدر على تسيير شؤون الدولة... لكن الحقيقة تبينت فيما بعد، فلم تمضي أيام على لقائنا بغارنر ولقاءته الأخرى بالمسؤولين الإداريين، حتى صدر قرار الإدارة الأمريكية بإعفاء غارنر من منصبه وإعادته فورا وارسال بول بريمر وبقية الشلة الإجرامية معه، وتبين أن حالة الفوضى هي حالة مقصودة ومطلوبة ضمن مخطط تدمير العراق وتفكيك دولته. حيث تلاحقت القرارات بحل الجيش العراقي وحل الشرطة والأجهزة الأمنية، وتفكيك الدولة العراقية، ومن ثم تشكيل هياكل مشبوهة بناء على أسس طائفية، وحدث ماحدث، والحمد لله الذي جنبنا شرور التعامل مع المحتلين وابعدنا عنهم وإن كان بالإعتقال الظالم في معتقلات المطار والناصرية وبوكا بأم قصر حوالي الشهرين بتهمة مضحكة.
قبل أن يتم اعتقالنا، وحيث ان عملنا في كلية الشرطة، فقد نسب جاي غارنر معنا مجموعة من خبراء الشرطة من بريطانيا وامريكا ودول اخرى كان الهدف – حسبما ابلغنا منهم – هو تطوير الكلية، وتم الاتفاق على عقد اجتماع يحضره جميع اعضاء هيئة تدريس الكلية وأمراء الأجنحة يوم السبت 30/5/2003 بالعاشرة صباحاً ، وعند تجمعنا فوجئنا بقوة مسلحة من الشرطة العسكرية MP بقيادة العقيد جيم ستيل ومعه النقيب نعمان شبر، وقاموا بتجميعنا في احدى قاعات العمادة، وفتشونا وسحبوا هوياتنا، ثم كتفونا واركبونا الباص الذي نقلنا الى معتقل المطار، وهناك صادروا كل ما نمتلكه من اوراق ونقود واقلام وساعات، وبقينا في المعتقل ثلاثة أسابيع نفترش الأرض بدون خيم، ونتوسد احذيتنا كوسائد، ويعطوننا طعاما لايمكن اكله. ثم تم نقلنا الى معتقل أور بالناصرية بواسطة سيارات الزيل في قسوة الحر الشديد منتصف حزيران، وايدينا وارجلنا مكبلة بالسلاسل، ثم نقلونا الى بوكا في ام قصر وبقينا ثلاثة اسابيع ثم اعدنا الى معتقل المطار وبقينا اسبوعين فيه الى ان تم تشكيل محكمة عسكرية تبين لها كذب التهم الموجهة الينا فأطلقوا سراحنا، دون اعادة ماصادروه منا. وكانت معاملة في منتهى القسوة والشدة، واستمر التحقيق معنا في المطار وفي ام قصر عدة جلسات، وفي البداية كان يحقق معي العقيد جيمس ستيل ومعه النقيب نعمان شبر، وكان يهددني بالإرسال الى غوانتانامو إن لم أعترف، فقلت له بماذا أعترف، وهل يعقل أن نعقد اجتماعا حزبيا في كلية الشرطة التي كانت هي أيضا مقر القيادة الامريكية ومقر قيادة العمليات المشتركة؟..لكنهم يبدو قد شربوا الكذبة الملفقة ضدنا واقتنعوا بها.. ثم حاول العقيد ستيل ارشائي بوعده لي باطلاق سراحي إن أنا أعترفت ودللتهم على أماكن تواجد المسؤولين الحزبيين، فرفضت وأنكرت معرفتي بهم.     
بيرنارد كيريك رأس الفساد
الشيطان الآخر هو بيرنارد كيريك، المفتش الأقدم للشرطة العراقية بعد الإحتلال، وهو موضع حظوة واعجاب جورج بوش، وكان قائد شرطة نيويورك السابق، وله دور اثناء احداث ايلول/سبتمبر 2001 كما أنه هو مؤسس الشرطة العراقية الجديدة، في عهد الحاكم المدني بول بريمر وقد جاء في الأخبار من واشنطن أنه، قد قبض عليه من قبل السلطات القضائية، لمواجهة تهم فيدرالية تتعلق بالفساد، حسب متحدث باسم مكتب التحقيقات الفيدرالية بعد اعترافه بتهم جزائية تتعلق بسوء التصرف المالي. وواجه كيريك لائحة جديدة من التهم من قبل هيئة موسعة من القضاة كشفت لاحقا لائحة التهم الرسمية الموجهة للمسؤول الأمني السابق الذي سبق أن أشرف لفترة علي الشرطة العراقية. وقبل أن يعينه الرئيس الامريكي جورج بوش كيريك في منصب وزير الأمن الداخلي، كان قد أرسله إلي العراق للإشراف علي تدريب الشرطة هناك بعد الغزو الأمريكي2003، غير أنّ كيريك غادر منصبه بعد ثلاثة أشهر فيما كانت مدة تكليفه تبلغ نصف عام، وقال المسؤولون العراقيون آنذاك إنه أكمل المهمة التي جاء من أجلها. وفيما لم يتمّ حتي الساعة الكشف عن التهم الموجهة الي كيريك ، لكن مصادر قالت ان التهم تتراوح بين قبول الرشوة والتهرب الضريبي.
لقد كان جي غارنر أكثر دراية ومعرفة بالشأن العراقي من خلفه بريمر، فبعد أن كان غارنر قد أصدر في 17/4/2003  أمراً بعودة جميع ضباط وأفراد الشرطة الأصليين، قام الحاكم الجديد بريمر تحت نصيحة مستشاريه (الذين لايفهمون شيئا عن العراق أمثال بيرنارد كيريك وجيم ستيل وغيرهما ممن تأثروا بالعناصر الفاسدة والمرتشية وأصحاب المصالح الضيقة) بإصدار الأوامر بتسريح الآلاف من رجال الشرطة المهنيين المحترفين من مختلف الصنوف، تحت ذريعة التطهير، ودفع بهم إلي سوح البطالة، والفاقة، دون إدراك لعواقب وتبعات هكذا إجراء تعسفي، فضلا عن خسارة أجهزة الشرطة لعناصر ذات خبرات حرفية مهنية متراكمة هي بأمسّ الحاجة إليها.  وكأسلوب للتعويض السريع للنقص الهائل في أعداد الشرطة أزاء تفاقم مستويات الجريمة وأعمال العنف، لجأت سلطة الإئتلاف (أو مستشاروها لشؤون الشرطة بقيادة بيرنارد كيرك) إلي فتح الباب واسعاً دون ضوابط لدخول عشرات الألوف من المتطوّعين الجدد تحت ضغط الحاجة الماسة، دون تدقيق وتمحيص، بحيث تسلل إلي الجهاز آلاف ممن لا تتوفر فيهم شروط الأنتماء (لايقرأ ولا يكتب أو غير لائق صحياً)، والأدهي والأمَرّ أن من بينهم أرباب السوابق الإجرامية، هذا بالإضافة إلي التغاضي عن شروط توفر المؤهلات البدنية والثقافية والأخلاقـية. وكانت الكارثة الكبرى بقرار زج الميليشيات في الشرطة.



   

العراقيون يُشبّهون بيرنارد كيريك بقاضي هبهب:
فترة بيرنارد كيريك لا تقل سوءا عن فترة بول بريمر، فكليهما ترك بصمات السوء والخراب في الإدارة والتصرف، وكلما تطلع العراقيون إلى واقعه السئ، تذكروا بول بريمر وقراراته السيئة التي أوصلت البلاد إلى ماهي عليه اليوم، وكذلك الحال مع بيرنارد كيريك صنو بريمر، فقد عمل كيريك في بغداد بعيد الغزو مستشارا لوزارة الداخلية العراقية لشؤون اعادة تاسيس الشرطة بعد ان قام بريمر بحل الجيش واجهزة الامن الوطني العراقية، ولم يخل عمل كيريك من الطعن بسلوكياته، فقد سمته إحدي مقالات نشرت في العراق، أنه (قاضي هبهب) الأمريكي في بغداد. وهو مثل شعبي يستخدمه العراقيون للسخرية، ويقال إن أصله حكاية واقعية بطلها شخص عين قاضيا في مطلع القرن المنصرم، وكان يعتاش علي الدعاوي بين الخصوم، ولكن بسبب إدمانه فقد قاطع سكان هبهب دار القضاء، فخرج من المحكمة إلي سوق المدينة، وكل مار أو متسوق، يسأله عن هويته، وما إذا كان دائنا أو مدينا، فإن لم يكن هذا ولا ذاك، قال لكاتب المحكمة، سجل لا مشكلة، يدفع غرامة درهما واحدا!.

من(عامل أمن خاص) الى (قائد شرطة نيويورك) سجل ملئ بالفساد:
إن مقارنة بيرنارد كيريك بـ(قاضي هبهب)من قبل بعض العراقيين لم تكن عبثا أو مجرد سرد طرفة، فهي ذات مغزي، وكيريك كان لفترة طويلة من الزمن صديقا مقربا جدا من عمدة نيويورك السابق رودولف جولياني الذي كان يسعى إلي الوصول إلي البيت الابيض. وكان بيرنارد كيريك قد أستهل حياته العملية الأمنية كعامل أمن خاص في مجال مكافحة الإرهاب في المملكة العربية السعودية في  الثمانينات، ثم أنضم إلى شرطة مدينة نيويورك عام 1986، ليتدرج في المناصب حتى تعيينه مفوضاً عاما لشرطة نيويورك (كوميشينور) في سنة 2000. ولمع نجم كيريك إبان هجمات 11 سبتمبر 2001  حيث قاد عمليات الطوارئ والإنقاذ الواسعة التي أعقبت تدمير برجي مركز التجارة، وجلب الأنظار إليه إلي جانب جولياني أثناء عمليات الإنقاذ بعد استهداف برجي التجارة في هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 مما وضعه تحت أضواء الرأي العام الأمريكي  وبدعم من جولياني، وقد سمّي الرئيس جورج بوش كيريك وزيرا للأمن الداخلي مباشرة بعد إعادة انتخابه رئيسا للبلاد عام 2004، غير أنّ كيريك اعتذر عن شغل المنصب وأمر المدعي العام في برونكس بالتحقيق في ادعاءات بكون كيريك أساء التصرف في معاملات مالية متعلقة بإصلاحات شقّته في برونكس. واعترف كيريك بالتهم عام 2006 قائلا إنه قبل عشرات الآلاف من الدولارات علي سبيل هدايا عندما كان يعمل مسؤولا عن مؤسسات العقاب والإصلاح، مما أدي إلي عقوبته بغرامة مالية بلغت 221 ألف دولار.
ماهي أبرز جرائم بيرنارد كيرك في العراق؟
استلم بيرنارد كيريك بعد احتلال العراق مسؤولية اعادة بناء الشرطة العراقية،  ولعل أسوأ مافي مسيرة بيرنارد كيرك هي عمله في العراق بعد الإحتلال كمستشار لوزارة الداخلية (منسق عام لشؤون الشرطة) في عهد سئ الذكر الحاكم الامريكي (الهارب) بول بريمر،  حيث أسندت إليه مهمة إعادة تشكيل قوات الشرطة العراقية في زمن الإحتلال، حيث تعتبر الفترة التي أشرف فيها بيرنارد كيرك على الشرطة العراقية من أسوأ الفترات في تأريخ وزارة الداخلية العراقية والشرطة العراقية إن لم تكن أسوأها على الإطلاق، لعدة أسباب ومنها:
1.إنتشار الفساد الإداري وأعمال التلاعب بالأموال العراقية المخصصة لتجهيز الشرطة العراقية في وقت كيريك، حيث تم إستيراد (قطع سلاح) و(عتاد) و(تجهيزات أمنية) من دول أجنبية، وبملايين الدولارات، لايعرف شيئا عن مصيرها، منها عقد مبرم مع النمسا بمبلغ مائة مليون دولار في أول حزيران (يونيو) 2003 لتوريد أسلحة وتجهيزات، وعقود أخرى بملايين الدولارات مع شركات أمريكية وبريطانية لتجهيزات أمنية، وأعلن كيريك وقتها في مؤتمر صحفي أن الأسلحة والتجهيزات ستوزع على أفراد الشرطة العراقية الجديدة، وأن كل شرطي عراقي سيكون مجهزا بكل ما يحتاجه من تجهيزات في غضون 3 أشهر، ولا يعلم لحد الآن أين ذهبت تلك الأموال والتجهيزات؟.
2.فيما كانت الجريمة الجنائية تتصاعد في الشارع العراقي بعد الغزو الأمريكي، ودخلت جرائم خطيرة مستحدثة، كان برنارد كيرك يكتفي بإلقاء (محاضرات جوفاء) على ضباط الشرطة العراقية عن التعامل الديمقراطي  ومكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان! وأدى ذلك إلى  بقاء رجال الشرطة الجدد عاجزين عن مقاومة الجريمة.
3.أسهم كيرك في إفساد جهاز الشرطة العراقية من خلال السماح بضم عناصر المليشيات الحزبية الى جهاز الشرطة، والذين يأتمرون بأوامر أحزابهم وليس بأوامر مسؤولي الشرطة، مما زاد من الفجوة بين الشرطة والشعب وبات المواطنون ينظرون للشرطة الجديدة نظرة الريبة والشك وعدم الثقة.
4.كما أن كيرك وفي نطاق (عمليات الترقيع لجهاز الشرطة) ولمداراة عجزه، أقدم على فتح باب التطوع في الشرطة بشكل فوضوي أدى الى تطوع الألوف من (أرباب السوابق) ومن (خريجي السجون) الى جهاز الشرطة مما أدى الى زيادة الجرائم وإرتكاب (مجرمين بملابس الشرطة) لجرائم الخطف والسطو والأتجار بالمخدرات وغيرها من الجرائم، ىوقد إعترف مسؤولون أميركيون بتسلل الآلاف من أرباب السوابق الى جهاز الشرطة بسبب سياسات بيرنارد كيريك.
5.قام بيرنارد كيريك بتنصيب عدد من الفاسدين والمطرودين من جهاز الشرطة لأسباب الفساد الأخلاقي والإداري و نصبهم بمواقع متقدمة في جهاز الشرطة مما أساء للجهاز وللأمن.
6.بعد أن أدرك بول بريمر فشل بيرنارد كيريك الذريع في إدارة شأن الأمن العراقي، وفشله الذريع في إدارة الداخلية والشرطة، وإصطدامه مع مجلس الحكم، أضطر لإعادته إلى الولايات المتحدة بعد أن تم تشكيل وزارة مجلس الحكم في العراق، وبعد أن حصل تصادم في القرارات بين (نوري البدران) وزير الداخلية المعين من مجلس الحكم، وبين بيرنارد كيريك، مما أدى لإضطرار بريمر إلى إعفاء كيريك وإعادته إلى نيويورك. ولحقه ايضا أحمد كاظم الذي تم منحه درجة وزير مفوض بوزارة الخارجية ونسب في مقر الوفد العراقي بالأمم المتحدة...
كتاب أمريكي يفضح مساوئ عهد بيرنارد كيريك في العراق:
الصحفي الأمريكي راجيف شاندراسيكان، أصدر كتاباً بعنوان "الحياة الإمبراطورية في مدينة الزمرد" والذي فاز ً بجائزة "سامويل جونسون" الأدبية للأعمال غير الروائية، ويدور الكتاب حول العيش في المنطقة الخضراء في بغداد بعيد الغزو. وقال شاندراسيكاران "ظننت لكوني أميركياً، وهنا المفارقة، أننا سنستطيع المساعدة على خلق عراق مستقر وهادئ... ولكن النتيجة كانت مخيبة للآمال"، ويذكر كتاب شاندراسيكاران تفاصيل الحياة في المنطقة الخضراء، حيث القصور وبرك السباحة والبارات والملاهي ومتاجر بيع الأفلام الإباحية وموائد الطعام الباذخة التي لم تكن توحي لك بما يجري خارجها.
                                   
                         غلاف الكتاب

مؤلف الكتاب هو راجيف شاندرا سيكاران، مساعد مدير تحرير صحيفة “واشنطن بوست”، منذ سنة 1994. وقد عمل قبل ذلك رئيساً لمكاتب تلك الصحيفة في بغداد والقاهرة وجنوب شرق آسيا، كما عمل مراسلاً لها في تغطية الحرب في أفغانستان. والكتاب صادر عن دار الفريد نوف في نيويورك.  أمضى المؤلف الكثير من الوقت في العراق أثناء الشهور الخمسة عشر الأولى من الاحتلال الأمريكي لهذا البلد. وكتابه يغطي هذه الفترة من عمر الاحتلال، ويشكل رواية لما يدور في كواليس الاحتلال، الذي يدار من القصر الجمهوري، فيما أصبح يعرف الآن بالمنطقة الخضراء.


إنشغلوا بالترهات وعافوا المشكلات الأمنية الخطيرة:
الكتاب كما يقول عنه مؤلفه، محاولات لإلقاء الضوء على مجموعة كاملة من الاخفاقات في الجهود الأمريكية المبذولة لإحكام سيطرة الاحتلال على العراق، ومن أهمها الاخفاق في توقع حجم ومدى (المقاومة) لهذا الاحتلال. ويتناول الكتاب سلسلة الأخطاء التي ارتكبها، المدنيون الأمريكيون الذين تواجدوا في العراق، بدءاً من السفير بول بريمر ومن تلاه. وهو على حد وصف مؤلفه، سلسلة من الحكايات والأخبار، عن الأمريكيين الذين ذهبوا إلى العراق، ذلك البلد الذي تزيد فيه نسبة البطالة على 50%، وقالوا، انه يجب فرض ضريبة ثابتة على جميع سكانه. وهو يحتاج إلى خفض التعرفة الجمركية، ويحتاج إلى كل أنواع حلول المحافظين الجدد.. ويجب خصخصة كل صناعاته التي تديرها الدولة.. الأمريكيون الذين يرون ان العراق يعاني مشكلة ازدحام مروري، وسوف يحلونها له بإيجاد قانون جديد لنظام السير.. ويرون ان العراقيين يحتاجون إلى قوانين جديدة لحماية الملكية الفكرية.. وان العراقيين بحاجة إلى قوانين جديدة تحدد أنواع البذور التي يمكن للمزارعين أن يزرعوها.. وما شابه ذلك من الترهات وسفاسف الأمور، والتدقيق في تفاصيل سخيفة، مع تجاهل المشكلات المصيرية التي أوجدها الاحتلال وما نجم عنه وبالأخص المشكلات الأمنية والخدمية. حيث إعترف المؤلف بأن سلطات الاحتلال كانت تتجاهل المهام الحقيقية التي يجب أن تنصب عليها جهود اعادة بناء العراق، فالبلاد بحاجة ماسة إلى ايجاد طرق يعتمد عليها لزيادة توليد الكهرباء، واعادة اعمار المستشفيات والمدارس، وتوفير مياه الشرب النظيفة. وقد أهملت كل تلك المهمات الجسام، كما يقول المؤلف، لأن الأمريكيين الذين ذهبوا إلى العراق، تعاملوا مع هذا البلد ليكون حقل تجارب لعدد من سياسات المحافظين الجدد، التي لم يتمكنوا من تطبيقها في الولايات المتحدة.
غطرسة بريمر وعدم فهمه للعراقيين
ويتحدث مؤلف الكتاب عن "بول بريمر"، فيقول انه لم يصغ جيداً للشعب العراقي، ولم يستمع إلى ما يريده هذا الشعب أو يحتاج إليه. وكان ممعناً في الطموح والغطرسة والأعتداد بالتفس، فبالرغم من أنه كان يحس بأن العراق بلد محطم تماماً ويحتاج إلى إعادة بناء، ولكنه لم يحسن التعامل مع ذلك.. فما كان يريده العراقيون هو اصلاح الأوضاع انطلاقاً من واقعها الذي تعيشه، وليس تغييرها بطريقة انقلابية تماماً. وكانوا يريدون ان يكونوا شركاء في العملية. ويريدون الاستمرار في التحرك إلى الأمام. ولكن بريمر وقف بكل ذلك التبجح والغرور الامبراطوري، وقال في البداية، ان الأمريكيين سيكونون السلطة المحتلة في هذا البلد.. ولم يقل للعراقيين إلى متى سيظل الأمريكيون السلطة المحتلة في العراق.. ثم قال بعد ذلك، ان الأمريكيين سيرحلون عندما يتخطى العراقيون كل هذه العقبات، وعندما يقررون تشكيل جماعة من الناس لصياغة دستور، ويصيغون دستوراً، ثم يجرون استفتاء شعبياً، ثم يجرون انتخابات. ويضيف المؤلف قائلاً، ان هذه المجموعة من المهام الشاقة، هي التي كان لابد للعراقيين من أن يفعلوها قبل الحصول على السيادة. ولكن البيت الأبيض أدرك في نهاية المطاف انها أمور ومطالب يتعذر الدفاع عنها. ولم يعتبرها كذلك لأنها مفروضة على العراقيين فرضاً، بل لأنها قد تفضي إلى منح السيادة للعراقيين بعد انتخابات سنة 2004 ومن البديهي ان المسؤولين في البيت الأبيض لم يكونوا يريدون ذلك.
المؤلف يقرّ بغداد كانت من أكثر العواصم أمناً قبل الغزو:
في فصل من الكتاب بعنوان “من هؤلاء الأشخاص؟”، يتحدث المؤلف عن تجربة البناء في عهد بريمر. ويبدأ بالحديث عن هذه التجربة في مجال اعادة بناء قوات الشرطة في بغداد. ويذكّر المؤلف بالوضع الأمني الذي كان سائداً قبل الحرب، فيقول إن الحوانيت في بغداد لم تكن تغلق أبوابها ليلاً قبل الساعة العاشرة أو الحادية عشرة، وأن المطاعم الممتازة كانت تظل مفتوحة إلى ما بعد منتصف الليل. بل كانت حفلات العشاء تقام بعد هذا الوقت بكثير في بعض الأحيان. ولم يكن أحد يخاف أثناء عودته بسيارته إلى منزله في ساعات الفجر الأولى.. فإذا لم يكن المرء من المعارضين للنظام، فالعاصمة العراقية من أكثر المدن أمناً في العالم بالنسبة إليه.
مجلس الأمن القومي الأمريكي يطلب من وزارة العدل وضع خطة لشرطة العراق!!
ويتابع المؤلف قائلاً، مع اقتراب الحرب، طلب مجلس الأمن القومي الأمريكي من وزارة العدل الأمريكية ان تضع خطة للشرطة العراقية، وأوكلت المهمة إلى ريتشارد ماير، الذي كان عندئذ نائباً لمدير برنامج التدريب الدولي الذي تنفذه الوزارة. وكان ماير قد ساعد في اعادة بناء قوات الشرطة بعد الصراعين في البلقان وهايتي. وقد بدأ خطته بفرضية أساسية، وهي انه ليس معروفاً ما إذا كانت الشرطة العراقية ستواصل العمل، أو ما إذا كانت تجيده أصلاً. وبالتعاون مع المتخصصين في بناء الشرطة الدولية في وزارة الخارجية في مجال تطبيق القانون الدولي، لكي يساعدوا في تدريب قوة الشرطة العراقية. واذا اقتضى الأمر، فسوف يكون بوسع هؤلاء المستشارين ان ينفذوا المهام الشرطية بأنفسهم، كما فعل ضباط الشرطة الدوليون في كوسوفو..وتم تقديم خطة ماير إلى لجنة النواب، التي تتكون من  مجموعة من أعضاء ينتمون إلى وكالات وأجهزة مختلفة، ومخولة باتخاذ القرارات، وهي برئاسة ستيف هادلي. وقد أسقطت تلك اللجنة الخطة، على أساس أمور منها ان تقريراً لوكالة الاستخبارات المركزية قد ادعى ان الشرطة العراقية قد تلقت من قبل تدريباً مهنياً مكثفا، كما ان وزارة الدفاع الأمريكية كانت تتوقع استمرار قوة الشرطة في عملها بعد الحرب. وكانت وجهة النظر، كما قال أحد المشاركين في اسقاط الخطة، ان الأمريكيين لا يستطيعون ارسال ذلك العدد الكبير من ضباط الشرطة إلى العراق، لأن الأمر سيبدو وكأنهم يستولون على البلد. وخرج مجلس الأمن القومي بخطة جديدة، تقوم وزارة العدل الأمريكية بمقتضاها بإرسال فريق صغير من خبراء فرض القانون إلى العراق بعد الحرب مباشرة، من أجل اجراء عملية تقويم للأمور.  ويقول المؤلف، ان هؤلاء الخبراء، عندما وصلوا في منتصف مايو/ أيار، كان من الخطر الشديد عليهم ان يتجولوا بسياراتهم بعد مغيب الشمس. وفي النهار كانوا يتنقلون في قوافل تتكون كل منها من عربتين. وكان كل واحد منهم مسلحاً. وفي تلك الأيام، وقبل اندلاع (التمرد!)، كان ينبغي على الأمريكيين الحذر، ولكن ليس بمقدار حذر العراقيين. ويقول المؤلف ان كل عراقي يعرفه اما أصبح ضحية لجريمة عنيفة، أو انه يعرف أحداً أصبح كذلك. وكان قطاع الطرق المسلحون ببنادق “ايه كيه  47” يغتصبون السيارات من أصحابها عند مفارق الشوارع المزدحمة. كما يجري اختطاف رجال الأعمال من الشوارع، والاحتفاظ بهم رهائن إلى أن تفتديهم عائلاتهم بالمال. وبفعل الأعمال الحربية التي طالت الكثير من منشئات الدولة ومنها مراكز الشرطة، كان معظم أفراد الشرطة العراقية قد تركوا مراكزهم عندما أطبق الجنود الأمريكيون قبضتهم ، وحين أصدر جاي غارنر قرار دعوة الأفراد والضباط للألتحاق بمراكزهم، بعد أن كان معظمهم يلزمون منازلهم. فقد كان معظم الذين عادوا إلى مراكز عملهم لا يجرؤون على تطبيق القانون، فهم يحملون مسدسات، بينما يحمل المجرمون بنادق كلاشينكوف، و ايه كيه  47. ولم يمض وقت طويل على الخبراء ليستنتجوا انه ينبغي ارسال أكثر من 6600 مستشار شرطي أجنبي إلى العراق على الفور.. ولكن البيت الأبيض، أرسل واحداً فقط، هو بيرنارد كيريك، كما يقول المؤلف.


النجم "رامبو" إبن مومس!! يدير شرطة العراق!
ويصف مؤلف الكتاب (برنارد كيريك) قائلا انه كان يتمتع بنجومية تفوق نجومية بريمر، وكان الجنود الأميركان يستوقفونه في ردهات القصر الجمهوري (السابق) ليفوزوا بتوقيعه، أو بصورة معه ان كان لديهم آلة تصوير. وكان الصحافيون يحرصون على اجراء مقابلات معه أكثر من حرصهم على مقابلة بريمر ذاته. فقد كان كيريك مفوض الشرطة في مدينة نيويورك عندما وقعت أحداث 11 سبتمبر/ أيلول. ويرى المؤلف أن قدرته على الاحتمال، وجاذبيته الشخصية قد حولته إلى بطل قومي. وعندما كان المسؤولون في البيت الأبيض يلتفتون حولهم بحثاً عن شخص بارز يتولى ادارة وزارة الداخلية العراقية، ويقبل تحدي اعادة بناء الشرطة العراقية، برز اسم بيرنارد كيريك، وأثنى الرئيس بوش على الفكرة.    
ويمضي المؤلف في وصف خلفية كيريك وصلاحيته لهذه المهمة، فيقول "انه لم يكن من المنظرين ذوي الأسماء الطنانة في مجال الجريمة والعدالة. وكان ابن مومس ماتت وهو في الرابعة من العمر. وقد تسرب من المدرسة قبل ان يكمل تعليمه الثانوي. وبعد عمله آمراً لأحد السجون في مدينة نيوجيرسي، انضم إلى دائرة الشرطة في مدينة نيويورك، ليعمل شرطياً يجوب الشوارع قبل أن يصبح رجل مباحث سرياً مختصاً في المخدرات، ثم أصبح رئيس الاصلاحيات في المدينة في نهاية الأمر. وعمل في البداية حارساً شخصياً لرودي جولياني (رئيس بلدية نيويورك السابق). وكانت لغته فجة، ويحلق الشعر عن جانبي ومؤخر رأسه الأصلع، ويحتفظ ببنية جسم أفاك قوي، لسان حاله يقول “لا تتورط معي!” وقبل ذلك بسنوات عندما تم تعيينه في منصب عال في دائرة الاصلاحيات في المدينة، قال أحد المسؤولين لمفوض الدائرة يومئذ “مبروك عليكم تعيين رامبو قائدا عليكم”. إنتهى كلام مؤلف الكتاب حرفيا.
بيرنارد كيرك وإلتقاء الخلفيات والمصالح والتصرف كرعاة بقر!
ويتطرق المؤلف إلى مرحلة بيرنارد كيرك في إدارة الشرطة العراقية عقب الغزو، وكيف وضع كيرك إعتماده على شخص عراقي مغمور واحد، حيث يقول المؤلف نصاً: بدلاً من ان يركز كيريك على الصورة الكلية للشرطة العراقية فإنه، ركز على عراقي واحد كانت أهم “مؤهلات” انه امتدح بريمر وشكره في مؤتمر صحافي أمام عدسات التصوير. وبعد بضعة أسابيع من ذلك، منحه كيريك رتبة (جنرال) ثم عينه بمنصب قائد للشرطة ووكيل لوزير الداخلية، في وقت لم يكن هناك وزير معين للداخلية بعد ولا لغيرها، ويقول المؤلف في كتابه:

"احتل أحمد كاظم إبراهيم مكتباً فسيحاً في أكاديمية الشرطة ببغداد التي اتخذت مقراً للشرطة لأن مبنى وزارة الداخلية كان قد أحرق ونهب، وكان مكتبه مزيناً بصور عديدة له مع بيرنارد كيريك، ومع بول بريمر، ومع دونالد رامسفيلد، وبموافقة من كيريك، شكل إبراهيم وحدة شبه عسكرية تتكون من مائة رجل لملاحقة من يعتبرهم من العصابات الاجرامية التي تشكلت بعد الحرب. ولم يكن يعرف العاملون مع كيريك من أين جاء إبراهيم بكل رجاله هؤلاء!!. وكان كيريك، الذي بقي في العراق ليساعد في تدريب الشرطة بعد ان انتهت لجنة التقويم التي شكلتها وزارة العدل الأمريكية من عملها، يشك في ان رجال إبراهيم كانوا وحدة شبه عسكرية أو منظمة أمنية محظورة من قبل بريمر. ولكن أحداً لم يدقق في الأمر. وبينما كان كيرك وغيره في فريق وزارة داخلية سلطة التحالف المؤقتة يعتبرون وحدة كيريك شبه العسكرية، انحرافاً عن خطة اعادة بناء القوة الكلية، كان بريمر وأحد كبار مساعديه، وهو كولونيل مغمور سابق في الجيش، يدعى (جيمس ستيل)، يشجعون كيريك ويؤازرونه في مغامراته وإعتماده المطلق على الجنرال المزعوم إبراهيم.
ويقول مؤلف الكتاب "ان (ستيل) الذي عمل مستشاراً لدى بريمر في مجال قوات الأمن العراقية، لم يكن يختلف كثيراً عن كيريك. فهو مولع بالمغامرات في المناطق المعادية. وفي ثمانينات القرن الماضي قاد فريقاً من مستشاري الجيش الأمريكي لمساعدة حكومة السلفادور في حملتها ضد رجال العصابات الماركسيين. وفي التسعينات ترك الجيش ليعمل لدى شركة “انرون” وغيرها من الشركات الخاصة. وقبل حرب العراق، اتصل به صديقه القديم بول وولفوتز، وطلب منه ان يعمل مستشاراً رفيعاً لدى وزارة الكهرباء العراقية. ولكنه حين وصل بغداد كلفه غارنر بالأشراف على تدريب ضباط الشرطة العراقية.  وكان كلا من ستيل وكيريك كثيراً ما يرافقان إبراهيم في غارات ليلية، حيث يغادران المنطقة الخضراء عند منتصف الليل ويعودان عند الفجر. وكانت هنالك ادعاءات وشكاوى مستمرة بشأن رجال إبراهيم. وقد اكتشف الجيش الأمريكي ان إبراهيم كان يحتفظ بعشرات القنابل اليدوية، وقذائف مدافع الهاون التي استولى عليها أثناء الغارات، كما أنه كان يحتفظ بمكائن ومعدات لتزييف النقود قيل انها بقيت شغالة، وقيل أنها حصيلة ضبطيات ومداهمات قام بها إبراهيم ورجاله على عدد من المطابع". كما اتهمت وحدته بتعذيب تسع سجينات بالصدمة الكهربائية. كما أن عملية الأيقاع بكبار ضباط كلية الشرطة من خلال إيهام الأميركيين بأن هؤلاء يخططون لإحياء حزب البعث ويخططون لهجمات ضد الجيش الامريكي في القصة المشهورة التي تداولتها وسائل الأعلام العالمية بعد أن عقد بيرنارد كيرك مؤتمرا صحفيا في المنطقة الخضراء يوم 31مايو 2003 وأعلن فيه "إكتشاف شبكة بعثية من كبار ضباط الشرطة تعمل على إحياء تنظيم حزب البعث"،  وتم الزج بهم في المعتقلات الامريكية ضمن خطة إزاحة كل من يقفون في وجه الجنرال إبراهيم ورفاقه.  ويقول المؤلف ان الغارات التي كان يشنها إبراهيم وستيل كانت تثير غيظ الجيش الأمريكي الذي لم يكن يبلّغ عندما كان عشرات العراقيين المسلحين، وبعض الأمريكيين يتجولون بسياراتهم في المدينة، ويحطمون أبواب المنازل ويقتحمونها. وينقل المؤلف عن تيدي سبين، الذي كان يقود فرقة شرطة عسكرية في بغداد، قوله في وصف غارات إبراهيم وكيريك وستيل، ان هؤلاء لم يكونوا يتصرفون إلا كرعاة بقر ينشدون متعة المغامرة. وكان كثير من أعضاء فريق وزارة داخلية سلطة التحالف المؤقتة يريدون ان يكشفوا مساوئ كيريك وعدم صلاحيته، ولكنهم لم يكونوا يفعلون، لأنهم يدركون انه لا أحد يقبل بانتقاد الرجل الذي كان رئيسا لشرطة نيويورك أثناء أحداث 11/9.
ويختم المؤلف حديثه عن كيريك، ومهمته، قائلاً ان هذا بعد ثلاثة أشهر من وصوله، حضر اجتماعاً لرؤساء الشرطة المحلية في مركز الاجتماعات. وعندما حان دوره في الحديث، وقف وودع الجميع. وعلى الرغم من انه كان قد أبلغ بريمر بقراره قبل بضعة أيام، إلا أنه لم يكن قد أخبر معظم الأشخاص الذين كانوا يعملون لديه. وقد طار مغادراً بغداد بعد ذلك الاجتماع ببضع ساعات، وكانت مغادرته للعراق نهاية لسطوة رجال الجنرال إبراهيم ومغامراتهم المجهولة. حيث تم ابعاد احمد كاظم وتعيينه بوزارة الخارجية.
دور بيرنارد كيرك في حل الشرطة العراقية:
 ومن المعلوم أن بيرنارد كيرك بدفع وتحريض من بعض السيئين الذين إستغلوا الوضع الفوضوي لحال الشرطة بعد الغزو، وتخبط سلطات الإحتلال،  شجعوا كيريك على إصدار قرارات مرتجلة بطرد وفصل أعداد كبيرة جدا من الضباط والافراد، وبالمقابل فسحوا المجال لتطوع وتجنيد أعداد كبيرة من العناصر الفاسدة، سواء المطرودة سابقا لسوء خدماتها، أو للفساد والرشوة، إضافة إلى أعداد كبيرة من أرباب السوابق، للعمل في الشرطة في محاولة لسد النقص في أعداد القوة، (وهذا ما اعترف به كثير من المسؤولين الأميركيين والبريطانيين) من أن الشرطة تعرضت لتغلغل عناصر إجرامية أساءت للشرطة وللحالة الأمنية. ومازالت أجهزة الشرطة حتى اليوم تعاني من آثار تلك المرحلة فضلا عن عملية زج الميليشيات الحزبية المسلحة غير المنضبطة داخل الشرطة مما أفقدها مصداقيتها وخلخل من ثقة الشعب بها.  
قصتي مع بيرنارد كيريك وجيمس ستيل
كان مساعد بيرنارد كيريك  العقيد جيمس ستيل على رأس القوة الامريكية التي داهمت مكتب عميد كلية الشرطة واعتقلته مع من كان جالسا في المكتب، بتهمة (أنهم  في إجتماع حزبي وأنهم خلية من الخلايا النائمة لحزب البعث!!! ويخططون لعمليات إرهابية ضد الامريكان).. في حين أن حقيقة الأمر هي أن الأجتماع كان قد دعا اليه رئيس فريق خبراء التدريب الامريكان برسالة تحريرية مازلت أحتفظ بها يطلب حضور جميع مدراء التدريب في كلية الشرطة للتباحث في أمور تطوير الكلية ومعاودة نشاطها وحدد يوم 31/5/2003 العاشرة صباحا للإجتماع المطلوب، إلا أن إخبارية ملفقة كاذبة من الجنرال المزعوم أدت إلى إقتناع الأميركان بأن الأجتماع إنما هو لخلية بعثية نائمة تخطط لإعادة حزب البعث!! وتم إعتقالنا والزج بنا في المعتقلات الامريكية في المطار والناصرية وام قصر حوالي الشهرين من التحقيقات والتحريات الى أن ثبت للأميركان (كذب) التهمة وبرائتنا بعد تشكيل محكمة عسكرية في معتقل كروبر بالمطار، إلا أن بيرنارد كيرك كان قد سارع في يوم الأعتقال الى عقد مؤتمر صحفي (دعائي) كبير في المنطقة الخضراء تناقلته جميع وكالات الأنباء العالمية أعلن فيه الأنتصار الكبير (!!) بكشف خلية بعثية نائمة تخطط لإعادة حزب البعث والقيام بأعمال إرهابية ضد الجيش الأمريكي، وكان من ضمن أكاذيب كيريك في المؤتمر الصحفي أنهم ضبطوا وثائق حزبية في الأجتماع، وهو إدعاء كاذب تماما لأن كل ما إعتبروه وثائق حزبية هي دفتر أجندة (دفتر مذكرات) يحمله أحد الضباط (الشهيد العميد الدكتور أسامة بدري الدباغ الذي أغتيل بعد سنتين من الحادثة) وأعتبره أزلام كيريك منشورا لأنه يحمل صورة صدام مثل كل الأجندات المتداولة بالأسواق آنذاك!!  وفي نفس اليوم تمت ترقية الواشي بترقيته من ملازم أول مطرود الى (عميد) ونصب عميدا لكلية الشرطة، وبعدها بأيام منح رتبة (فريق) وعينوه وكيلا أقدم لوزارة الداخلية، قبل تشكيل وزارة مجلس الحكم. وبنفس يوم الأعتقال أصدرت سلطات الإحتلال أمرا موقعا من (بيرنارد كيرك) و (جيمس ستيل) يتضمن طردنا من الوظيفة (نحن 15 ضابطا من كبار الرتب) وحرماننا من أية حقوق أو تقاعد أو غيرها. ونحمد الله أن تظهر الحقائق وعلى لسان الأميركان لتفضح شخصية هذا (الكاوبوي) الذي نحصد اليوم مازرعه من خراب وإفساد في الشرطة العراقية، مثلما فعل صاحبه الأكبر بول بريمر. وسيظل تاريخ العراق يذكرهم بأسوأ النعوت والأوصاف جزاء ما إقترفوه من آثام بحق العراق والعراقيين.

          

خبر إعتقالنا كما تناقلته وكالات الأنباء:
بغداد، العراق (CNN) -- اعتقلت القوات الأميركية 15 عضواً من حزب البعث العراقي المنحل أثناء عقدهم لإجتماع بمبنى كلية الشرطة في بغداد السبت، وفق مسؤول أميركي.
وقال بيرنارد كيرك، رئيس شرطة مدينة نيويورك السابق، والذي يعمل كمستشار لوزارة الداخلية العراقية لحشد من الصحفيين السبت إن المجموعة تم اعتقالها أثناء عقدهم لاجتماع اسبوعي في مقر كلية الشرطة.   ومن بين الموقوفين الخمسة عشر عميد كلية الشرطة، وضابط برتبة لواء، وخمس برتبة عمداء، الذين تم اعتقالهم للقيام بأنشطة غير مشروعة فيما تم احتجاز أحدهم لإبداء المقاومة أثناء عملية اعتقاله.   ولم يفصح كيرك عن كيفية علم القوات الأميركية بالاجتماع غير أنه أشار إلى اطلاعهم به منذ عدة أيام.  وكان الجنرال الأميركي طومي فرانك، قائد القوات المركزية الأميركية ، قد أصدر قراراً في مطلع الشهر الماضي بحل حزب البعث العراقي، وأعقبه قرار مسؤول الإدارة المدنية الأميركية في العراق بول بريمر يقضي بحظر أعضاء الحزب السابقين من ممارسة السياسة والإنضمام إلى أي حكومة عراقية في المستقبل.
الخبر كما نشرته الزمان:
عميد الكلية اللواء اكرم عبد الرزاق من بين المعتقلين - القوات الامريكية تداهم اجتماعاً لخلية بعثية في كلية الشرطة
بغداد ـــ رويترز:قال مسؤول امريكي ان القوات الامريكية اعتقلت عميد كلية الشرطة ببغداد و41 من زملائه الضباط امس السبت بعد ان اكتشفت انهم كانوا يجتمعون سرا لدعم حزب البعث المحظور الذي كان يرأسه صدام حسين.  وقال بيرنارد كيريك المستشار السياسي الامريكي الكبير بوزارة الداخلية العراقية في مؤتمر صحفي ببغداد ان ضباطا اخرين بالكلية صفقوا وهللوا عندما اقتيد الرجال من المبني وايديهم مقيدة بالاغلال. وقال (كان هناك استحسان كبير وهو ما يبين نظرة الناس اليهم). ومن بين المعتقلين اللواء اكرم عبد الرزاق عميد الكلية.
وقال كيريك انه تم العثور علي وثائق مكتوبة علي ورق رسائل خاصة بحزب البعث في الكلية قبل بضعة ايام وكشف التحقيق ان المجموعة كانت تعقد اجتماعات اسبوعية. وانتظرت القوات الامريكية حتي الاجتماع التالي الذي انعقد صباح امس وداهمته لاعتقال المشاركين فيه. وحظرت الادارة المدنية التي تقودها الولايات المتحدة حزب البعث ومنعت اعضاءه السابقين من شغل المناصب. وقال كيريك ان التحقيق جار لمعرفة كيف احتفظ الضباط بوظائفهم.
AZZAMAN NEWSPAPER --- Issue 1519--- Date 1/6/2003

جريدة (الزمان) --- العدد 1519 --- التاريخ 2003 - 6 –1
       

الخبر كما بثته رويترز و أ ف ب
اعلن مسؤول اميركي ان القوات الاميركية اعتقلت عميد كلية الشرطة ببغداد و14 من زملائه الضباط السبت بعد ان اكتشفت انهم كانوا يجتمعون سرا لدعم حزب البعث. وقال المستشار السياسي الاميركي الكبير في وزارة الداخلية العراقية بيرنارد كيريك في مؤتمر صحافي في بغداد ان ضباطا اخرين في الكلية صفقوا وهللوا عندما اقتيد الرجال من المبنى وايديهم مقيدة بالاغلال.
(ا ف ب، رويترز)
الخبر كما نشرته الاهرام المصرية
42545    ‏السنة 127-العدد    2003    يونيو    1    ‏غرة ربيع الثانى 1424 هـ    الأحد
غارة أمريكية علي اجتماع سري لحزب البعث العراقي
بغداد ـ واشنطن ـ لندن ـ وكالات الأنباء‏:‏داهمت القوات الأمريكية أمس مقر أكاديمية الشرطة العراقية الجديدة في بغداد‏,‏ بعد أنباء عن عقد اجتماع سري لضباط بارزين من حزب البعث المحظور‏,‏ وألقت القبض علي‏15‏ ضابطا عراقيا‏.‏

الأحد 1 يونيو (حزيران) 2003 م
اعتقال بعثيين كبار في كلية الشرطة
بغداد - واشنطن - وكالات: في إطار عملية تصفية مسؤولي البعث من الوظائف العامة، اعتقلت الشرطة العسكرية الأميركية خلية من 15 عضوا في حزب البعث، عندما كانوا يعقدون اجتماعا في أكاديمية الشرطة الجديدة في بغداد، من بينهم عميد الكلية اللواء اكرم عبد الرزاق واربعة آخرين برتبة لواء وثلاثة برتبة عقيد وملازم أول. كما تظاهر حوالي 50 مدرسا في ساحة الفردوس، دعما لمسيرة تصفية آثار حزب البعث، في حين نظم حوالي 250 صحفيا وعاملا بوزارة الإعلام تظاهرة مضادة احتجاجا علي حل الوزارة. من جهة أخري قال محمد باقر الحكيم، رئيس المجلس الأعلي للثورة الإسلامية، ان "فيلق بدر"، الجناح المسلح لحركته، لا يملك أسلحة ثقيلة، مشيرا الي ان تنظيمه يعطي الأولوية للعمل السياسي من اجل التسريع بإنهاء الاحتلال الأميركي لبلاده. ورفض الحكيم بشكل غير مباشر موجة الهجمات المسلحة الأخيرة ضد الأميركيين. كما أيد عملية تصفية آثار حزب البعث من الإدارة العراقية ولكن في إطار القانون، مؤكدا أنه لا يجوز اتخاذ إجراءات تجاه من كان يعمل مع النظام تحت شعار الانتقام او اخذ الثأر.
بتهمة المشاركة بنشاط غير مشروع واستئصال خلايا الحزب النائمة
اعتقال عميد كلية الشرطة و14مسؤولا بعثيا ببغداد
بغداد - وكالات: أعلنت قوات من الشرطة العسكرية الأميركية أنها اعتقلت أمس خلية من 15 عضوا في حزب البعث الحاكم السابق في العراق، عندما كانوا يعقدون اجتماعا في أكاديمية الشرطة الجديدة في بغداد. وقال برنارد كيريك القائد السابق لشرطة نيويورك وعضو الشرطة العسكرية المستشار السياسي الأميركي الكبير بوزارة الداخلية العراقية في مؤتمر صحفي "اعتقل 14 شخصا للمشاركة في نشاط غير مشروع وشخص آخر لمقاومته الاعتقال". وكان الحاكم الأميركي للعراق بول بريمر عين الاثنين الماضي مجموعة خبراء كلفوا تقديم استشارات له بشأن سبل القضاء علي حزب البعث من الحياة العامة العراقية انطلاقا من قرار اتخذه منتصف مايو المنصرم. وبين المعتقلين عميد الكلية اللواء اكرم عبد الرزاق واربعة اخرين برتبة لواء وثلاثة برتبة عقيد وملازم اول. وبحسب كيريك فان الهجوم شن بناء علي وشاية جري التحقيق منها لعدة ايام. وقال "في 26 مايو وصلتنا معلومات بشأن أنشطة واجتماعات للبعث يشارك فيها عدد كبير من عناصر الشرطة. وتم فتح تحقيق وعثر علي اوراق تحمل شعار البعث في الاكاديمية اتاحت التعرف علي اشخاص يشاركون" في الاجتماعات. واضاف "كان من الواضح جدا في هذه المرحلة ان الاجتماعات تعقد في الاكاديمية كل سبت بما في ذلك هذا الاسبوع". وعزا كيريك فشل قوات التحالف في تفكيك هذه "الخلية النائمة" للبعث قبل هذا التاريخ الي الضغط الذي مارسه عناصرها علي رجال الشرطة. وقال ان عناصر الشرطة "كانوا يعرفون ما يجري غير انهم كانوا خائفين من الإبلاغ عن ذلك". وقال ان هذه الاعتقالات تندرج في اطار عملية تصفية مسؤولي البعث من الوظائف العامة. وقال متحدث باسم ادارة الاحتلال من جهته ان "الكثير من الناس يخفون انتماءهم لحزب البعث للحفاظ علي مناصبهم في الوظائف العامة وابقاء البعث قائما". واضاف "لذلك يريد بريمر ازالة عناصر البعث للتأكد من استئصال الاشخاص الذين ينتمون الي خلايا نائمة للبعث".

 

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

679 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع