(ما حدث لمحطة فوكوشيما من شجاعة وأخلاقية التصرف أعاد ذكرياتنا لتصرف العمل العلمي والعملي لكوادر النشاط النووي العراقي لما حدث لمفاعلاته)
في الأزمات والكوارث، تظهر شجاعة التصرف لمن له قيم الوفاء والأخلاص والعمل بسمو قمم الجبال لتأتي التضحية النابعة من المباديء الصحيحة لتأخذ دورها بإصرار وعزيمة يذكرها التأريخ ويخلدها لتصبح مثالاَ يحتذى به..
فكلنا سمع وشاهد الزلزال المدمر والأعلى قيمة حسب مقياس ريختر حيث بلغ 8.9 والذي ضرب جزءً من اليابان بتأريخ11-3-2011 اعقبه موجات المد التسونامي العاتية فأحدثا ضرراَ بالغاَ في محطة فوكوشيما في أربعة مفاعلات بفعل الأنفجارات والحرائق وعطب في أحواضها وخزانات الوقود المستعمل مما أدى الى تسرب المياه الملوثة بالأشعاع، فقد تعرضت قضبان الوقود للكشف للهواء مما تسبب بالتسرب الأشعاعي، وبالرغم من وجود انظمة ومعاير عمل فائقة التكنلوجيا من حيث السلامة النووية..
إلا إن عامل الطبيعة قد تغلب على عالم التكنلوجيا، نتيجة هذا الحدث وما آل أليه وستبقى آثاره ليس ليومنا هذا فقط وأنما لعقود قادمة، بدأت أسواق الرغبة ببناء محطات نووية جديدة لإنتاج الكهرباء بالتلاشي أن لم نقل بالإضمحلال وستظل كذلك لعقود، لقد تصرف العاملون في المنشآت النووية بمهنية وتضحية مذهلة قل نظيرها بنفس الروحية الجماعية والأنضباطية، حيث كان ولا يزال الشعب الياباني يتصرف بها بشكل رائع مستخدما كافة مفردات الحياة النبيلة ومعانيها السامية وهي:
( الأحترام والنظام والقدرة والرحمة والتضحية والرفق والتدريب والضمير والأعلام) يضاف إليها ماتناقلته بعض المدونات والأخبار عن تطوع أكثر من 250 شخص من كبار السن أعمارهم فوق السبعين للدخول في فوكوشيما في محاولة للمساعدة في تبريد الأحواض وتغطية قضبان الوقود وصولاً لإنهاء التسرب الأشعاعي بالرغم من وجود ما يقارب من 1000 عامل في حينه لنفس العمل، إن كبار السن المتطوعون لهم خبرة قي مجالات الطاقة والجيشً إقتراحهم إستبدال العمالة الحالية وأطلقو تسميتهم( بالكتيبة الإنتحارية ) مشيرين بأن أثر الأشعاع على كبار السن أبطئ مما هو على الشباب، وأن جيلهم هو من حث على إستخدام الطاقة النووية مما يجعلهم مسؤولين عن هذه الكارثة وعليهم تحمل المسؤولية، هذا الشعورالصادق والمتفاني والفعل الوطني الرائع الذي يمثل أعلى القيم الأنسانية لأسوء كارثة حصلت كانت ولا تزال مثار أعجاب وتقدير للفعل الأنساني للشعب الياباني، هذا التطوع ومبادرته ذكرني مع من تحاورت معهم من زملاء وقادة البرنامج النووي العراقي، فتذكرنا ما حدث نتيجة القصف الصاروخي للمنشآت العراقية ومنها المنشآت النووية، وتمعنا بالذكريات التي نفتخر في ما قام به الفرسان لعمل يعتبر تجربة من تجارب الحروب لا تتكرر في مكان آخرمن المعمورة ألى وهي تجربتنا في فترة القصف على المواقع العراقية النووية وغيرها، ومنها موقع التويثة قلب البرنامج النووي، لقطات لاتنسى من شرائح مختلفة من البشر تصرفوا بموجب إرادتهم ومنظوماتهم الأخلاقية بغض النظر عن الموقع الوظيفي وما يتناسب مع أعمارهم الحياتية، فقد برهن الكثير من صغار ومتوسطي الوظيفة إنهم نخيل شامخة فأبدعوا في أعمالهم للتصدي وأخلاء الأجهزة والمعدات بعد القصف وأطفاء ألسنة النيران التي أصابت المصانع والمنشآت الصناعية والفنية والنفطية وأبراج الكهرباء والإتصالات وتهديم الجسور، أن فكرة كتابة هذا المقال ليس للمقارنة وان كانت لا تتشابه حيث ما حصل لفوكوشيما كان بفعل عامل الطبيعة الخارق،...
وما حدث للعراق كان نتيجة عدوان أثيم ألا أن كليهما شمل مرفقات نووية، أنها كوثيقة شاهد ومساهم في عمليات المعالجة أستندت لقسم ذكرته بما كتبت في مقالتي المعنونة( ذكريات شاهد عن التفتيش الذي حصل للبرنامج النووي العراقي ) فهي تذكيرلما حصل، وللتأريخ بتدوينه وتسجيله ليكون شاهداً على ما اقترفته الولايات المتحدة وبريطانيا ومن تحالف معهما، صحيح إن ما حدث لليابان كان كارثة ومأساة مروعة بفعل العوامل الطبيعية ولكن ماحدث للعراق كان بفعل عوامل العدوان إشترك فيه أعتى أدوات التهديم والإذاء للولايات المتحدة وحلفائها لم تشهدها الإنسانية بقسوتها من قبل الا ما حدث لليابان حين رمى الأمريكان قنابلهم النووية بما يقارب ب20 طن ت.ن.ت لكل واحدة على هيروشيما ونكازاكي، أثناء عدوان حرب الخليج الثانية تفانى العراقيون بمختلف شرائحم واختصاصاتهم للدفاع وحماية منشآتهم في كافة القطاعات النفطية ومصافيها والكهربائية والصحية والجسور والطرق وتصفية المياه ..والتي تعرضت للقصف الصاروخي طيلة فترة الحرب تعجز لغة الأرقام من تدوينها ، فكان التصرف الوطني مذهلاَ وفاق سقف المسؤولية ولكنني سأركز بحكم عملي في الحقل النووي وكما يلي:
* كإجراء إحترازي كان أول عمل هوإطفاء المفاعل النووي الذي قدرته 5 ميكاواط .
* تعرضت المفاعلات الروسية والفرنسية ومنشأة الوقود النووي للتدمير تباعا، وتحت تخطيط وإشراف قادة البرنامج النووي، بدأ عمل جبار لفرق الطواريء للمنظمة ومشروع البترو3 لتقييم الأضرار وكيفية المحافضة على عدم وجود التلوث وإنتشاره، وكان العمل يسير على مدى الساعات ليلاً ونهاراَ ما عدى أوقات صفارات الإنذارحيث التوقف الجزئي والإحتماء في المناطق المخصصة، جرت عملية نقل الوقود من تحت أنقاض المفاعلين المدمرين ومخازنهم، وفيهما أماكن آيلة للسقوط، كذلك كان هذا الجهد ينصب للتأكد من عدم وجود أي إنتشار أو تسريب المياه الى التربة أو تشقق في الأحواض مما قد يسبب كارثة بيئية في المنطقة وحواليها وما بعدها، فظهرت القياسات المطمئنة وعدم وجود تشققات في أحواض المفاعلات، كان كادر العمل ذوي الإختصاصات الدقيقة كل حسب موقعه وفريقه الفني واللوجستي يرافقهم فريق الفيزياء الصحية، فقام قسم منهم للتسلل إلى أقبية الوقود في أحواض مائية تحت أنقاض المفاعل المدمر وتحزموا بحبال يمسك بها رجال خارج المبنى المدمر فأخرجوا قضبان الوقود من مخابئها تحت الأنقاض ونقلوها إلى الموقع الأكثر أمناً ضمن سلالٍ من الشباك المصنوعة من الفولاذ الذي لا يصدأ.
* أختير موقع خارج التويثة في جرف النداف وجلبت أحواض كونكريتية بحجم 2.5×2×2 متر مكعب، وتم حفر مواقع طريقة هندسية وفنية حسب ظرفها وبتكنلوجية بسيطة تفي الغرض ضمن محيط ووضعت الأحواض الكونكريتية داخل الحفر ضمن محيط دائرة واسعة، وبداخلها أحواض من الحديد المغلفن وفيها الماء الأيوني وكل حوض يحوي على الوقود الجديد والمستعمل حسب درجة الإشعاع ، وأستمرهذا العمل البطولي في فترات بين غارات الأمريكان وحلفائهم...
واشرف الدكتور جعفر ضياء جعفر بنفسه على هذا الإنجاز البطولي الكبير.
* تم نقل كافة الحاويات التي تحوي اليورانيوم الأيطالي الذي كان موجودا في منشأة الوقود والحرائق لازالت تشتعل في الموقع نتيجة تدميره الى أمكنة آمنة.
* ظلت عمليات أضافة الماء الأيوني والمواد الخاصة الى موقع التويثة وموقع جرف النداف مستمرة وبمراقبة بتوقيقاتها، الى أن نقل الوقود خارج العراق بشحنتين أحدهما نهاية عام 1993 والثانية في بداية 1994
* أشادت فرق التفتيش بالجهد وظروفه والمستلزمات المطلوبة للحفاظ على الوقود النووي واليورانيوم التي تتطلب أجهزة ومعدات تخصصية جلبوها هم عندما نقلوا الوقود خارج العراق وكان جهد الفريق العراقي متميزاَ في تنظيف الموقعين وإزالة كافة المخلفات وخصوصا قرب المفاعلين المدمرين وبناء حاويات النقل وصب الأرضيات وإنشاء حوضين لغسل الوقود.
* هذا كله حصل أثناء وبعد حرب الخليج الثانية، وفي الحرب على العراق عام 2003 كان للأعمال العسكرية دوراً بالغ الأثر على التلوث البيئي الخطير في العراق، إذ قدر البنتاجون والأمم المتحدة استخدام الولايات المتحدة وبريطانيا ما يتراوح بين 110-220 طن من اليورانيوم المنضب خلال شهري آذار ونيسان، فضلاً عن عمليات النهب التي تعرضت لها مواقع تحتوي على مواد كيماوية وسامة.
في يوم 7 أبريل/ نيسان 2003 تمركزت قوة عسكرية أمريكية في موقع التويثة بجنوب بغداد، مع سرب من طائرات الهليكوبتر، وهو نفس الموقع الذي شهد مراحل نشوء وتطور الاستخدامات النووية العراقية بكافة أشكالها، وفيه أيضاً منظمة الطاقة الذرية ومختبراتها، وهو مسوَّر بتلال مغطاة بأشجار، ومحكم من الداخل والخارج، وبضمنها تقع مخازن اليورانيوم التي تحوي على 550 طن من اليورانيوم الطبيعي والمنضب في 3500 برميل، و1.8 طن من اليورانيوم المخصب بدرجة 2.6، و3 كيلوغرام مخصبة بدرجة أدنى وحوالي 1000 قطعة من المواد المشعة من الكوبلت والسترونتيوم والسيزيوم ومواد أخرى عالية الأشعاع، وكان المخزن تحت وصاية الوكالة الدولية بموجب قرارات مجلس الأمن وفيها ختم يتصدَّر بوابته، أما بعد أيام من الأحتلال في 2003 وبدلاً من حماية موقع التويثة النووي نتيجة تواجد قوتهم العسكرية هناك، شجع الامريكان عمليات الغوغاء، ووقفت موقفاً لا مبالياً حيال التلوث الإشعاعي الذي حصل عقب عمليات السلب والنهب، التي جرت في العراق، وطالت المواقع النووية العراقية، مما دفع بالرعاع عن سرقة العشرات من الحاويات والبراميل والصناديق المخصصة لحفظ الملوثات وتم إفراغ حاويات المواد المشعة في التربة والمزارع وشبكات المياه من جداول ونهري دجلة وديالى، وحتى في بالوعات المنازل، واستخدمت الحاويات الفارغة كأوعية للماء والحليب وحتى الطرشي، وهنا نؤكد على الموقف المريب حقاً الذي وقفته الإدارة الأمريكية من التلوث البيئي الخطير، الذي يهدد الشعب العراقي، حيث ألحقت قواتها أبلغ الأضرار البيئية والصحية، مهددة حاضره ومستقبله، حيث يؤكد العلماء أن تأثيرها لن يقتصر على جيله الحالي، بل وسيطال أجياله اللاحقة وستمتد أثاره السلبية عبر الجغرافية، ووقفت موقفاً لا مبالياً حيال التلوث الإشعاعي الذي حصل عقب عمليات السلب والنهب، التي جرت في العراق، وطالت المواقع النووية العراقية، ولم يتحرك الامريكان إلا بعد أن تطوع بعض من منتسبي الطاقة الذين عملوا في فرق الطواريء من ملاحقة الرعاع وارجاع اليورانيوم الى الحاويات ألا أن مافقد من الحاويات والبراميل التي أخذت طريقها الى البيوت...
فقد جرى ذلك على مدى أسبوعين متواصلين في أعقاب الاحتلال، وأمام أنظار القوات المحتلة، التي لم تقم، عمداً، بأي أجراء جدي لإيقافها، ولا لدرء مخاطر التلوث الإشعاعي.. ليس هذا فقط، وإنما واصلت، وعلى مدى 4 أسابيع، المماطلة في الاستجابة لطلب الوكالة الدولية للطاقة الذرية بدخول العراق للتأكد من المواد المفقودة من المواقع النووية المسجلة لديها، وتقدير حجم التلوث الإشعاعي المتسرب، والحد من أخطاره على المواطنين، ضاربة عرض الحائط بالتحذيرات التي أطلقها العديد من إختصاصيي الوكالة المذكورة، وقبلهم خبراء في منظمة الطاقة الذرية العراقية، من إحتمال تعرض بغداد الى تلوث إشعاعي خطير، بعد الانتشار السريع لكميات كبيرة من النفايات المشعة من مواقع خزنها داخل مبنى المنظمة وفي محيطها، والى كثير من البيوت في الأحياء السكنية المجاورة والقريبة من قرية الوردية وجسر ديالى،التي سببها غياب السلطة المركزية، وموقف اللامبالاة الذي وقفته القوات الأميركية المحتلة، وبضمنها القوة التي كانت موجودة داخل مقر المنظمة.
ولم يتحرَّك الأميركيون إلا بعد أن تحرَّكت معنا فرق الطوارئ وبعض من منتسبي منظمة الطاقة الذرية العراقية، الذين يسكنون في المجمع السكني داخل التويثة حيث تم ملاحقة الرعاع وإرجاع اليورانيوم الى الحاويات. الا ما قد نقل الى القرى المحيطة، والجدير بالذكر أن محاولاتنا وزملاءنا في فرق الطوارئ للإتصال والتحرك على قادة من الجيش الأميركي في المطار من خلال وحدتهم العسكرية المتواجة في التويثة، وتنبيههم بأن ما يحصل سيكون كارثة بالإضافة لإمكانية سرقته من قبل إيران، هذا التصرف المسؤول أسهم في الحفاظ على اليورانيوم من السرقة، وفي عام 2008 إعترف الأمريكان أنهم كانو يخشون سرقة اليورانيوم ولهذا باعوه الى كندا، ورحلت تلك الشحنات 3500 برميلاً عبر البر إلى بغداد، ثم نقلها لاحقاً على متن 37 رحلة عسكرية إلى جزيرة "دييغو غارسيا" في المحيط الهندي ومن ثم إلى متن سفينة ترفع العلم الأمريكي إلى مونتريال بكندا، اما اليورانيوم الواطئ التخصيب والمواد المشعة فقد نقلت الى أميركا في العام 2004 (كتبنا عدة مقالات منشورة بشأن الموضوع) ألم تكن هذه الحادثة ضمن الفوضى الخلاقة؟
لقد تجاهلت الإدارة الأمريكية مناشدة الخبراء العراقيين، للقوات الأميركية المحتلة، وللجهات الدولية المعنية، وفي المقدمة منها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بأن تتدخل فوراً لدرء الخطر والسيطرة عليه، وتوفير الحماية للمواطنين منه، وإجراء مسح شامل في المنطقة المحيطة بمجمع التويثة النووي، ومن ثم في المناطق الأخرى، للتأكد من عدم إنتقال التلوث اليها، كما أنهم تجاهلوا حتى حين بدأ سكان المنطقة يشكون من أمراض تتفاوت من الاجهاد والطفح الجلدي الى أعراض تسمم إشعاعي حاد، وحذر خبراء من مشاكل صحية خطيرة قد يتعرض لها الذين مكثوا لفترات طويلة هناك، وفي ما بعد توالت التقارير الطبية عن إصابات سرطانية وحالات ولادات مشوهة ووفيات غريبة، أخذت تنتشر في المناطق القريبة من موقع التويثة، وخاصة في الوردية، والقرى الواقعة على جانبي نهر ديالى، وأهملت الولايات المتحدة، عمداً، تقارير ميدانية تؤكد خطورة الوضع، كشفت عن معدلات عالية للإشعاع المتسرب في المنطقة المحيطة بمقر منظمة الطاقة النووية العراقية في التويثة، والأمر ذاته ينطبق على مخزن النفايات النووية الذي يحتوي على كميات كبيرة من المركبات والمساحيق والمواد المشعة، وقد تسرَّب بعضها بالفعل،كما قام بعض الرعاع بسرقات تلك المراكز لينتشلو منها صفائح الالمنيوم ومعدن الفافون ليقوموا بعدها وبالاطنان لبيعه لمعامل صنع الاواني والقدور وبكميات كبيره جدآ كان منتسبوا المنظمة الساكنين بالقرب من مجمع التويثة يروها محمله في السيارات الكبيره حيث تم بيع ذلك باسعار تكاد تكون بسيطه وقامت تلك المعامل التي تقع غالبيتها في مناطق شعبيه في بغداد بل وحتى في المحافظات الاخرى بتصنيعها كاواني وقدور في مختلف الاحجام، ألم تكن هذه الحادثة ضمن الفوضى الخلاقة؟ .
وأكدت التقارير أن خطراً حقيقياً ومرعباً انطلق من هناك، وبحسب تحذير العلماء، لن توقفه أي حدود ما لم يتم تداركه، وقد ظهرت أولى نتائج ما حدث في المناطق المجاورة لمجمع التويثة، حيث تعرَّض المواطنون لجرعات متفاوتة من الإشعاع، بسبب استخدامهم للحاويات الملوثة، وسجلت أجهزة القياس معدلات عالية من الإشعاع في منازلهم وعلى مواشيهم وطيورهم.
ونبَّه الخبراء، الى أن محاولة الأهالي التخلص من التلوث بطرق غير صحيحة أدَّت إلى نشره في رقعة أوسع، وحذروا أيضاً من ان مواد كيميائية قاتلة وغازات سامة وبكتيريا وجراثيم تستخدم للأغراض التجريبية فقدت، وإختفى البعض من حاويات النظائر المشعة.
وفي ظل الشلل التام لمنظمة الطاقة الذرية العراقية المسؤولة عن مثل هذه الحوادث، بسبب العدوان والانفلات الأمني الذي أعقبه، وعدم قيام القوات المحتلة بأي إجراء جدي مطلوب، تفاقمت المشكلة، لاسيما وان بعض سرّاق البراميل والحاويات يجهلون ما فيها، فقاموا بنقل التلوث الإشعاعي الى بيوتهم، وعرَّضوا عوائلهم لخطره، ولجهلهم أيضاً تصرفوا مع محتوياتها بطرق عشوائية مختلفة، ألحقت أضراراً بالبيئة العراقية، قد تتعدى أخطارها الحدود العراقية، حيث كان البرميل الواحد يحتوي على 300-400 كغم من اليورانيوم، النوع المسمى(الكعكة الصفراء) وقد سكبت كمياتها، إما على الأرض في التربة، او في شيكات المياه من جداول وساقيات الري، او في بالوعات منزلية، وإستخدم الاهالي البراميل الفارغة، الملوثة بالإشعاع، لخزن الماء، ولحفظ الاغذية، ولجمع الحليب، ونقلوا منه، بواسطتها، كميات كبيرة الى معامل تصنيع الألبان، وشربوا منها الماء والحليب، وتناولوا الطعام، وتناول الآخرون الأجبان الملوثة بسببها.
ألا يستحق من عمل بهذه الوطنية والمثابرة والتضحية والوفاء بقيم المسؤولية أن يسجل الـتأريخ مآثرهم سواء من كان في النشاط النووي أو الأنشطة الأخرى في العراق والذين أبدعوا بما قدموه، ومن الله التوفيق.
سرور ميرزا محمود
1505 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع