كنت في بغداد / الحلقة الثامنة - ميسون نعيم الرومي

                  

         كنت في بغداد / الحلقة الثامنة -بغداد و المطر

                      

   

في أواخر آذار استضافني بعض الأصدقاء مع قريبتهم المقيمة في عمان لعدة أيام في منطقة السيدية ،في ذلك اليوم هطل المطر مدرارا يوما كاملا بعدها انكشفت الغيوم وبانت زرقة السماء الفيروزية الجميلة الناصعة تطرزها اشعة الشمس بخيوطها الذهبية ، وهي تنزلق فوق النخيل والأشجاراللامعة التي غسلها المطرو أزال عنها ما علق بها من الأتربة التي راكمها الصيف فبدت مشرقة ضاحكة وهي تغتسل مرة أخرى بتلك الأشعة الذهبية ما يبعث البهجة في النفوس .

      

في ذلك الجو البديع احببت المغادرة الى الشارع العام، والتسوق من المحلات على جانبيه، كنت اقفز متنقلة وانا في طريقي الى الشارع العام لتجنب الوحل وبرك الماء ومحاولة ايجاد موضع قدم، ما ذكـَّرني بلعبة (التوكي والحبل على رجل وحدة) وصلت الشارع بعد جهد جهيد .. كم كانت دهشتي لأجد نفسي محاصرة من جميع الجهات بمياه المطر، وكأن الشارع نهر والسيارات تحولت الى ابلام، وقد نقشت ملابسي برذاذ الماء الموحل وتلطخت بالطين، واحيانا تمر سيارة يتقصد سائقها المشاكسة فيزيد من سرعتها عندها ( تاخذ دوش بلاش ولازم تشكره لأن في البيت مرات ماكو مي للغسل)-

مشكلة اخرى واجهتني وانا في محنتي هذه ،الشارع عريض فيه سايدين احدهما ذهاب والآخرإياب تفصلهما جزرة عبرت الأول، اكيد اثناء عبوري الجهة الأخرى انظر في اتجاه السيارات القادمة ، واذا بسيارات (تطلعلي رونگ سايد بقيت ابنص الشارع ما اعرف وين انطي وجي) فهمت بعد ذلك ان هناك فرع على يمين الشارع لا يوجد استدارة للدخول اليه، لذلك تضطرالسيارة ان تسيرعكس المرورحوالي مئة متر للدخول اليه (واذا واحد مثلي امضيع صول اچعابه يندهس فدوه للبلدية)-

اخيرا وجدت نفسي على الرصيف والمحلات أمامي تزخر بما لذ وطاب ، ما انساني (اهدومي المبللة والمطينه، عساها ابخت الحرامية شارع عام جهتين) خالٍ من المجاري والناس ينتظرون تكرم البلدية بارسال سيارات لسحب الماء (وهـُمـَّـه اوذاتهم اشوكت يجون .. جر ليل واخذ عتابة ).

أمامي على طاولة فيها انواع الطرشي والزيتون بألوانه المختلفة وروائحه التي (اتبسمرالرجلين امامها واتنسي الواحد حتى إسمه) فوجدتني داخل المحل (استنگي وأأشر والبائع يوزن ويكيـّس وطلعت بحملي الثمين الطيب) متوجهة الى (محل الگيمر والدبس ابو دمعة الذهبي)
انستي فرحتي بما تسوقته حالتي المأساوية، اوقفت تكسي ليوصلني الى بيت مضيفي بالرغم من قرب المسافة ..
-(اوداعيتكم وصلت مثل الفاره المبللة).
--------------------
نوفمبر / 2017
ســــــــــــتوكهولم

للراغبين الأطلاع على الحلقة السابقة:

https://algardenia.com/2014-04-04-19-52-20/qosqsah/32484-2017-10-27-21-18-52.html

 

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1182 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع