بغداد (الصباح الجديد) - نجح تنظيم القاعدة، ومن يقف ورائه، في العراق في إطلاق سراح المئات من عناصره حين اقتحم مئات المسلحين من مرتزقته سجن أبو غريب، وفجروا بواباته وأشعلوا الحرائق في أقسام منه وقطعوا عنه الكهرباء وقتلوا الحراس في نقاطهم.
500 – 1000 سجين هُرّبوا من سجن بغداد المركزي «أبو غريب»، أغلبهم من المحكومين بالإعدام، فيما تعرض سجن الحوت في التاجي لهجوم تزامن مع الهجوم على أبو غريب. هذه العملية الهوليودية نفذها تنظيم القاعدة، حسب ادعائه، بعد تنسيق طويل ورشاوى وفساد مع سلطات السجن وقوات الأمن والجيش والحماية.
لم يصل احد إلى مكان السجن حين وقوع الاشتباكات، بل أن المهاجمين قد أغلقوا كل الطرق المؤدية إليه، وشاغلوا نقاط الحراسة وشاغلوا قطعات ثقيلة مدرعة مستقرة حوله وفي مناطق قريبة منه. معلومات غير مؤكدة كشفت عن قيام تنظيم القاعدة ببذل الكثير من المال والجهود على مستويات مختلفة بهدف إجراء عمليات نقل وتحريك لجنرالات وقيادات عليا في وزارة الداخلية والدفاع منذ شهور تمهيدا للهجوم. وخبرة المختصين وغير المختصين تتحدث عن عملية فساد مهولة قادت إلى هذه العملية وسهلت هروب السجناء.
الإعلانات الرسمية بدت متخبطة وحاولت التقليل من حجم وخطر العملية، فيما أعلن الانتربول الدولي من جانبه أن هروب مئات الإرهابيين الخطرين من سجن أبو غريب يهدد الأمن العالمي.
العملية أصابت العراقيين بصدمة وكشفت عن عدم صحة كل الادعاءات التي تتحدث عن تحسن امني. بل أن العراقيين باتوا اليوم أكثر حذرا في تعاملهم مع أدبيات السلطة التي تتحدث عن القبض على إرهابيين وإصدار أحكام بحقهم، وعناصر الأمن أيضا لن يجازفوا بحياتهم لتنفيذ واجباتهم والقبض على الإرهابيين بعد هذه الفاجعة الفاضحة. أسئلة كثيرة في أذهان الناس عن هذه العملية الخطرة. فبعد هروب هذه العناصر كيف يكون وضع الأمن؟
«إذا كان قادة القاعدة معتقلين فمن كان ينفذ الهجمات؟» وهل أن اعتقالهم كان فعّالا واستطاع السجن أن يحد من نشاطهم؟ وما صحة ما يقال عن حرية قياداتهم المدانين في السجن في التحرك ليلا إلى خارج السجن وتنفيذ عمليات والعودة إلى السجن؟
وكيف نفسر انهيار الأمن والتفجيرات والهجمات كل يوم، إذا كان الإرهابيون محبوسين في السجن فعلا؟
كيف تمكّن تنظيم القاعدة أن يستعيد قوته وتنظيمه في العراق، بعد أن أنهاه الأميركيون بالتعاون مع قوات الصحوة عام 2008؟
الباحث في شؤون مكافحة الإرهاب جاسم محمد شارك في حوار مجلة العراق اليوم من DWعربية مشيرا إلى أن ما بات يعرف بـ « تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام» قد خطط ونفذ هذه العملية بعد أن سماها بـ» قهر الطواغيت»، وهي تمثل امتدادا لعمليات « هدم الأسوار» التي أعلنها زعيم التنظيم، أبو عمر البغدادي، منذ أشهر والتي تعتبر ضوءا اخضرا آذن ببدء عمليات اقتحام السجون وتحرير عناصر التنظيم المعتقلين فيها.
ولفت جاسم محمد إلى أن بعض الآراء ترجح أن يكون الهدف الرئيس للعملية هو سجن أبوغريب، أما العملية التي جرت ضد سجن التاجي فقد جاءت لتشتيت الجهد الأمني والعسكري ولصرف الأنظار عن الهدف الرئيس. كما كشف محمد أيضا عن أسلحة وأحزمة ناسفة وقنابل تم نقلها إلى داخل السجن وتسليمها إلى السجناء ليستخدموها بالتزامن مع الهجوم.
وأشار محمد إلى أن من الصعب تقدير حجم القوة المهاجمة في مثل هذه الظروف، ولكن الرقم حتما يتعلق بآلاف المقاتلين على الأقل.
يذكر أن العقيدة العسكرية الغربية تشير إلى ضرورة أن يكون حجم القوة المهاجمة 3 أضعاف القوة المدافعة، فإذا قدّرنا حجم قوات حماية أبو غريب بنحو لواء عسكري ( 3000 مقاتل) فان قوة القاعدة سوف لن تكون أقل من ثلاثة ألوية أي (9000 مقاتل!!؟ ) وهذا رقم مخيف يدل على غفلة الأجهزة الأمنية بشكل تام وعجزها عن السيطرة حتى على أطراف العاصمة، لكن هذه الأرقام تبقى في إطار التخمين النظري.
العمليات الإرهابية لم تتوقف منذ عام 2003
ولابد من التذكير أن القوات الأميركية وعناصر الاستخبارات المرتبطة بها كانت هي التي تنسق عمليات تنظيم المعلومات والاستخبارات عن تنظيم القاعدة، وبانسحاب تلك القوات أصبح الجهد بالكامل عراقيا.
وانضم إلى حوار مجلة العراق اليوم من DWعربية المحلل السياسي هاشم إبراهيم الضامن من بغداد ، مبينا أنّ الهجوم يشكل انتكاسة مهمة لأجهزة الدولة، والانتكاسة تصل بشكل أقوى إلى الكتل السياسية وأدائها وخلافاتها التي تعلق عليها كل الإخفاقات.
وبين الضامن أن حديث الحكومة وأجهزتها عن استتباب الأمن وعن قدرتها على القيام بعمليات استباقية تجهض العمليات الإرهابية، «هو كلام ثبت فشله على ارض الواقع . وتحدث الضامن عن « مماحكات ومناكفات كثيرة وسجالات ومهاترات وتحسب وظنون واحتقان على كل الأصعدة وبين جميع مكونات الطيف السياسي».
الضامن اعتبر أن العملية لم تكن مفاجئة للشارع العراقي، لأن العمليات الإرهابية لم تتوقف أصلا منذ عام 2003 وحتى اليوم». واستطرد بالقول» حتى مع الوجود الأميركي ومستوى قدراته، بقي معدل العمليات الإرهابية وحجم هجماتها مرتفعا.
1214 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع