الظاهر حتى الآن أن التحركات القضائية في 'سرقة القرن' بدأت تذهب بعيدا وقد تطال شظايا التحقيقات رئيس الوزراء السابق شخصيا الذي صدر أمر قضائي في يونيو بحجز أمواله المنقولة وغير المنقولة.
العرب/بغداد - لم تبح قضية أكبر فضيحة فساد في العراق متعلقة بنهب 2.5 مليار دولار من الأمانات الضريبية بمصرف الرافدين الحكومي بعد بكل أسرارها، لكن قائمة الملاحقات تتسع يوما بعد آخر لتشمل رؤوسا كبيرة من الفريق الحكومي لرئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي الذي أر القضاء في يونيو الماضي بحجز أمواله المنقولة وغير المنقولة بشبه تضخم في ثروته قد يكون ناجما عن كسب غير مشروع.
وفي أحدث فصول القضية أصدر مجلس القضاء الأعلى في العراق أوامر قبض بحق وزير المالية السابق عبدالأمير علاوي و3 مقربين من رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي. وشملت مذكرات القبض إلى جانب علاوي رائد جوحي مدير مكتب الكاظمي والذي تولى رئاسة جهاز المخابرات في الأسابيع الأخيرة للحكومة السابقة ومشرع عباس (صديق الكاظمي المقرب) المستشارالسياسي الخاص لرئيس مجلس الوزراء السابق بالإضافة إلى أحمد نجاد سكرتير الكاظمي الشخصي.
وسبق لهيئة النزاهة العراقية المكلفة بمتابعة ملفات الفساد الكبرى أن طالبت قبل أيام قليلة واشنطن وبريطانيا بتسليمها مطلوبين في هذه القضية من المسؤولين السابقين المقربين من الكاظمي. كما أصدرت بحقهم إشارات حمراء لدى الانتربول لجلبهم للعدالة.
ويشير مسار القضية الأكثر جدلا في العراق إلى اتجاه واحد في الوقت الراهن وبحسب آخر تطورات الملف، وهو أن الخناق يقترب أكثر من الدائرة المقربة من الكاظمي ومن بينهم المسؤولين سالفي الذكر.
ويبدو الكاظمي في ورطة في حال ثبتت الاتهامات الموجهة لعدد من كبار فريق عمله حين كان رئيسا للوزراء، فعمليات النهب تمت في عهده وعلى مراحل وبمساعدة (حسب الاتهامات) من مسؤولي مكتبه حيث يعتقد أنهم استفادوا من تلك العمليات وتربحوا بشكل غير قانوني.
وقد يتحمل الكاظمي أحد الشخصيات السياسية والأمنية السابقة الذي دخل حين كان في السلطة في مواجهة مع الميليشيات الشيعية المقربة من إيران، جزء من المسؤولية حتى لو لم تكن له أي صلة بما حدث.
والمسؤولية التي قد تقع على عاتق رئيس الوزراء العراقي السابق هي أنه كان من يدير دفة الحكم وأن المشتبه بهم من كبار المسؤولين مقربون منه ومن فريق عمله وبالتالي هم تحت إشرافه المباشر.
وتقول التقديرات إنه لو كان المشتبه بهم في فضيحة سرقة القرن من المسؤولين من الدرجات الوظيفية الدنيا والبعيدة عن دوائر الحكم أو في الهيئات الفرعية والمحلية للدولة، كان يمكن أن يتجنب الكاظمي الإحراج واللوم أو حتى المحاسبة في انتظار أن يتم اعتقال المطلوبين وجلبهم من الخارج وما ستكشف عنه التحقيقات لاحقا.
والظاهر حتى الآن أن التحركات القضائية تذهب بعيدا وقد تطال شظايا التحقيقات الكاظمي شخصيا الذي ينفي تورطه كما نافيا سابقا مغادرة العراق.
وتم الكشف لأول مرة عن قضية 'سرقة القرن' التي تورط فيها مسؤولون سابقون كبار ورجال أعمال وأثارت احتقانا شعبيا شديدا في العراق في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ومن حديث الشارع العراقي والأوساط السياسية انتقل صدى هذه القضية إلى خارج العراق وسلطت وسائل إعلام غربية الضوء على حجم الفساد في دولة ترقد على أحد أكبر احتياطي نفطي في العالم ويعيش سكانها فقرا شديدا.
وشهد العراق في السنوات الأخيرة احتجاجات شعبية عارمة تنديدا بالفساد وبسوء الخدمات وانقطاعات الماء والكهرباء وارتفاع معدل البطالة.
وفي يونيو الماضي أصدر القضاء العراقي أمرا بالتحفظ على أموال الكاظمي المنقولة وغير المنقولة في إطار تحقيق يجريه حول تضخم ثروته، لكن من دون صدور أوامر باعتقاله أو قرار بمنعه من السفر.
وقال مصدر مطلع على الملف حينها إن القرار جاء بعد رصد تضخم في أموال رئيس الوزراء السابق الذي أكد مرارا حين كان في السلطة على ضرورة مكافحة الفساد، مشيرا إلى أنه أول من أمر بفتح تحقيقات في القضية التي باتت معروفة إعلاميا وسياسيا بسرقة القرن.
وكانت هيئة النزاهة المكلفة بالتحقيق في ملفات الفساد الكبرى قد اعتقلت عددا من المسؤولين السابقين بمن فيهم مستشار بمكتب الكاظمي ومسؤولين آخرين مقربين منه.
وأعطت تلك الاعتقالات انطباعا بأن الخناق على الدائرة المقربة من الكاظمي بدأ يقترب منه هو شخصيا.
وسبق أن تردد أن رئيس الوزراء السابق غادر العراق، لكنه نفى تلك الأنباء، بينما تستمر التحقيقات في قضية سرقة القرن والتي تعلقت باختلاس 2.5 مليار دولار من أمانات الضرائب في مصرف الرافدين الحكومي.
ويحذر نشطاء وحقوقيون من ظاهرة الإفلات من العقاب، مشيرين إلى أن السلطات العراقية تطارد حيتانا صغيرة بينما ينجح بارونات الفساد ومنهم مسؤولون كبار في الدولة أو لهم ارتباطات بقوى سياسية نافذة، في الإفلات من المحاسبة.
وكان مصدر حكومي قد كشف في مايو الماضي أن مقربا من الكاظمي كان قد سلم نفسه، أحيل إلى اللجنة العليا لمكافحة الفساد، وهو تطور مهم في القضية التي تثير جدلا واسعا في العراق وتسلط الضوء على حجم الفساد الذي ينخر الدولة العراقية.
وقال المصدر حينها إن "ضياء الموسوي اللواء في جهاز المخابرات العراقي المقرب من رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي، أحيل إلى اللجنة العليا لمكافحة الفساد التابعة لمكتب رئيس الحكومة العراقية".
وتابع "الموسوي أحد المقربين من رئيس الوزراء السابق قدم معلومات عن شخصيات في مكتب الكاظمي لتورطها بسرقة القرن" وذلك بعد أن عاد قبل أسابيع قليلة إلى العراق الذي غادره لفترة ثم قرر تسليم نفسه للسلطات المختصة.
وبحسب التطورات في ملف التحقيقات في 'سرقة القرن' من المتوقع أن يجرّ المقربون من الكاظمي الذين صدرت بحقهم بطاقات جلب دولية ومذكرات اعتقال رؤوسا كبيرة أخرى إلى التحقيق بشبهة التورط في نهب المال العام والفساد المالي والإداري.
999 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع