العنف ضد الأطفال في العراق في تنامٍ مستمر

 العنف ضد أطفال العراق أسري بدرجة أولى

تنامت ظاهرة العنف الأسري ضد الأطفال في العراق خلال السنوات الست الماضية واستأثرت محكمة استئناف بغداد – الكرخ بالنصيب الأكبر من دعاوى قضايا العنف ضد الأطفال. ومن شأن قانون حماية الطفل المودع بالبرلمان والذي صوت مجلس الوزراء على مسودته أن يحد من الظاهرة إذا تمت الموافقة عليه . ويؤكد المختصون أن هناك إرادة حقيقية للحكومة من أجل تشريعه.

العرب/بغداد - لا يمر يوم في حياة أطفال العراق من دون رعب نفسي وجسدي، يتناولون التعنيف في وجباتهم، ويحاولون النجاة، وعلى الرغم من تدخل السلطات الأمنية في جميع الحالات التي تعرض على مواقع التواصل الاجتماعي، ما زالت حالات أخرى كثيرة لم تصلها الكاميرا حيث يواصل البعض جرائم التعنيف بحق الأطفال ويبتكرون طرقاً جديدة تدل على ساديتهم ولاإنسانيتهم.

وتؤكد مديرة هيئة رعاية الطفولة في العراق غادة الرفيعي وجود خطة لحماية الأطفال وتمتد لأربع سنوات، موضحة أن “الهيئة معنية برسم السياسات ووضع مشاريع القوانين والتنسيق بين الوزارات، إلا أنها ليست جهة تنفيذية”، وتضيف لوكالة الأنباء العراقية “الهيئة اتخذت الإجراء اللازم في الكثير من القضايا الخاصة بالطفل من ضمنها القضية الأخيرة التي شغلت مواقع التواصل الاجتماعي وتخص الطفل المرحوم موسى، كما أبلغت الجهات ذات العلاقة بإشعار الهيئة بأيّ حالات تعنيف ضد الأطفال ترصدها لإتباع الإجراءات القانونية بحق المعنِّف من خلال الممثل القانوني في الهيئة لرفع دعوى قضائية ضده ووفق ما لدينا من أرقام فإن العاصمة بغداد هي الأعلى في نسبة تعنيف الأطفال”.

وأشارت الرفيعي إلى أن العنف ضد الأطفال “في تنامٍ مستمر” ما لم تكن هناك “حماية قانونية”، مؤكدة أن “مجلس الوزراء صوّت على مسودة قانون حماية الطفل، وأرسلها إلى مجلس النواب وشبكة من منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية وعلى رأسها اليونسيف التي تعمل على توعية المجتمع بضرورة الاهتمام بالطفولة”.

وتابعت “كل هذه الجهود تصب في صالح الطفل، لاسيما قانون حماية الطفل الموجود في أروقة البرلمان، والذي قُرئ للمرة الأولى وحضرت الهيئة جلستين نقاشيتين بشأنه، كما أن هناك إرادة حقيقية للحكومة من أجل تشريع هذا القانون، بعد إحالة ملاحظات الهيئة، فضلاً عن وجود تواصل مستمر مع رئيسة لجنة المرأة والأسرة والطفولة النيابية للإسراع بإقرار القانون”.

من جهته، يطالب المواطن سلام علي بتطبيق القوانين والمواد الرادعة على من أسماهم المجرمين المعنّفين للأطفال، مؤكداً على ضرورة تعاون أفراد الأسرة مع الضحية ومحاولة إنقاذه وعدم الخوف. ويضيف بحديثه لوكالة الأنباء العراقية “كان أحد الجيران يمارس كل سلطته وقسوته على أولاده، فيما لم تفعل الأم شيئاً لهم، سوى أنها تشكي للجيران، نعم أتفهم أحياناً أن الخوف يلعب دوره ويسهم في ضياع الحقوق، لكن كان عليها أن تكون أكثر حزماً، فمن سينقذ أولادها إذا لم تسهم هي أولا؟ نحن بدورنا توجهنا لإبلاغ الشرطة المجتمعية، التي أسهمت بمساعدة الصغار وأخذ التعهد من الوالد بعدم التعرض لهم”.

وتؤكد المحامية سناء أحمد في حديثها لوكالة الأنباء العراقية “ما من شيء يبرر العف ضد الأطفال، والدولة تضع على عاتقها مسؤولية تأهيل الطفل الذي يقع ضحية لأيّ شكل من أشكال العنف أو الاستغلال أو الإساءة، إضافة إلى إعادة دمج الطفل اجتماعيا".

وأضافت "وفقًا للتشريعات العراقية، تكفّل القانون برعاية الأطفال والأحداث بمجموعة من النصوص والتشريعات ومنها قانون رقم 76 لسنة 1983 والذي وضع في المادتين 56 – 58 منه ثماني محظورات أهمها ما يتعلق باستغلال الطفل أو الإساءة إليه كارتكاب جريمة الخطف مثلاً أو جرائم الاغتصاب واستغلاله في الدعارة أو التهريب، ويعتبرها جناية لا تقل عقوبتها عن السجن 5 سنوات، أما آليات الحماية وهي الجانب العملي في تقرير الحماية للطفل فنص المشرع على تشكيل لجان تسمى ‘لجان حماية الطفل’، وتكون لأعضائها صفة الضبطية القضائية في سبيل تطبيق أحكام هذا القانون".

وتضيف لوكالة الأنباء العراقية بالقول “ووفقاً للمادة (61) تختص اللجنة بتلقي الشكاوى عن أيّ انتهاكات لحقوق الطفل أو تعرضه للعنف أو الاستغلال أو الإساءة كما يكون من حق الأشخاص الإبلاغ عن أيّ واقعة في هذا الشأن خصوصاً الأطباء والمعلمون الذين قد تصل إليهم هذه الوقائع بحكم مهنهم، أما الأطفال الذين يقعون ضحية عنف أو إساءة أو استغلال فيتم إيداعهم بدار الرعاية المؤقتة بقرار من الادعاء العام بناء على توصية مندوب حماية الطفل، ويعاد كذلك إلى وليّ أمره بذات الطريقة بعد زوال أسباب الإيداع وآثاره وبعد تعهد ولي الأمر كتابة برعايته".

ونشرت دائرة العلاقات العامة في مجلس القضاء الأعلى إحصائية عن معدلات العنف الأسري في ما يخص الأطفال والنساء وكبار السن خلال عامي 2021 و2022. وأوضحت الإحصائية أن "المحاكم سجلت 1141 دعوى عنف أسري ضد الأطفال، وكان لمحكمة استئناف بغداد - الكرخ النصيب الأكبر بواقع 267 دعوى". ويصر مدير عام حماية الأسرة والطفل في العراق اللواء عدنان حمود في حديثه لوكالة الأنباء العراقية على ضرورة معرفة العائلة العراقية بحقوقها والدوائر الخدمية التي تهتم بقضايا الأسرة ومشكلاتها.

وأكد امتلاك مديرية حماية الأسرة والطفل أكثر من 16 قسماً موزعاً في مختلف المحافظات، حيث يقدم الموظفون خدماتهم عبر الخط الساخن 139 لاستقبال الشكاوى وعلى مدار الساعة. ويضيف "لدينا فرق جاهزة للتدخل في أيّ حالة عنف أسري تجاه الكبار والصغار على حد سواء، وفي ما يتعلق بالشكاوى المتعلقة بالعنف الأسري نقوم بتلقي البلاغات واتخاذ الإجراءات الفورية والتنسيق مع السلطات القضائية لاتخاذ الإجراءات اللازمة، ونقوم أيضاً بتوثيق أقوال النساء والأطفال المتضررين ونرافقهم إلى المستشفيات ونتيح لهم الرعاية الطبية اللازمة".

ويتابع اللواء عدنان “القضايا التي تتضمن عنفاً غير بدني، مثل العنف اللفظي، فتسعى خلاله كوادر المديرية لتسوية النزاعات من خلال شعبة الصلح والتراضي، حيث نسعى للتوصل إلى اتفاقيات وتعهدات تحمي الضحايا ونحن نولي اهتماماً خاصاً لحماية حقوق الأطفال في هذه العمليات”.

ويضيف "تواجهنا بعض الحالات غير الاعتيادية التي تشمل العنف الأسري الذي لا تترتب عليه إعاقة جسدية، ولذلك نعمل على متابعة هذه الحالات بعناية من خلال الإجراءات القانونية والصلحية، كما نشهد أيضاً حالات غريبة ومحزنة نتيجة تداول المخدرات وتورطها في تصاعد حالات العنف، مما يدفعنا لإجراء دراسات لفهم زيادة هذه الظاهرة خلال السنوات الست الماضية. ومن خلال تطبيق إجراءاتنا، نهدف إلى الحد من حالات العنف الأسري وتوفير بيئة آمنة للأسر في العراق".

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1059 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع