روداو:أكدت المهندسة المعمارية والفنانة التشكيلية والكاتبة ميسون الدملوجي، العضوة السابقة في مجلس النواب، ان:"هناك، في العراق، حركة ثقافية جيدة واذا نراقب الاقبال الكبير على معارض الكتاب والمعارض التشكيلية والحفلات الموسيقية والعروض الموسيقية والمهرجانات الفنية، سنجده أمراً يبعث على التفاؤل.
لكن للاسف يقابل كل ذلك اهمال حكومي واضح، على سبيل المثال مسرح الرشيد، نعم هو اليوم يُستخدم للعروض المسرحية لكنه غير صالح لهذا الغرض وبعيد عن كونه بناية صالحة للعروض المسرحية، (مسرح الرشيد تم تخريبه منذ ان تم قصف دائرة السينما والمسرح من قبل القوات الاميركية في 2003)، هذا مثال واحد، البنى التحتية لقاعات العروض المسرحية والموسيقية لا تناسب الحركة الثقافية النشيطة في الشارع العراقي، وبشكل خاص الشارع البغدادي بسبب الحريات النسبية الموجودة في العاصمة، مع اني زرت المحافظات الجنوبية وكذلك النجف وكربلاء ووجدتها تتمتع بحركة ثقافية جيدة، لكنها للاسف، ايضا، تفتقد للمسارح او قاعات العرض التشكيلي وللبنى التحتية، وهذا واجب الحكومة ان تهتم بهذه الابنية بالتأكيد".
وعن دورها عندما كانت الرئيسة السابقة للجنة الثقافة والاعلام النيابية، في دعم ابنية المسارح او صالات العروض التشكيلية والاهتمام ببناها التحتية وقت ذاك، قالت:" لقد حاولنا كثيرا في هذا المجال لكن المخصصات المالية تاتي من الحكومة ضمن الميزانية العامة، وبالرغم من اصرارنا والحاحنا على وزارة الثقافة والسياحة والاثار في هذا المجال الا اننا دائما كنا نواجه تردد الوزارة وعدم استجابتها لماطالبنا كبرلمانيين".
المهندسة المعمارية والفنانة التشكيلية والكاتبة ميسون الدملوجي
وأوضحت أن "الحكومة اشتغلت على البيوت الثقافية في المحافظات لكنها جاءت دون المستوى المطلوب بكثير، والا كيف تنشأ بيت ثقافي بلا مكتبة او مسرح مثلا؟ وهذا اقل ما يجب ان يكون، بالرغم من ان بيوت الثقافة لعبت دورا ما في الترويج لبعض المنجزات الابداعية". مضيفة بان:" التخصيصات المالية للثقافة شحيحة للغاية واغلبها تذهب للاجهزة الامنية ووزارة الدفاع، والثقافة دائما هي الضحية بسبب الاوضاع الامنية التي كانت سائدة، ثم اني كنت رئيسة لجنة الثقافة والاعلام النيابية خلال الحرب ضد تنظيم داعش الارهابي وكان اي كلام خارج هذه الحرب والشهداء الذين ضحوا بارواحهم من اجل العراق يعتبر نوع من انواع البطر".
دار الأوبرا صمم لسرقة امواله
ووصفت ميسون الدملوجي، رئيسة لجنة الثقافة والاعلام النيابية في الدورة البرلمانية الثالثة، مشروع بناء دار الاوبرا العراقية الذي تم من اجل انشائه تهجير حي سكني بكامله وتهديم دوره، في منطقة كرادة مريم، ، باعتباره "مشروع صمم من اجل الفساد"، حيث تم تخصيص الاموال له لاكثر من مرة لكن المشروع ما يزال ارض جرداء. وقالت:" بمناسبة اعتبار بغداد عاصمة للثقافة العربية عام 2013، تم تخصيص اموال كبيرة جدا لبناء دار الاوبرا، لكن هذا المشروع خصص للفشل والفساد، حيث تم صرف 20 مليار دينار، لكن النتيجة هي وجود حفرة في الموقع المجاور لفندق المنصور ميليا، وما تزال هذه الحفرة قائمة، والفلوس تبخرت".
وكشفت أنه "في حينها قدمت ملف كامل وبالتفاصيل لهيئة النزاهة وكان واضحا من هو المسؤول عن اختفاء الاموال، بل ان حتى الشركة التركية التي احيل لها مشروع دار الاوبرا لم تنفذ اية اعمال سابقة وخاصة مشروع مثل دار الاوبرا، وقدمت الشركة شيء لا يمكن تنفيذه وهو انها ستنهي المشروع كله خلال 18 شهرمن التصميم حتى تسليم المشروع، وانا كمعمارية وعملت على مشاريع كثيرة في اوربا، وجدت ان مثل هذه الفترة غير ممكنة على الاطلاق لانجاز مشروع عملاق مثل دار الاوبرا، وكان واضحا ان هذا المشروع لاغراض الفساد، لا ادري الى اين وصلت نتائج التحقيق وانا تابعت القضية مع النزاهة وقيل لي بان القضية ارسلت الى المفتش العام في وزارة الثقافة، وهو مسؤول ايضا عن القضية لان كل هذه المخالفات تمت ولم يتخذ اي اجراء، ووجدت نفسي ادور في حلقة مفرغة، وكل ما كنت، وما زلت اخشاه هو ان تتم معاقبة الصغار وينجو الكبار في سرقة اموال دار الاوبرا كما هي العادة، يعني ان تتم محاكمة من سرق 100 الف دينار ويترك من سرق مليارين دينار او اكثر بلا اية مسائلة".
حركة ثقافية متميزة
وتحدثت المعمارية ميسون الدملوجي عن متابعتها للحركة الثقافية في اقليم كوردستان، قائلة:"الحركة الثقافية في اقليم كوردستان مهمة مثلا معارض الكتاب التي تنظمها دار المدى مهمة للغاية وانا احضرها في احيان كثيرة، هناك ندوات ثقافية وفكرية فيها جانب كبير من الحرية في طرح الافكار بجرأة ويحضرها اشخاص يصعب عليهم الحضور الى بغداد، هذه الثنائية اعتبرها مهمة وموجودة في العراق منذ زمن بعيد، ومنذ العصر العباسي، المفكر والشاعر الذي يهرب من بغداد ياتي الى جبال كوردستان ويحتضنه الكورد بكرم انا احب هذه الثنائية واعتبرها ميزة في المجتمع العراقي ككل".
وعن أهمية ودور المهرجانات الثقافية، ومنها مهرجان السليمانية لموسيقى الشعوب الذي حضرته الدملوجي مؤخرا، قالت "المهرجانات، ومنها هذا المهرجان، مهم للتقريب بين العراقيين، خاصة بين اقليم كوردستان وبقية مناطق العراق، وايضا مهم للتقريب بين الشعوب". منبهة الى أن "المهرجانات لا تخلق ثقافة بل تؤسس لروابط، وجزء من مهمتها النشر لهذا هي مهمة في الحياة الثقافية والعراق بحاجة لما هو اكبر واكثر من المهرجانات".
وأشارت إلى أن "مهرجان السليمانية لموسيقى الشعوب كان ناجحا بكل المقاييس، شاركت فرق موسيقية وغنائية من دول مختلفة، اضافة الى العراقية والكوردية من اقليم كوردستان، هناك فرق من أذربيجان وايران وتركيا وسوريا، وكلها قدمت عروض جميلة ومهمة في خلق روابط بين الفنانين انفسهم ومع الجمهور، الفن يجمع بين الناس، بين الشعوب، وبين الثقافات ولا يفرقهم بل العكس من ذلك الفن يبني جسور متينة مع الاخرين".
واضافت المعمارية والفنانة التشكيلية ميسون الدملوجي قائلة: "من الامور المهمة هو انعقاد (ملتقى السليمانية للثقافة والفن) الذي اقيم في الجامعة الاميركية بالسليمانية وبحضور شخصيات فكرية وفنية متخصصة وجمهور كبيرر وقد حضرت محاضرة لقارئ المقام الاذربيجاني عليف قاسموف، وتحدث عن هذا الموضوع، اعني الفن باعتباره رابطا وجامعا بين الشعوب، وهذا ما اكده ايضا الفنان نصير شمة في محاضرته".
وفي ردها عن سؤوال: اليوم مهرجان موسيقي في السليمانية وامس كان هناك معرض للكتاب ومهرجان مسرحي دولي في اربيل، ومهرجان سينمائي في دهوك، باعتقادك لماذا لا تكون هناك مهرجانات وملتقيات ثقافية وفنية مشتركة بين اقليم كوردستان وبغداد او البصرة؟. اجابت:" ليس هناك ما يمنع بدليل ان بغداد شاركت في مهرجان السليمانية لكوسيقى الشعوب بقوة، وكان حضور الموسيقى والغناء العراقي لافتا من خلال الفرقة الوطنية للموسيقى والتراث العراقي بقيادة المايسترو علاء مجيد، وكانت مشاركة الفنان الكبير سعدون جابر مهمة، وكذلك حضور فنانين كبار مثل: ألهام المدفعي ونصير شمة وهيثم شعوبي و سناء عبد الرحمن و جلال كامل، هؤلاء قامات فنية عراقية مهمة في الحقيقة".
وفي اجابتها عن سؤال: كمعمارية وفنانة تشكيلية، زرتي كثيرا مدن اقليم كوردستان خاصة اربيل والسليمانية، وشاهدت ساحاتها وواجهاتها المنظمة حسب خبراء وفنانين محليين، باعتقادك لماذا تبدو بغداد، التي كانت تزهو بالنصب والواجهات الجميلة، اليوم شبه خربة، قالت:" بغداد ليست خربة وانما مهملة، فيما يخص الساحات والواجهات فهذا يعود الى الفوضى التي سادت بعد 2003، وهناك انتاج غزير لتزيين الساحات لكنها دون المستوى المطلوب.
العمل المعماري الوحيد الذي يستحق الاشادة فعليا هو مبنى البنك المركزي من تصميم المعمارية المعروفة، الراحلة، زها حديد في الجادرية، وبالرغم من بعض الانتقادات التي وجهت للمبنى باعتباره لا يتناسب مع منطقة الجادرية كونها خضراء ووجود بساتين وعلاقة المبنى بنهر دجلة، وهي اليوم لم تعد منطقة خضراء ولا تنتشر فيها البساتين، لكني اعتبره اهم مبنى منذ 2003.. وبصورة عامة من نصب الشهيد، القبة المشطورة، للفنان اسماعيل فتاح الترك وحتى بناية زها حديد لم يحدث اي مبنى او عمل فني يستحق الاشارة اليه مع احترامي لكل الجهود التي بُذلت".
وبيّنت أن "اهل بغداد يحبون الفن، ويحبون وجود معلم جمالي، اليوم اذا رفعنا نصب كهرمانة سيعترض اهالي الكرادة بقوة لان هذا النصب صار جزء من هوية المنطقة، وكذلك اذا رفعنا تمثال عنتر من ساحة عنتر سوف يعترض اهالي الاعظمية كون هذا التمثال صار معلما من معالم الاعظمية، وهكذا". مشيرة الى ان:"امانة بغداد تتحمل مسؤولية مستوى الاعمال الفنية في الساحات العامة والواجهات في العاصمة، ولكن تظهر باستمرار بعض الاعمال الفنية بتبرع من الفنانين وانا اعتبر الجداريات (الكرافيتي) التي رسمها شباب تشرين في نفق ساحة التحرير لا تقل اهمية عن نصب الحرية للفنان جواد سليم فهذه الاعمال عكست تعبير جميل وقوي عن آمال الشباب وتطلعاتهم".
الدولة لا تهتم بالفنون
وتحدثت ميسون الدملوجي عن السينما في العراق، قائلة:"اعتبر ما ينجزه المخرج السينمائي محمد الدراجيينتمي الى مستوى ابداعي متميز.. الاعتماد على الدولة في الانجاز الفني امر غير مجدي..الدولة غير مهتمة بالفنون لكن الاعتماد على الذات هو الافضل، هناك مثلا مهرجان افلام 3X 3 الذي يقيمه حكمت البيضاني سنويا وتعرض فيه افلام للشباب مدتها ثلاث دقائق وهي اعمال متميزة، ثم ان السينما ثقافة مجتمعية بحد ذاتها، عندما كنا صغار كنا نذهب مع عوائلنا الى السينما ونشاهد آخر الافلام الاميركية والانجليزية والايطالية والمصرية، كانت اهم واحدث الافلام تصل الى صالات السينما ببغداد، هذه الثقافة انتهت لاسباب كثيرة، وربما لان الزمن تغير حتى في الغرب اليوم ذهب عصر دور العرض السينما الكبيرة وصارت هناك مجموعة صالات صغيرة لعرض الافلام السينمائية".
https://www.facebook.com/watch/?ref=embed_video&v=6535811179835339
1097 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع