في ظل تآكلُ القيم والتسرّع وغياب التكافؤ.. «أبغضُ الحلال» يتفشى في العراق

   

بغداد - العباسية نيوز/عراق أحمد:«أبغض الحلال» ومقوّض التماسك الأول بما يحدث من تصدّعات وشروخ في البنية ويهدّد نسيج الأسرة نواة المجتمع، الطلاق.. ظاهرة أرّقت ولا تزال منذ عامين العراقيين نتاج عوامل عدّة أبرزها كما شخّص المعنيون تآكل القيم وتفضيل المال على الأخلاق.

ويعزو متخصّصون في علم الاجتماع أبرز أسباب شيوع هذه الظاهرة إلى ما أسموه التسرّع في الزواج «غير المتكافئ» نتيجة عدم النضج في الزواج الذي لا يستمر أكثر من عام في أقصاه، لاسيّما في أعقاب انتشار حالات الزواج من نساء تقل عمراً وتجربة أو العكس، وتباين المستوى التعليمي للزوجين وانتشار ظاهرة العنف الأسري.

وترى الباحثة الاجتماعية في محكمة الأحوال الشخصية في العمارة ليلى جعفر، أنّ «الطلاق أصبح من الظواهر التي انتشرت بكثرة في المحاكم»، مشيرة إلى زيادة دعاوى النساء والرجال وارتفاعها بشكل غير مسبوق خلال آخر عامين.

وتلفت إلى أنّ «اختلاف الهوية الطائفية بين الزوجين وتدخّل الأهل والظروف الاقتصادية التي أثرت على المستوى الاجتماعي، عوامل جعلت من الطلاق أمراً طبيعياً في كل العراق، فضلاً عن تأثّر أغلب العائلات بما تطرحه المسلسلات الأجنبية من أحداث».

تفشي ظاهرة

ويشير مدير حماية الأسرة مزهر الموسوي، إلى أنّ «الطلاق كثيراً ما يقع لدى الفئات العمرية التي تتراوح بين 28 - 38 عاماً»، كاشفاً عن أنّ «حالات الطلاق ارتفعت بشكل مطرد خلال السنوات الثلاث الماضية»، مبيّناً أنّه توجد حالة طلاق من كل زيجتين أو ثلاث بما يشمل كل محافظات العراق دون استثناء.

 ويبيّن مدير مكتب حقوق الإنسان في ميسان المحامي أحمد اللامي، أنّ «الطلاق ارتفع بين الشباب خلال العام 2012 بنسبة 19 في المئة عن العام 2011»، موضحاً أنّ «محكمة الأحوال الشخصية بمدينة العمارة سجّلت معدلات غير مسبوقة من حالات الطلاق تراوحت بين 50- 70 حالة يومياً».

تآكل قيم

بدورهم، أجمع الباحثون الاجتماعيون المتمركزون في المحاكم لتقريب وجهات نظر طالبي الطلاق، على أنّ «السبب الرئيس لكثرة الطلاق يتمثّل في تغيّر نظرة الناس وسيادة النظرة المادية وغياب القيم التي كان يؤمن بها المجتمع العراقي».

 ويوضّح الباحثون أنّ «العوائل لم تعد تسأل عن أخلاق الشخص وإنما عن أحواله المادية قبل أي شيء إلى جانب قلة الوازع الديني والأخلاقي، لاسيما خلال العامين الماضيين».

وتقول المحامية ريهام فاضل إنّ «ظاهرة الطلاق في المجتمع العراقي آخذة في التزايد، ما يدلّل على تفكّك المجتمع»، مبيّنة أنّ «قلة الوعي الاجتماعي أسهمت في ذلك بشكل كبير»، لافتة إلى أنّ «المجتمع العراقي مرّ بمراحل تفكّك بدءاً من الحرب العراقية - الإيرانية وحرب الخليج والحصار حتى سقوط النظام السابق في 2003 وما أعقب ذلك من تهجير قسري لعدد كبير من العوائل»، مؤكّدة أنّ الاقتصاد والتعليم والمؤسسات العلمية أصابها الركود والتفكّك ما أثّر سلباً العراقيين.

تسرّع وهوّة أفكار

ويكشف الأستاذ في قسم الإرشاد النفسي بجامعة البصرة د. كريم الموزاني عن أنّ ظاهرة الطلاق بدأت بعد العام 2003 لتنشط بشكل متزايد، مردفاً القول: «شاع الزواج لدى الموظفات لوفرة نقودهن وما يمتلكن من مصوغات ذهبية أو دفاتر توفير»، لافتاً إلى أنّ الطلاق تفاقم بشكل كبير نتاج الظروف الاجتماعية، مرجعاً الأمر إلى الاختيار غير الموفّق والتسرّع دون معرفة تفاصيل حياة الطرف الآخر وسوء التوافق الزمني، مردفاً: ربما يكون الزوج من جيل بعيد عن الزوجة ولكل جيل له تطلعاته وطموحاته ورغباته فمن الصعب التوافق أحياناً بين الأجيال لاختلاف العقلية والأفكار والتطلعات وقد يؤدي ذلك إلى الفراق».

 ويشير الموزاني إلى أنّ عدم قدرة الزوج على إنشاء أسرة مستقلة في شؤونها الاقتصادية والاجتماعية سبب آخر للطلاق نتيجة تدخّل عائلة الزوج أو الزوجة في الحياة الداخلية للزوجين حديثي العهد. عنف أسري

ويعتقد باحثون اجتماعيون أنّ ثمة أسباباً أخرى لوقوع للطلاق تتمثّل في ممارسة العنف الأسري الذي يعد من أبرز المشكلات العالمية التي لا يكاد يخلو منها مجتمع سواء وصف بالتقدّم أو الرجعية.

ويبيّن الباحثون أنّ ظاهرة العنف الأسري لا تزال تنمو وتتفاقم بشكل مطرد إلى درجة أن أضحى السيطرة عليها ضرباً من ضروب المستحيل، نسبة إلى خصوصية المشكلة، مشيراً إلى أنّ «الظاهرة تتراوح بين حدود خارجة عن الإرادة المجتمعية وحدود تدخّلات الدولة وتشريعاتها».

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1108 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع