شفق نيوز/ مثل كل عام تشهد الأسواق المحلية في العراق ارتفاعاً ملحوظاً في الأسعار مع قرب حلول شهر رمضان، وسط دعوات بأن تنفذ الحكومة وعودها التي أطلقتها في المدة الأخيرة لمواجهة ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
تقول المواطنة أم أحمد من محافظة بابل، لوكالة شفق نيوز: إن "العوائل العراقية عادة ما تتسوق لشهر رمضان بوقت مبكر خشية ارتفاع الأسعار المتكرر في الشهر الفضيل، والذي يزيد من معاناة أصحاب الدخل المحدود في شراء المواد الغذائية". وتشير خلال حديثها، إلى أن "كل جهة تلقي سبب ارتفاع الأسعار على الأخرى، فصاحب المحل يلوم التاجر، والأخير يحمل الحكومة ارتفاع الأسعار نتيجة لزيادتها ضريبة الاستيراد وارتفاع الدولار وغيرها من الأسباب التي لا تنتهي، وفي النهاية الضحية هو المواطن".
وتطالب أم أحمد "وزارتي التجارة والعمل التخفيف عن كاهل المواطن بزيادة مفردات السلة الغذائية بشهر رمضان، وشمول أعداد أكثر بالرعاية الاجتماعية للتخفيف عن المواطن البسيط، وكذلك على الجهات المعنية متابعة أصحاب المحال والتجار للقضاء على ظاهرة ارتفاع الأسعار في شهر رمضان".
من جهته، يقول أبو مهدي صاحب محل لبيع المواد الغذائية في محافظة واسط، إن "أغلب المواطنين يشكون صاحب المحل من ارتفاع الأسعار"، منوّها إلى أن "ما حصل من ارتفاع يعود إلى ارتفاع أجرة النقل ما نضطر إلى زيادة الأسعار لتجنب الخسارة، وفي الوقت نفسه تحقيق ربح قليل لسد الإيجار والنفقات المعيشية".
ويؤكد في حديث لوكالة شفق نيوز، أن "المشكلة الرئيسية ليست عند أصحاب المحال البسيطة، وإنما عند التجار الذين يرفعون الأسعار بدرجة كبيرة مع قرب شهر رمضان مثل كل عام".
ضعف في الرقابة
بدوره، يرى الباحث الاقتصادي، عبدالسلام حسن حسين، أن "الرقابة على تسعيرة المواد الغذائية لا تشكل 15 بالمائة كحد أعلى في بغداد والمحافظات، فيما ارتفعت الضريبة على المواطن من 3 بالمائة إلى 5 بالمائة".
ويوضح لوكالة شفق نيوز، أن "الحكومة تصدر أوامر لمعالجة ارتفاع الأسعار لكن التنفيذ غير صحيح، أما مسألة التجار، فلا يمكن السيطرة عليهم إلا بتسعير المواد يومياً وتبث في الإعلام، وبهذه الطريقة سوف يتم محاربة التجار الجشعين والسيطرة على الأسعار".
التجارة تتوعد المتلاعبين
وكانت وزارة التجارة العراقية، قد توعدت، الأربعاء الماضي، المتلاعبين بأسعار المواد الغذائية بإجراءات رادعة.
وذكرت الوزارة في بيان، أن "الفرق الرقابية في دائرة الرقابة التجارية والمالية بوزارة التجارة نفذت في بغداد والمحافظات كافة وبالتنسيق مع مديرية الجريمة المنظمة حملات رقابية مكثفة لمراقبة أسعار المواد الغذائية في الأسواق المحلية بالإضافة إلى متابعة إجراءات حماية الخزين الغذائي من التقلبات الجوية".
وقال مدير الدائرة، رياض مهدي الموسوي: إنه "تنفيذاً لتوجيهات وزير التجارة، نفذت تلك الفرق زيارة لعدد من الأسواق المحلية بجانبي الكرخ والرصافة في بغداد وعموم المحافظات، اطلعت خلالها على واقع الأسعار بالنسبة للمواد الغذائية ومدى تأثرها من الناحية السعرية".
وأضاف، أن "تلك الحملة تزامنت مع قيام وزارة التجارة بعملية ضخ المواد الغذائية الرئيسية من بيض المائدة والدجاج والطحين والحليب عبر فرقها الجوالة وبيعها بأسعار تنافسية للمواطنين للمحافظة على استقرار أسعار تلك المواد في الأسواق التجارية".
وأشار، إلى أن "الفرق الرقابية ستوسع من نطاق جولاتها الميدانية في عموم المحافظات لغرض متابعة حركة الأسواق وأسعار المواد الغذائية داخلها تزامناً مع اقتراب حلول شهر رمضان المبارك مع اتخاذ إجراءات رادعة ضد المتلاعبين وبالتنسيق مع الأجهزة الأمنية المختصة".
خطة التجارة لشهر رمضان
وفي هذا السياق، يشرح مصدر مسؤول في وزارة التجارة خطة الوزارة لاستقبال شهر رمضان، بالقول: إن "وزارة التجارة اعتمدت بالدرجة الأساس تقصير المسافة الزمنية بين كل حصة، والتي كانت كل 37 يوماً، لكن تم إطلاق الحصة الأولى يوم 5 شباط الحالي، والحصة الثانية ستطلق قبل دخول شهر رمضان".
ويضيف المسؤول لوكالة شفق نيوز، أن "خطة مواجهة الأسعار تمثلت بضخ يوم 5 شباط الحالي حصة بواقع 42 مليون سلة غذائية للمواطنين، وثم 7 ملايين سلة أخرى للمشمولين بالرعاية، أي أن المواطن المشمول بالرعاية أخذ سلة اعتيادية وأخرى رعاية، بمعنى أن هناك 7 ملايين مواطن يستلمون 22 مليون سلة في السنة، لذلك بدأ يتحسن وضع الطبقة الفقيرة بتسلم سلتين في الشهر".
وعن الخطة لمواجهة صعود الأسعار، يوضح المصدر، أنه "تم التعاقد على استيراد بيض مائدة عبر شراكات مع القطاع الخاص لاستيراد اللحوم الأسترالية واللحوم الأخرى المذبوحة على الطريقة الإسلامية، وستصل إلى المستهلك بسعر 9 آلاف دينار".
المنافذ التسويقية
ويوضح "وبالإمكان الحصول على هذه المنتجات من المنافذ التسويقية الموزعة 3 في بغداد و4 في المحافظات، وقبل دخول الشهر المبارك سيتم افتتاح 8 أسواق جديدة ليصبح المجموع 15 منفذاً تسويقياً في كل المحافظات عدا إقليم كوردستان". ويتابع، "وسيتم ضخ المواد الغذائية والبقوليات والأرزاق الجافة والمواد الطرية في هذه المنافذ التسويقية بما لا يقل عن 25 بالمائة عن السعر المطروح في السوق التجارية، ووصل سعر طبقة بيض المائدة الأبيض والأسمر إلى 4.500 دينار أمس نتيجة الضخ الكبير".
السيارات الجوالة
وفيما يخص تجربة السيارات الجوالة، يؤكد المصدر، أنه "سيتم إعادة تجربة السيارات الجوالة في الأقضية والنواحي والقصبات، والتي تحمل المواد الرئيسية من رز وسكر وزيت وبيض ولحم ومعجون ومادة النشا وبرغل، وهذه السيارات سوف تنطلق إلى عموم المحافظات وستقف شاحنة في باب المجمع وتتجول سيارات نوع (بيك أب) في الأقضية والنواحي".
ويلفت إلى أن "المواد التي سيتم إضافتها في شهر رمضان هي 4 مواد، طحين الصفر بواقع 1 كغم لكل فرد، الشعرية والمعكرونة والنشا بواقع 1 كغم لكل عائلة، أي طحين الصفر على أساس الأفراد، لكن المواد الثلاث الأخرى على أساس العائلة، وهذه ستوزع قبل دخول شهر رمضان".
الرقابة التجارية
ويشير إلى أن "وزارة التجارة عملت - لمواجهة ارتفاع الأسعار - على الفرق الرقابة التجارية في مركز بغداد والمحافظات بالتنسيق مع الجهات الأمنية ومكافحة الجريمة الاقتصادية، حيث تقوم هذه الفرق الرقابية بجولات يومية وهذا بدأ قبل 5 أيام". وأردف، "كما هناك لجنة في وزارة التجارة على مستوى عالٍ يرأسها وكيل الوزير للشؤون الإدارية لتحديد أسعار المواد الغذائية الأساسية وتكون ملزمة للتجار وللقطاع الخاص وللقطاع الحكومي، ومن غير الممكن ارتفاع سعرها عن السعر المحدد في وزارة التجارة، فليس من حق التاجر الربح أكثر من 3 بالمائة للمواد الغذائية".
ويوضح، أنه "وفي حال رصد مخالفة عبر الجولات الرقابية أو في حال الإبلاغ عن مخالفة من قبل المواطنين فسوف تتوجه الجهات الرقابية والأمنية ويتم التحرز على المحل، وأخذ تعهد بعدم كسر الأسعار في المستقبل، وفي حال التكرار لا يسمح لصاحب المحل بممارسة العمل التجاري، وقد يواجه عقوبة السجن والغرامة".
ويؤكد، أن "اللجنة تعمل على قدم وساق لتحديد تعرفة أسعار المواد الغذائية الأساسية، وستصدر تعرفة أشبه بالروزنامة الزراعية التي تصدرها وزارة الزراعة، وهذه اللجنة بدأت العمل قبل أسبوعين بتوجيه من الوزير وبالتنسيق مع مكتب رئيس الوزراء والأمانة العامة لمجلس الوزراء، وأن الحكومة عامة مهتمة بشكل كبير بتحديد أسعار المواد الرئيسية التي تحتاجها العائلة".
استجواب بسبب الفساد
لكن في المقابل، كشف النائب المستقل هادي الأربعاء الماضي، عن رفع طلب لرئاسة البرلمان، لغرض استجواب وزير التجارة، بسبب شبهات فساد وهدر بالمال العام وموضوع السلة الغذائية.
وقال السلامي، لوكالة شفق نيوز، إن "موضوع استجواب وزير التجارة يتعلق بمخالفات كثيرة وشبهات فساد وهدر بالمال العام والسلة الغذائية، وحديثنا هذا ضمن القانون ومحمي أثناء انعقاد جلسة مجلس النواب يوم 14 شباط/ فبراير الجاري، وننتظر إجراءات رئاسة المجلس بتحديد موعد جلسة الاستجواب".
وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، أطلق مطلع العام 2023 مشروع السلّة الغذائية الخاصة بالمشمولين بشبكة الحماية الاجتماعية التي ترعاها الحكومة عبر الرواتب الشهرية، وتشمل فئة الأيتام والأرامل وذوي الاحتياجات الخاصة والمرضى غير القادرين على العمل.
ويبلغ أعداد المشمولين براتب الرعاية الاجتماعية 7 ملايين فرد، بواقع أكثر من مليونين و151 ألف أسرة، بعد شمول أكثر من 900 ألف أسرة جديدة بالحماية الاجتماعية عام 2023، وفق رئيس هيئة الحماية الاجتماعية في وزارة العمل، د.أحمد خلف الموسوي.
المشمولون الجدد بانتظار التخصيصات
من جهته، قال وزير العمل والشؤون الاجتماعية، أحمد الأسدي، أمس الأحد، لوكالة شفق نيوز، إن "الموازنة العامة لسنة 2023 هي موازنة الأعوام الثلاثة، وبالتالي فإن التخصيص المالي بانتظار عرض جداول الموازنة على مجلس النواب من أجل إقرارها".
وتابع: "نحن في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية نطمح بالحصول على تخصيص مالي جديد من خلال موازنة الطوارئ أو مجلس الوزراء"، مبيناً أنه "في العام الماضي كانت موازنتنا أربعة تريليونات و700 مليار دينار".
وبيّن الأسدي، أن "الرعاية الاجتماعية تحتاج التغطية لأن من تم شمولهم خلال عام 2023 يحتاجون إلى ستة مليارات دينار لتغطية مستحقاتهم".
وأضاف الوزير، أن "الوزارة أصدرت بطاقة كي كارد لأكثر من 900 ألف أسرة في عام 2023، وأكملت إجراءات الباحث الاجتماعي لمليون و207 آلاف اسرة، وننتظر التخصيص المالي لاستكمال إجراءات لشمولهم بالإعانة".
وكانت وزارة التخطيط العراقية قد كشفت في نيسان الماضي، عن أن نسبة الفقر في البلاد تبلغ 22 بالمائة، (أي ما يعادل نحو 10 ملايين نسمة) في بلد يربو عدد سكانه على 43 مليوناً.
1026 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع