العربية نت:بعدما كشفت مصادر أميركية عن احتمال أن يعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، خلال أيام، عقوبات ضد كتيبة "نتساح يهودا" التابعة للجيش الإسرائيلي بسبب انتهاكات حقوق الإنسان في الضفة الغربية، توجّهت الأنظار إلى تلك الكتيبة التي خرقت العادات وجعلت الولايات المتحدة تعاقب حليفتها للمرة الأولى.
ففي حال أقرت العقوبات، ستكون هذه أول مرة تتخذ فيها الولايات المتحدة مثل هذه الخطوة.
فما هي تلك الكتيبة.. وما دورها؟
لطالما كانت كتيبة "نتساح يهودا" محور العديد من الخلافات المرتبطة بالتطرف اليميني والعنف ضد الفلسطينيين، لا سيما وفاة المسن عمر أسعد، وهو فلسطيني أميركي يبلغ من العمر 78 عاما، حيث توفي بعد اعتقاله عند حاجز تفتيش، تم تكبيل يديه وكمم فمه وتركه الجنود على الأرض في منتصف الليل في ليلة برد قارس، وبعد ساعات قليلة عثروا عليه ميتا.
وبعد التحقيق في الحادث، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه كان هناك "فشل أخلاقي للقوات وخطأ في الحكم، مع الإضرار بشكل خطير بقيمة الكرامة الإنسانية".
وفي أعقاب الحادثة، تم توبيخ قائد كتيبة نيتساح يهودا، كما تم طرد قائد السرية وقائد فصيلة الجنود على الفور، ليغلق التحقيق الجنائي الذي فُتح ضد الجنود دون أي محاكمة.
فنقلت إسرائيل الوحدة من الضفة الغربية في ديسمبر 2022، رغم أنها نفت أنها فعلت ذلك بسبب سلوك الجنود، ومنذ ذلك الحين خدمت الكتيبة في الغالب في شمال البلاد.
أما البدايات، فتم إنشاء "نيتساح يهودا" حتى يتمكن المتدينون المتشددون وغيرهم من الجنود الإسرائيليين من الخدمة دون الشعور بأنهم يعرضون معتقداتهم للخطر.
وكانت تعمل كوحدة في الضفة، وتتكون بشكل رئيسي من رجال حريديم وشباب متطرفين لديهم آراء يمينية متطرفة، ولم يتم تضمينهم في وحدات قتالية أخرى في الجيش الإسرائيلي.
كما لا يتفاعل الجنود مع القوات النسائية بنفس القدر الذي يتفاعل به مع الجنود الذكور، كما يتم منحهم وقتا إضافيا للصلاة والدراسة الدينية، وفقا لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل".
وقد شارك أعضاء الوحدة في العديد من حوادث العنف المثيرة للجدل، كذلك أدينوا في الماضي بتعذيب وإساءة معاملة السجناء الفلسطينيين مشابهة لما حدث مع المسن عمر أسعد.
كما يقال إن"نيتسح يهودا" هي وحدة عسكرية إسرائيلية متمركزة في الضفة الغربية، أصبحت وجهة للمستوطنين اليمينيين المتطرفين الذين لم يتم قبولهم في أي وحدة قتالية أخرى في الجيش الإسرائيلي.
قيادات إسرائيل مستاءة
لتأتي العقوبات الأميركية، إذ أوضحت المصادر أن القرارات الجديدة ستمنع الكتيبة وأعضاءها من تلقي أي نوع من السلاح أو التدريب العسكري الأميركي.
كما أوضحت أن الخارجية الأميركية بدأت التحقيق مع الكتيبة أواخر عام 2022 بعد تورط جنودها في عدة حوادث عنف ضد المدنيين الفلسطينيين ولهذا اتخذت قرارها.
إلا أنه على ما يبدو لن يمر مرور الكرام، إذ أعلنت قيادات إسرائيلية عن استنكارها لما تم تداوله، وأثارت الخطة الأميركية المعلنة ردود فعل لاذعة من المسؤولين الإسرائيليين، بما في ذلك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
فقد كتب نتنياهو على X، أنه "لا ينبغي فرض عقوبات على الجيش الإسرائيلي.. لقد كنت أعمل في الأسابيع الأخيرة ضد فرض عقوبات على المواطنين الإسرائيليين، بما في ذلك في محادثاتي مع الإدارة الأميركية.. في الوقت الذي يقاتل فيه جنودنا تأتي نية فرض عقوبات عليه!.. هذه هي قمة السخافة والانخفاض الأخلاقي"، معلنا التزامه بمحاربة هذه الخطوة.
وانضم وزير الحرب بيني غانتس إلى الانتقادات، قائلا إن وحدة المشاة "جزء لا يتجزأ من الجيش الإسرائيلي" وملتزمة بالقانون العسكري والدولي. وأضاف أن لدى إسرائيل محاكم "قوية ومستقلة" قادرة على التعامل مع الانتهاكات المزعومة، وفق زعمه.
وقال غانتس: "نحن نكن احتراما كبيرا لأصدقائنا الأميركيين، لكن فرض عقوبات على الوحدة يعد سابقة خطيرة ويرسل رسالة خاطئة إلى أعدائنا المشتركين في وقت الحرب"، في حين تعهد "باتخاذ إجراءات حتى لا يطبق هذا القرار".
كذلك رأى وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، أن فرض العقوبات على الجنود الإسرائيليين "خط أحمر".
ووصف بن غفير التقارير الجديدة بأنها "خطيرة للغاية"، وقال إنه يتوقع ألا يخضع وزير الدفاع يوآف غالانت للإملاءات الأميركية وأن أعضاء نيتساح يهودا يجب دعمهم بالكامل.
وأضاف: "إذا لم يكن هناك أي شخص في وزارة الدفاع الذي سيدعم الكتيبة كما هو مطلوب، سأطلب استيعابهم في الشرطة الإسرائيلية ووزارة الأمن القومي.. سأكون على استعداد لدمجهم في حرس الحدود".
أما وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، فرأى أن فرض العقوبات بينما تقاتل إسرائيل من أجل "وجودها" هو "جنون مطلق".
واعتبر أن "هذا جزء من خطوة مخططة لإجبار دولة إسرائيل على الموافقة على إقامة دولة فلسطينية والتخلي عن أمن إسرائيل"، وفق زعمه عبر حسابه في X.
وجاءت عبارات المفاجأة والغضب في إسرائيل بعد وقت قصير من إعراب القادة عن امتنانهم العميق للولايات المتحدة بعد أن أقر مجلس النواب الأميركي حزمة مساعدات عسكرية كبيرة.
ونقلا عن مصادر أميركية لم يذكر اسمها، قال تقرير "أكسيوس"، إن العقوبات ستمنع نقل الأسلحة الأميركية إلى وحدة المشاة اليهودية المتشددة إلى حد كبير، وتمنع أيضاً جنودها من التدريب مع القوات الأميركية أو المشاركة في أي أنشطة بتمويل أميركي، بموجب قوانين "ليهي".
قانون السيناتور باتريك ليهي
يذكر أن القوانين التي صاغها السيناتور باتريك ليهي في أواخر التسعينيات، تشمل تقديم المساعدة العسكرية للأفراد أو وحدات قوات الأمن التي ترتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ولم يتم تقديمها إلى العدالة.
ونُقل عن أحد المصادر قوله إن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قرر عدم فرض عقوبات على وحدات عسكرية وشرطية أخرى تحقق الإدارة فيها، لأنها لاحظت تعديلات في سلوكها.
وقال مسؤول إن قرار معاقبة "نتساح يهودا" يستند إلى بحث تم إجراؤه قبل 7 أكتوبر والذي فحص الأحداث في الضفة الغربية.
في حين أكد بلينكن نفسه يوم الجمعة الماضي، أنه اتخذ قرارات بشأن الاتهامات بأن القوات الإسرائيلية انتهكت قوانين "ليهي".
ومنذ أن بدأت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول، أصدرت الولايات المتحدة ثلاث جولات من العقوبات ضد أفراد من المستوطنين بسبب أعمال العنف ضد الفلسطينيين. صدرت الجولة الأخيرة يوم الجمعة.
731 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع