العرب:بغداد/واشنطن - شكك محللون وخبراء أمنيون عراقيون في جدية التسريبات المتعلقة بخطط أميركية للانسحاب من العراق بحلول سبتمبر 2025، معتبرين أنها مجرد تسريبات للاستهلاك المحلي ولحسابات سياسية وانتخابية ولتخفيف الضغوط على رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ولتخفيف التوتر مع الميليشيات الشيعية المسلحة الموالية لإيران.
وبحسب ما ورد من معلومات، سيغادر المئات من الجنود الأميركيين العراق بحلول سبتمبر 2025، بما يشمل القوات المتمركزة في قاعدة عين الأسد التي تعرضت مرارا لهجمات صاروخية من قبل الميليشيات الموالية لإيران. ويشمل الانسحاب أيضا عددا كبير من الجنود من العاصمة بغداد، على أن تبقى قوة أميركية ومن قوات التحالف الأخرى في كردستان العراق (شمال) إلى نهاية العام 2026 لمواصلة العمليات ضد تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا.
ونقلت وكالة شفق نيوز العراقية الكردية عن هؤلاء قولهم إن التقارير الإعلامية التي تتحدث عن خطط للانسحاب العسكري الأجنبي من العراق ليس سوى "مسكنات لكسب الوقت" وأن الأمر مرتبط بحسابات انتخابية إذ يريد الديمقراطيون الاستفادة من تلك التقارير لدعم كامالا هاريس المرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة وكذلك دعم حكومة السوداني الذي يتعرض لضغوط شديدة من إيران ووكلائها من الفصائل الشيعية العراقية.
وكانت وكالة رويترز قد نشرت الجمعة تقريرا تحدثت فيه عن بعض تفاصيل خطط الانسحاب المفترض وعن توصل الجانبين إلى اتفاق يحدد خطط انسحاب قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة، بعد مرور 6 أشهر على بدء المحادثات بينهما.
ولاحظ اللواء الركن المتقاعد عماد علو مدير مركز الاعتماد للدراسات الأمنية والإستراتيجية في تصريحات لوكالة شفق نيوز الكردية العراقية، وجود حالة من الالتباس في قراءة وتفسير إنهاء مهمة التحالف الدولي والوجود الأميركي في العراق وإعلان الانسحاب.
وقال إنه "لم يتم الإعلان بشكل رسمي من قبل العراق أو أميركا حول انسحاب أو إنهاء مهمة قوات التحالف، كما لم يتطرق الطرفان بأي شكل من الأشكال وبأي مرحلة من مراحل الحوار الاستراتيجي من قبل اللجنة الفنية العسكرية حول انسحاب القوات الأميركية".
وتابع "وجود فرق بين إنهاء مهمة التحالف وانسحاب قوات التحالف وبين انسحاب القوات الأميركية من العراق، وكان التطرق دائما والتصريحات التي ترد من المسؤولين العراقيين والأميركيين حول الانتقال إلى علاقات ثنائية وبقاء عدد من القوات الأميركية لأغراض التدريب والاستشارة وتقديم الدعم للقوات المسلحة العراقية وهذا يتم الاتفاق عليه بين الجانبين من خلال اللجنة الفنية العسكرية العليا".
ورأى علو أن "مسألة الانسحاب فيها نوع من الغموض والمطاطية وعدم الوضوح وتعتمد على حالة التوتر بين فصائل المقاومة الإسلامية والجانب الأميركي بسبب المعطيات الراهنة في حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة، إضافة إلى التوترات الأخرى في المنطقة في الساحتين السورية والعراقية والتوتر بين الجانب الأميركي والإيراني".
وذهب إلى أبعد من ذلك معتبرا أن الجانب الأميركي يحاول من خلال تسريب معلومات عن خطط للانسحاب من العراق، الاستفادة منها سياسيا خاصة في علاقة بالانتخابات الرئاسية التي تخوضها المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس في مواجهة المرشح الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب.
ونقلت الوكالة العراقية الكردية عن سيف السعدي الباحث في الشأن السياسي قوله، إن "بين فترة وأخرى تظهر تصريحات تعتبر استهلاكا محليا داخل العراق تنسجم مع رغبة وتطلعات الحكومة العراقية التي لا تريد مصارحة شعبها بأن بقاء القوات الأميركية مستمر لفترة أطول خاصة في ظل وجود قوات أميركية في قاعدة عين الأسد وفكتوريا وحرير، لذلك لا وجود للانسحاب".
وقال السعدي "هذه التسريبات هي مسكنات ألم وليست معالجة للمرض، حيث إن القوات الأميركية مستمرة في التواجد وتنظم علاقتها من خلال اتفاقية الإطار الاستراتيجي المكونة من 31 مادة تشير إلى بقائها لفترة طويلة، كما هناك بند حماية النظام الديمقراطي وهذا معناه أن أي خلل أو مشكلات داخلية ترى واشنطن أنها قد تقوض عملية النظام الديمقراطي أو تفشل التجربة الديمقراطية في العراق وإنها ستتدخل".
ولاحظ كذلك أن الولايات المتحدة تتخذ من وجود بقايا لتنظيم داعش مبررا للبقاء لفترة أطول في العراق، مشيرا إلى استمرار التعاون الأمني والاستخباراتي بين واشنطن وبغداد وأخره عملية مشتركة بين جهاز المخابرات العراقي والقوات الأميركية في وادي الغدف غربي الأنبار.
وقال إن واشنطن ومن خلال هذه العمليات المشتركة تثبت تواجدها كما أن هناك ارتباط وثيق بين التواجد الأميركي في كل من سوريا والعراق من خلال عمليات 'الصلب والعزم' وهذا يقتضي بقاء القوات الأميركية لفترة أطول بلا جدول زمني واضح للانسحاب النهائي.
ورأى السعدي أنه "لذلك لا أجد أي انسحاب للقوات الأميركية. هذه التصريحات عبارة عن شعارات للاستهلاك المحلي ومسكنات تحاول من خلالها الاستفادة من الهدنة وتستثمرها الحكومة العراقية مع بعض الفصائل العراقية التي لا تلتزم بأوامر القائد العام للقوات المسلحة وبالتالي هي نوع من الإقناع وكسب المزيد من الوقت لنهاية هذه الدورة الحكومية أو البرلمانية التي لم يبقَ لها سوى عام ونصف العام وبعدها سوف تجرى الانتخابات التشريعية في 25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2025".
757 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع