العرب/الموصل (العراق) ـ أحيت فرقة “سومريات” العراقية، الخميس، حفلاً كبيراً على مسرح جامعة الموصل، حيث قدمت مجموعة من الأغاني الروحية على إيقاعات وموسيقى الجنوب المختلطة مع أناشيد بابل والمقامات البغدادية.
وفرقة سومريات تأسست على يد المايسترو علاء مجيد، الذي يتبنى أسلوبًا جريئًا من خلال منح أصغر عضوات الفرقة الفرصة للعزف والغناء بشكل منفرد أثناء الحفلات. وفي هذا السياق يقول “هذه المجازفة تنبع من كوني أستاذًا ومربيًا في مجالي. أؤمن بأن الإبداع يحتاج إلى تحفيز، لذا أطلب من كل عضوة أن تتوقع مفاجأة على المسرح، حيث سأطلب منهن الأداء بشكل منفرد. الهدف هو تشجيعهن على بذل المزيد من الجهد، وهذا يعد جزءًا من عملية تربوية تهدف إلى استنهاض طاقاتهن وتحفيز تطورهن في مسيرتهن الفنية.”
ويضيف “من خلال هذه الفرقة، أهدف إلى إيصال رسالة إلى العالم بأن المرأة العراقية، والمرأة العربية بشكل عام، قوية. نحن نرفض التهميش وإبعاد المرأة عن ممارسة دورها. هذه رسالة تحضر وتمدن، وأعتقد أن تجربتنا ستلقى إشادة واسعة”.
شغف المايسترو علاء الأكبر في الحياة هو الموسيقى ولهذا يمنحها كل جهده ووقته، وكل عزمه أن تقوم في العراق مهرجانات فنية ضخمة عالمية وعربية تعيد للبلد الذي اخترعت وصنعت على أرضه أولى الآلات الموسيقية في التاريخ، القيثارة السومرية والسنطور والجوزة والإيقاعات والآلات الهوائية.
يقولـ “بدأت مسيرتي بتأسيس فرقة بابل الموسيقية عام 1996، التي قدمت حفلاتها على مسرح مهرجان بابل الدولي الثقافي، قبل مغادرتي العراق. ثم في السويد، قمت بتأسيس وقيادة فرقة طيور دجلة النسائية منذ عام 2007، بشكل تطوعي ودون مقابل، واستمرت هذه الفرقة لمدة 13 عامًا. في لندن، أسست فرقة التراث العربي في أكاديمية الموسيقى العربية. وعندما عدت إلى العراق، قمت بتأسيس ثلاث فرق موسيقية غنائية، منها الفرقة الوطنية للتراث الموسيقي العراقي، التي تمثل الموسيقى والغناء التراثي، وتعد وطنية لأنها تعكس الهوية العراقية.”
ويضيف “فرقة سومريات، تأسست عام 2022، وتجمع أكثر من 50 عازفة ومطربة عراقية، أصغرهن عمرها 12 عاماً، وهن أكاديميات، غالبيتهن محترفات ومبدعات، يؤدين مختلف الأغاني وليست التراثية فقط، عربية وكردية ومختلف الأغاني”.
وعلى خشبة مسرح جامعة الموصل، ظهرت الفتيات وكأنهن أميرات من زمن بعيد، حيث زينت رؤوسهن بتاج ذهبي وارتدين أزياء سومرية مطرزة بأحرف باللغة المسمارية تشير إلى اسم فرقتهن.
وعناصر الفرقة كلهن أكاديميات بعضهن درسن الموسيقى منذ الطفولة وأخريات درسن تخصصات لا علاقة لها بالفن ولكنهن أبدعن في العزف والغناء، وتقول عازفة الإيقاع مرج فراس، التي لم تتجاوز الثامنة عشرة من عمرها، إن مهاراتها في العزف تطورت بشكل كبير منذ انضمامها للفرقة. وتضيف “كانت هواية نميتها وطورتها قبل أن أنضم للفرقة، ورغم صعوبة نظرة المجتمع تجاه عازفي الإيقاع، سأستمر لأنني أحب هذا الفن.”
وتقول عازفة آلة الجلو تقي علاء “كانت نقلة نوعية في حياتي، لقد تغيرت كل حياتي أصبح هناك تمرين مستمر كل يوم يجب أن أتمرن وأستمع للموسيقى. أنا في الأساس طالبة في مدرسة الموسيقى والبالية ندرس صباحا المواد التربوية الدراسية وبعد الظهر ندرس ونعزف الموسيقى وكل ذلك غيّر من حياتي بالتأكيد”.
وردًا على سؤال حول اهتمامه بعازفات الإيقاع، سواء على الطبل أو الدف، وكيفية تقديمهن في الحفلات رغم نظرة المجتمع لعازفي الإيقاع، أجاب المايسترو علاء، “لم أسعَ عمدًا لتغيير نظرة المجتمع تجاه هذا النوع من الفن، ولكن تقديم عازفات الإيقاع للعزف بشكل منفرد يمثل خطوة جريئة ومهمة لتعزيز دورهن. فهن أكاديميات يمتلكن شهادات جامعية أو ما زلن في الدراسة. عندما أقدمهن للجمهور، يكون ذلك في أرقى المسارح العراقية، وليس في الشوارع أو المطاعم. إن أسلوب التقديم ومراعاة جميع جوانب الإخراج سيؤديان في النهاية إلى تغيير وجهة نظر الجمهور نحو عازفي الإيقاع في العراق.”
ويقول إنه يحمل رسالة حماية التراث الموسيقي والغنائي العراقي من مختلف المناطق، بما في ذلك الوسط والجنوب والغرب، بالإضافة إلى التراث الكردي والتركماني. وفرقة “السومريات” وظيفتها هي إعادة تقديم هذا التراث بشكل معاصر، مع أصوات متميزة وتوزيع موسيقي حديث، لضمان استمرار هذه الأغاني ووصولها إلى جميع الأجيال.
900 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع