بغداديات ..الأكلات السريعه ..
لم تالف بغداد الاكلات السريعه المتداوله ولا التوصيل المجاني للطلبات في بداية القرن العشرين وحتى بعد منتصفه ولكنها كانت تتداول الاكلات السريعه على طريقتها الشعبيه وقبل ان تدخل الاكلات السريعه الحديثه على المجتمع البغدادي كما هو حاصل في ايامنا هذه وهذا لايعني ان المطاعم لم تكن موجوده ولكنها لم تكن متداوله بكثره حتى مطلع الخمسينات ..
المقصود بالاكلات السريعه هي الاكلات التي تكون متوفره ولاتحتاج الى توصيه مسبقه او وقت طويل او حجز مسبق وكثيرا ماتكون على الماشي السريع .
كانت الاكلات السريعه متداوله في المناطق الشعبيه وحسب حجم المنطقه وظروفها ولكنها تكاد تكون متشابهه بنوع الاكلات التي كانت تقدم واذكر منها :
المشويات
وهي التكه والكباب والمعلاك والكلب والجلاوي والضره وتقدم على قارعة الطريق بواسطة شوايه من صنع محلي وهي عباره عن قطعه من الشيلمان الحديد او ( الجنل) مع مهفه يدويه وفحم وعدد من ( السياخ ) للكباب او التكه وخضورات وخبز وهو الاكثر تداولا من الصمون لتوفره وكان تناول الطعام وقوفا او جلوس على الارصفه وباسعار كانت رخيصه في مقاييس ذلك الزمان ..
فتحت بعض المحال لشوي الكباب ولم يتجاوز عددها الواحد في كل منطقه ولكنها لم تكن ترتقي لمستوى مطعم وليس اكثر من مكان للعمل وتقدم الكباب على الماشي .
فتح مطعم كباب ( مهدي ) في الصالحيه بجوار السفاره البريطانيه في عام 1956 على مااتذكر وكان الكباب مشهور بكبر الحجم ورخص السعر حيث كان سعر الشيش الواحد عشرة فلوس والنفر ثلاثون فلسا ومن ضمنها الخبز والخضورات وكان هذا المطعم الوحيد الذي يقدم الكباب جلوسا على موائد وكراسي في تلك الفتره ولكن بعدها تبعته مطاعم اخرى وفي الحالات الاعتياديه تطلب هذه الوجبات مساءا كوجبة عشاء.
تشريب الباقلاء
تكاد لاتخلو منطقه في بغداد من وجود بائعة الباقلاء وقدرها والبطنج والجفجير والصينيه مع جوله او بريمز وقد نجد اكثر من بائعه لكثرة الطلب على الاكله في الصباح وفي بقية الاوقات ,, اختصت النساء في بيع الباقلاء دون الرجال لكون الباقلاء تحضر في المنزل وعمل نسائي اكثر مما هو رجالي ,,
وتعتبر تشريب الباقلاء من الذ المأكولات الصباحيه خاصة مع دهن حر مسخن بشكل كبير والبصل والبعض يضع البيض المقلي ورش البطنج وهذه الاكله تباع سفري للراغبين ويجلبون معهم الخبز فقط والاوعيه ويتم تنكيع الخبز حتى يتشرب بماء الباقلاء ومن ثم يوضع في الوعاء وعليه حبوب الباقلاء وتتم باقي المواد في بيت المشتري من بطنج ودهن وبصل وبيض ..
الباجه
اشتهرت مناطق بغداد الشعبيه بالباجه وخاصة باجة الغنم ( الخراف ) وهناك باجة الهوش ( البقر ) وكانت ايضا تعتبر من الاكلات السريعه والمقصود بالاكلات السريعه هو عدم وجود مكان للجلوس لتناول الطعام وتتم عملية تأمين الطلب للزبون واقفا ومباشرة والمكان الذي يتناول به الطعام متروك للزبون قد يكون على الرصيف او في المقهى اذا وافق صاحب المقهى او في البيت او على ضفاف دجله وخاصة للخماره بعد الانتهاء من الشرب ,,
والباجه ايضا تشبه الباقلاء لايتاج الزبون الا للخبز والاناء والباقي على وحودي ابن طوبان او على ابو جاسم ( محمد الجبوري ) الذي كانت لديه عربه لبيع الباجه ( الهوش ) متنقلا بين الازقه وتقدم الباجه في اغلب الاوقات عن العشاء ..
السمك / الجري
اكثر مناطق بغداد القديمه انشأت على ضفاف دجله للحاجه الى الماء في ديمومة الحياة ولذلك فأن السمك ارتبط مع تراث وطبيعة الناس في هذه المناطق وكانت اكلات السمك متنوعه وتتفنن بها ربة البيت وفي نفس الوقت كان السمك يقدم على الارصفه في المناطق الشعبيه وخاصة سمك ( الجري ) ويمتاز سمك الجري بمميزات تختلف عن غيره من الاسماك وهي رخص سعره وعدم احتوائه على العظام ( الاسنان ) وعلاجه للعديد من الامراض وكان السمك هذا يقدم في اوقات الظهيره وهو مقلي ويقوم الزبون بشراء عدد من القطع وباقي المستلزمات عليه منها الخبز الحار والبصل والطماطه ومنهم من يضيف ( العنبه ) او يطبخ الرز الاصفر مع السمك .
كبة السراي
اشتهرت كبة السراي وهو محل صغير لبيع كبه كروية الشكل من الجريش واللحم المفروم وحجمها يصل الى حجم كرة التنس تقريبا وكان المحل يقع في مدخل سوق السراي من جهة اليمين للداخل من اتجاه السراي الحكومي وكان تناول الطعام وقوفا لعدم وجود اماكن للجلوس..
وكان يقدم مع الكبه قرص من الخبز وبعض الخضورات ومن ثم تطور الى الصمون الحجري وكانت هذه الكبه تعتبر من الاكلات المرغوبه وخاصة لاصحاب الدكاكين في السوق ومنهم ( التتنجيه ) و( الدنكجيه ) وزوار السوق وتعنبر من الاكلات السريعه ايضا في تلك الفتره والوجبه تكون من وجبات طعام الغداء لان تناولها يكون اكثر الاوقات في الضحى والظهيره وكانت بعض الشخصيات السياسيه والاقتصاديه تتناول هذه الوجبه منهم المرحوم نوري السعيد ..
شربت زباله
لم يكن محل الحاج زباله الذي تأسس في عام 1900 في منطقة الكرخ ثم تحول الى الحيدرخانه لاحقا مختص في شربت الزبيب فقط فقد كان يقدم فطور صباحي من الجبن مع العصير ويدخل في ذلك من ضمن الاكلات السريعه حيث قلده في ذلك البعض من بياعي القيمر والعسل على شكل سندويج مع الشاي تارة او مع العصير.
شوربة العدس
وهي الاكله الاكثر روجا وشعبيه داخل البيوت وخارجها وكثيرا ما نرى بياعي الشوربه في العربات او بقدورهم على الارصفه مع الخبز او الصمون وهي الاكله التي يتناولها العمال عند الفجر قبل التوجه للعمل لانها تمنح القوه والطاقه ورخيصة السعر ولذيذه وتجد الباعه بشكل مستمر عند مراكز تجمع العمال ( المسطر ) منذ ساعات الفجر الاولى ..
الهمبركر
وهي الاكله الامريكيه التي غزت العراق في الخمسينات بشكل محدود ثم انتشرت بشكل اوسع ولغرض التعرف على بدايات هذا الانتشار نبدأ مع اول محل لبيع الهمبركر في بغداد ..
ابو يونان ,,
افتتح ابو يونان كشكا كان هديه من شركة كوكولا على سبيل الدعايه كما كان معمول بهذا الاسلوب...
ومع الكشك صندوق حديدي ( ثلاجه ) على ان يقوم صاحب الكشك بالترويج لبضاعة شركة ( كوكولا ) وقد كان ذلك عام 1956 على مسافه قريبه من ساحة ( كهرمانه ) الحاليه على الرصيف لبيع المشروبات الغازيه والسكائر وبعض الحلويات مثل العلك وغيرها ..
وفي نهاية الخمسينات وخاصة بعد ثورة تموز 1958 ادخل ابو يونان اكلة ( الهمبركر ) وقد لاقت اعجاب الكثير كأكله سريعه ورخيصه واذكر ان سعر السندويج كان 40 فلسا ثم اصبح 50 فلسا لاحقا ويمتاز ابو يونان بانه كان يضع شرائح الطماطه بدون ( القموع ) والبصل المقلي والصاص والخردل حيث لم يكن الكجب قد عرف في تلك الفتره وعندما راجت بضاعته افتتح فرعا في منطقة السنك بجوار المصرف الزراعي في عام 1961 على مااتذكر ثم تطور الحال حتى اصبح محلات لبيع الاكلات السريعه في نفس المكان الاول بعد ان اشترى الارض الخاليه من اصحابها المهاجرين الى خارج العراق وبنى فيها عمارة اسفلها محلات ابو يونان الشهيره ..
ابو توماس,,
تتشابه حالة ابو توماس مع ابو يونان حيث قام ابو توماس بالحصول على كشك من شركة بيبسي كولا وباللون الازرق وابو يونان كان باللون الاحمر ووضع الكشك في الركن الاول لبناية اسواق سالومي في المسبح وتكررت حالة الارض الخاليه التي خلفه وباشر ابو توماس ببيع الهمبركر على طريقة ابو يونان ولكنه كان بعده بالفتره الزمنيه حيث بدأ في مطلع الستينات 1961 على ماتذكر ومن ثم انتشرت اكلة الهمبركر ( سعر 65 فلسا ) السندويج مع بطل بيبسي كولا ومن اللحم العراقي لانه لم يكن في تلك الفتره لحوم مستورده وكان سعر لحم العجل الشرح ( الكيلو 180 فلسا ) وهكذا انتعشت تجارة الهمبركر حتى اصبح ابو توماس من اكبر مجهزي الاكلات الجاهزه والحفلات ( القوازي \ الكبب \ البورك \ وغيرها )
الفلافل
لقد فرض التقدم التكنولوجي في العالم الغربي ضرورة وجود مطاعم الوجبات السريه لضيق الوقت وللاستفاده من الوقت في انجاز الاعمال وعدم تيس الوقت للجلوس في المطاعم وتقديم طلبات الطعام او الذهاب الى البيت لتناول الوجبات وبعد ان كان الحال كما بينا علاه بدأت تغزو بغداد موجه من البوفيات المتخصصه بالاكلات السريعه...
وهي تقدم الهمبركر كواحد من العديد من الانواع الاخرى مثل سندويجات الدجاج والشاورمه والبتيته جاب والكبد والتكه والكباب وتطورت الحال اكثر عندما غزا العراق اكلة الفلافل وخاصة اثناء الحصار والتي شاعت اكثر من الهمبركر باضعاف ولاتزال تحتل الصدراره في الاكلات السريعه بعد ان كان محل الفلافل الوحيد في بغداد في لامطلع الستينات هو مطعم ابو سمير الفلسطيني بجوار سينما الخيام ..
جميع الاكلات التي وردت في المقال وخاصة في حقبة الخمسينات قد تطورت واصبحت من الاكلات التي واكبت الاكلات السريعه ومنها المشويات وتشريب الباقلاء والباجه وغيرها ,, واليوم اكثر الاكلات هي سريعه مثل البيتزا والدجاج والشورما والفلافل وجميع الانواع تقريبا ..
ودمتم بعافيه
عبد الكريم الحسيني
4307 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع