مدينة الموصل عبر التاريخ...
نبراس الذاكرة/ميعاد شرف الدين الگيلاني:تاريخ مدينة الموصل يعكس حال العراق وكيف تقلبت به الايام ،وتبدلت به الاحوال، فلعبت بسفينته رياح السياسة والمصالح ،والاهواء والتدخلات لتغيير مسارها ومجراها بما لايشتهيه اهله. فلو كانت مسارات التاريخ تجري بالتمنيات ، لما كان العراق يستحق ما جرى له ،الا ان للوقائع والاحداث حكمة لايعلمها الا الله سبحانه وتعالى . لنتعلم منها العبر والدروس.
من التاريخ
فحدود العراق عبر التاريخ كانت تمتد الى بلاد الاناضول شمالا والجزيرة جنوبا والى بحر قزوين شرقا ، وذكر المؤرخون ان البريد كان يصل الى بغداد في العهد العباسي من الهند وحدود الصين والاندلس لانها تابعة له ، وعمال هذه الاقاليم يتم تعيينهم من بغداد ،واستمر الحال هكذا لقرون طويلة،الا ان الحركات الانفصالية ونزعات التقسيم ،ادت الى نكوصه وضعفه ،وتمكنت بسبب ذلك قوى الاحتلال الاجنبية من الاستحواذ عليه، وبدأت حدوده تتقلص وصار يحاول جاهدا الحفاظ على اسمه كبلد واحد اسمه (العراق)،لذا عمد الغزاة من مغول وفرس وعثمانيين الى تقسيمه الى ثلاث ولايات ، مدينة بغداد والموصل والبصرة ،وتحت هذه التسميات بدأ اسم العراق يضمحل ، وكانت هذه الاقاليم (الولايات) مقدمة متعمدة لاخفاء اسم العراق، لأن اسمه كان مطلوبا ، بدوافع شتى ، نتيجة عقد اثنية ولربما عنصرية مكبوتة عندهم،الا ان للريح مواسم ثم تنتهي ، وللطوفان وقتا ثم تبتلع الارض الماء ، وترسي السفينة على الجودى وتنزل حمولتها من كل زوج ذي حياة.
حدود مدينة الموصل
كانت مدينة الموصل مركزها مدينة الموصل في العهد العثماني، اما حدودها فتشمل الموصل والعمادية وزاخو وعقرة ودهوك واربيل والسليمانية وكركوك في فترة من الفترات، وحدد هذه المدن وتابعيتها المؤرخ الموصلي ياسين العمري في كتابه غاية المرام ..
على ان هناك وثائق تأريخية اخرى تذكر لنا ان مدينة ماردين وديار بكر والرها (اورفة) كان ولاتها يتم تعينهم من عوائل بغداد ويطلق عليهم اسم بيت (ويودة ماردين) اي متسلمي مدينة ماردين ، وان قبائل شمر والعزة وغيرها والى يوم قريب من يومنا هذا كانوا يصيفون مع حلالهم في مراعي هذه المناطق، لأن اهلهم واولاد عمهم هناك ،الا ان هذه المناطق خرجت من سيطرة العراق بعد الاحتلال البريطاني له، فانقلب كل شيء في هذه الفترة من تاريخ العراق ، وصارت تركيا تدعي ان مدينة الموصل تابعة لها بعد العام 1918م.
مفاوضات
ولانستبعد ان تكون بريطانيا لعبت دورا خفيا بمسألة الموصل ، لسبب وجيه من وجهة نظرها في حينها،من ان اثارة مشكلة الموصل يستدعي من الحكومة العراقية الموافقة على عقد معاهدة مع بريطانيا لتمديد انتدابها للعراق لمدة طويلة ،بذريعة المحافظة على حدود العراق من الضياع وعلى مدنه من التقسيم ، وبدأت بريطانيا فعلا مفاوضاتها مع تركيا حول مدينة الموصل، وادعت تركيا من ان معظم سكان مدينة الموصل من التركمان..
فعقد مؤتمر القسطنطينية سنة 1924م وترأس وفد العراق السير بيرسي كوكس المندوب السامي البريطاني...
والحق طه الهاشمي كمستشار بالوفد ، ولم يتوصل الطرفان الى نتيجة ،واحيل الموضوع الى عصبة الامم.
وفي وقتها ذكر المحللون من ان نظرة تركيا الى مدينة الموصل لن تتعدى مصالح نفطية في هذه المدينة ، لذا شكلت من عصبة الامم لجنة برئاسة رئيس وزراء الميجر الكونت تلكي مع اعضاء اخرين للنظر في القضية .
هجوم تركي
وفي هذه الاثناء أي في ايلول من سنة 1924م شنت تركيا هجوما مسلحا على الاراضي العراقية ، بطريقة تحشيد قوات غير نظامية ، بقصد فرض واقع على الارض تقبله الحكومة العراقية ، وتسللت هذه القوات الى الموصل وزاخو والعمادية ودهوك ،فتصدت لها القوات العراقية ، بالرغم من حداثة تشكيل الجيش العراقي وقتئذ،وساندت قوات الجيش العراقي الطيران البريطاني، وعلى اثر ذلك فشل الهجوم التركي ، خاصة بعد ان أنذرت بريطانيا تركيا بسحب قواتها خلال فترة 48 ساعة ،فانسحبت القوات التركية.
1349 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع