سيدات البلاط الملكي في العراق
لم يقتصر نشاط السيدات العراقيات ومساندة سيدات العائلة المالكة على القضايا الأجتماعية فقط ،بل تعدى ذلك إلى مختلف جوانب الحياة ، الثقافية و الفكرية و العلمية وهذا دليل واضح على عزمهن من أجل تحقيق التقدم والرقي لأبناء الشعب العراقي عموماً ، ومن أجل نهضة المرأة كي تأخذ دورها بصورة خاصة، وكان لولوج المرأة العراقية ميادين التعليم وإسهامها في تأسيس الجمعيات والنوادي الثقافية ، أثر كبير في تغيير واقع المرأة العراقية وتوسيع مداركها ومن أهم هذه النشاطات .
الإسهام في المؤتمرات النسوية:
برزت ظاهرة جديدة غير معهودة سابقاً ، وهي إسهام المرأة العراقية في المؤتمرات النسوية المنعقدة في الأقطار العربية ،حيث شاركت في نشاطاتها ومقرراتها ، وأبدت وجهة نظرها لتساير ركب النهضة النسوية العربية ،لاسيما في مصر وبلاد الشام . وجاء إسهام المرأة العراقية في تلك المؤتمرات متواضعة والحركة النسوية الناهضة في العراق ، فقد انتقلت المؤتمرات تدريجياً من البحث في القضايا الاجتماعية المتمثلة بتربية الطفل والعناية بالأمومة ، إلى الاهتمام بالحقوق السياسية والدستورية ومشاكل عمل المرأة، وبسبب الظروف التي عاشها الوطن العربي في نهاية العقد الثاني من القرن العشرين ، لاسيما الوضع السياسي المتمثل بتمهيد الطريق لزرع الكيان الصهيوني في أرض فلسطين ، و كان هذا الوضع الاستثنائي حافزاً للمرأة العربية للدعوة إلى عقد مؤتمر نسوي ضمن نطاق المقاومة العربية للحركة الصهيونية قامت السيدة نور حمادة ، بوصفها رئيسة للإتحاد النسائي العربي بتوجيه دعوة إلى عضوات الحركة النسوية في الأقطار العربية وكانت من بين المدعوات رئيسة النادي النسائي العراقي أسماء الزهاوي للمشاركة في المؤتمر العربي في أذار 1929 ولكن أسماء الزهاوي أعتذرت عن الحضور بسبب ظروف المرأة العراقية في تلك الحقبة التي لم تسمح لها بحضور مثل هذه المؤتمرات ، وهكذا أصطدمت بالظروف الأجتماعية والأحوال العامة التي حالت دون حضورها،مما أحبط عزيمة عضوات الاتحاد لاسيما وأن هذه الدعوة وصلت في خضم معركة السفور والحجاب في العراق التي أثارت جدلاً واسعاً ،
مما حفز المرأة العراقية على المشاركة في المؤتمر النسائي الشرقي الذي عقد في دمشق من الثالث حتى العاشر من تموز1930 ، حيث شاركت المرأة العراقية لأول مرة في مثل هذا المؤتمر بوفد تألف من السيدة جميلة الجبوري المعلمة في مدرسة الأناث الرسمية وأمينة الرحال الطالبة في دار المعلمات .
وعلى الرغم من الصعوبات التي واجهت الوفد وأدت إلى وصوله بعد.يومين من أنعقاد المؤتمر،الا أنه تميز بحضور فعال فقد ألقت السيدة أمينة الرحال أمام المؤتمر كلمة نالت استحسان المشاركات فيه وجذبت انتباه الصحافة العربية لمداخلاتها العديدة التي دعت إلى تحرير المرأة اجتماعياً ومساواتها بالرجل ، وتطرقت إلى وضع المرأة العراقية الإجتماعي المشابه لوضع المرأة العربية وسعيها الحثيث لمساعدة الرجل في جهاده للتحرير عن طريق الدعم النفسي والمعنوي ،وقد لقي هذا المؤتمر تشجيعاً كبيراً من العراقيين ..
وقد اشاد الشاعر الزهاوي بهذا المؤتمر في قصيدة بعثها مع الوفد أنشد فيها:
أحسنت يا ابنة يعرب
صنعاً وأتبعت الصوابا
فلقد كفاك غضاضة
ذاك الشقاء بما أصابا
أن الحياة لتبتغي
في عصرنا هذا أنقلابا
أني أرحب باللآلي
بلد الرشيد منهن طابا
قدمت السيدة نور حمادة رئيسة الاتحاد النسائي العربي في عام 1932 وبناء على رغبة المركز الرئيس للاتحاد النسائي العربي طلباً الى الملك فيصل الأول للموافقة على عقد مؤتمر نسوي في بغداد ،وقد أبدى الملك فيصل ترحيبا بهذه الدعوة ، معرباً عن سروره البالغ لجهودها التي بذلتها في سبيل النهضة الإجتماعية العربية، كما عبرعن سروره لعقد المؤتمر في بغداد مشيراً إلى أن بغداد ستكون سعيدة لعقدها هذا المؤتمر الذي يهدف إلى خدمة المجتمع أدبياً وأجتماعياً، وقد حظيت السيدة نور حمادة بمقابلة الملكة حزيمة التي أبدت موافقتها على أن تكون رئيسة شرف للاتحاد النسائي العربي ، الأمر الذي يؤكد تشجيع الملكة على عقد المؤتمرات النسوية التي تعالج قضايا المرأة من النواحي جميعها التي تصب في خدمة المرأة العربية وتجعلها قادرة على أخذ مكانتها الحقيقية في المجتمع .
عقد المؤتمر النسائي في بغداد في الثالث والعشرين من أب عام 1932 ،و أفتتح وزير المعارف سامي شوكت المؤتمر في بناية دار المعلمين الابتدائية ، بكلمة ترحيبية حيا فيها المشاركات تلتها كلمة السيدة نور حمادة ، وشاركت في المؤتمر صفية فوزي من مصر ، و ليلى العابد وماريا خانم وفاطمة مراد من سوريا وأيلين مفرج من لبنان و صبيحة المقدادي من فلسطين
شارك الوفد العراقي بتقريرالآنسة روز اليوسف فرنسيس عن مساهمة المرأة العراقية في حركة التعليم ، وبينت حالتها في الريف والمدينة والمراحل التي قطعتها من أجل تعليمها ، وشاركتها أيضا السيدة رفيعة الخطيب التي أكدت عدم ممانعة الدين الإسلامي لتعليم المرأة ، وأرجعت تأخر البلاد العربية الى العادات الاجتماعية وفي مقدمتها مسألة السفور والحجاب وقد أثار هذا الكلام حفيظة الصحف المحلية ومنها جريدة الاستقلال التي هاجمت المؤتمر بقولها "أذا كانت الثمرة المرجوة من هذا المؤتمر هي رفع البرقع عن وجوه نساء الشرق العربي فهو دون عناء أو تعب جهد مقضي عليه عاجلاً أو أجلاً ومثله مثل الحشرات تأكل نفسها بنفسها حتى تموت" ،كان لهذا المقال أثر كبير في ابتعاد المؤتمر عن الخوض في مسألة السفور والحجاب الذي كان ضمن منهاج المؤتمر منعا لإثارة المشاكل.
أستمر عقد المؤتمر ثلاثة أيام بحث فيه عدد من مشاكل المرأة الأجتماعية ، وكانت مشاركة العراق بارزة ، وتمثل ذلك في عدد المحاضرات التي ألقيت في مجالات عديدة، وأنتخب المؤتمر السيدة نعيمة السعيد رئيسة فخرية للمؤتمر ،في حين انتخبت السيدة صبيحة الشيخ داوود سكرتيرة له.
حظي هذا المؤتمر باهتمام خاص فقد أقامت الملكة حزيمة في ثالث أيام المؤتمر حفلا تكريميا لعضوات المؤتمر في نادي لورا خضوري وتناولت الصحف المحلية انعقاد المؤتمر بالترحيب ، فكتبت أحدى الصحف المحلية مشيرة بالقول"أول مرة تحظى بغداد بانعقاد مؤتمر نسوي وللمرة الأولى يتاح للمرأة العراقية نيل هذه الفرصة النافذة فهل لها أن تنتهزها بدراية وذكاء ".
ولم يقتصر نشاط المرأة العراقية على الصعيد المحلي والقومي وأنما بدأت تتطلع إلى أخذ دورها بما يؤهلها لممارسة عملها كونها تمثل نصف المجتمع ، وفي هذا السياق دعا الفرع النسائي لجمعية الهلال الأحمر العراقية الجمعيات النسائية العراقية جميعها إلى الأجتماع في الثاني عشر من اذار 1935 في مركز جمعية الهلال الأحمر العراقية، وقد حضرت الأميرة راجحة هذا الاجتماع وكانت الأميرة عزة رئيسة الشرف للفرع النسائي لجمعية الهلال الأحمر التي ترأست الاجتماع الذي شمل عضوات الجمعيات النسائية كلهن ، وكان الغرض من الاجتماع توحيد جهود الجمعيات النسائية كافة في جمعية واحدة وإرسال من يمثلها إلى المؤتمر النسائي الدولي الذي كان يجري التحضير لانعقاده في اسطنبول في الثامن والعشرين من شباط 1935 ،وأكدت الأميرة عزة ان على جميع المجتمعات ضرورة حضور هذا المؤتمر من أجل أن تكون المرأة العراقية على احتكاك مباشر مع نساء العالم ، ومعرفة ما وصلت اليه المرأة من رقي وتقدم ،مما ينعكس بالتالي على طموح المرأة العراقية من أجل تحقيق ما تصبو إليه وفي هذا الأجتماع عبرت المجتمعات عن شكرهن وتقديرهن للأميرات عزة وراجحة ، لدعمهن المتواصل للجمعيات بشكل خاص وللحركة النسوية في العراق بشكل عام .
وفي الثاني عشر من كانون الأول 1944 عقد المؤتمر النسائي العربي في القاهرة بطلب من السيدة هدى شعراوي من أجل تنسيق جهود المرأة العربية من جهة ومقاومة الظروف التي كان يعيشها الوطن العربي آنذاك من جهة أخرى.
شاركت في المؤتمر (80) مندوبة مثلن الأقطار العربية وشارك العراق في المؤتمر بعشرة مندوبات (أربع منهن يقمن في القاهرة) أما عضوات الوفد الاخريات فمثلت كل واحدة منهن جمعية نسائية و بعض الوزارات وهن ، سرية الخوجة ممثلة عن وزارة المعارف ، وسانحة أمين زكي ممثلة عن وزارة الشؤون الاجتماعية ، ومائدة الحيدري ممثلة لجمعية حماية الأطفال ، روز خدوري ممثلة عن جمعية بيوت الأمة حظي المؤتمر باهتمام بارز من المسؤولين فقد أشاد به السيد تحسين العسكري وزير العراق المفوض في مصروعده خطوة كبيرة في سبيل تحقيق مشروع الوحدة العربية وكان من المشجعين له ، ولما للمرأة من تأثير في أولادها وزوجها كما أثنى على الجهد الذي تقدمه الحكومات العربية في هذا المجال ، مشيدا بالدور الكبير والرعاية التي خصت بهما ملكة العراق الجمعيات والنوادي النسوية في العراق ، لاسيما جمعية الهلال الأحمر وجمعية حماية الأطفال ، فضلاًًً عن مشاركتها في هذا المؤتمر بإرسالها مندوبة تمثلها لتعذر سفرها بعد أن وجهت لها السيدة هدى شعراوي دعوة لحضورالمؤتمر.
يظهر مما تقدم حجم المساندة التي خصت بها العائلة المالكة المرأة ومحاولة النهوض بمكانتها سواء أكانت الملكة حزيمة والملكة عالية وبقية الأميرات الاخريات أو الملك فيصل الأول والوصي عبد الإله الذين ساندوا عمل الجمعيات النسوية واسهموا في نشاطاتها عن طريق التبرع بالأموال كانت هذه الرعاية من العوامل الأيجابية التي بدا لها أثر واضح في تعزيز مكانة المرأة والأعتراف بحقوقها الأجتماعية .
الإسهام في دعم الصحف النسوية :
بدأت بعض الأصوات ترتفع في مطلع القرن العشرين لإعطاء بعض الحرية والحقوق للمرأة وهذا يمثل نهضة نسائية جديدة كانت رد فعل لما عانت منه المرأة العربية والعراقية بالتحديد ، والمتمثل بطمس هويتها التاريخية وعزلها عن الحياة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية فظهرت أول مجلة نسائية في العراق وهي مجلة (ليلى ) لصاحبتها بولينا حسون التي صدرت من اجل دعم نهضة المرأة العراقية .
بعد مرور أكثر من عشر سنوات على توقف مجلة ليلى ، صدرت مجلة ( المرأة الحديثة ) في السابع عشر من حزيران عام 1936 ، لصاحبتها حمدية الأعرجي وكان رئيس تحريرها قاسم راجي وقد عبرت المجلة منذ صدور عددها الأول عن امتلاكها هدفاً سامياً تمثل بإرشاد بنات جنسها ، وتحطيم القيود الباليه.
أهتمت المجلة بنشر نشاط النساء بمختلف مستوياتهن العلمية والاجتماعية كما كانت تنشر أسماء الطالبات الخريجات من المدارس والمعاهد كي تؤكد بأن المرأة العراقية قد أخذت طريقها في التعليم . لقد كانت هذه المجلة جريئة في طرحها ومعالجتها للمشاكل الاجتماعية ، وقد لقيت ترحيباً من الأميرة راجحة إذ تبرعت في السادس من حزيران عام 1936 بمبلغ خمسة دنانير اما الملكة عالية، فقد تبرعت في الثامن من حزيران عام 1936 بمبلغ عشرة دنانير لتشجيع المجلة ومناصرتها للأستمرار في عملها.
لم تستطع المجلة مواصلة صدورها إذ توقفت بعد صدور ثمانية أعداد منها ، وربما يعود ذلك إلى ضعف ميزانيتها والى عدم قدرة الصحف النسوية منافسة الجرائد والمجلات الأخرى ولعدم وجود من تهتم بقراءة هذه المجلات من النساء ولكن ذلك لم يثن النساء عن إصدار مجلات جديدة .
ففي عام 1946 قامت جمعية الرابطة النسائية بإصدار مجلة ( تحرير المرأة) التي لم يصدر منها سوى عدد واحد ،إذ توقفت بعد ذلك ، ولكن سرعان ما صدرت مجلة أخرى في العام نفسه وهي مجلة (الرحاب )، ولكنها توقفت بعد صدور العدد العاشر بسبب ضعف الإمكانيات المادية،فبادرت جمعية حماية الأطفال في العام نفسه بإصدار مجلة ( الأم والطفل) التي استمرصدورها سنوات طويلة وأهتمت بالقضايا الصحية والبيئية للأم والطفل وكانت الملكة عالية من المشجعات على استمرار صدورها فتبرعت لها بمبلغ عشرين ديناراً . وتوالى بعد ذلك صدور عدد من المجلات التي كانت تبحث في مشاكل النساء منها مجلة بنت الرشيد عام 1948 ثم مجلة الإتحاد النسائي عام1950 التي استمرصدورها بشكل متقطع حتى عام 1958 .
دعم السيدات في المدارس والمعاهد التعليمية :
كان عهد الملك فيصل الأول مرحلة جديدة ، في تأريخ التعليم في العراق ،وعلى الرغم من الصعوبات المالية ، وعجز الميزانية ، وقلة الكادر المتخصص ألا أن الحكومة بذلت جهداً كبيراً لتطوير التعليم ، بما في ذلك التعليم النسوي .
ظهردعم افراد العائلة المالكة واضحاً لاسيما سيدات العائلة المالكة فقد تميز نشاطهن بزياراتهن المستمرة الى المدارس وحضور الاستعراضات والمسابقات التي كانت تقيمها المدارس بالتبرع بالأموال الى المعارض التي تنظمها هذه المدارس وكانت تلك الزيارات تمثل تشجيعاً منهن لمواصلة الطالبات تعليمهن ، فضلاً عن تقوية الروابط الأجتماعية والثقافية بين الأسر التعليمية وسيدات العائلة المالكة،فقد كانت الملكة حزيمة مثلاً من السباقات الى دعم العملية التربوية لاسيما تعليم المرأة فقد أخذت على عاتقها تشجيع كل نهضة نسوية تراها ذات مردودات ايجابية للمرأة العراقية ،حتى أنها أصبحت حديث الداني والقاصي في هذا المجال اذ لم تترك فرصة من غير أن تظهر فيها دعمها حيال كل مشروع علمي . ففي الثاني والعشرين من أيار 1929 أقامت مدرسة باب الشيخ للبنات حفلة برعايتها وقد حضرتها مع كريمتيها الأميرة عزة والأميرة راجحة وبعض سيدات المجتمع العراقي وقدمت بعض الطالبات أثناء وجود الملكة فعاليات رياضية ، كما ألقت بعض الطالبات قصائد للشاعر معروف الرصافي وفي نهاية الحفلة أبدت الملكة حزيمة إعجابها بهذه النشاطات المدرسية وقد أهدت الملكة إلى مديرة المدرسة قلماً ذهبياً.
كما أسست جمعية لتقوية اللغة العربية في المدرسة المركزية ودار المعلمات في بغداد في العام 1930وتقرر أقامة حفلة تجرى فيها مسابقة لفن الخطابة بين تلميذات دار المعلمات، بحضور الأميرة عزة وراجحة ،ومجموعة من عقيلات المسؤولين في الدولة ، وقد أهدت الأميرتان سلسلتين ذهبيتين للفائزات في المسابقة .
وفي الرابع عشر من نيسان عام 1931 أقيمت حفلة الألعاب السنوية في مدرسة البنات المركزية ودار المعلمات وقد حضرت الملكة حزيمة وكريماتها والليدي همفريز الحفل،ويعد حضور الملكة تشجيعاً واضحاً لنشاط المرأة ، وقد قامت بعض الطالبات بعرض للأزياء الكردية أمام الملكة، كما جرت أيضا مباراة بكرة السلة والطائرة بين الفرق المتنافسة ، وبعد الانتهاء من الحفلة قامت الملكة بإعطاء جائزة كأس صاحبة الجلالة للمدرسة الفائزة ، فكانت الملكة محط أنظار الحاضرين جميعاً، كما قامت بتوزيع الجوائز على الطالبات المتفوقات.
خصت الملكة حزيمة والأميرتان النشاطات الرياضية جانباً من أهتمامهن حيث قامت الملكة بتأسيس فريقين رياضيين في البلاط الملكي من مجموعة من الفتيات ويرأس كل فريق أحدى الأميرات ،وقد واصل هذان الفريقان العمل في سبيل بث الروح الرياضية بين الأسرة المالكة من جهة وبين فتيات عامة الشعب من جهة اخرى وقد أرادت الملكة عن طريق ذلك أن تبين بأنه لافرق بين فتيات العائلة المالكة ، وبين أية فتاة من هذا الوطن ،وقد شملت هذه الألعاب كرة السلة والطائرة وغيرها .
أفتتحت مديرية معارف لواء بغداد بناء على قرار وزارة المعارف في السعي لمكافحة الأمية، صفوفاً في بعض مدارس البنات لتعليم النساء الأميات القراءة والكتابة في اثناء العطلة الصيفية، وقامت بتعيين معلمات لهذه العملية في المدرسة المركزية للبنات في الأعظميه ومدرسة باب الشيخ للبنات ومدرسة الكرخ المتوسطة ، كما فتحت صفوفاً أخرى في مدرسة البارودية ومدرسة الدهانة ، ولدعم هذه العملية التربوية سعى الفرع النسائي للجمعية الى جمع اشتراكات سنوية وقد اسهمت الملكة حزيمة في هذا المشروع بالتبرع بمبلغ ستين ديناراًفي الرابع والعشرين من نيسان 1932 ، وتبرعت الأميرة عزة بالمبلغ نفسه.
واصلت الملكة حزيمة تشجيعها النهضة العلمية ، فقد افتتحت المعرض الذي أقيم في المدرسة المركزية للبنات في الأعظمية لعرض بعض المنتوجات الصناعية والزراعية في السادس من أب 1932 ، وقد تفقدت الملكة أقسام المعرض وأبدت إعجابها لما شاهدته من الإنتاج الوطني، وقد قامت الملكة بشراء بعض المنتوجات تشجيعا منها للإنتاج الوطني.
لم يتوقف أهتمام سيدات العائلة المالكة بالنشاطات الرياضية النسوية ، فعندما وجهت وزارة المعارف إلى مديريات التربية لأقامة مشروع مدرسي عام تشارك فيه المدارس كافة المتوسطة والثانوية ودار المعلمات للأهتمام بالألعاب الرياضية كالجمناستك والألعاب الأولمبية على اختلافها كالركض والقفز ورمي الرمح وكرة السلة والطائرة ، لقيت هذه الفعاليات الدعم والرعاية الخاصة من الملكة عالية التي دعمت تلك الاستعراضات بحضورها .
وفي السادس عشر من حزيران 1943.أقام النادي الملكي الرياضي حفلة مباراة التنس النسائية على كأس جلالة الملكة ، وقد جرت هذه المباراة بحضور الملكة عالية التي قامت بتقديم الكأس الى الفائزة في نهاية المباراة.
كانت الملكة عالية تبدي اهتماما ًكبيراً بالطالبات عن طريق تقديمها العون والرعاية لهن عن طريق زياراتها إلى مدارس البنات ،
فقد حضرت الحفلة التي أقامتها دار المعلمات الأبتدائية في الرابع من نيسان 1944 ، بمناسبة عيد تتويج الملك فيصل الثاني عرش العراق ، وقوبلت الملكة بترحيب شديد من الطالبات والمدرسات تثميناً لجهودها في رعاية جيل المستقبل. كما حضرت الأستعراض السنوي العام في مدارس البنات في الرابع والعشرين من نيسان1944 ، وقد اشتركت كل من دار المعلمات الابتدائية ودار المعلمات الأولية ، ومتوسطة الكاظمية ومتوسطة الأعظمية في هذا الأستعراض .
شهدت المدة التي تلت انتهاء الحرب العالمية الثانية ، تغيرات في مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للعالم أجمع ، وكان العراق من المتأثرين بتلك المتغيرات التي أفرزتها الحرب التي وضعت أوزارها في عام 1945 ،ومن هذه الآثار توسع التعليم في العراق لاسيما التعليم الجامعي الذي فتح أبوابه لأستقبال الطلاب والطالبات ..
وفي عام 1945 أقرت وزارة المعارف تأسيس معهد الملكة عالية للبنات لإعداد مدرسات للدراسة المتوسطة وكانت مدة الدراسة في هذا المعهد ثلاث سنوات بعد الثانوية ، وقد شملت الملكة عالية هذا المعهد برعايتها، ووافقت بأن يطلق إسمها على هذا المعهد ، وقبلت خريجات الدراسة الثانوية ، وكذلك خريجات القسم العالي من دار المعلمات الأبتدائية في هذا المعهد.كما أبدت الملكة عالية رعاية خاصة لنشاط الكشافة الذي أقامته مديرية المعارف العامة ، فأعربت عن استعدادها لحضور الأستعراض العام للمدارس المشاركة الذي أقيم في الرابع من نيسان عام 1946.
أفتتحت الملكة عالية في الرابع عشرمن نيسان عام 1946 معهد الملكة عالية الذي أنشيء لأعداد جيل جديد من المدرسات ،وتفقدت الملكة عالية صفوف المعهد والمختبرات كما حضرت مسرحية أقامها المعهد، وقد ألقت فيها إحدى الطالبات قصيدة حيت فيها الملك والملكة. وفي السابع من حزيران عام 1949 أقيم حفل لخريجات السنتين 1948- 1949...
وقد حضره الوصي عبدالإله شقيق الملكة عالية الذي اختتم الحفل بتوزيع ثلاث جوائز على الخريجات المتفوقات مقدمة من الملكة عالية .
و يظهر لنا بوضوح الجهد الكبير الذي بذلته الملكة عالية من أجل رفع المستوى الثقافي والاجتماعي للمرأة العراقية.
و لم يقتصر نشاط العائلة المالكة على دعم الجمعيات والنوادي الثقافية والمؤسسات التعليمية ، بل شمل مظاهر المجتمع جميعها كالاهتمام بالإرث الحضاري والفكري للبلاد، فقد أهدت الملكة عالية (50) قطعة من المسكوكات الإسلامية المختلفة إلى المتحف العراقي التي يعود البعض منها إلى عهد الخليفة هارون الرشيد.
كانت الملكة أولى المشجعات لكل حركة تستهدف الأمومة والطفولة في العراق فأقرت يوم الأم العراقية في الرابع من ايار1945 واسهمت اسهاماً فاعلاً في دعم الامهات عبر الخطب التي ألقتها في الإذاعة متوجهة إلى الأمهات العراقيات، مطالبة اياهن بالنهوض بواجبات الأمومة مؤكدة لهن خطورة مقامهن وأن الأم هي مدرسة الجيل وهي المعلم الأول والخلية التي يبني عليها الصرح الأجتماعي والركيزة التي تستند اليها الحياة ..
عن رسالة( سيدات البلاط الملكي )
المصدر:المدى
الكاتب: نهلة نعيم عبالعالي
1456 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع