يسألني كثيرون عن سبب عشقي للعراق
في بغداد ،كان لدينا مطعما أيطاليا وأخر فرنسيا وأخر صيني ..
كان لدينا فرنا للصمون الفرنسي ومعجنات سويسرية ..
كان لدينا أكثر من مسرح وأجملها أصغرها مسرح الستين كرسي ..
كان لدينا باصات نقل الركاب يرتدي سائقها وجابيها زيا موحدا ويمكن أن تضبط ساعتك على مواعيدها وبأمكانك ان تساعد الجابي بأصغر نقد كافي ،
لدينا نوادي اجتماعية لا تدخلها مساءا الا بربطة عنق ،
كان لدينا العديد من صباغي الاحذية لأن الناس تهتم بهندامها وأحذيتها اللامعة ..
كان لدينا في ما مضى مقهى بغداد … رواده من كلا الجنسين …
كان ركنا لشرب قهوتنا الصباحية ، للنقاش ، للحب ، للتسامر ، للقاء الاصدقاء ..
كان مقهى على غرار مقاهي باريس وروما ولندن وقريبا منه نادي للبولنغ وليس بعيدا عنه مجموعة من السينمات
كما كان لدينا أكثر من أتليه وكاليري للفن ..
كانت الكتب تباع في بغداد بعشرة فلوس ويدور بائعها بعربانته الحاوية على أنواعها .. ففي بغداد كان الكل يقرأ … أتذكر ابو هوبي وعربانته التي يركنها قرب المقهى البرازيلي ويعرض كتاب للقراءة بخمسة فلوس وكتاب للشراء بعشرة منها .. كانت بغداد تقرأ ..
أنها الأن تنتحب
كان لدينا في بغداد … مجمعا تسويقيا قبل ان تعرف اي مدينة عربية ذلك أنه الأورزدي باك .. بطوابقه الثلاث تتوزع البضائع بتصنيف وعرض ممتع يجذب الزبون .. وفيه مقهى يطل على دجلة من أجمل أماكن الركون الى الهدوء والتأمل …. الحمد لله الأن يفكرون بتحويل أنقاضه الى مجمع حديث عن طريق الاستثمار ليس للتسوق بل لتصليح السيارات
أين هي الأن ؟ هل ضاعت مع هجمة المغول والتتر ؟
كان لدينا مدنية نفتخر بها ..
ماذا لدينا الأن ؟!!!
كانت لدينا اشهر عازفة بيانوو الراحله بياتريس آوهانسيان .. كان لدينا صالون خلاقة الجابي المميز .. كانت لدينا سلالم كهربائية في الطرقات ..
كانت شركة بيبسي كولا تضع لك صندوقها في بابك وانت نائم .. والحليب بصندوقه يصل باب بيتك بلا عناء .. كانت لدينا فرقة جالغي وأيام خان مرجان الجميله ...كانت قاعة الرباط تزخر بصدح الفرقة السيمفونية الوطنيه .. كانت لنا مكتبات عامه مكيفه وفيها آمهات الكتب .. كانت عندنا الدار الوطنية للمخطوطات .. كان المتحف الوطني العراقي ومتحف الفن الحديث قبلة الناس بمختلف مشاربهم وثقافاتهم ... كانت لدينا دار ثقافة الطفل وسينما للأطفال ... كانت لدينا مدرسة الموسيقى والباليه ... كانت لدينا جامعات رصينة ..
كانت لدينا ثانوية كلية بغداد للبنين وثانوية راهبات التقدمه للبنات ... حتى العِشق وقتها كان مهذباً نظيفاً ... لقد سرقوا الهواء من قاعة الوطن ....آه بحجم الوجع
للكاتب تحسين الشيخلي
4777 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع