بغداد ايام الزمن الجميل /٢٥ ذكريات العيد في بغداد
كما لكل شعوب العالم اعيادها فاللمسلمين الذين يملئون الارض اعيادهم ولهذه الاعياد طقوس واستحضارات وعادات ونكهه خاصه وخصوصا في فترات الخمسينات عندما لم يكن هذا التطور الحالي موجود ولاوسائل اللهو التي غزت البلدان .
فلم يكن للذين عاشوا تلك الفتره سوى ما يقومون به بانفسهم من متع ولهو وما متيسر في المدينه او القريه .
كان العيد في بغداد عندما كانت صغيره ومحصوره في كرخها بين الجعيفر والصالحيه والكريمات وفي رصافتها بين الاعظميه والباب الشرقي وقليلا الى البتاويين ولم تكن في بغداد في فترة الخمسينات مدن العاب كما هي الان وكانت كل منطقه تنشأ لها مدينة العابها الخاصه بها وتكون خلال الاعياد فقط وكانت المنتزهات والسينمات هي الوسائل الاخرى للفئات العمريه التي فوق سن العاشره اما ما دون ذلك فمكانه في الالعاب التي سنـأتي على ذكرها .
قبل العيد بايام تنشط العائله لغرض التسوق وخاصة الملابس والاحذيه للاطفال ولام البيت وكانت حصة الاكثريه من الصبيان دشداشه بوبلين (جوبان ) في الصيف او دشداشه بازه في الشتاء مع صندل او نعال صيفا او حذاء شتاءا وكذلك الحال للفتيات ولكن بنقش بناتي ,, بعض العوائل كانت تقتني لاولادها ملابس حديثه نوعا ما مثل البنطرون مع القميص والحذاء والبلوز او الجاكيت او القمصله ولكل عائله حسب امكانياتها والمهم ان يظهر الجميع صباح العيد بملابس جديده ايا كانت نوعها او شكلها ..
تأتي ملابس العيد وكثيرا ما تجلب ليلة العيد وخاصة من الخياط او الخياطه ويستلمها الاطفال ويحتفظون بها تحت وسائدهم او اسرتهم وياويل الذي يرتديها قبل العيد فان العيد ( يزعل عليه .......! ) واكثر الاطفال يبيتون تلك الليله وعيونهم مفتوحه بدون ان يغالبها النوم بانتظار الصباح لكي يرتدون ملابسهم وتبدا معهم جوله المرح والفرح والسرور ..
كانت عادة اهل بغداد ان يقوموا بزيارة المقابر عند الفجر او عند اول الصباح لقراءة القرآن الكريم واشعال الشموع واعواد البخور والدعاء ويذهب الرجال الى صلاة العيد وخلال الصلاة تتم التهاني بينهم والمصالحه ان كان يبن احدهم خصام وعند عودة رب الاسره الى البيت تستقبله زوجته بالتهاني والاولاد يقبلون يديه ومن ثم يقوم الاب بتسليم العيديه ( مبلغ من المال ) لينطلق الاولاد الى الاعمام الاخوال لتهنأتهم واستلام العيديه ثم الاننطلاق الى نزهتهم المنتظره ...
وهنا ينقسم الاولاد الى قسمين منهم من يذهب الى المراجيح ودولاب الهوا وركوب العربات التي تجرها الحمير او ركوب الحمير او الاستئناس بلعبة الجوبي على انغام الفرقه الشعبيه التي تتالف من ( المزمار والطبل وفي بعض الاحيان الجنبارات ) ويقوم اللاعبين باللعب بالسيف والدركه (الدرع) بحركات رشيقه جميله .
اما القسم الثاني من الاولاد فينطلقون الى السينما وهنا تبدأ صعوبة الاختيارات فسينما النجوم تعرض فلمان في آن واحد ( فلاش كوردن + طرزان ) واخرون يفضلون الذهاب الى سينما ميامي لانها تعرض فلم عصابه بطل الفلم ابن الحداد ( شين ) واخرون برأي آخر وهم في النهايه سوف يشاهدونها كلها خلال ايام العيد ..
تمتلىء صاله ابو الاربعين ( سعره اربعين فلس ) بالصبيان ويبدأ العرض بالسلام الملكي حيث يقف الجميع احتراما للملك ومن ثم تعرض الاخبار (موفي تون ) وفلم كارتون ثم استراحه يسمح للرواد بالخروج لشراء الصمون والعنبه والببسي والكرزات والحلويات ثم العوده بواسطة بطاقة (الخروج) ,,
يستمر الاطفال بالتجول من سينما الى اخرى لمشاهدة كل ما معروض من افلام مثل طرزان وشيته وافلام تاريخيه مثل الفاتح العظيم واتيلا وفلاش كوردون وافلام المبارزه بالسيوف وغيرها
وقد يداهمهم الجوع ليتناولوا الطعام اما سفري من احد بائعي الطعام (ابيض وبيض ) وعنبه او مطعم (تمن ومرق ) واذا كان الجيب ثقيل تكون الوجبه كص نص نفر . يعود الاطفال الى البيت عند العصر او الغروب وهم مهدودين من التعب والملابس الجديده معفره بالتراب وبقايا العنبه والطماطه حتى تستلمهم الام لتأخذ الملابس وتغسلها لكي تكون جاهزه لليوم التالي ..
اما الفتيات فتكون نزهتهن في الالعاب والمراجيح وركوب العربات التي تجرها الخيول وهن يغنين الاغاني الشائعه او ركوب الزوارق النهريه والتمتع بجوله في نهر دجله ..
اذكر في عام 1953 دخلت بغداد اول مدينة العاب وهي بالاحرى اقرب الى السيرك المتجول لانها خليط بن هذا وذاك وكانت من الشقيقه مصر ونصبت مخيمها في منطقة كهرمانه حيث كانت المنطقه التي تقع خلف ملهى علي بابا خاليه واستغلها السيرك لهذا الغرض . لاول مره يشاهد الاطفال الصراره ( كراسي معلقه تدور بالكهرباء ) ولاول مره يرى الاطفال لعبة القوه وهي دفع ثقل الحديد على سكه ومشاهدة الرجل الفضي وهو رجل يطلي نفسه بدهان فضي ويستعرض عضلاته وكذلك دولاب الهواء الذي يعمل بالكهرباء والعاب نفخ النار من الفم وتداول القناني باليد الى الاعلى والرقص مع الافاعي وهذه الالعاب هي ما يقدمه الاخوه المصريين في مايسمى عندهم ( المولد ) والليله الكبيره وكان ذلك العيد الذي فتح فيه المولد مختلفا عن غيره من الاعياد .
كانت الاعياد فرصه للتصالح وتنقية النفوس والاجواء للكبار وفرصه ترفيه وانطلاق وتنوع للاطفال بعد اشهر من التقيد في المدرسه والبيت والمحله ..
كانت الاعياد جميله ولعلنا كنا نراها هكذا لصغر اعمارنا او لان الحال قد تغير ودخلت الكثير من الامور التي لم يتح للكثير منا تجربتها لمعرفة حلاوتها ولعلها جميله ايضا بل قد تكون اجمل في نفوس اطفالنا مما كنا عليه انذاك ..
مع تحيات عبد الكريم الحسيني
الگاردينيا: للراغبين الأطلاع على الحلقة/24 النقر على الرابط أدناه:
http://www.algardenia.com/tarfiya/menouats/5552-24.html
4672 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع