سوق الهرج بين الماضي والحاضر
كانت بغداد تشتهر بالعديد من الاسواق منذ تأسيسها وحتى عهد قريب وكانت كل سوق لها اختصاص في بيع وعرض مواد معينه من ملابس او غذاء او اثاث وغيرها ومن الاسواق التي الفها البغاده ولغاية اواخر القرن العشرين...
( سوق الغزل ، للطيور . سوق الشورجه ، للعطاريات . سوق الصفافير ، للاواني النحاسيه . سوق السراي ، للقرطاسيه .سوق البزازين ، للاقمشه . سوق السراجين ، للاحذيه والمستلزمات الجلديه . سوق الهرج ، لبيع كل ماهو مستعمل وقديم ) اضافة لاسواق عديده منتشره في محلات بغداد بجانبيها الكرخ والرصافه وهذه من الاسواق المختلطه التي تباع فيها المواد الغذائيه والاقمشه والاواني وكذلك مستلزمات المنزل مثل سوق حنون وسوق حماده والصدريه وسوق البتاوين وسوق الاعظميه والكسره وسوق الاستربادي في الكاظميه وسوق علاوي الحله ...
منذ اكثر من ربع قرن لم تتاح لي فرصة التجول في سوق عتيد له نكهه خاصه وهو سوق الهرج وكلمة الهرج جائت على الاكثر من كثرة الصياح من قبل البائعين على بضائعهم لترغيب الناس فيها وازدحام السوق مما يتسبب في الهرج بالرغم من كلمة الهرج والمرج في الفصحى هي كثرة القتل ولعل التسميه جائت من موقع السوق الذي يقع مطلا على ساحة الميدان التي كانت تنفذ فيها الاعدامات من قبل السلطه العثمانيه ..
يقع السوق بجوار وزارة الدفاع وخلفه تقع السرايا الحكوميه القديمه وامامه ساحة الميدان وكان يشتهر بعرض الاثاث والمواد المستعمله ومنها الملابس بانواعها وخاصة العسكريه وكذلك الساعات والسكاكين والاحذيه والاجهزه الكهربائيه والاثاث بانواعه ومن مميزات السوق ان بجواره مقهى كوكب الشرق ام كلثوم و مقهى الشابندر ومن ثم شربت الحاج زباله والمتنبي محلة قنبر علي .... اتفقنا انا وجاري محمد سعيد على ان نقوم بزياره لشارع المتنبي باحثا عن كتاب وهو ايضا شجعني لوجوه شغل بسيط في سوق الهرج ,
لم نصطحب سياره شخصيه لصعوبة القياده في بغداد وكثرة الازدحامات المروريه والسيطرات اضافة لعدم توفر مكان وقوف ولذلك استقلينا سياره (كيا) سيرفس (نفرات) الى الباب الشرقي وفوجئنا ونحن في ساحة النصر بوجود مجموعه من الباصات الحمراء ذات الطابقين وتوجهنا بالسؤال لشخص واقف فقال نعم هذه تذهب الى الميدان!! وقررنا ان نستقلها ولااخفي عليكم كم هي رائعه ونظيفه والتبريد فيها جيد ومن نوع الماني ولكن لاتتوفر فيها مواصفات الزي الرسمي للسائق والجابي والمفتش , وبعد لحظات امتلئت وسارت بنا قاطعة شارع الجمهوريه والشورجه ثم الميدان وعندها ترجلنا وبدأت رحلتنا في سوق الهرج ...
في مدخل السوق وضعت مجموعه من الالواح الكونكريتيه المرتفعه بشكل يخفي السوق عن النظر ودخلنا من احدالجوانب وكان ذهابنا يوم جمعه والتي فيها يزدحم السوق في اقصاه ولكننا فوجئنا بهدوء كامل ولم نجد سوى بعض المحلات المتفرقه وبضائع لاينظر اليها احد ومقهى قديم في شكله واثاثه يجلس فيها شخصان...
واستمرينا بالمسير حتي نهايته حيث يوجد الساعاتي الذي يقصده صاحبي لتصليح ساعه قديمه فوجدناه عند نهاية السوق بجوار عارضه للشرطه تمنع الاستمرار بالسير لوجود مناسبه دينيه يتم التهيئه لها ..
كان الساعاتي من الطراز القديم في عمره ومحله وادواته ,تركنا الساعه عنده وتحركنا الى مقهى كوكب الشرق فوجدناه شرقا بدون كوكب تملئه الكأبه وفيه بعض المسنون الهاربين من حرارة الجو ولم ندخله...
وغادرنا الى مقهى الشابندر وكانت فيه حركه افضل من مقهى كوكب الشرق ثم توجهنا الى شربت الحاج زباله ولااخفي عليكم انه (زباله بدون حاج) لاطعم ولانكهه مجرد لون وسكر ...
توجهنا نحو شارع المتنبي وكانت فيه الحركه متوسطه والكتب تملىء الشارع والارصفه والمكتبات وبشكل عشوائي ويفتقر للنظام والترتيب ثم غادرنا عن طريق الشورجه ثم العوده الى البيت ...
لاادري هل تبدلت الامور ام نحن شخنا ولم نعد كما كنا بحيث ننظر الى الامور بشكل مختلف , هذه مناطق تراثيه تهتم بها باقي دول العالم وتجعلها مهرجانا سياحيا وتحفه فنيه اما ان تهمل بلا عنايه ولاخدمات وتملئها النفايات والمياه الاسنه وقبح المناظر التي فيها ,, هذا مؤسف حقا وياليتني لم اذهب...!!
مع تحيات ..عبد الكريم الحسيني
1647 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع