الطبق العراقي الأشهر وسيد موائد العائلات
بغداد: أفراح شوقي:لا تكاد تنافسها أي أكلة أخرى، وحضورها مهم على كل مائدة، وعلى رأس لائحة متطلبات الضيافة لدى العائلة العراقية، وهي دليل على الاحتفاء والاهتمام بالضيوف. مستلزماتها لا بد أن تجهز على نحو خاص وفي وقت مبكر، وأهم شروطها كي تكون أطيب مذاقا هو تجمع كل أفراد العائلة حولها، لتتوسط سفرة الطعام ساخنة كوجبة أولى دون منازع.
إنها الدولمة العراقية الأشهر، التي ذاع صيتها ليصل إلى معظم الدول العربية والعالم، فهي أصبحت معروفة في مختلف بقاع العالم، وتوجد على سفرة العديد من الجنسيات الغربية، كما يمكن شراؤها في أوروبا معلبة في محلات السوبر ماركت ولو أن مذاقها يختلف عن الدولمة العراقية الأصلية صنع ربات البيوت.
أصل كلمة الدولمة، التي تشبه إلى حد ما أكلة المحشي لدى المصريين، جاء من تركيا إبان الاحتلال العثماني للعراق، وأدخل عليها العراقيون بعض التعديلات والتطويرات، منها زيادة اللحم المفروم وغزارة السمن ولحم ضلع الخروف أو الزند في قعر القدر لتكون عراقية في محتواها، وقد شاع طبخها في دول عدة مثل لبنان ومصر والجزائر وفلسطين.
وهي تتألف من أنواع من أوراق السلق والخضراوات التي تفرغ من محتواها ليتم حشوها بالأرز واللحم والبصل والطماطم المفرومة وتضاف لها البهارات الخاصة بها.
وتتميز الدولمة، كما تخبرنا الطاهية إقبال هادي (34 عاما) التي تتولى مطبخ واحد من المطاعم المحلية الشهيرة في بغداد «أكلة الدولمة تجمع كل أنواع الخضار في قدر واحد، إضافة إلى اللحم والمطيبات والبهارات العراقية المميزة، وحاليا لها روادها وزبائنها، ونهتم بتوفيرها في المطعم كل يوم كوجبة رئيسة، ويطلبها السائحون والوفود الزائرة للعراق». وأضافت «هناك طلبات كثيرة تردنا لأكلة الدولمة كل يوم، ونقوم بتجهيزها في صحون من الألمنيوم لمن يرغب في تناولها بالبيت، وفي مرة طلب منا تجهيز قدر دولمة يكفي لثمانين شخصا، وقمنا بتجهيزه في الوقت المناسب وحاز إعجاب الجميع».
وتختلف الدولمة في طريقة إعدادها، فهي نوعان كما تقول أم محمد (44 عاما) «الأولى تكون عادية وهي تحتوي على اللحم المفروم والخضار، أما النوع الثاني فهو النوع المحسن الذي يزيد فيه اللحم على الأرز، وتكون دسمة وذلك بوضع «لية» الخروف المفرومة أو قطع اللحم في قعر القدر، وهو ما يكسبها طعما مميزا إضافة للحوامض التي تحتويها.
أما الأكثر طرافة فكان ما قامت به أم زينب، وهي ربة بيت تسكن منطقة حي الجهاد ببغداد، عندما وعدت ابنتها التي تسكن عمان بأن ترسل لها قدر الدولمة ساخنا إلى حيث مقر سكنها، وبالفعل قامت بإعداد قدر دولمة بالطريقة العراقية وأرسلته بالطائرة إلى ابنتها برفقة أصدقاء مسافرين، وأخبرتها ابنتها عبر الهاتف بأن وجبتهم المفضلة وصلت وجرى التهامها في وقتها.
وعلى الرغم من اعتماد معظم المطاعم العراقية على تقديم الأكلات الغربية في الآونة الأخيرة لجذب الزبائن إليها، وكسر الروتين، فإن رواد أكلة الدولمة يجدون دوما مطاعم تتولى تقديم الأكلات الشرقية الشهيرة، وأهمها الدولمة التي تكسب شهرة مضافة للمطعم الذي يقدمها وتصبح علامة مميزة له بسبب طريقة إعدادها المعقد قليلا وحاجتها إلى أسطوات في إعدادها.
وبسبب سهولة نقلها في قدر واحد، وعدم الحاجة لصحون كثيرة لتناولها، فقد غدت الدولمة الأكلة الأكثر شهرة في رحلات العائلات العراقية إلى المتنزهات، ففي متنزه الزوراء (أشهر وأكبر متنزه في العاصمة بغداد) عادة ما يدخل الزائرون وهم يحملون قدور الدولمة من طرفيها دون أن يثير ذلك انتباه أحد، وتكون ساخنة لتقلب بعدها على صحن كبير، فيما يستمتع الآخرون لطريقة قلبها والتلذذ بأكلها وسط الحدائق، وبعضهم يلتقط الصور معها، وقد يمتد الكرم بصاحب العائلة ليوزع بعضا منها على العائلات المجاورة.
طريقة تحضير الدولمة
تقول الطاهية إقبال «طريقة صنعها تتلخص في فرم اللحم، ويفضل لحم العجل أو الخروف، ويكون مخلوطا بالدهن أو (اللية) لتكون دسمة، وإضافة البصل المفروم له وبضع حبات من الطماطم والبصل وقليل من الثوم والكرفس وكمية من معجون الطماطم وعصير النومي الحامض والتوابل الخاصة مع الملح، وتوضع كل هذه المواد مع كمية مناسبة لها من الأرز وتخلط جيدا، وتبدأ عملية حفر بعض الخضار مثل الكوسة والباذنجان والبصل وأوراق العنب والسلق، وتتم بعدها عملية الحشو لهذه المواد داخل الخضار المفتوحة، وترص في داخل القدر وتوضع عليها كمية من الماء، ويوضع القدر على نار عالية لطبخها لتقدم ساخنة كوجبة غذاء دسمة. ويتم طهوها إلى أن يجف الماء من الوعاء».
1013 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع