زيد الحلّي
بعيدا عن مدى صدقها اوكذبها او ادعاءاتها ، فإن شظايا قنبلة وثائق (ويكيليكس) الجديدة التي اعلنها الموقع الشهير ، أصابت شرائح عديدة من المجتمع لاسيما تلك المرتبطة بوشائج سياسية مع هذه الجهة اوتلك .. كما وصلت آثارها الى جلسات المقاهي ، وولائم الأفطار وحوارات البيوت وتجمعات لعبة " المحيبس"!!
الكل ينظر بعتب للكل ، والجميع يجول بنظرات الشك على الجميع.. والريبة اصبحت الشغل الشاغل للعراقيين في الشهر الفضيل ، والقلق اصاب الجسد السياسي العراقي برمته !
والحكاية باتت معروفة ، حين نشر موقع "سي إن إن" خبراً يوم الخميس الماضي عن تسريب موقع "ويكيليكس" أكثر من نصف مليون وثيقة ومستند تحت مسمى "سري جدا"، تحتوي على مراسلات سرية بين مختلف السفارات السعودية حول العالم ، شملت اسماء ورموز عراقية ..
لستُ من المؤمنين بصدقية وبراءة موقع "ويكيليكس" كما لستُ من المشككين به ، فقضية هذا الموقع هي لعبة إعلامية عالمية من نوع جديد وبوجه جديد ، لازالت تحقق مراميها في خبث ودربة عالية الدقة ، وهذا التناقض في رؤاي نابع من قناعة تتلبسني بأن للأمور السياسية اكثر من قناع ووجه ، والحاذق من يتعرف على وجهين منها ، من عدد لايحصى من الوجوه والارتباطات !
تأكيد الخصوم لوثيقة معينة ، والترويج لها ، يقابله نفي من الجهة الاخرى ، ورمي الكرة في مرمى الخصم ، من خلال عمل ( فوتو شوب ) على ذات الوثيقة ، وسط ضحكات ساخرة من المواطنين الذين يتابعون سيرك الوثقائق .
التساؤل الذي نطرحه الآن هو: لماذا يبحث السياسيون عن مثالب من يخالفهم الرأي او المعتقد ، وينفخون بها لتبدو اكبر من واقعها ؟ فهل هي حاجة عدوانية ذاتية وغريزة فطرية جُبل السياسي على ممارستها ، مدفوع نحو حاجة من حاجات تكوينه البيولوجي ؟
لقد اصفرّت وجوه حال اطلاق تلك " الوثائق " وأمتلأت صفحات التواصل الاجتماعي بوثائق مستلة من الموقع الأصلي ، وبصور اخرى من ( الفوتوشوب ) .. فالتبست على المتابعين الحقائق، وركبتهم الضغائن والأحقاد وهاموا على وجوههم يخبطون خبط عشواء، ويتدافعون نحو العثرة تلو العثرة ، وتاهت بهم السبل عن جادة الصواب ، فآثروا التفرد وتوسّلوا المكر والخداع ولفّقوا الأكاذيب وامتهنوا التضليل وصار خطابهم المعارض سباباً وشتائم وامتهان كرامات، واتّسم أداؤهم بكيدية تبغي التعطيل والتخريب وبنزعة سادية تتلذّذ بحرمان المواطنين من لذة العيش الآمن والفرح بأيام الشهر الفضيل .
ان سياسيينا ، الذين اصابهم الرعب ، لايدركون ، ان "أسانج" مؤسس موقع ( ويكليكس ) كان قبل عام 2006 شخصاً عادياً يعمل مستشاراً أمنياً لإحدى شركات المعلومات والإنترنت فى أستراليا - بعد ذيوع صيته كقرصان معلومات محترف - بالإضافة إلى كونه باحثاً فى الصحافة التحليلية لكن حين قام بتأسيس موقع " ويكليكس " تغيرت حياته للأبد ، واصبح الرجل الأكثر شهرة والاكثر خطورة وتأثيرا في العالم .!
رحم الله شاعرنا الكبير معروف الرصافي الذي قال يوما (أصبحت لا أقيم للتاريخ وزناً ولا أحسب له حساباً لأني رأيته بيت الكذب ومناخ الضلال ومتشجم أهواء الناس .. إذا نظرت فيه كنت كأني منه في كثبان من رمال الأباطيل قد تغلغلت في ذرات ضئيلة من شذور الحقيقة )
ما اخطر كشف المستور!
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
364 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع