أثارت التصريحات المتناقضة للمسؤولين العراقيين حول صفقة الأسلحة العراقية – الروسية بقيمة 2 ،4 مليار دولار، دهشة بالغة فى أروقة الحكومة الروسية و زوبعة فى وسائل الأعلام الروسية و الأجنبية .
و كان على الموسوي مستشار رئيس الوزراء العراقي، قد أعلن في 10 نوفمبر/تشرين الثاني، أن صفقة الأسلحة الموقعة بين روسيا والعراق ألغيت بسبب وجود شبهة فساد. وبعد ذلك بوقت قصير نفى سعدون الدليمي وزير الدفاع العراقي بالوكالة في مؤتمر صحفي له صحة المعلومات عن إلغاء الصفقة، مفترضا حدوث سوء فهم بسبب التأخر في تقديم المعلومات الخاصة بالعقد إلى هيئة النزاهة. ثم أكد مسؤولون آخرون بأن حكومة بغداد ستقوم بمناقشة ودراسة شروط شراء الأسلحة من روسيا مجددا في إطار لجنة جديدة، حتى تضع حدا للشكوك التي أثيرت حول وجود شبهة فساد.
مصدر فى رئاسة الوزارة الروسية أكد ان العقد المبرم بين الجانبين العراقى و الروسى ، اكتسب الصفة القانونية ، حيث تم التوقيع عليه يوم التاسع من تشرين الأول / اكتوبر الماضى فى أحد القصور الرئاسية فى ضواحى موسكو بحضور رئيسى وزراء البلدين ، ديميرى ميدفييف و نورى المالكى ، و أن التراجع عن العقد له تبعات قانونية و مالية و تداعيات سياسية ستؤثر على العلاقات المستقبلية بين العراق و روسيا . وان الحكومة الروسية ليس لديها معلومات عن خطط بغداد لتغيير العقد. لذا فأنها تطالب الحكومة العراقية بتوضيح موقفها من التصريحات المثيرة للجدل التي صدرت عن المسؤولين العراقيين في الآونة الأخيرة.
المؤسسة الأتحادية للتعاون العسكرى و التقنى وكذلك مؤسسة "روسوبورون اكسبورت" للتصنيع العسكرى ، التي تعاقدت معها الحكومة العراقية ، لم يتم إخطارهما بإلغاء العقد كما لم تكن هنالك معلومات حول إلغاء العقد عبر القنوات الدبلوماسية.
و قد كشف نائب مدير مركز " تحليل الأستراتيجيات و التكنولوجيات " " Center for Analysis of Strategies and Technologies " كونستانتين ما كيينكو فى تصريح لوكالة " أنترفاكس " للأنباء ، أنه جرى خلال زيارة المالكى لموسكو التوقيع على عقدين منفصلين و ليس على عقد واحد .
العقد الأول بقيمة ( 2 ) مليار دولار لشراء ( 30 ) مروحية هجومية من طراز ( MI-28N )
و العقد الثانى بقيمة ( 2,3) مليار دولار لشراء ( 42) منظومة للدفاع الجوي الصاروخي (complex "shell-S1E" NPO "Highly complex )
و قد ظهرت فى الأعلام الروسى تفسيرات مختلفة للأسباب التى دعت المالكى الى تعيير موقفه موقفه ، من متحمس لشراء الأسلحة و شحنها الى العراق على وجه السرعة الى التسويف و المماطلة فى تنفيذ العقدين المبرمين مع روسيا.
المسؤولون فى وزارة الدفاع الروسية و فى "روسوبورون اكسبورت"، يعتقدون ان الولايات المتحدة الأميركية كانت وراء الغاء بغداد للعقد ، ولديهم دليل قوى على ذلك ، حيث ان الملحق العسكرى الأميركى فى موسكو ، قام برحلة مفاجئة الى العراق بعد رجوع المالكى الى بغداد من رحلته الى كل من موسكو و براغ ,
و كانت لهذه الضجة صداها فى العاصمة الأوكرانية " كييف " حيث ان الشركات الأوكرانية المصنعة للأسلحة قد دخلت منذ فترة فى منافسة شديدة مع "روسوبورون اكسبورت" للتعاقد على توريد الأسلحة للعراق .و يقول خبراء التصنيع العسكرى الأوكرانيون ان أسعار الأسلحة التى تتضمنها صفقة الأسلحة بين العراق و روسيا مرتفعة للغاية ، و تبلغ عدة أضعاف أسعارها الحقيقية ز فعلى سبيل المثال :
ان العقد المبرم بين روسيا وسوريا في عام 2006، لتوريد ( 50) منظومة للدفاع الجوي الصاروخي ( complex "shell-S1E" NPO "Highly complex ) كان بقيمة إجمالية تبلغ نحو ( 900 ) مليون دولار . و سعر المنظومة الواحدة ( 18 ) مليون دولار ، أما فى العقد العراقى فأنه يبلغ حوالى ( 55 ) مليون دولار ، أى أكثر من ثلاثة أضعاف السعر الحقيقى .
و يؤكد أولئك الخبراء أن الفرق بين أجمالى القيمة التعاقدية و القيمة الحقيقية للأسلحة المباعة للعراق سوف يذهب الى جيوب عدد من المسؤولين العراقيين و الوسطاء ، و تؤكد "روسوبورون اكسبورت" أن هذا الأمر( طبيعى ) فى العقود المبرمة مع الدول النامية و تلمح أن الرشى فى العقد العراقى لا تقل عن ( 500 ) مليون دولار .
و قال بعض المحللين السياسيين ان السبب الحقيقى لألغاء أو أعادة النظر فى العقد و تأخر ورود تفسير منطقى من بغداد ، يرجع الى التطاحن الحامى الناشب فى المنطقة الخضراء حول كيفية تقاسم ( الغنيمة )
و تشير كل الدلائل الى ان السلطات الروسية لن تتخلى عن العقدين المبرمين مع العراق بسهولة ، كما يخيل الى المسؤولين فى بغداد . و أنها ما تزال تطالب الحكومة العراقية بتوضيح موقفها رسمياً و أنها تحتفظ بحقها فى المطالبة بدفع الغرامات المنصوص عليها فى العقدين فى حالة نكول أى من الجانبين عن تنفيذ ما تم الأتفاق عليه بين رئيسى وزراء البلدين .
جودت هوشيار
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
3346 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع