زيد الحلي
جاء تحذيره ،ليشكل غمامة مجتمعية سوداء ،وإذا لم تبادر الدولة والاجهزة المختصة الى الاسراع بتطويق المشكلة ، فأن الغمامة ستتسع وتلقي بأثرها على الجميع دون استثناء !
كان تحذير د. رافد الخزاعي اختصاصي امراض الباطنية والقلبية والسكري في لقاء تلفازي قبل ايام ، من الحال الذي وصل اليه داء السكري في العراق ، شبيه بـ ( قنبلة ) عميقة الاثر ، شاسعة المدى ، واسعة الانتشار .. لقد بلغت نسبة الاصابة بهذا الداء 40 % وهي النسبة الاكبر في الوطن العربي وفي المنطقة ، وتجاوزت النسبة التي سُجلت باسم المملكة العربية السعودية لسنوات طويلة !
وهذه النسبة خطيرة ، بل خطيرة جدا ، لاسيما ان اكتشاف مرض السكري عندنا يتم عرضيا ، من خلال تحليلات مرضية لأعراض وامراض اخرى ، فلم نصل حتى اللحظة الى ثقافة الفحص الارادي لهذا الداء ، مثلما يحدث في دول العالم المتقدمة .. وهنا ادعو الى القيام بحملة وطنية للقيام بالفحص المبكر لداء السكري ، فربما تكون نتيجة النسبة اعلى من التي اشار اليها د. الخزاعي .
ان الظرف العام الذي يلف المجتمع العراقي، مساحة خصبة لداء السكري ، فلا توجد لدينا مجمعات رياضية وترفيهية مجانية للمواطنين والعوائل لممارسة رياضة الجري بالهواء الطلق ، وايضا خلو برامج مؤسسات الاعلام من التوجيهات الوقائية من هذا الداء ، وايضا وهذا هو المهم ، استشراء عادات النمط الغذائي الذي يفرضه الظرف الاقتصادي الراهن للمواطن ، ما يجعله يتجه الى تناول اطعمة تُسهم في تجذر هذا الداء اللعين مثل اللحوم الاجنبية رخيصة الثمن ،المشبعة بالدهون ومخلفات احشاء الدجاج والالبان غير المعقمة والحلويات الشعبية المصنوعة في البيوت وغيرها من مسببات داء السكري .
كما ان الحالة النفسية للمواطن الناتجة عن الصراعات والتجاذبات السياسية في وسائل الاعلام ، تنعكس سلبا على محيط الاسرة ، وبالتالي تتسبب في انكماشات وانفعالات تؤثر على الصحة العامة ومن ضمنها داء السكري ، فمن المعروف ان هذا الداء يعتبر واحدا من اكثر الامراض غير المعدية انتشارا, والتي تشكل تهديدا خطيرا للمجتمع على صعيد القادم من السنين ، وهذا ناقوس خطر ، ينبغي التوقف عنده ، قبل ان يصبح فيضانا جارفاً لا يمكن صده .
ان كثيراً من مرضى السكري يفقدون قدرتهم على العيش بصورة مستقلة، بسبب محدودية الحركة ، أو الألم المزمن، أو الضعف، أو غير ذلك من المشاكل النفسية أو البدنية، ويحتاجون إلى شكل من أشكال الرعاية ، طويلة الأجل. بالإضافة إلى ذلك، فإن هؤلاء المرضى أكثر عرضة للمعاناة من حوادث مثل مشاعر الحزن والحداد، أو انخفاض الوضع الاجتماعي والاقتصادي في ظل التقاعد، أو العجز. وكل هذه العوامل يمكن أن تؤدي إلى العزلة، وفقد الاستقلال، والشعور بالوحدة، والضيق النفسي ..الخ !
كلنا امل ان تسهم حملات التوعية المختلفة النابعة من الخطر الحقيقي، في حدوث تقدم وتغيير جذريين لدينا فيما يخص تغذيتنا ونمط حياتنا لمواجهة هذا الداء...
صحيح ان المراكز الصحية والعيادات الشعبية ، توفر كميات من مادة الانسولين والحبوب الخافضة لارتفاع السكر باعتباره من الامراض المزمنة ، لكن واقع الحال يشير الى ان هذه الكميات تشهد شحة في بعض الاشهر ، فيتجه المواطن الى الصيدليات ، ويمكن التأكد من ذلك من حجم المعروض من الدواء في عموم البلاد وغلاء اسعاره ، فلو كانت حصص المرضى كافية ، في تلك المراكز والعيادات ، فلم يتجه المواطن الى تلك الصيدليات !
شكرا للدكتور رافد الخزاعي على صرخته المدوية بشأن داء السكري ... فهل تجد هذه الصرخة صدى عند من بيده امر المواطن ؟
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
432 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع